الجيش السوداني إنهيار أم عدم ثقة !!

حشد النظام منذ 2011م كل قواته بوحداتها المختلفة للقضاء على الحركة الشعبية ونزع سلاحها وتجريد قواتها أو طردهم خارج الحدود كما كان يردد أنذاك الفريق عصمت عبدالمجيد رئيس هيئة أركان الجيش السوداني ومن خلفه وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين، تلكم الثقة المفرطة والغرور الزائد بقوة الجيش والإستهانة بالخصم وإستحقاره قاد راس النظام الي رفض إتفاقية نافع-

 

بقلم : مبارك اردول

 

حشد النظام منذ 2011م كل قواته بوحداتها المختلفة للقضاء على الحركة الشعبية ونزع سلاحها وتجريد قواتها أو طردهم خارج الحدود كما كان يردد أنذاك الفريق عصمت عبدالمجيد رئيس هيئة أركان الجيش السوداني ومن خلفه وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين، تلكم الثقة المفرطة والغرور الزائد بقوة الجيش والإستهانة بالخصم وإستحقاره قاد راس النظام الي رفض إتفاقية نافع- عقار التي كانت ستضع حداً للحرب في جبال النوبة / جنوب كردفان وتمنع تمددها في النيل الأزرق، وضع البشير كل الأمكانيات في يد الجيش وفتح لهم الميزانية لتصل الي أكثر من 70% من جملة الموازنة السنوية للدولة وكذلك جعلها محصنة وبعيدة من أعين وتقارير المراجع العام، قام بكل هذا لتحقيق هدفه وهو إسكاته صوت أي قوى معارضة تهدد بقاءه كنظام وتغير الأحوال في البلد وتنقله من دكتاتورية وأحاديته الي الديمقراطية والتعددية والتغيير الجوهري في مؤسسات الدولة وسياسات البلاد.

ذهب أبعد من ذلك حيث طالب سياسيه بوضوح  تغيير إسم الحركة الشعبية لتحرير السودان في صيغة وصايا حتى على مسميات الآخرين بدلاً من تواليهم وتدجينهم كقوى سياسية لها قرارها وإرادتها وكذلك مسمياته.

ولكن الذي حدث بعد مرور خمسة أعوام من إقحام الجيش في حرب النظام إنهكت قدراته وإستنزاف تماماً بسبب دفاعه عن النظام وليس عدو خارجي، إستطاعت قوات المعارضة المسلحة عموما والحركة الشعبية على وجه الخصوص من تدمير قدرات الجيش وآلياته وأسلحته وحتى طائراته هذا ناهيك عن الدمار الذي لحق بالقوة البشرية فيه ( Man Power)، وفي نفس الوقت إستولت كذلك على كميات من الآليات والأسلحة والزخائر والمعدات الحربية والتي مكنها لتكون قوة حقيقية في الأرض، إضافة آخرى لم تستطيع القوات المسلحة تحقيق أي هدف عسكري كبير يرضي طموحات النظام ويشفي غليله ويحفزه للإعتماد عليه، وفي الإتجاه الآخر حققت قوات المعارضة هدف عسكري كبير بحيث إستطاعت لمرة ثالثة بعد معركة كسلا وأم درمان نقل الحرب الي مناطق خارج مناطق الحرب التقليدية في المنطقتين وجنوب السودان ودارفور وهي أم روابة وأبوكرشولا.

وحتى تلكم اللحظة كانت القوات المسلحة التقليدية المعروفة تأخذ في يدها زمام المبادرة في خوض الحرب ضد المعارضة المسلحة بمشاركة المليشيات كقوة مساندة لها كما حدث في تجربة الدفاع الشعبي ومجاهدي ودبابي الكيزان في حرب الجنوب والنيل الازرق وجبال النوبة قبل إتفاقية السلام الشامل 2005م .

ولكن الآن بعد فشل كل العمليات الصيفية التي خطط لها النظام كل صيف ولأكثر من خمسة أعوام متتاليات ودحر قوات البشير وعرقلتها من تنفيذ برنامجها يلاحظ تدخل قوات الأمن ومليشياته بشكل أساسي وليس مساند، بل أصبح يتم ذلك على الملاء في ظل تقاعس وتراجع دور الجيش من مهامهم التقليدية .

ويظهر ذلك في الحشود التي يقودها اللواء أمن دخر الزمان وغيرهم من قادة الأمن ومليشيات الجنجويد القبلية، هذه الحشود التي تتجمع حالياً في النيل الأزرق وجبل كردفان ومنطقة العين بكردفان وكذلك في الفاشر.

بالنسبة لي ككاتب أنتمي للحركة الشعبية التي تحارب النظام لا يهمني من يحاربني من مؤيدي النظام سواءاً كانت القوات المسلحة أو مليشيات الجنجويد ذات الطابع والتكوين القلبي، فالطلقة التي تخترق الصدر لاهوية لها، ولكن هذه المقالة تثبت أن الجيش السوداني قد أصابه العطب وتفكك بسبب سياسات النظام وحروبه ، مهما بقت اللآفتات موجودة من هيئة الأركان ونوابها ولكنها في المهام والفاعلية أصبحت عاجزة، وإستطاع النظام أن يخلق لها قوة موازية بمرور الوقت أصبحت متفوقة عليه وبديلة له ومؤكد سوف يتم إستخدامها ضده حال أي تحرك معادي من الجيش ضد السلطة، فهذه القوات لا عقيدة قتالية لها سوى الدفع والأموال التي يستلموها بالجولات من ميزانيات الأمن المفتوحة والمستقطعة من كهرباء ومياه وكل أنواع الضرائب والجبايات التي تقتلع من المواطن السوداني .

ونتاج هذا الوضع الذي وصل اليه الجيش ومؤسسة القوات المسلحة يقودنا حقائق الامور لشيئين لا ثالث لهم، وهو أما هذا إعلان مباشر بإنهيار الجيش السوداني وتفككه تفكك وليس هنالك أمل من إصلاحه وترميمه ولو زاد البشير الحوافر والمرتبات ولو غير قيادته وهيئة أركانه كل عام ومتى ما شك فيها. أو إن النظام فقد الثقة تمام بالجيش ولم يعد لديه محل إحترام وتقدير ويخشى تحركه ضد سلطته إذا ما اصبحت لديه القوة الكافية.

لذلك قرروا التخلص منه تدريجيا بالفصل وعدم الاهتمام والاهمال والإستعاضة عنه بقوات ومليشيات الجنجويد ذات الطابع القبلي التي ليس لديها أي أعباء ومسئوليات سوى الأموال كما قلنا أنفاً، واذا استمر هذا الوضع لقليل من الوقت فانه سيقود في القريب العاجل الي مصادمة بين الجيش والأمن أو الجيش والنظام نفسه بشكل علني ومايحدث هذا ماهو الا صراع خفى تحت الترابيز……

ليس الأمر في الجيش أو المليشيات وانما متعلق في جوهره بفشل الإعتماد على الحلول العسكرية للمشاكل البلاد السياسية وهذه القناعة تركزت لدى قطاع عريض من أبناء الشعب السوداني وهي التي لايفقهها قادة النظام ويكابر فيها.

في كل الأحوال المليشيات التي أقحمت في العمليات إستعاضة عن الجيش والتي تقول دوماً محملة الجيش الإتهام بالتقصير والفشل في تحقيق الأهداف العسكرية، ولكن الذي لايعلمونه إن نفس المصير هذا الذي لاقى الجيش من تقصير وفشل في تحقيق أغراضه سوف يلاقى مليشيات وجنجويد الأمن ذات الطابع والتكوين القبلي.