قضاة الدائرة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية-6 اكتوبر 2025-المحكمة الجنائية

قضاة الدائرة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية-6 اكتوبر 2025-المحكمة الجنائية

لاهاي – جنيف: 6 أكتوبر 2025 – راديو دبنقا

رحّب فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في بيانين منفصلين اطلع عليهما راديو دبنقا بإدانة المحكمة الجنائية الدولية لـ علي محمد علي عبد الرحمن (المعروف بـ”علي كوشيب”) بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور غربي السودان بين عامي 2003 و2004.

تأتي أحكام اليوم الصادرة عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة الجنائية الدولية – وهي الأولى في قضية أحالها مجلس الأمن الدولي إلى المحكمة – في وقت تتكرّر فيه جرائم فظيعة مماثلة في دارفور ومناطق أخرى من السودان، في ظل الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وقال تورك:“تمثّل إدانة علي كوشيب اعترافًا هامًّا بالمعاناة الهائلة التي تكبّدها ضحايا جرائمه الشنيعة، كما أنها خطوة أولى نحو إنصافهم وذويهم بعد طول انتظار.”

وأشاد المفوض السامي بـ الضحايا الذين رووا بشجاعة قصصهم المروّعة عن الخسائر والمعاناة التي غيّرت مجرى حياتهم، آملين – رغم كل الصعوبات – أن يتحقق العدالة والمساءلة ضد جلاديهم الذين ظنّوا يومًا أنهم بمنأى عن العقاب.

وأضاف تورك:“آمل بشدة أن يكون حكم اليوم تذكيرًا جديدًا لمرتكبي الجرائم الحالية بأنه لا يمكن الإفلات من العقاب على الجرائم الجماعية ضد المدنيين، وأنهم سيُقدَّمون بدورهم إلى العدالة يومًا ما على ما ارتكبوه من انتهاكات جسيمة للقانون.”

وأشار إلى أن الأحكام تؤكد أهمية المحكمة الجنائية الدولية كمحكمة الملاذ الأخير، وحصن منيع ضد الإفلات من العقاب، حيث تغيب فرص المساءلة على المستوى الوطني.

ترحيب من مكتب المدعي العام

من جانبه، رحّب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالإدانة التاريخية الصادرة اليوم بحق علي محمد علي عبد الرحمن (علي كوشيب)، وهو أحد القيادات البارزة في ميليشيا الجنجويد الموالية للحكومة، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وهذه هي الإدانة الأولى في الوضع في دارفور، والأولى في قضية أحالها مجلس الأمن الدولي إلى المحكمة. كما تمثّل هذه القضية أول إدانة بالاضطهاد القائم على النوع الاجتماعي في تاريخ المحكمة.

واستنادًا إلى الأدلة التي قدّمها المكتب، خلص قضاة الدائرة الابتدائية الأولى بالإجماع إلى أن كوشيب مذنب بما لا يدع مجالًا للشك بارتكاب جرائم في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي شنّته ميليشيا الجنجويد وقوات حكومة السودان ضد السكان المدنيين في دارفور، خلال نزاع مسلح بين الحكومة والجماعات المتمردة في الفترة ما بين أغسطس 2003 ومارس 2004.

وأشار القضاة إلى أن السيد عبد الرحمن كان معروفًا أيضًا بلقب “علي كوشيب”، خلافًا لحجة الدفاع المركزية.

وقال المدعي العام كريم خان:”إن إدانة السيد عبد الرحمن تمثّل خطوة حاسمة نحو سدّ فجوة الإفلات من العقاب في دارفور. إنها رسالة قوية إلى مرتكبي الفظائع في السودان، في الماضي والحاضر، بأن العدالة ستسود، وأنهم سيحاسَبون على ما ألحقوه من معاناة لا توصف بالمدنيين الدارفوريين رجالًا ونساءً وأطفالًا.”

وتابع البيان:“قرار القضاة هو تكريم لشجاعة الآلاف من ضحايا دارفور الذين أملوا وناضلوا من أجل العدالة على مرّ السنين. ويؤكد الحكم الالتزام بقوانين النزاع المسلح، وبالقيمة الأساسية لحياة وكرامة الشعب الدارفوري.”

