الهجرة الى داعش ظاهرة عالمية !

ظاهرة تسلل بعض الطلاب السودانيين للالتحاق بالحركة الاسلامية المتشددة التي تحمل السلاح جهادا ليس ظاهرة سودانية تحديدا انما هي ظاهرة عالمية تعاني منها الكثير من الدول الاسلامية أو الدول التي تعيش فيها جاليات اسلامية كثيرة بل وفي بعض الاحيان ينخرط فيها شباب حديثو عهد من الاسلام ممن ينتسبون لدول غير اسلامية.

 

 

بقلم : محجوب محمد صالح

 

 

ظاهرة تسلل بعض الطلاب السودانيين للالتحاق بالحركة الاسلامية المتشددة التي تحمل السلاح جهادا ليس ظاهرة سودانية تحديدا انما هي ظاهرة عالمية تعاني منها الكثير من الدول الاسلامية أو الدول التي تعيش فيها جاليات اسلامية كثيرة بل وفي بعض الاحيان ينخرط فيها شباب حديثو  عهد من الاسلام ممن ينتسبون لدول غير اسلامية.

لذلك يجب ان يتم التعامل معها باعتبارها مشكلة ذات طبيعة عالمية وانه من الصعب محاصرتها بشكل امني اذ هي تصرف فردي ولا يمكن التحكم في كل تصرفات الافراد انما يقتضي الامر الى دراسة الاوضاع التي تقود الى مثل هذا التفكير ومحاولة اقناع اصحاب هذه الافكار بخلق البيئة المناسبة للحوار المجتمعي الدائم حول مجمل القضايا التي تثير اهتمام الشباب.

ولا شك ان الواقع المأزوم الذي يحيط بالشباب في مختلف المجتمعات والمفارقة الكبيرة بين الافكار المثالية التي يحملها الشباب والواقع المأزوم الذي يعيشون في كنفه يلعب دورا كبيرا في هذه المعتقدات التي يعتنقونها واسلوب العنف الذي يلجأون اليه.

والملفت في النظر في هذه الظاهرة بالسودان ان اغلب الشباب الذين انخرطوا في هذه العمليات يحملون جنسيات مزدوجة وجوازات سفر اجنبية مما يوحي بانهم يعيشون في عالمين متناقضين ويعايشون مفارقات بين واقع المجتمعات البديلة التي يعيشون فيها وواقع بلادهم الاصلية والفارق الكبير بين النموذج المثالي الذي يتطلعون اليه والواقع الحقيقي الذي يعايشون والفوارق العظيمة بين الفقر والغنى وبين التقدم والتخلف وبين الرخاء والوفرة من ناحية والاغداق والشح من ناحية اخرى.

ثمة دول اخرى واجهت مشاكل شبيهة فآثرت ان تنخرط في حوار قاصد مع المجموعات الشبابية واعتمدت على المنطق والحجة في حوارها وفتحت الافق السياسي الحواري بدون حدود فنجحت في اقناع اصحاب تلك الآراء المتطرفة بمبدأ (المراجعات) التي احدثت تحولات حقيقية في افكارهم وبنفس القدر فان مثل هذه المحاولات فشلت في حالات آخرى مما يثبت انه ليس هناك حل جاهز يعالج كل الحالات وان مدى النجاح تحكمه ظروف واحوال مختلفة تتراوح من حالة لحالة.

على ان الثابت ان المعالجات الأمنية وحدها لن تجدي وان المدخل الصحيح هو عدم المبالغة في تصوير هذه الظاهرة فهي ما زالت محدودة وتطال فئات شبابية بعينها ويمكن التحرك نحوهم وادارة حوار معهم واغلب الذين حاولوا السفر للانضمام لداعش ينتمون لمؤسسة تعليمية واحدة هم ينتمون لاسر تعيش في رغد من العيش ولا يعبرون عن ازمة شخصية انما ينطلقون من فكرة رسخت لديهم وملكت اقطار انفسهم ولابد من دراسة واقع هذه المؤسسة وكيف انحصرت هذه العمليات فيها وحدها ودون سواها وماهي خلفيات الملتحقين بها وما هي الظروف الداخلية التي تجعل التبشير بهذه الافكار داخل صفوفها سهلا ومتاحا ومنتجا ومن ثم التحرك لازالة العوامل المساعدة لانتشار هذه الافكار في محيطهم والانخراط في حوار جاد معهم يخاطب مسلماتهم الفكرية بالحجة والمنطق.

هذا هو الطريق الوحيد المتاح للتعامل مع هذه الظاهرة مع ادراك ابعادها العالمية ومؤثراتها الخارجية والظروف المحلية التي تساعد في انتشارها بعيدا عن التهويل والمبالغات!