شمائل النور: أولاد قبائل..!

حينما قرَّر المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني عام 2015م إعفاء غندور وتعيين إبراهيم محمود نائباً لرئيس الحزب ومساعداً له …

شمائل النور(ارشيف)

شمائل النور
 

حينما قرَّر المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني عام 2015م إعفاء غندور وتعيين إبراهيم محمود نائباً لرئيس الحزب ومساعداً له في القصر، كتبتُ مقالاً تحليلياً فيما معناه أن البشير بعد إزاحة نافع عمد إلى تكليف الضعيف ثم الأضعف، وأن تكليف إبراهيم محمود يعني أن الحزب بات تحت سيطرة البشير بشكل مطلق.
شدني أنَّ أحد المعلقين، الذي تحدث بصفته من أبناء منطقة إبراهيم، إذ فسر الأمر تفسيراً عنصرياً، لم يجتهد في قراءة سياسية لمشهد الحزب الحاكم بل لجأ إلى قراءة المشهد السياسي من منظور مركز وهامش.
تقول الحكاية إنَّ وفداً قبلياً زار قيادياً تنظيمياً بارزاً في حزب المؤتمر الوطني أيام مجده، الوفد شكا قلة أبناء القبيلة في حكومة الوطني، تفاكروا، مباشرة، اقترح عليهم المسؤول التنظيمي أن يأتوا بخياراتهم من أبناء قبيلتهم، فكروا ثم قدروا، فوجدوا أنَّ أحد شباب الحزب هو من رحم هذه القبيلة، لم يتوانَ الوفد في الإشارة إليه بأنه يمثلنا، بعدها بفترة وجيزة، صدر قرار بتعيين ذلك الشاب وزيراً.
بعد إعفاء أحد الوزراء في حكومة سابقة، وقبل تشكيل حكومة بكري الحالية، قاد الوزير المعفي وفداً قبليا لا يأتيه الباطل من بين يديه، توجه الوزير بسنده القبلي صوب نائب الرئيس، وبعدما هنأه على تجديد ثقة القيادة فيه، حمّله رسالة استياء إزاء إسقاط قبيلته من التشكيل الحكومي الأخير.
بعد إعفاء مدير جهاز الأمن، محمد عطا، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي دعوة من أبناء أبو حمد، الدعوة تحرض على التجمع عقب صلاة المغرب ثم التوجه إلى كافوري حيث يقيم عطا وأسرته، الهدف من الدعوة تقديم الشكر والعرفان وربما المواساة، لم تمض ساعات إلا وانتشرت الصور من داخل فيلا عطا.
ذات المشهد كان قد اكتمل قبل أيام في منزل مدير جهاز الأمن الجديد، صلاح قوش، حيث امتلأ المكان بالحشود المهللة والمكبرة من الأهل، وكان ذات السند أحد عناصر الضغط لإطلاق سراح الرجل قبل سنوات.
اللجوء إلى السند القبلي والمناطقي والتلويح بأن “وراي قبيلة” هو نتاج طبيعي لأبرز سياسات الإنقاذ والتي هي في الأصل مستشرية في المجتمع، لكن الإنقاذ نقلتها من البساطة إلى التعقيد ودخلت القبلية عنصراً حاسماً في الصراع السياسي وكيكة السلطة.
اللافت أنَّ المجتمع غير آبه بتقسيم السلطة على أساس اتساع الرقعة الجغرافية للقبيلة، لكن ما تعتبر أو تسمى “نخبة” سياسية هي الملتزمة بشكل صارم بالتقسيم على هذا الأساس.
مؤسف حقاً أن تكون كثير من دول العالم تجاوزت مسألة حاكم مسلم أو ملحد، ونحن لا نزال نتخيّر “أولاد القبائل”.