منع مرور السلع والبضائع لغرب السودان: حرب اخري من الخرطوم على المواطن وتهديد لوحدة البلاد
مشهد جانبي لسوق طره الاسبوعي بعد ان تحول الى رماد واخترقت معه الجثث في قصف بالطيران يوم الاثنين 24 مارس 2025 - راديو دبنقا
كمبالا: 30 ديسمبر 2025: راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو
في ظل الحرب المستمرة وتعقيد المشهد في جوانبه (الإنساني، الاقتصادي والاجتماعي) في السودان، أثارت قرارات صادرة من ولاة الشمالية، الخرطوم وشمال كردفان بمنع أو تقييد ترحيل السلع والبضائع إلى ولايات غرب السودان جدلًا واسعاً. بين من يقلّل من تأثير هذه القرارات على الأرض، ومن يحذّر من تداعياتها القانونية والإنسانية والسياسية وعلى وحدة البلاد المتأثرة أساساً بما احدثته الحرب.
هذا التقرير يرصد تأثير هذه القرارات على الأسواق في دارفور وكردفان، من خلال إفادات قادة مجتمع وتجار من نيالا، الضعين، الفولة وبحر العرب إلى جانب قراءات قانونية وحقوقية وسياسية تحذّر من مخاطر أعمق تتجاوز الاقتصاد إلى بنية الدولة نفسها.

القرارات
في 25 نوفمبر 2025 صدر قرار من والي الشمالية اللواء عبد الرحمن عبد الحميد قضى بالمنع البات لنقل السلع والبضائع والأشياء الى مناطق سيطرة الدعم السريع في كردفان ودارفور وغرب الولاية الشمالية، ونص القرار على عقوبات تصل الى السجن خمس سنوات، غرامة 10 مليون جنيه ومصادرة السلع والبضائع ووسيلة النقل.
وبعد أقل من شهر ــ في 20 ديسمبر ــ جاء قرار والي الخرطوم يحمل ذات موجهات الحظر والعقوبات التي وردت في قرار والي الشمالية، تلاه بأيام قلائل قرار لوالي شمال كردفان يحظر خروج السلع والبضائع من مدينة الابيض الى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في اجزاء من كردفان ودارفور.
ووجدت القرارات استنكار وإدانة من بعض قطاعات المجتمع السوداني التي رأت فيها سبباً لتكريث الانقسام المجتمعي الذي خلقته الحرب وتهديد وحدة البلاد. وطالب حزب الأمة القومي سلطات الأمر الواقع في ولايات شمال كردفان والخرطوم والولاية الشمالية بالتراجع الفوري عن هذه القرارات، وقال إنها تُلحق أذى بالغاً بالمواطنين الأبرياء وتتعارض مع أبسط واجبات الدولة في حماية حياة الناس وصون كرامتهم.
واعتبر الحزب هذه القرارات بأنها استخدام للغذاء كسلاح لمعاقبة المدنيين وهو ما يشكل جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، ويفضح ادعاءات المساواة في معاملة السودانيين دون تمييز. و
في سؤال سابق طرحه راديو دبنقا على متابعيه في منصة فيسبوك رفض 85% ممن تفاعلوا مع السؤال تلك القرارات، مشيرين الى أنها تعاقب المدنيين في كردفان ودارفور عبر حياتهم المعيشية.

