د. مرتضى الغالي عزاء واعتذار واجب.. للكفاءة! ..

نحن في حاجة ماسّة لإعادة التفكير في كثير من المعاني والمصطلحات.. ويقول أهل المعرفة من الفلاسفة والعلماء إن الفساد (يبدأ من اللغة) …

د. مرتضى الغالي(ارشيف)

بقلم: د. مرتضى الغالي

 

نحن في حاجة ماسّة لإعادة التفكير في كثير من المعاني والمصطلحات.. ويقول أهل المعرفة من الفلاسفة والعلماء إن الفساد (يبدأ من اللغة) ومن وصف الأشياء بغير حقيقتها ووضع الأسماء خارج سياقات معانيها.. وهناك من أصدروا الكتب وكتبوا الدراسات العديدة عن مشاكل (التسمية الخطأ) التي تقود (إلى التيه) وإلى إهدار الجهد والوقت والقيمة.. كما تحدثت الثقافات المختلفة ومنها العربية عن أسماء الأضداد، ومنها ما هو من المجاملات الاجتماعية الزائفة، ومنها ما يدخل في باب التزييف والنفاق والتغطية على العيوب، ووضع الأوراق الملونة على (الخبوب)..! ومن المصطلحات التي تحتاج إلى إعادة نظر من بعض الدوائر السياسية في السودان ومن (الإنقاذيون البلهاء) مصطلح الكفاءة.. فماذا تعني الكفاءة؟ وماذا تعني الرشاقة؟ وماذا يعني إلغاء المحاصصة؟ وإذا تمّ تعريف هذه المصطلحات يمكن بعدها النظر إلي حقيقة التسمّي بها ..وهنا يأتي السؤال: هل التشكيل الجديد حكومة كفاءات؟ فأنت لا تستطيع أن تتحدث عن الشخص الكفء إلا إذا نظرت إلى معنى الكفاءة، ثم من بعد ذلك تنظر للشخص الذي يمكن إلحاقه بهذه الصفة ومدى انطباقها عليه، حتى تعلم أنه كفء في المجال الذي تم تكليفه به، والمهمة المُسندة إليه.. وفي هذه الحالة يمكن أن تسأل (بقلب جامد) هل هذه الشخصية لها الكفاءة المطلوبة لإدارة وزارة التعليم العالي؟ أو وزارة الصناعة؟ وهل هذا الشخص يمتلك الكفاءة ليدير وزارة الداخلية؟ وهل الآخر له أدنى كفاءة خاصة بوزارة الإعلام؟ وهل ذلك الشخص له كفاءة خاصة بالتخطيط للإصلاح الإداري وتنمية الموارد البشرية؟ وما هي علاقته العلمية بهذا المجال؟ ومتى سمع أول مرة بالتنمية البشرية؟.. دعك من معرفة قواعدها وبرامجها وفلسفتها واستراتجياتها ومطلوباتها..؟ (وعلى ذلك قِسْ)..!

هناك مثلاً من جرى تقليده منصب وزاري في التشكيل السابق، وكان الملف الرئيسي الذي تم إسناده إليه هو مشكلة (أكياس البلاستيك) ومدى كفاءتها وصلاحيتها للبيئة ولحمل الخضار وزيت الطعام والمواد الساخنة (مثل الفول)..الخ.. والمفارقة أنه لم يكن كفؤاً في إدارة أمر هذه الأكياس.. ودخل في متاهات مع البائعين والمشترين والمصانع و(الفبارك) والموزّعين حول حجم الكيس وسُمكه وسعره ، والمادة المصنوع منها، وكيفية سحب الأكياس القديمة واستبدالها بالجديدة ذات المواصفات أو بالأكياس الورقية.. ثم ثبت فشل العملية برمتها..! وبعد إن مسح الجماعة أيديهم من وزارة المحاصصة وتوجّهوا نحو وزارة الكفاءات جاء (وزير الأكياس) هذا وزيراً للإعلام.. فمن أين له؟

إن وزارة التعليم العالي مثلاً ووزارة التربية هي روح الأمة ومستقبل أجيالها وقاطرتها لصناعة وصياغة طريق التقدم والنهضة.. وفي بلد مثل السودان يمثل النقل والمواصلات قطب الرحى في حركة البشر والسلع في وطن قارة.. فأنظر مَنْ يكون على رأس هذه الوزارات في حكومة الكفاءات؟ ثم أنظر إلى أتوا بها وزيرة دولة للتعليم العالي والبحث العلمي.. تلك المرأة التي انسلخت من الحركة الشعبية وارتمت في أحضان المؤتمر الوطني..وكانت عبئاً على كل منصب جلست عليه..ولك أن تتنبأ بما يكون عليه مصير البحث العلمي! وإذا أردت أن تعرف ما سيكون عليه أمر النقل والمواصلات فأنظر لوزيرها الجديد القديم (ممثل الاتحادي الأصل) والمدافع الأوحد عن (عقد الشركة الفلبينية).. فهل ترى أنه يملك أي كفاءة في عالم النقل والمواصلات؟ أم أنها مثل كفاءته في وزارة التجارة عندما كان حاملاً لحقيبتها في التشكيل الوزاري السابق (الذي لم تكن الكفاءة من شروطه) وقد كان الرجل في هذه الوزارة (علة عللها)؟!… إذا كانت هذه هي الكفاءات.. (فيا فؤادي رحم الله الهوى..كان صرحاً من خيالٍ فهوى).. في قاع لا ترى له نهاية!!

[email protected]