حكم محوري

تضمّن الحكم إدانات مهمة بجرائم قائمة على النوع الاجتماعي، وهي جرائم ما زال التحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها أولوية استراتيجية للمفوضية.

وأشار البيان إلى أن كوشيب أُدين بالاغتصاب بوصفه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، من بين جرائم أخرى قائمة على النوع الاجتماعي، مؤكدًا أن الهجمات أدت إلى اغتصاب نساء وفتيات، وتسببت في أضرار جسدية وثقافية واجتماعية عميقة للضحايا.

كما أُدين كوشيب بارتكاب جريمة ضد الإنسانية تتمثل في اضطهاد الذكور من قبيلة الفور على أسس سياسية وعرقية وجندرية، وهو ما يعترف بالطبيعة المتقاطعة للتمييز المتعدد الأوجه الذي استهدف ذكور الفور على وجه التحديد.

وأضاف البيان:”بعد هذا الحكم المحوري، سينظر القضاة الآن في العقوبة المناسبة للسيد عبد الرحمن، وسيُعد الادعاء حججه بشأن الحكم مسترشدًا بمتطلبات نظام روما الأساسي.”

تحقيق شامل

يأتي الحكم في أعقاب تحقيق شامل بدأ بعد إحالة مجلس الأمن في عام 2005، تبعته محاكمة فعالة اعتمد الادعاء فيها على شهادات 81 شاهدًا و1,521 قطعة من الأدلة قُدّمت إلى الدائرة، شملت وثائق من حكومة السودان والأمم المتحدة وصورًا فضائية ومقاطع فيديو ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأعرب مكتب المدعي العام عن امتنانه للضحايا والناجين والشهود الذين مكّن دعمهم والتزامهم على مرّ السنين من تحقيق هذه النتيجة. كما ثمّن تعاون السلطات السودانية ومجلس الأمن والدول الأطراف والمنظمات الدولية والمجتمع المدني في تسهيل التحقيق ومقاضاة الجناة.

التحقيق جارٍ

وأكد المكتب مجددًا التزامه بتحقيق المساءلة في حالة دارفور، حيث لا يزال التحقيق جاريًا. وأوضح أن الصراع في دارفور – كما أكد مجلس الأمن في إحالة عام 2005 – يشكّل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، مشيرًا إلى أن تجدّد العنف منذ عام 2023 يبرهن على أنه من دون عدالة، لا يمكن تحقيق سلام دائم.

وجدّد المكتب دعوته إلى اعتقال الأفراد الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف في قضية دارفور، وهم: عمر حسن أحمد البشير، وأحمد هارون، وعبد الرحيم محمد حسين، لافتًا إلى أن التهم الموجهة إلى هارون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتلك الموجهة إلى كوشيب.

وقال البيان “لقد أظهرنا اليوم ما يمكن تحقيقه عندما نعمل معًا مع الضحايا والسلطات الوطنية وبدعم مجلس الأمن الدولي. وتمثل هذه اللحظة تأكيدًا على أهمية إحالة المجلس لهذه القضية إلى مكتبنا. ونحن نعمل لضمان أن تكون محاكمة السيد عبد الرحمن الأولى من بين محاكمات أخرى تتعلق بالوضع في دارفور. وسيبقى عزمنا الجماعي وشراكتنا مع الناجين والمجتمع الدولي عنصرًا أساسيًا لإنهاء دورة العنف والإفلات من العقاب التي يعاني منها شعب دارفور.”

ويواصل مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إجراء تحقيقات أولية مستقلة ونزيهة في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان. وقد أُدين كوشيب، وهو قائد بارز سابق في ميليشيا الجنجويد بولاية غرب دارفور، من قبل هيئة قضائية من ثلاثة قضاة في لاهاي، بارتكاب جرائم تشمل الاغتصاب كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، والاضطهاد على أسس سياسية وعرقية وجندرية كجريمة ضد الإنسانية.

Welcome

Install
×