خبراء حقوقيون:ما يحدث في الفاشر جرائم ضد الإنسانية وندعو لتحرك دولي عاجل

صور تكشف لقتلى داخل الفاشر وأثناء الخروج منها -اكتوبر 2025وسائل التواصل

صور تكشف لقتلى داخل الفاشر وأثناء الخروج منها -اكتوبر 2025وسائل التواصل

الفاشر – 28 أكتوبر 2025- راديو دبنقا

أثارت مقاطع الفيديو التي جرى تداولها بشكل حول إعدام عدد كبير من أشخاص الذين يرتدون زيا مدنيا أثناء خروجهم من الفاشر بواسطة افراد قوات الدعم السريع غضبا محليا ودولياَ واسعا وسط دعوات للوفاء بالالتزامات لحماية المدنيين.

من جانبها اتهمت القوة المشتركة للحركات المسلحة مقتل الفي شخص خلال اليومين الماضيين، فيما أعلنت جهات عديدة عن مقتل عدد من المتطوعين. في الأثناء قالت لجان المقاومة بالفاشر إن قوات الدعم السريع تمكنت من القضاء على المقاومة الشعبية داخل المدينة اليوم وأخمدت أصوات رصاصها . وكانت اللجان قد وجهت انتقادات حادة لانسحاب الجيش من المدينة واعتبرت أنه جرى بصفقة  مع الدعم السريع مقابل السماح بخروج القيادات.

وترددت أنباء وصور لم يتسن لراديو دبنقا التأكد من صحتها عن وصول قائد الفرقة السادسة مشاه والقيادي في حركة تحرير السودان بقيادة مناوي ب15 عربة إلى كرنوي، فيما أكدت لجان المقاومة أن المراسلة الحربية للفرقة السادسة مشاه آسيا قبلة لا تزال على قيد الحياة بعد أن ترددت أنباء عن مقتلها .

جرائم ضد الإنسانية

وصف الدكتور عبدالسلام سيد أحمد، رئيس المرصد السوداني لحقوق الإنسان، الأوضاع في مدينة الفاشر بأنها تمثل كارثة إنسانية مكتملة الأركان، مشيرًا إلى أنها كانت متوقعة منذ فترة طويلة في ظل تجاهل الأطراف المتحاربة لقرارات المجتمع الدولي.

وقال في حديثه لراديو دبنقا إن مجلس الأمن الدولي أصدر قرارًا وحيدًا يتعلق بالفاشر، لكنه تعرّض لتجاهل كامل من طرفي النزاع، في وقت تعيش فيه المدينة حالة حصار مستمرة منذ 18 شهرًا.

وأوضح أن سكان الفاشر يعانون أوضاعًا مأساوية منذ بدء الحصار، حيث ارتُكبت جرائم متعددة، أبرزها في معسكري أبو شوك وزمزم اللذين يضمان نحو نصف مليون نازح، مضيفًا أن ما يجري حاليًا “أمر خطير للغاية”، ويتضمن إعدامات جماعية للمدنيين، بينهم من حاولوا الفرار من المدينة.

وأشار الدكتور عبدالسلام إلى وجود فيديوهات توثق هذه الانتهاكات، لم يتمكن المرصد من التحقق منها بعد، لكنها “تُظهر أفعالًا ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية”، مضيفًا أن إطلاق النار على المدنيين العزّل يتم “بصورة تنمّ عن التشفي والانتقام”.

تحذيرات من إبادة جماعية

ولفت إلى أن استهداف المرافق الصحية وتجويع المدينة يمثلان جريمة مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي، إذ اضطر السكان إلى البحث عن علف الحيوانات كمصدر للغذاء، الذي لم يعد متوفرًا.

وأكد رئيس المرصد أن ما يحدث هو “موت معلن ومعروف مسبقًا”، مشددًا على أن العالم ظل يتفرج على الكارثة وهي تتشكل، داعيًا مجلس الأمن والمجتمع الدولي والمجموعة الرباعية إلى تحرك صارم وفوري لمنع المزيد من الانتهاكات.

وحذر من احتمال تكرار جرائم الإبادة الجماعية التي شهدها إقليم دارفور سابقًا، موضحًا أن الآلاف من السكان باتوا تحت الخطر المباشر، وأن التجارب السابقة تشير إلى أن سيطرة قوات الدعم السريع على أي منطقة عادةً ما تُتبع بـ”جرائم حرب وانتهاكات ممنهجة” للقانونين الإنساني والدولي.

وأضاف أن استمرار غياب المساءلة والعقاب يشجع على تكرار الانتهاكات، قائلاً:إذا مرت كل هذه الجرائم دون محاسبة لأي شخص أو قائد ميداني، فماذا نتوقع غير الاستمرار في الجرائم والانتهاكات؟”

الجيش تخلى عن مسؤوليته

من جانبه، قال المحامي الصادق علي حسن، رئيس المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات والقيادي في هيئة محامي دارفور، إن ما يحدث في الفاشر لا يمكن اعتباره انتصارًا عسكريًا للدعم السريع، موضحًا أن السيطرة على المباني الحكومية لا تعني الحسم العسكري في ظل استمرار المقاومة الشعبية داخل المدينة.

وأضاف في حديثه لراديو دبنقا أن الجيش السوداني تخلى عن مسؤوليته تجاه سكان الفاشر عندما أعلن انسحابه من المدينة دون اتخاذ تدابير لحماية المدنيين أو تمكينهم من المغادرة الآمنة، واصفًا ذلك بأنه تصرف غير مقبول ويحمّله تبعات إنسانية جسيمة.

جرائم ضد الإنسانية

وأكد الصادق علي حسن أن الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع تندرج تحت كافة أصناف الجرائم الموصوفة بالقانون الدولي، ومن بينها الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، مشيرًا إلى أن هذه القوات تواصل ارتكاب انتهاكاتها بصورة ممنهجة.

وتساءل:”من تريد قوات الدعم السريع أن تحكم طالما أنها توجه آلتها العسكرية ضد المدنيين وتمارس فيهم القتل بهذه الصورة البشعة؟”

وأشار إلى أن المسؤولية لا تقع على الدعم السريع وحده، بل تمتد إلى قائد الجيش الذي تخلى عن واجباته، مؤكدًا أن الوضع يتطلب مساءلة مشتركة للطرفين أمام المجتمع الدولي.

وقال رئيس المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات إن الحديث عن مناشدات أو إدانات دولية لم يعد كافيًا، مضيفًا أن التدخل الدولي العاجل هو السبيل الوحيد لحماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم.

وأوضح أن ما يسمى بـ”المجتمع الدولي” يتكوّن من دول ذات مصالح متباينة داخل مجلس الأمن، وهو ما يجعل التحرك الجماعي بطيئًا وغير فعّال، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لا يملكان سوى إصدار البيانات، دون قدرة على التنفيذ الفعلي.

ودعا إلى تحرك فوري تقوده الولايات المتحدة بصفتها صاحبة “الآلية الأسرع في اتخاذ التدابير العاجلة”، مؤكدًا أن المطلوب الآن هو تدخل مباشر لحماية المدنيين ومساءلة الجناة.

وختم بقوله:”القوى المدنية والتحالفات السياسية مطالبة بإطلاق حملة مناشدات مباشرة للولايات المتحدة من أجل وقف الانتهاكات الجارية في الفاشر، دون المساس بضرورة المحاسبة الجنائية العاجلة للمتورطين فيها.”

Welcome

Install
×