صورة ارشيفية لجميدتي والبرهان قبل اندلاع الحرب في 15 ابريل 2023

الجمعة 26/يناير/2024:راديو دبنقا
القاهرة: سليمان سري


دخل الاتحاد الأوربي على خط الأزمة السودانية بكل ثقله ومن زاوية مختلفة تخلى فيها عن الدبلوماسية الناعمة وسياسة المناشدات والوساطة ثم بيانات الشجب والإدانة، بالانتقال لاستخدام الأدوات العقابية بقراره الأخير بفرض عقوبات تماثل مواقف وقرارات الإدارة الأمريكية في التدخل لحسم الصراعات في دول العالم الثالث من بينها السودان، الذي لازمته آفة العقوبات الدولية منذ منتصف تسيعنات القرن الماضي، ولم يخرج من تحت سقفها حتى بعد الحرب .
واعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي، الإثنين، عقوبات ضد ست شركات تتبع لطرفي النزاع، الجيش السوداني والدعم السريع تشمل تجميد الأصول وحظر توفير الأموال أوالموارد الاقتصادية بشكل مباشر أو غير مباشر.


وقال المجلس إن قوائم العقوبات تضم ست شركات مسؤولة عن دعم الأنشطة التي تقوض الاستقرار والانتقال السياسي في السودان.ومن بين الكيانات المدرجة في القائمة شركتان تعملان في مجال تصنيع الأسلحة والمركبات للقوات المسلحة السودانية ( شركة منظومة الصناعات الدفاعية و شركة سودان ماستر ) تكنولوجي S.M.T؛ بجانب شركة زادنا الدولية للاستثمار المحدودة التي تسيطر عليها القوات المسلحة ( السودانية، وثلاث شركات تعمل في مجال في شراء معدات عسكرية لقوات الدعم السريع وهي شركة )الجنيد المتعددة للأنشطة المحدودة ، تراديف للتجارة العامةG.S.K Advance Compony L.td


القرار أثار غضب الحكومة السودانية وهذا ماعبرت عنه في بيان شديد اللهجة كالت فيه للاتحاد الأوربي، ولاذت قوات المعالدعم السريع بالصمت، بينما التمست شركة زادنا العالمية من الاتحاد الأوربي مراجعة القرار في بيان طويل حشدت فيه كل عبارات الرجاء لتجنب الوقوع في خسائر مالية، مايؤكد تـأثير القرار من ناحية عقابية يمكن أن يساعد في تجفيف منابع التمويل للطرفين، على الأقل من الشركات المعروفة للشعب السوداني والعالم.


بيد أن القرار لقي تأييد وارتياح من بعض النشطاء الحقوقيين والنقابيين لكنهم طالبوا بخطوات إضافية أكثر حسمًا، تتعلق بحظر السفر ومصادرة أموالهم وتجميد أرصدتهم.


المحامية والناشطة في حقوق الإنسان آمال الشيخ، تشير في حديثها لـ”راديو دبنقا” إلى أن القرار الأوربي يأتي لاحقًا للقرارالامريكي والبريطاني بفرض عقوبات اقتصادية، والحد من أنشطة ستة من الشركات، وتصف ذلك الإجراء بأنه أشبه بمحاولة قطع الحبل السري الذي يغذي الحرب ويساهم في دعمها واستمرارها.


وتشير إلى أنه معلوم أن العقوبات الاقتصادية لديها تأثير كبير علي مجرى الحرب إذا تم تطبيقها بصرامة وفاعلية. والقرار الأوربي الذي ساوى بين الجيش والدعم السريع ولم يفرق بينهما واعتبرت”الشيخ” مؤشر مهم ما آثار غضب الخارجية وتقول أن المعلوم انها صوت الجناح الاسلاموي الذي يحاول فرض سيطرته فاصدر بيانًا رافضًا للعقوبات.


قطع الحبل السري:
وتشير الناشطة الحقوقية إلى أن هنالك ملاحظة مهمة جدا تتعلق بأن القرار صادر من المجلس الأوربي European Council، لكنها نبهت إلى أن المجلس الأوربي قراراته ليست ملزمة قانونيًا لاعضائه، مايعني أن القرار شكلى اكثر من أنه إلزامي، لكنها اعتبرت أنه بمثابة رفع الكرت الأصفر في مواجهة تنامي المد الارهابي، وتقول بأن مؤشراته بدأت تلوح باعتقال عبدالباسط حمزة، وأوربا لن تتأخر عن ركب المجتمع الدولي في قطع أوردة وشرايين تمويل الإرهاب، الذي تشكل حرب السودان إحدى مظاهره فالنزاع الذي بدأ في السودان منذ ١٥ أبريل واتخذ شكل الحرب المباشرة وراح ضحيته عدد كبير من المدنيين وتم تهجير آلاف من السودانيين، جزء كبير منه صراع على الموارد ومحاولة النظام القديم العودة للسلطة.


