د. الهادي إدريس في حوار مع راديو دبنقا: الأوضاع الأمنية في دارفور تشهد هدوءً نسبياً

د. الهادي ادريس عضو المجلس السيادي ورئيس حركة جيش تحرير السودان 21يناير2023م (المصدر وكالة السودان للانباء)

لم نستطع نشر القوات المشتركة في الأماكن الملتهبة في دارفور حتى الآن

تم القبض على عدد من المتهمين في أحداث (بليل) وبعض لجان التحقيق نشرت تقاريرها

            لم نتلقَ أي دعم دولي  لأنه بعد إنقلاب 25 أكتوبر أوقف المجتمع الدولي كل تعاملاته المالية مع السودان

أجرى راديو دبنقا حواراً مع عضو المجلس السيادي ورئيس حركة تحرير السودان المجلس الإنتقالي الدكتور الهادي إدريس ، حول الأوضاع في دارفور ، وإتفاقيات وقف العدائيات، ولجان التحقيق بشان الأحداث ، وعدداً من القضايا.

:: زياراتك إلى ولايات دارفور، ما الهدف منها ؟

حقيقة زياراتي إلى دارفور من وقت إلى آخر ، بسبب الأحداث التي تقع في الإقليم ، فقد زرت ولاية غرب دارفور ومكثت فترةً طويلة ، بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها الولاية ، فبالتالي ذهبت من أجل التعامل مع هذه الأحداث ، وفعلاً بذلنا مجهوداً كبيراً ، والآن الأوضاع في ولاية غرب دارفور شهدت إستقراراً نسبياً ، ولا أستطيع أن أقول هناك استقرار لكن هناك هدوء نسبي في الأحوال الأمنية ، أيضا الزيارات فيها جانب إنساني فقمت بزيارة إلى ولاية جنوب دارفور عقب الأحداث المؤسفة في (بليل) ، وعملنا بعض التدابير الأمنية، حتى لا تتكرر الأحداث ، أيضاً زرنا ولاية وسط دارفور مؤخراً ، برفقة عدد من الأتراك للوقوف على قبر السلطان علي دينار وترميمه ، وفعلاً الجانب التركي إلتزم بتشييد مقبرة بشكل يليق بالسلطان علي دينار. وافتتحنا أيضاً بعض المنشآت الخدمية ، لكن بشكل عام زياراتي إلى دارفور كانت  بسبب الأحداث التي تقع من وقت لآخر، بجانب الإستماع للمواطنين ، وحل مشاكلهم.

:: بعد إتفاق جوبا للسلام  ما زالت الأوضاع في دارفور كما هي، إستمرار تدهور الأوضاع الأمنية ؟ 

نحن موقعون على إتفاق جوبا ، وحسب الإتفاق ، كان لدينا خطة ، لاستدامة الأحوال الأمنية في الإقليم ، من خلال تنفيذ بند الترتيبات الأمنية ، من أجل تكوين القوات المشتركة ، حتي تستطيع التعامل مع الأحداث التي تحدث في الأقليم ، وأن يكون لأهل دارفور ثقة مع هذه القوات والتعامل معها ، باعتبارها قوات مختلطة ، من كل المكونات بما فيهم قوات الكفاح المسلح الموقعة على إتفاق جوبا، لكن للأسف حتى الآن لم نستطع، نشر القوات في الأماكن الملتهبة في دارفور، لجملة من التحديات، والقصور لم نتجاوزها حتى الآن، وبالتالي الآن القوات موجودة ولم تنتشر في الإقليم ، وبالتالي هناك فراغ أمني في دارفور ، وبالتالي تحدث هذه المشاكل ، صحيح زمان كان هناك، قوات اليوناميد وخرجت من دارفور، هذه المشاكل منها مشاكل قبلية ، واعتداءات من بعض المليشيات على المواطنين، بجانب أن دارفور ورثت تركة من حاملي السلاح وبالتالي الإقليم تنتشر فيه أعداد كبيرة من انتشار السلاح، وعندما تقع أحداث يجب علينا التعامل معها ، تعاملنا وتدخلنا لا يعني أننا نذهب ونعالج المشاكل من جذورها بالطبع لا ، إذا لم يتم تنفيذ إتفاق سلام جوبا لن نستطيع معالجة المشاكل من جذورها ، حتى المصالحات يفترض أن تكون المرحلة النهائية بعد تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، ونشر القوات المشتركة، وهذه القوات واحدة من مهامها هو نزع سلاح المليشيات، وحاملي السلاح ، وبعده تأتي مسألة المصالحات، بعد جمع السلاح، ومعالجة مشاكل الأرض والحواكير، وغيرها من الإجراءات الطويلة في إتفاق جوبا، وهذه الإجراءات لم تتم حتي الآن. وبالتالي أغلب الذي تم هو وقف العدائيات وليس مصالحات ، والفرق بينهما كبير ، لكن بشكل عام هذا مجهود كبير، والآن تلقيت تقارير أن الوضع الآن هناك في هدوء نسبي، بولاية جنوب دارفور ومنطقة (بليل) بالتحديد. والآن هناك تغيير بعد أن وصلت كمية من الإغاثات والخدمات للمواطنين ، لكن هذه ليس طموحنا ، لكن نوفر بيئة للاستقرار بالمنطقة .

