العقوبات الأمريكية على السودان..إصطفافات على أساس الموقف من الحرب الدائرة

دونالد ترامب- الرئيس الأمريكي - صورة ارشيفية ( الأمم المتحدة)
أمستردام:26 مايو 2025:راديو دبنقا
تواصلت تباينات الأطراف السودانية إزاء العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على السودان بتهمة استخدام أسلحة كيميائية.
و أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية ، الخميس،فرض عقوبات على السودان بسبب استخدام اسلحة كيميائية.
واستندت التباينات السودانية من القرار الأمريكي على مواقف الأطراف المختلفة من الحرب الدائرة، حيث رحبت قوات الدعم السريع و الأطراف المتحالفة معها بالعقوبات، بينما أعلنت القوات المسلحة و الأطراف المساندة لها والمتحالفة معها رفضها العقوبات، فيما اتخذت أطراف أخرى مسارا وسطا يدعو إلى التحقيق حول الاتهامات وفرض عقوبات على الأفراد والجهات بدلا عن الدولة.
الحركة الشعبية تتهم
اتهمت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة الحلو الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية محرّمة دوليا، وعلى رأسها غاز الخردل واللويسيت، ضد المدنيين العُزّل.
وشكلت الحركة الشعبية والدعم السريع وأطراف أخرى تحالف السودان التأسيس الذي يسعى لتشكيل حكومة.
وقالت الحركة، في بيان اطلع عليه “راديو دبنقا” إنه تم توثيق صور ومقاطع فيديو لسحب كيميائية في مناطق جبل موية والدندر وكرري وشرق النيل.
كما أشارت إلى تحليلات مخبرية لعينات تحتوي على الزرنيخ، المادة الفعالة في غاز اللويسيت.
ولفت البيان إلى شهادات حية لضحايا انهارت أجسادهم دون إصابات ظاهرة، تعاني من أعراض متطابقة مع التعرض للمواد الكيميائية السامة.
وقالت الحركة إن تقارير طبية سرية تؤكد الإصابات بالحروق الداخلية، وتآكل الرئة، والوفاة البطيئة نتيجة إختناق داخلي.
تأسيس” يرحب”
قال تحالف السودان التأسيسي “تأسيس” إن قرار الخارجية الأمريكية الذي أثبت استخدام الجيش للأسلحة الكيميائية خلال الحرب، ليس بالأمر المستغرب ولا الجديد.
ودعا تحالف “تأسيس” المجتمع الإقليمي والدولي لاستمرار كشف هذه الحقائق وفرض عقوبات على مرتكبيها. ورحب بأي تعاون جاد من شأنه إيقاف هذه الحرب والضغط على قادة الجيش الذين يرفضون أي مساعٍ للسلام.
انحياز
قال كيان غاضبون بلا حدود إن فرض الولايات المتحدة عقوبات على الحكومة السودانية استند على مزاعم غير موثقة عن “استخدام الجيش لأسلحة كيميائية” في الحرب الدائرة بالبلاد.
وأعلن كيان غاضبون بلا حدود مساعدته للجيش خلال الحرب الدائرة وتطوع عدد من أعضائه في صفوف القوات المسلحة.
واعتبر الكيان القرار محاولة لتجريم المؤسسة العسكرية والضغط بالعقوبات الاقتصادية والسياسية من أجل الموافقة على تسوية سياسية تضمن بقاء من سماهم بالقتلة وتمنحهم العفو بحماية إقليمية ودولية. وقال إن العقوبات ليس موقفاً إنسانياً ولا قانونياً بل انحياز سافر لمشروع إقليمي ودولي يريد تفكيك السودان وسحق مؤسساته الوطنية.
خطوة متقدمة
وكانت قوات الدعم السريع،قد قالت أن العقوبات الأمريكية التي تم الإعلان عنها مؤخراً، ضد الجيش تمثل خطوة متقدمة تكشف حجم الجرائم البشعة المرتكبة بحق الشعب السوداني. وأوضحت في بيان أن هذه العقوبات جاءت تعزيزاً لما ظلت تحذر منه قوات الدعم السريع مراراً بشأن خطورة استخدام الجيش لأسلحة محرمة دولياً ضد المدنيين في مختلف مناطق السودان.
وأشارت إلى توثيق استخدام الاسلحة الكيميائية في مدن مثل (مليط والكومة) بولاية شمال دارفور والعاصمة الخرطوم، من خلال فحوصات لعينات التربة والمياه وبقايا جثامين محترقة لضحايا مدنيين، وشهادات فرق تحقيق محايدة.
وحذرت من كارثة بيئية خطيرة سببها وجود أسلحة كيميائية في مخازن داخل كلية التربية في أم درمان، وبعض المواقع الأخرى تعود إلى الجيش وكتائب البراء.
وقالت إن الشواهد تؤكد أن استخدام الأسلحة الكيميائية لم يكن محدوداً، بل جرى على نطاق واسع في شمال وجنوب دارفور والعاصمة الخرطوم والجزيرة، وذكرت أنها طالت مناطق مدنية مكتظة، منها أحياء بيت المال، الضباط، الشهداء، الركابية، الهاشماب، الموردة، وأجزاء من الخرطوم بحري ووسط وشرق العاصمة، بما فيها منطقة القصر الجمهوري.
ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لفتح تحقيق مستقل وشفاف، وتقديم المتورطين إلى العدالة الدولية.
مطالبات بالتحقيق
طالب التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) بتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في كافة الجرائم و الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب بما في ذلك الاتهامات الموجهة للقوات المسلحة باستخدام أسلحة كيميائية.
من جانبه، دعا ياسر عرمان رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري لفرض عقوبات تستهدف الأفراد والمؤسسات بدلا من الدولة السودانية.
بدوره دعا مني اركو مناوي حاكم إقليم دارفور لتحقيق عاجب حول الاتهام الأمريكي للجيش السوداني باستخدام الأسلحة الكيميائية.
تداعيات خطيرة
قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الجميل الفاضل إن قرار وزارة الخارجية الأمريكية بفرض عقوبات على السودان يحمل دلالات خطيرة تتعلق بتوقيته، مشيراً إلى أنه سيُطبق في السادس من الشهر المقبل، بعد جولة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الشرق الأوسط.
وأوضح الفاضل في مقابلة مع راديو دبنقا أن القرار يهدف للضغط على الجيش السوداني، مستغلاً ملفاً حساساً يتعلق باستخدام أسلحة محرّمة دولياً، وسط تقارير تتحدث عن استخدام غاز الخردل في بعض المعارك ضد الدعم السريع. ورجّح أن تطالب واشنطن بدخول لجنة تحقيق دولية إلى السودان، مما قد يفتح الباب لعمليات تفتيش دولية.
وحذر الفاضل من أن رفض الحكومة السودانية التعاون مع لجان التحقيق، كما حدث سابقاً في ملف حقوق الإنسان، قد يؤدي إلى تصعيد دولي وفرض مزيد من العقوبات، مستشهداً بتجارب دول مثل سوريا والعراق.
وختم بالقول إن السودان، المنهك أصلاً، لا يحتمل عقوبات إضافية، معتبراً القرار الأمريكي بداية لسلسلة إجراءات أكثر تعقيداً.