وتخلص المحامية والناشطة الحقوقية أمال الشيخ إلى القول بأن العقوبات خطوة جيدة ولكنها ليست أفضل مايمكن أن يقدمه المجتمع الدولي أو أوربا تحديدًا، وتقول علي سبيل المثال هناك كثير من الأصوات الداعمة للحرب تنطلق من هناك وهو دعم يوازي تمامًا الدعم الاقتصادي، الذي لم يثبت جدواه حتى الآن،ولم نري حصاده فلا زالت الحرب تستعر ويكتوي بنيرانها شعب السودان.


أما عضو في نقابة المهندسين في بريطانيا و نقابة Unite البريطانية والقيادي بالمجموعة السودانية للحقوق والحريات خالد سيداحمد، يقول إنَّ العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الحكومة البريطانية من قبل و الاتحاد الأوربي الآن، على الشركات المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية و”بمليشيا الدعم السريع”، مبدئيًا تعتبر خطوة إيجابية ولم يستبعد أنها نتاج للمباحثات والاتفاق بينهما، وتسائل قائلاً لكن هل هي كافية للضغط على الطرفين لوقف الحرب؟


الجواب من وجهة نظره، أبدًا ليست كافية لأن هذه العقوبات مفروضة من قِبَل الحكومة البريطانية فقط. ويقول إنَّ طرفي النزاع كأجسام وأشخاص لهم الكثير من الشركات المنهوبة من عرق المواطن السوداني في دول كثيرة. لذلك و بالرغم من إيجابية الخطوة، إلا أنها تحتاج لتعميمها على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حتى تكون فعالة، ما يعني أنهم في حاجة إلى قرار من الأمم المتحدة، لذلك كان مطلب تعزيز التعاون و الجهود الدولية ضد من وصفهم بالقتلة أحد مطالبهم.

التسليح من الحكومة البريطانية:
ويطالب سيدأحمد بأن تُدعم بعقوبات على الأطراف المتنازعة كما في مذكرتهم التي سلموها للحكومة البريطانية، يونيو من العام الماضي والتي بموجبها فرضت بريطانيا عقوبات في يوليو من نفس العام وطالبت المذكرة بـ:”تعزيز الجهود مع المجتمع الدولي لتحقيق العدالة و محاسبة مرتكبي الجرائم، وذلك من خلال الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، ودعم إجراءات فرض عقوبات على المسؤولين عن ارتكاب الجرائم في الخرطوم و دارفور و جميع مدن السودان، و يشمل ذلك تجميد الأصول و فرض حظر السفر على الأفراد المسؤولين، بما في ذلك القائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية عبدالفتاح البرهان و قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو”.

عضو نقابة المهندسين البريطانية والقيادي بالمجموعة السودانية للحقوق والحريات خالد سيداحمد ـ المصدر ـ راديو دبنقا
وطالبت المذكرة بـ “فتح ملفات تحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في دارفور و الخرطوم ضد جماعة الإخوان المسلمين في السودان، المتسترة تحت مسمى حزب المؤتمر الوطني وواجهات أخرى عديدة و كافة قياداتهم و تصنيفهم والمنتسبين لهم تحت قائمة الإرهاب و تجميد الأصول المملوكة لهم و فرض حظر السفر عليهم و ملاحقتهم قانونيًا.”.
ويرى الناشط الحقوقي والنقابي خالد سيدأحمد أن هناك أمر آخر تفتقر إليه هذه العقوبات، ألا و هي عدم الضغط على الدول التي تدعم أطراف النزاع بالسلاح. ويشير إلى أن هذه العقوبات بالتأكيد سوف يكون لها تأثير في تقليل موارد تمويل أطراف النزاع، و لكنهم في نفس الوقت سوف يحصلون على السلاح المطلوب من الدول المجاورة، علمًا بأن كمية كبيرة من تسليح هذه الدول يأتي من الحكومة البريطانية نفسها.


ولفت إلى أن الأمر الأهم من العقوبات هنا والذي يجب الانتباه إليه هو أن إصدار قرارات مثل هذه، يعطي إنطباع بأن الحكومة البريطانية والاتحاد الاوربي بدآن في تغيير نظرتهما، تجاه هذا النزاع وأطرافه وتخوفهما من استمراره والآثار الاقتصادية، الأمنية، الاقليمية والدولية المترتبة عليه.


ويشدد على القول بـ” نحن في حالة ثورة و هذه الحرب ما هي الا نتاج لمحاولة هذه الثورة تكسير النظام الرأسمالي المتجذر في الدولة السودانية منذ الاستقلال، و الذي يعتمد على آلات الدولة القمعية لحمايته و تحقيق مصالحه.
ويقول: “نحن في المجموعة السودانية للحقوق و الحريات سوف نستمر في محاربة هذا النظام الفاسد بكل طاقاتنا و بكل ما أوتينا من قوة”. ويضيف: “لكننا في نفس الوقت نحتاج إلى بناء وحدة كتلة شعبية تشمل الثورة داخل السودان و خارجه و أن تكون مبنية على أهداف ثورة ديسمبر المجيدة و بأغلبية من لجان.