 أيضا وجهنا قوات الشرطة في ولاية جنوب دارفور لحماية المدنيين ، والآن منتشرة في الولاية ، كل هذه التدابير ، نعملها إلى حين تنفيذ بند الترتيبات الأمنية ، وتكون لدينا قوات لحفظ وحماية أهل دارفور ، واعتقد أن وقف العدائيات يمكن أن تساعد بشكل كبير الجميع من أجل العيش مع بعض، إلى حين نصل للوضع المثالي الخاص بالمصالحات التي تحقق استقرار وأمن دائم بالإقليم.

:: لجان التحقيق التي شكلت لم تنشر تقاريرها ؟

هذا ليس صحيح مثلاً لجنة تحقيق أحداث الجنينة نشرت تقريرها  وصحيح  أن بعض اللجان لم تصدر تقارير حتى الآن ، لجنة تحقيق أحداث (بليل) شُكلت قريباً ، ولا تزال تجري تحقيقاتها لأنها شكلت قبل شهر ، لكن حتى الآن تم القبض على عدد من المتهمين في أحداث (بليل) ، أيضا أحداث الجنينة هناك بعض المتهمين في بعض السجون  مثل بورتسودان والسجون الأخرى ، صحيح بعض اللجان تقاريرها لم تكن مقنعة.

:: ما هي أسباب عدم الاستقرار بإقليم دارفور ؟ 

الأسباب كثيرة ، لكن السبب الأساسي هو عدم الإستقرار السياسي في البلاد ، بجانب عدم تنفيذ أتفاق جوبا للسلام، لأن تنفيذ إتفاق كبير مثل إتفاق جوبا يحتاج أن تكون هناك حكومة مستقرة ، والآن البلد أكثر من سنة لم تشهد استقراراً ، لا وجود لرئيس وزراء ، فبالتالي غياب الحكومة التنفيذية أثر بشكل كبير ، بجانب عدم وجود موارد . نحن في الأيام الأولى لبداية توقيع إتفاق جوبا  بدأنا في تشكيل لجان تنفيذية، لاتفاق سلام جوبا من خلال آليات مختلفة ، حتى تكون لدينا مصفوفة للجداول الزمنية للتنفيذ، لكن بعد الاضطرابات السياسية لم نستطع تكملة الآليات المختلفة، لتنفيذ إتفاق جوبا

