مهدي زين: القطط السمان والسلطان

من بين طيات السحاب ، ومن على متن الطائرة الملكية المستأجرة من شركة رويال جت الإماراتية التي تضم غرفة نوم وثيرة و ٣٦ مقعداً ملكياً …

الرئيس البشير(ارشيف)

مهدي زين

 

من بين طيات السحاب ، ومن على متن الطائرة الملكية المستأجرة من شركة رويال جت الإماراتية التي تضم غرفة نوم وثيرة و ٣٦ مقعداً ملكياً فخماً ، أجرى الصحفي ضياء الدين بلال لقاءاً صحفياً عابثاً كان عنوانه العريض ( نحن يا دوب ابتدينا وما تقولوا انتهينا)!!!

نقل الصحفي ضياء الدين بلال الحالة النفسية للرئيس داخل الطائرة واصفاً إياه بأنه كان يتمتع بمعنويات عالية ، ويضحك بانشراح ، وأنه قد أجاب على أسئلته بصدر رحب وإفادات مقتضبة لكنها واضحة لا يعتريها لَبْس أو غموض !!! وأعتقد جازماً أن الإجابات المقتضبة لا يمكن أبداً أن تكون واضحة وخالية من اللبس والغموض ، وتخرج دائماً من صدر حرج ولا يمكن أبداً أن تصدر عن صدر رحب يضحك بانشراح ، وأظن أن الصحفي حاول بكلماته هذه أن يخدعنا بأن الحالة النفسية للرئيس بخير وقد شهدنا بأعيننا تمطيطه لشفتيه بصورة تنم عن حالة نفسية سيئة وهو يوقع على إعلان كيجالي للتجارة الحرة .

السؤال عن القطط السمان والتهديد باتخاذ إجراءات ضدهم جعل وجه الرئيس يكفهر حيث وصلته معلومات للتو تفيد بأن الأستاذ الباقر أحمد نوري مدير عام بنك فيصل الإسلامي الذي اعتقل الأسبوع الماضي ، قد اعترف بضياع عائدات الصادر والتي تُقدر بحوالي ٦.٨ مليار دولار ، وطالب بتقديم نفسه لمحاكمة علنية أمام الرأي العام ليكشف أين ذهبت عائدات الصادر بالأسماء والأرقام ، وقد أورد في التحقيق أسماء شخصيات نافذة استحوذت على تلك الأموال ، كما أفاد بأن كل التصديقات التي قام بالموافقة عليها تمت بناءاً على توجيهات تلك الجهات النافذة ، وتحدى الأستاذ الباقر مدير الأمن صلاح قوش أن يقدمه لمحاكمة علنية متهماً إياه بأنه واحد من الذين استفادوا من عائدات الصادر في تجارته بالواردات النفطية بضمانات بنك السودان ، وأفاد الباقر أنه يحتفظ بنسخة من كل التصاديق في مكان آمن خارج البنك ، لكل ذلك جاءت إجابة الرئيس مقتضبة وبوجه عبوس مكفهر واصفاً ما يحدث الآن بأنه مجرد تحقيقات عادية مع بعض المصرفيين بغرض التحري والتحقيق ، وأنه لن تتم إدانة الناس بالشبهات أو التشهير بهم أبداً ، والصحفي لا يدري أن التوجيهات قد صدرت بالإفراج فوراً عن الأستاذ الباقر أحمد نوري مدير بنك فيصل اتقاءاً لمكره ، وخوفاً من توريطه لنافذين وهدم المعبد فوق رؤوس الجميع ، واندهاشاً من الإحتياطات التي حمى بها نفسه .

حاول الرئيس أن يبدو متوازناً بعد هذه الإجابة ، وأراد أن يحصر الهدف من كل هذه الإجراءات التي اتخذها مؤخراً في محاصرة سعر الصرف ، ومحاربة السوق الموازي وقلل من الحديث عن الفساد والقطط السمان بعد أن جاءته من الخرطوم أنباء تلك الإجابات الصادمة التي قدمها مدير بنك فيصل لجهاز الأمن ، وهي الإجابات التي لو كان يعلمها الصحفي ضياء الدين بلال لجاء عنوانه العريض ( نحن انتهينا ما تقولوا يا دوب ابتدينا )

القطط السمان تُولد وتكتنز لحماً وشحماً في الدولة البوليسية الفاسدة التي يجلس على قمتها رئيس فاسد يتعهد هذه القطط السمان بالرعاية والعناية ويشاطرها وجباتها الدسمة . والقطط السمان لم تظهر في حياتنا فجأة ولكنها ترعرعت ونمت على مرأى ومسمع من الناس أجمعين ، على مدى ثلاثين عاماً فعل فيها هذا الرئيس ، الذي يدعي الآن مكافحة الفساد ، كل ما يمكن فعله لحماية هذه الطبقة الفاسدة ، وكلما أشارت أصابع الإتهام الي فساد في جهة ما قام هذا الرئيس ينافح ويدافع عن المفسدين حتى وصلت به الجرأة الي رفض التوقيع على قانون إنشاء مفوضية مكافحة الفساد الذي أجازه البرلمان وظل يقبع في أدراج خزانته بالقصر منذ أكتوبر ٢٠١٧ ، ثم يأتي الآن ليحدثنا من على متن  طائرة مستأجرة لثلاثة أيام بأكثر من مليوني دولار ، عن مكافحة القطط السمان !!!

هذا الرئيس هو الذي يطعم قططاً سماناً ويربت على ظهورها وأذيالها كل صباح ومساء ، وهذا الرئيس هو الذي تنام على فراشه قطط سمان يداعبها ويعانقها ويُعاشرها ، ونحمد الله أنهما لم ينجبا قطاً كان سيكون الأسمن والأشرس .وهذا الرئيس يحمي قططاً سماناً تمتُّ له بصلة الدم والقربى بل خرجت معه من رحم واحد ، وهذا الرئيس يتبنى ويتعهد بالرعاية والحماية قططاً سماناً جمعته بآبائها الزمالة والصداقة تقبع الآن في سجون خارج الوطن ، وهذا الرئيس تتمرغ تحت قدميه قطط سمان أليفة أُلِّفت قلوبها ، وهذا الرئيس تحيط به قطط سمان ضالة جاء بها لحمايته ويخشى منها أن تخدش يوماً وجهه.

إنَّ غابة القطط السمان هذه ستظل عامرة بقططها التي تنهش جسد هذا  الشعب بأنيابها وأظافرها ولا منجى منها الا بالثورة فهل أنتم مستمعون؟

Formularende