الفاشر: قصف وهجمات وانتهاكات مستمرة وسط نداءات استغاثة من المواطنين

مركبات عسكرية قالت القوة المشتركة للحركات المسلحة إنها دمرتها في الفاشر- صفحة القوة المشتركة على فيسبوك - اغسطس 2025
الفاشر – 24 أغسطس 2025 – راديو دبنقا
جددت قوات الدعم السريع قصفها المدفعي على معسكر أبو شوك وحي الدرجة الأولى بالفاشر صباح اليوم. وقالت مصادر من المدينة لراديو دبنقا إن قوات الدعم السريع شنت هجوماً جديداً على المحور الجنوبي أمس، فيما أعلنت مصادر مقربة من القوة المشتركة أنها تمكنت من صد الهجوم.
في الأثناء، اتهمت شبكة أطباء السودان قوات الدعم السريع بقصف مستشفى في جنوب الفاشر أمس وإصابة سبعة أشخاص بينهم ممرض بجروح.
من جانبهم، نشر قادة في الدعم السريع مقطع فيديو أكدوا فيه استيلاءهم على كميات كبيرة من الإمدادات الطبية التابعة للجيش والقوة المشتركة في المحور الجنوبي.
اختطاف ونزوح
اتهمت غرفة طوارئ أبو شوك قوات الدعم السريع باقتحام المعسكر واقتياد ثماني سيدات، ليرتفع عدد المفقودين إلى 20 شخصاً.
وكشفت منظمة الهجرة الدولية عن نزوح ألف شخص من معسكر أبو شوك يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، مشيرة إلى أن النازحين اتجهوا إلى مناطق أخرى في محلية الفاشر.
من جانبها، نشرت قوات الدعم السريع مقاطع فيديو من داخل معسكر أبو شوك قالت خلالها إنها سيطرت على أجزاء منه، فيما ذكرت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن قوات الدعم السريع توغلت داخل المعسكر الأسبوع الماضي.
ولم يتسنَّ لراديو دبنقا تأكيد أو نفي هذه المعلومات من مصادر مستقلة في ظل استمرار انقطاع شبكة الاتصالات والاعتماد على الإنترنت الفضائي الخاضع للمراقبة.
تحذيرات
حذرت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر من سقوط المدينة، مطالبة بالتحرك الفوري لفك الحصار بالقوة.
وأشارت إلى خطورة استمرار الحصار المفروض منذ عامين، مؤكدة أن الفاشر التي تعرضت لأكثر من مئتي هجوم مسلح خلال تلك الفترة تعاني من استنزاف متواصل بفعل الاشتباكات وسلاح الجوع الذي أصاب نسيجها الاجتماعي والمعنوي.
وأكدت التنسيقية أن المدينة، رغم رمزية صمودها وشجاعة سكانها، “ليست أسطورة منيعة”، بل مدينة حقيقية أنهكها الحصار والقتال، مشددة على أن الاعتماد على صمودها وحده “إعادة لإنتاج الأسطورة ذاتها التي سقطت فيها مدن أخرى مثل نيالا”.
ودعت، في بيانها، إلى تحرك فوري وقوي لفك الحصار عن الفاشر، معتبرة أن تركها وحيدة “يحوّل الصمود من بطولة إلى عبء”، ومؤكدة أن التاريخ لن يعفي من مسؤولية التخاذل أو الصمت أمام معاناة سكانها.
ضحايا مدنيون
اتهمت شبكة أطباء السودان قوات الدعم السريع بتصفية 13 شخصاً على أساس إثني بينهم أطفال ونساء وكبار سن، في منطقة خزان قولو على طريق (الفاشر – طويلة). وقالت إن من بين الضحايا خمسة أطفال وأربع نساء وأربعة من كبار السن.
وكشفت مفوضية حقوق الإنسان الأممية عن مقتل 89 مدنياً جراء هجمات الدعم السريع على الفاشر خلال عشرة أيام.