أيضاً هناك مفوضية قومية للسلام حسب الإتفاق يفترض أن تتم إعادة هيكلة المفوضية حتى تستطيع أن تنفذ إتفاقية جوبا ومساراتها المختلفة .بجانب المفوضيات المختلفة مثل النازحين ، الرحل ، اللاجئين وتعويضهم ، أيضاً هناك صناديق كثيرة ، وأغلب هذه الآليات غير موجودة ، بجانب البنك وآليات المراقبة على المستوي القومي ، وآليات المراقبة الدولية التي يجب أن تكون فيها دولة الوسيط . وبالتالي الإتفاقية  لم تنزل على أرض الواقع ، والأمر كله مرتبط بتجاوز الوضع السياسي الراهن ، وتشكيل حكومة مدنية ، تكون قادرة ولديها الرغبة في تنفيذ إتفاق جوبا. أيضاً المجتمع الدولي أوقف كل الدعم بعد إنقلاب 25 أكتوبر ، وبالتالي البلد يمر بأزمة اقتصادية خانقة، وفي ظل هذا التدهور الاقتصادي من الصعب تنفيذ كل المشاريع الكبيره في اتفاق جوبا، والمبالغ المالية التي وضعت من أجل إعادة النازحين إلى قراهم ، وحل مشاكل الأرض والتعمير . بشكل عام هناك أمل ، إذا تجاوزنا الخلافات السياسية ، لكن أعتقد بعد إنتهاء الحوار الدائر الآن ستشكل حكومة مدنية ، ونلزمها بتنفيذ إتفاق جوبا، أيضاً هناك آخرين لم يوقعوا على الإتفاق، الحكومة الجديدة ستعمل من أجل استكمال ملف السلام ، لأن في هذا الظرف لا أحد يأتي للتوقيع على إتفاق سلام ، وبالتالي نحن الآن نريد تهيئة الأجواء حتى نشجع الذين لم يوقعوا علي إتفاق السلام .

:: هل تلقيتم دعماً  مالياً دولياً من الدول الضامنة والداعمة للإتفاق وأين  تم صرفه؟

أبداً لم نتلقَ أي دعم دولي  لأنه في ظل هذه الأوضاع المضطربة لا تستطيع أن تجد دعماً ، ولا التزاماً دولياً ، لأنه بعد إنقلاب 25 أكتوبر أوقف المجتمع الدولي كل تعاملاته المالية مع السودان ، فإمكانية تجد دعماً من أي منظمة دولية من الصعب الآن. لكن موضوع السلام موضوع استراتيجي، وبدونه لن يكن هناك حكومة مدنية ولا استقرار سياسي .

:: هل الإتفاق الإطاري يمكن أن يحقق استقراراً سياسياً في ظل عدم توقيع الممانعين للاتفاق ؟

صحيح جزء من الحركات والقوى السياسية لم توقع ، لكن هذا لا ينتقص من الإتفاق الإطاري ، فالقوي السياسية الموقعة على الإتفاق الإطاري هي القوى الرئيسية، المكون العسكري والمكون المدني الرئيسي والمعارض لإجراءات 25 إكتوبر ، ومن الحركات الموقعة مثلاً في مسار دارفور لدينا خمسة حركات وقعت ، وحركتي العدل والمساواة ، وحركة تحرير السودان لم توقعان، على الإتفاق الإطاري ، ففي مسار دارفور الأغلبية وقعت ، لكن هذا لا يعني أن الذين لم يوقعوا ليسوا مهمين ـ بالعكس لهم أهمية كبيرة ، والآن هناك نقاشات من أجل أن يكونوا جزءً من الإتفاق الإطاري، وبالتالي ليس لدينا خيار آخر ، ونأمل أن نستمر في الحوار معهم من أجل التوقيع على الإتفاق الإطاري، لأن الحرية والتغيير المركزي لن تستطيع أن تتجاوز كل القوي السياسية ، الموجوده في السودان ، صحيح هناك قوى سياسية لديها موقف من الإتفاق الإطاري ، وهناك أيضاً ، جزء من القوي السياسية لا يشملهم الإتفاق مثل النظام البائد . وبالتالي نحن نمد أيدينا لكل الحركات المسلحة والقوى السياسية ، الذين لديهم اسهامات في الثورة .

:: أين وصل الحوار مع الممانعين من حركتي العدل والمساواة قيادة الدكتور جبريل؛ وتحرير السودان  قيادة مناوي؟

هناك مسارات كثيرة للحوار، وجهات عديدة تقوم بالحوار معهم بجانب حوارات مباشرة من دون وساطة . ويجب علي الممانعين من الحركتين أن يعدلوا مواقفهم ، ويساهموا مع الجميع والدخول في حوار مباشر لأن أي تمترس ستقود البلاد إلى اتجاهات ومالآت غير مقبولة.

