منع المليونية في إزالة أسبابها !! ..

ليس من الحكمة أن تنتهج الحكومة وسيلة منع خروج مليونية الشارع قسراً بإغلاق الجسور والمعابر والتهويش بإستخدام القوة، ففي ذلك ضرب من التحدي الذي قد يؤدي إلى المزيد من إلتهاب الشارع وإصراره على المواجهة.

بقلم: سيف الدولة حمدناالله

ليس من الحكمة أن تنتهج الحكومة وسيلة منع خروج مليونية الشارع قسراً بإغلاق الجسور والمعابر والتهويش بإستخدام القوة، ففي ذلك ضرب من التحدي الذي قد يؤدي إلى المزيد من إلتهاب الشارع وإصراره على المواجهة.

وليس هناك عاقل يمكنه تجاهل المخاطر الصحية التي تنتج من وراء تنظيم تجمع بمثل الذي يتوقع حدوثه بخروج المليونية، وقد كان في يد رئيس الوزراء (ولا تزال هناك ساعات متبقية لحدوث ذلك) إصدار القرارات التى تعالج أسباب الدعوة للمليونية بما يُنهي دواعي خروجها في سلام وبإقتناع الشارع.

وقد كان الأسلم من ذلك أن تبادر الحكومة الانتقالية بمعالجة الأخطاء وتصحيح المسالب من تلقاء نفسها دون ضغط من مليونية ولا ألفية، ذلك أن كل المطالب التي قدمت على عرائض مكتوبة تسلمها أعضاء من مجلسي السيادة والوزراء كانت واضحة ومعلومة وقد صرخ بها الناس بأعلى الأصوات عبر كل المنابر، من أول ضعف أداء بعض الوزراء وإصلاح المنظومة الحقوقية وتسريع عملية السلام وتعيين حكام الأقاليم وتشكيل المجلس التشريعي… إلخ.

بيد أن قيمة هذه المليونية تكمن في أنها قد حققت أهم أهدافها حتى قبل أن يحين موعد خروجها، وهو أنها أعادت التأكيد بأن الشارع لازال هو مركز القوة الرئيسي في المعادلة السياسية، وأنها أعادت للشارع ثقته في مقدرته على المحافظة على مكتسبات ثورته ومنع التغول عليها من أي جهة حتى لو كانت من بين صفوفه.

نعم، نجحت المليونية قبل أن يحين موعدها في أن يدرك الوزراء والمسئولين أن الشارع هو رقيب مباشر على الأداء العام سواء في وجود المجلس التشريعي أو في غيابه، وأنه من الفطنة بحيث يستطيع أن يحسن تقييم العمل ومتابعة القرارات والنتائج على الأرض يوم بيوم.

المليونية قبل حلول موعدها، كانت درس مطلوب وتمرين ناجح، ومقياس ثمرة هذا الجهد يكون في غياب المليونيات في المستقبل، وذلك يتأتّى بنجاح مؤسسات الحكومة الانتقالية في التجاوب مع صوت الشارع وتصحيح الأخطاء دون حاجة إلى جنس هذا الحراك مع ما فيه من جهد ومخاطر يعلمها الجميع.