ما غاب عن تعديلات القوانين وما كان يجب أن يغيب !! ..

إشادة بلا حدود بالوزير المقتدر نصرالدين عبدالباري ومساعديه في الخروج بحزمة التعديلات التي أدخلها على عدد من القوانين، وكم كنت أتمنى لو أن وزارته قد أمسكت يدها عن إدخال التعديل الخاص بالسماح لغير المسلمين بالتعامل في الخمر وتعاطيه

بقلم: سيف الدولة حمدناالله

إشادة بلا حدود بالوزير المقتدر نصرالدين عبدالباري ومساعديه في الخروج بحزمة التعديلات التي أدخلها على عدد من القوانين، وكم كنت أتمنى لو أن وزارته قد أمسكت يدها عن إدخال التعديل الخاص بالسماح لغير المسلمين بالتعامل في الخمر وتعاطيه، ذلك أنه وحتى بفرض أحقية غير المسلمين في ذلك، فإن التوقيت لم يكن ملائماً لإجراء تعديل في مثل هذه المسائل الخلافية التي تؤدي إلى إنقسام المجتمع كما حدث الآن من وراء هذا التعديل الذي كان يحتاج أن يسبقه تمهيد وحوار فكري وفقهي ومجتمعي حول مواءمته وجدواه.

فإذا أخذنا ماورد في الاعتبار، ثم وضعنا حق غير المسلمين في التعامل مع الخمر وتعاطيه في أحد كفتي الميزان، وفي الكفة الأخرى وضعنا ما تقتضيه المصلحة العامة من توحيد لأفئدة وإرادة المجتمع (في كامله) في الانصراف نحو بناء الدولة المدنية ومواجهة القضايا الكبرى كقضية وقف الحرب وقضايا السلام وجمع السلاح ومعالجة الاقتصاد وإزالة الأمراض التي خلفها النظام البائد في المجتمع والفساد الوظيفي والرشاوي… إلخ، فإن الراجح قطعاً كان يقتضي تجنب كل ما من شأنه قسم المجتمع وإنشطار الصفوف بمثل هذه القضية.

كما أن تعاطي الخمر ليس من الحقوق الأساسية للإنسان مسلم أو غير مسلم، وغير المسلمين لم يطالبوا بهذا الحق حتى ينالوه في هذه المرحلة لتفتح الحكومة على نفسها أبواباً جديدة من خلافات، خاصة في مسألة من الممكن أن تؤدي إلى إشعال حالات التطرف، فهناك من يرى فيها خروجاً عن الدين ومن موجبات محاربة الدولة والخروج عليها.

في الجانب الآخر، غاب عن هذه التعديلات رفع القيد الذي وضع في القانون الذي يقضي بعدم جواز توقيع عقوبة السجن في الجرائم التي يرتكبها من بلغ سن السبعين، والإستعاضة عن ذلك بإيداع المجرم بالإصلاحية، كما حدث في الحكم الذي صدر على المخلوع عمر البشير، فقد كان المنتظر ان يتم تعديل هذا النص بأن يجعل من الممكن توقيع عقوبة السجن على المجرم دون حد أقصى للعمر، على أن يجعل للقاضي سلطة تقديرية في مراعاة حالة الشيخ الذي يكون طاعناً في السن ولا تحتمل حالته إرساله للسجن بالحكم عليه بإتخاذ تدابير أخرى يكون من بينها الإيداع بالاصلاحية أو الحجز المنزلي… إلخ.

فالسبعيني ليس بشيخ عاجز يحتاج للرعاية في جميع الحالات كما يُوحي بذلك هذا النص في القانون، ذلك أن معظم أهل الإنقاذ إرتكبوا ما إرتكبوه من جرائم وهم في سن السبعين وبعضهم تجاوز الثمانين ولكنهم كانوا في شدة وقوة الصبيان، وهناك من يشاركون في العملية السياسية اليوم وهم في مثل هذه السن أو أكثر. مع العلم بأن التعديل شمل جواز الحكم بالإعدام على من بلغ السبعين في قضايا معينة دون أن يشمل جواز الحكم بالسجن على من بلغ نفس السن.

فيما عدا ذلك، فقد كانت جميع التعديلات الأخرى هامة وضرورية وموفقة وحققت مكاسب لفئات بالمجتمع، وأوفقها جميعاً إلغاء عقوبة الجلد في غير جرائم الحدود الشرعية، وقد كُتب بإلغاء عقوبة الجلد نهاية لحقبة سوداء في تاريخ القوانين العقابية بالبلاد، وإذا كان نصف سواد تلك الحقبة تقع مسئوليته على القانون، فإن النصف الآخر يرجع إلى قضاة كان يتملكهم مَيْل وشطط لا تفسير له نحو تطبيق هذه العقوبة على المعارضين السياسيين وفي قضايا المخالفات التي تفرضها المحليات، وفي قضايا المتظاهرين.. إلخ.