: إتفاق الشرق هناك رفض ومطالبة بالالغاء ؟

طبعاً الاتفاقية  لا يمكن أن  تتجزأ ، فإتفاق الشرق جزء من إتفاقية السلام اذا ألغيت جزء تكون قد ألغيت الإتفاق كله ، وبالتالي فإن الموقعين على الإتفاق الإطاري ملتزمون بتقييم إتفاق الشرق ، وأن كان هناك قصور تتم المعالجة من خلال المؤتمر، صحيح هناك أصوات لها موقف من إتفاق الشرق منذ وقت مبكر ، وبعض لا ينظر لإتفاق الشرق والمكاسب الموجود في الإتفاق بل ينظرون إلى شخوص ، لكن من ينظر لإتفاق الشرق فيه مكاسب عديدة من ناحية الخدمات، ومجانية التعليم، بجانب المبالغ مالية لتنمية وإعمار الشرق ، حوالى 300 مليون دولار جنيه سنوياً لمدة 7 سنوات، بجانب مجالات الصحة، ومشكلة المياه في بورتسودان وكسلا والقضارف هذه مكاسب كبيرة ، لكن للأسف إتفاق الشرق لم ينفذ فيه ولا 1%، وبالتالي الكثير من الناس ينتقدون الإتفاق لأنهم لم يروا منه شيئاً ، اما الذين لديهم اعتراض على إتفاق الشرق عليهم تسجيل اعتراضاتهم في الحوار القادم والخاص بملتقى أهل الشرق  بمشاركة كل الممانعين والمعترضين للإتفاق، وهذا هو الفهم للتقييم وتطوير إتفاق الشرق .

:: يقال إن الفلول يعملون من أجل إفشال الإتفاق الإطاري، ما تعليقك؟

# طبعاً الفلول وغير الفلول والذين لا يرون أنفسهم في الإتفاق الإطاري ، أيضا يعترضون ، بجانب الدعاية السالبة للإتفاق الإطاري بأنه إتفاق ثنائي ، أيضاً مسألة أن كل الناس تبارك الإتفاق هذا مستحيل، نحن نريد على الأقل قوى الثورة الحية والذين لديهم إسهامات في الثورة ،على الأقل أن يكونوا جزءً من العملية السياسية الحالية ، وبهم يمكن أن ننجز مرحلة الحوار وتشكيل حكومة مدنية .

:: دعواتك للقوى الثورية الحية ولجان المقاومة ؟

# دعوتي لكل القوى السياسية وقوى الثورة الحية ، نقول لهم الآن لدينا فرصة تاريخية ، وأمامنا تحقيق إجماع وطني من خلال الحوار الدائر الآن يجب علينا أن نطور الإتفاق الإطاري ، ونصل لحوار نهائي يفضي لحكومة مدنية كاملة دون مشاركة المؤسسة العسكرية ، وهذا نص موجود في الإتفاق الإطاري وهذا مكسب ومطلب الشارع وهي مدنية الدولة ، أيضا وجود جيش موحد لديه عقيده موحدة ، بجانب ضرورة وقف الإنقلابات العسكرية فهذه مكاسب تجسد شعارات الثورة من حرية وسلام وعدالة . يجب على الجميع دعم الإتفاق الإطاري ، لأن الخيارات الأخرى إستخدام العنف لن يفيد البلد ، لأن الآن المؤسسات هشة وهناك سيولة أمنية ، وتحديات اقتصادية صعبه جداً ، والمواطن السوداني يعيش ظروفاً إقتصادية صعبة، وبالتالي البلد لا يحتمل صراعاً- آكثر من الآن. أيضا دعوتي للجان المقاومة وهم ركيزة من ركائز الثورة ، صحيح فيهم البعض داعم للاتفاق الإطاري ، والبعض لديه تحفظات على الإتفاق الإطاري ، وأنا أتفهم تحفظاتهم ، لأنهم يفتكرون عدم الجدية ، لكن نريد بوجودهم نختبر جديتنا ، لتحقيق أكبر قدر من الإجماع.