ونبه المتحدث باسم المفوضية، جيريمي لورانس، إلى تسجيل 16 حالة إعدام لمدنيين من معسكر أبو شوك، بجانب حالة من الفاشر.
وقال لورانس: “هذا النمط من الهجمات على المدنيين والقتل العمد، الذي يشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، يعمق مخاوفنا بشأن العنف ذي الدوافع العرقية”، مشيراً إلى تزايد خطر المجاعة، وداعياً أطراف النزاع لاتخاذ تدابير ملموسة وفورية لضمان حماية المدنيين.
ولم يتسنَّ لراديو دبنقا الحصول على تعليق فوري من قوات الدعم السريع التي دأبت على نفي ارتكابها أي انتهاكات.
مواقف رسمية
رحبت وزارة الخارجية السودانية بتصريحات المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان الأممية التي تضمنت تنديداً بالهجمات على معسكر أبو شوك والتصفيات على أساس عرقي.
وجددت مطالبتها للأمم المتحدة وأجهزتها المختصة بتجاوز مراحل التنديد والشجب إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ورادعة ضد قوات الدعم السريع، وإلزامها بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، ورفع الحصار عن مدينة الفاشر، والإسراع بتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية.
نداءات استغاثة
وجّه مواطنون ونازحون محاصرون داخل الفاشر نداءات عاجلة لإيصال المساعدات الإنسانية، بعد تفاقم معاناتهم جراء الجوع ونقص الغذاء وانعدام الخدمات الصحية.
وقالت سعاد سليمان محمد خليل، إحدى النساء المحاصرات:
“نحن في المعسكر ومراكز الإيواء والأحياء المختلفة بالفاشر، الأطفال يعانون المجاعة وسوء التغذية بدرجة يصعب وصفها، وحتى نحن المسنين نعاني آثار الجوع. معظمنا نصلي جالسين لانعدام المواد الغذائية ونقص المشمعات والناموسيات ووسائل مكافحة نواقل الأمراض.”
وأضافت: “انعدمت العناية الطبية، وفقدت الأجسام مناعتها بسبب الجوع والحصار، وكثير من الناس نزحوا للقرى والمعسكرات. الأطفال يعانون سوء التغذية، والحوامل والمرضعات أوضاعهن صعبة. نناشد بضرورة إيصال المساعدات الإنسانية عاجلاً لإنقاذ من تبقى من مواطني الفاشر.”
من جانبها، أوضحت آلاء النذير آدم محمد، وهي نازحة تقيم في مركز إيواء “المسامح كريم”، أن الوضع داخل المدينة يزداد سوءاً:
“نحن كنازحين موجودين بأعداد كبيرة جداً داخل المدينة، وأي حديث عن خلو الفاشر من المواطنين كذب وافتراء. أعدادنا كبيرة جداً لكننا لا نجد ما نقتاته. حتى علف الحيوانات (الأمباز) الذي اضطررنا لأكله لسد الرمق أصبح غير متوفر، والذرة أغلى من طاقة أي مواطن.”
وتابعت: “في ظل هطول الأمطار توفرت الخضرة (الملوخية)، لكن لا نجد ما نطبخه معها. الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد، والأنيميا متفشية بدرجة كبيرة، وكبار السن يعيشون أوضاعاً حرجة. لا إمكانيات لدينا لشراء أي شيء، ونحن بالآلاف من المسنين والأطفال والنساء الحوامل. لا قدرة لنا على المغادرة ولا مكان نلجأ إليه. نناشد المنظمات والحكومة لإنقاذنا.”
بدوره، أطلق المواطن حامد إبراهيم عمر نداء مماثلاً قائلاً:
“نحن تعبانين جداً، شاكرين القائمين على التكايا. لكن حتى الأمباز أصبح غالياً وغير متوفر. يا ناس، انظروا إلينا بعين الرحمة.”