(دبنقا ترند): السودان : ( المسيرات) في كل مكان !
طائرة مسيرة هجومية أحادية الاتجاه غير منفجرة تقول القوات المسلحة إن قوات الدعم السريع أطلقتها هجوم على مبنى حكومي في القضارف بالسودان، 11 يوليو 2024. تليغرام – هيومن رايتس ووتش
كمبالا: امستردام : 23 اكتوبر 2025: راديو دبنقا
اشهدت الحرب في السودان تصعيداً غير مسبوق باستخدام الطائرات المسيرة من قبل طرفي النزاع، ما جعل سماء البلاد ساحة للحرب التي طال أمدها. فبعد أن كانت المواجهات تُدار على الأرض بين جنود وسيارات دفع رباعي، انتقلت المعارك إلى الجو، حيث تُطلق الطائرات المسيرة صواريخها على المدن والمناطق المأهولة مسببة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
الغارات الجوية المسيرة خلال هذا الأسبوع شملت مدن (الخرطوم، ام درمان، الفاشر ، الدبة ، الجنينة، الرصيرص، سرف عمرة، الكومة، المزروب، الزرق، سنار ،عطبرة ، الدمازين ، نيالا ، سنجة والابيض ) وآخر هذه الغارات استهداف مطار الخرطوم يوم الجمعة للمرة الرابعة خلال اسبوع بعد ان اعلنت السلطات عن موعد لافتتاحه يوم الاربعاء، مما اضطر السلطات الى تأجيل افتتاحه الى أجل غير مسمى.
هذا التحول العسكري أثار قلقاً واسعاً وسط المواطنين، الذين عبروا عن مخاوفهم واستيائهم من خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة صفحة راديو دبنقا في فيسبوك، التي تحولت إلى منبر لتوثيق الرأي العام حول حرب المسيرات.
حرب بملامح أخطر
يرى كثير من المعلقين أن تصاعد استخدام الطائرات المسيرة يعكس دخول الحرب مرحلة أكثر خطورة وتعقيداً. يقول أحمد عوض غن ملامح الحرب بين الجيش والدعم السريع تبدلت، وأصبح كل طرف يمتلك أسلحة متطورة، خاصة سلاح الجو، وهنا دلالة واضحة على أن الحرب زادت خطورة من ذي قبل.
ويضيف أن هذا التطور لا يمكن فصله عن تدخل أطراف إقليمية ودولية تمتلك مصالح في السودان الغني بالموارد. بينما تشير فرح محمد إلى أن تطور الحرب واستخدام التقنيات الحديثة أمر طبيعي مع طول أمدها وتحالف كل طرف مع دول تملك أسلحة حديثة، لكنها نبهت الى أن الشعب هو من يدفع الثمن وأن السودان يحتاج للسلام لا للحرب.
وعلق أحدهم في صفحته في فيسبوك بأن تسعة مسيرات ضربت في 23 دقيقة بالضبط. محاولات الدفاع والاعتراض الجوي عبارة عن مدفع ثنائي. البلد في السهلة تماما زيرو منظومة اعتراض جوي في مدينة زي ام درمان.
وكتب مواطن من مدينة الدمازين مخاطبا الجندي الذي تصدى لطائرة مسيرة في سماء المدينة قائلا “انا عافي عنك ومبسوط منك، وناس الدماذين وامة لااله الا الله.. يا الفدائي بتاع الدفاع الجوي المعسكر الجنوب الشرقي، شكلو امك دعت ليك الليلة في صلاة الصبح عشان تنقذنا”
وكتب أحد الناشطين في منصة اكس ان الطائرة المسيرة أرخص من الطائرة الحربية وأدق من المدفع، وعندما تكن في أيدٍ بلا ضمير تصبح أداة إبادة، فيما اعتبر آخر التحول الى استخدام الطيران المسير يعني إطالة أمد الحرب بدل إنهائها.
يأتي ذلك في وقت تعهد فيه قائدي الجيش والدعم السريع في آخر تصريحات لهما بان كل منهما سيضع حدا لمسيرات الآخر.
مدنيون تحت النار
من أبرز ما يثير القلق في حرب المسيرات هو ارتفاع عدد الضحايا المدنيين نتيجة استهداف منشآت حيوية ومناطق مأهولة. كتب آدم محمد آل حرن قائلاً: إذا كانت الحرب جوية يكون غالبية ضحاياها من المدنيين العزل والمنشآت الحيوية للدولة، وفي كل الأحوال فهي شر مستطير. هذا الرأي وجد صداه في عشرات التعليقات التي رأت أن السماء أصبحت سيفاً مسلطاً على رؤوس الأبرياء، في حين يتحكم في مسار الطائرة المسيرة ويحدد هدفها جندي يجلس على غرفة او ظل شجرة، وربما بيده كوب قهوة أو شاي ويضغط بيده الأخرى على ذر يقضي به على ارواح العشرات او يدمر منشأة خدمية في مدينة من مدن البلاد، وكتب محمد العجيل “الحرب دخلت بعداً جديداً وتنذر بخطر أكبر… أي عاقل يجب أن يقول لا للحرب، فهي خراب وعذاب” ويقول آخرون إن المدنيين باتوا يدفعون ثمن حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، في وقت تستمر فيه الهجمات على المرافق العامة والمطارات والبنى التحتية، لتزيد من مأساة إنسانية يعيشها الملايين.
لا للحرب… نعم للسلام
تكررت في تفاعلات جمهور دبنقا دعوات لوقف الحرب والعودة إلى المفاوضات، إذ كتب أحد المعلقين قائلاً: هي تصعيد خطير جداً وتطور جديد، وفي النهاية الضحية هي الشعب السوداني. الحل الأمثل هو الرجوع إلى التفاوض. فيما علق حماد ود أبوشامية قائلاً “لا للحرب. المسيرات عمرها ما تنجز حرب. ويرى مهند سوداني أن الحرب فقدت معناها تماماً نتقاتل كأننا ما بنعرف بعض… والنتيجة خراب وخسارة. مستنكراً فرحة السودانيين بوقف حرب غزة وفي ذات الوقت يطالبون باستمرارها في السودان قائلاً: قبل كم يوم فرحانين بوقف اطلاق النار في غزة، كأنما الذين يموتون هنا ليسوا بشراً مع ان حربنا نهايتها في أيدينا لأنها حرب داخلية.
السودان هو الخاسر
رغم اختلاف الآراء حول الجهة الأكثر مسؤولية، إلا أن معظم التعليقات تتفق على أن الخاسر الأكبر هو السودان وشعبه. كتب أحمد إبراهيم: في النهاية خسران السودان وشعبه، وربح الطامعين. وبينما يرى البعض أن التحول إلى المسيرات قد يعجل بالتفاوض، يؤكد آخرون أنه يطيل أمد الصراع ويفتح الباب لتدخلات أجنبية جديدة، ما ينذر بتحويل الحرب إلى نزاع بلا نهاية. يبدو أن الانتقال من حرب الميدان إلى حرب المسيرات عمق الجراح ووسع رقعة الدمار.



and then