الصليب الأحمر: نزوح جماعي جرّاء الجوع والهجمات على المدنيين في كردفان

تردي الأوضاع الإنسانية في جبال النوبة بكردفان

تردي الأوضاع الإنسانية في جبال النوبة بكردفان-ارشيفية-راديو دبنقا


أمستردام – 30 يوليو 2025 – راديو دبنقا

قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن الهجمات على المدنيين والبنية التحتية الأساسية في ولايات كردفان تسببت في نزوح جماعي. في حين أفاد متطوعون بأن عشرات الآلاف يفرون من كادوقلي والدلنج المحاصرتين بسبب الجوع.

وأضافت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان تلقاه “راديو دبنقا” أن الهجمات استهدفت المستشفيات والأسواق والمناطق السكنية، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا وحدوث نزوح جماعي وانهيار الخدمات الأساسية. وذكّرت الأطراف المعنية بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني بحماية المدنيين والأعيان المدنية.

تفاقم حدة القتال

وتشهد مناطق شمال كردفان تصاعدًا في العمليات العسكرية، حيث أعلن جنود في القوات المسلحة عبر مقاطع فيديو سيطرتهم على منطقة رهيد النوبة بشمال كردفان، بينما لم تُصدر القوات المسلحة بيانًا رسميًا، ولم يتسنَّ التأكد من صحة الخبر من مصادر مستقلة. ويقول الجنود إنهم يعتزمون السيطرة على منطقة بارا الاستراتيجية.

في غرب كردفان تتواصل الهجمات بالطائرات المسيّرة على منطقة أبو زبد، إذ أدى القصف أمس إلى مقتل شخصين وإصابة طفل، بينما اضطر مرضى الكوليرا إلى مغادرة مركز العزل في المستشفى مؤقتًا بسبب سقوط قذائف بالقرب منه.

وفي هذا السياق، قال رئيس بعثة اللجنة الدولية في السودان، السيد دانيال أومالي:
“تفاقمت حدة القتال في ولايات كردفان منذ مطلع عام 2025، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى وتدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد. وفي بعض المناطق، اضطُر نحو 90% من السكان المدنيين إلى الفرار”.

وأضاف: “إلى جانب القتال، تُشكّل مخلفات الحرب القابلة للانفجار في السودان تهديدًا بالغ الخطورة على المدنيين، ولا سيما أولئك الذين يفرّون من المناطق المتضررة أو يسعون إلى العودة لمنازلهم”.

ويتعرض الجرحى والمرضى لمخاطر خاصة، إذ أدت الهجمات على المرافق الطبية إلى تفاقم حالة الشلل التي يعاني منها النظام الصحي الهش أصلًا. وقد اضطرت الطواقم الطبية إلى الفرار، فيما تضررت المرافق الصحية أو دُمّرت بالكامل، ما ترك المجتمعات المحلية محرومة من خدمات الرعاية الحيوية.

نزوح جماعي

كما تصاعدت حركة النزوح في ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان، حيث اضطرت العديد من العائلات إلى النزوح المتكرر بسبب تغيّر خطوط المواجهة. كما تضررت طرق الإمداد، ما أدى إلى عزل بعض المناطق وحرمانها من الخدمات الأساسية لأشهر عدة.

وقال أومالي: “ساهمت القيود المفروضة على حركة البضائع في تفاقم أزمة نقص الغذاء، ما أجبر أعدادًا متزايدة من السكان على الفرار في محاولة للنجاة. ويُفاقم نقص الغذاء وسبل الحصول على الرعاية الطبية، وعدم وجود طرق آمنة للفرار، الأزمة الإنسانية في كردفان وغيرها من المناطق المتضررة”.

وأفادت مصادر “راديو دبنقا” بتواصل موجات النزوح من مدينتي كادوقلي والدلنج بولاية جنوب كردفان، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية واستمرار الحصار المفروض على المدينتين، مما دفع مئات الأسر إلى الفرار بحثًا عن الغذاء والأمان.

وأوضحت المصادر أن حركة النزوح تتجه نحو مناطق الحركة الشعبية جنوب كادوقلي، وأخرى إلى المناطق الغربية والشمالية من الدلنج. ووصلت مجموعة من النازحين إلى منطقة الفرشاية شمال مدينة الدلنج، معظمهم من النساء والأطفال، بعد رحلة شاقة استغرقت يومين أو أكثر سيرًا على الأقدام، مرورًا بأراضٍ تسيطر عليها الحركة الشعبية بقيادة الحلو.

وقال أحد النازحين من كادوقلي في إفادة صوتية: “أمضينا يومين للوصول إلى الدلنج، ثم واصلنا الرحلة نحو الفرشاية، حيث استُضفنا في المدارس” . وأشار إلى أن انعدام الغذاء كان الدافع الرئيسي للنزوح، موضحًا أن المواطنين في كادوقلي يضطرون للوقوف ساعات طويلة للحصول على “ملوة سمسم”، وغالبًا ما تنفد الكمية قبل أن تصل إليهم.

وأضاف النازح أن السلطات خزّنت السلع الأساسية وتمنع توزيعها على المواطنين دون مبررات. وكانت مدينة كادوقلي قد شهدت الأسبوع الماضي احتجاجات وأعمال عنف ونهب للأسواق بسبب اتهامات للتجار بتخزين السلع.

يومان بلا طعام

من جانبها، قالت نازحة من مدينة الدلنج إن العديد من الأسر تقضي يومين إلى أربعة أيام من دون طعام، وتفتقر إلى أبسط مستلزمات الحياة مثل الصابون. وأشارت إلى أن معظم سكان المدينة يرغبون في الخروج بأي وسيلة نتيجة الوضع الخانق.

وأكدت مصادر “راديو دبنقا” أن سوق مدينة الدلنج يعاني من نفاد العديد من السلع الأساسية، فيما المتوفر منها باهظ الثمن. وأشارت إلى أن سعر كيلو السكر 30 ألف جنيه، وكيس الشعيرية 20 ألف جنيه، وكيلو الأرز 30 ألف جنيه، وملوة الذرة 30 ألف جنيه.

تفشي الكوليرا

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن تفشي الكوليرا المستمر يشكّل، بالتزامن مع اقتراب موسم الأمطار، تهديدًا إضافيًا للسكان. وقد سُجِّلت بالفعل أكثر من 7,800 حالة إصابة حتى الآن، في ظل محدودية شديدة في القدرات المتاحة لعلاج المرض واحتوائه.

وأعلنت وزارة الصحة الاتحادية عن تسجيل 1,913 إصابة بالكوليرا، بينها 43 حالة وفاة، في 12 ولاية خلال الأسبوع الماضي.

بدورها، ذكّرت اللجنة الدولية أطراف النزاع بضرورة امتثالها للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والأسواق. وأكدت أن حماية المدنيين وضمان حصولهم على الغذاء والخدمات والمساعدات الإنسانية واجب أخلاقي والتزام قانوني.

Welcome

Install
×