اثرها على أسواق دارفور
تحدث راديو دبنقا الى عدد من المواطنين والتجار في ولايات دارفور حول اثر تلك القرارات على الأسواق وأوضاعهم المعيشية حيث تباينت آرائهم ما بين من يرى ان لها اثر على اسعار السلع التي تأتي للإقليم من الولايات التي اصدر ولاتها تلك القرارات، ومن يرى انها قرارات بلا قيمة مرتكزين في موقفهم على انفتاح دارفور على عدد من الدول التي تغذي اسواق الإقليم( نشاد ، افريقيا الوسطي، حنوب السودان وليبيا .)
وذكر تجار في مدينتي نيالا بجنوب دارفور والضعين بشرق دارفور أن القرارات الصادرة من بعض الولايات بشرق السودان، والقاضية بمنع تصدير البضائع إلى مناطق غرب السودان، لم يكن لها تأثير يُذكر على حركة الأسواق أو توفر السلع الأساسية.
وأوضح تاجر في سوق نيالا الكبير، وهو السوق الرئيسي للمدينة، أن السلع متوفرة بكميات كافية، مشيراً إلى أن الأسواق لم تشهد أي نقص في المواد الغذائية أو مواد البناء، رغم القرارات المعلنة. وأضاف أن البضائع باتت تصل من مصادر بديلة تشمل دولة جنوب السودان، تشاد، ليبيا، وأفريقيا الوسطى، ما ساهم في استقرار السوق وتعدد خيارات الاستيراد.
وأكد التاجر أن سلعاً مثل السكر، الدقيق، المكرونة، الزيوت، الحلويات، ومواد البناء متوفرة حالياً، وبعضها بأسعار أقل مقارنة بالبضائع التي كانت تصل سابقاً من شرق السودان، مؤكدا عدم تأثر السوق بالقرارات الأخيرة، التي وصفها بأنها قرارات على الورق.

من جانبه، قال التاجر كرم الدين الطاهر البشاري من مدينة الضعين بولاية شرق دارفور إن الأسواق في دارفور عموماً تشهد استقراراً ملحوظًا في توفر السلع منذ اندلاع الحرب، موضحا أن المواد التموينية الأساسية مثل الدقيق والسكر والشاي متوفرة بكميات كافية، دون تسجيل زيادات كبيرة في الأسعار.
وأضاف أن الإمدادات القادمة من دول الجوار، خاصة جنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى، أسهمت في ضمان انسياب السلع إلى الأسواق، مؤكداً أن الوضع التجاري في الضعين مستقر، وحركة البيع والشراء تسير بصورة طبيعية.
وأكد التاجران أن أسواق دارفور أصبحت أقل اعتماداً على الإمدادات القادمة من الخرطوم أو الشمالية، مشيرين إلى أن البدائل الحالية وفّرت استقراراً نسبياً في الأسواق، وطمأنوا المواطنين بتوفر السلع الأساسية وعدم وجود ما يدعو للقلق في الوقت الراهن.
في السياق قلل العمدة موسى عيسى حامد، مسؤول إدارة الرزقات الأهلية بمحلية بحر العرب، من أهمية قرار منع وصول السلع والبضائع إلى دارفور، وقال انها قرارات لا تحمل أي أثر سلبي على المجتمع المحلي.
واضاف العمدة لراديو دبنقا “المجتمع في دارفور يعتمد على مصادر محلية وإقليمية بديلة، وأن المواد القادمة من المناطق المجاورة أكثر كفاءة وفائدة مقارنة بما يصل من الشمالية أو الخرطوم”.
وأضاف أن المجتمع المحلي لا يعتمد على هذه السلع القادمة من ولايات الخرطوم والشمالية، لذلك أقول “إن قرار المنع أجوف ولا يؤثر علينا لا من بعيد ولا من قريب”
وذهب في ذات الاتجاه المواطن معتصم ادم الضي من مدينة الفولة بغرب كردفان الذي قال لراديو دبنقا ان القرارات لا يوجد لها اي أثر على الاسواق بالولاية، لجهة ان الولاية حرمت تماما من السلع والبضائع التي تأتي من شرق السودان منذ اندلاع الحرب، وانفتحت بموجب ذلك على دولة جنوب السودان وتشاد لاستيراد احتياجاتها الاساسية، الا انه استدرك بقوله بعد اندلاع الحرب تبقت بوابة واحدة لايصال القليل من السلع من الدبة الى الفولة عبر منطقة غبيش لكنها توقفت بسبب هذه القرارات دون ان يكون هناك اثر لتوقفها على الاسواق.

ارتفاع طفيف في الاسعار
رغم تأكيدات عدد من التجار على ان القرارات لم يكن لها اثر على واقع الأسواق بدارفور الا أن التاجر في السوق الكبير بمدينة نيالا، إسماعيل إبراهيم حسن، يرى أن هناك تأثير طفيف للقرارات على أسواق الاقليم، مشيراً الى ارتفاع ملموس في اسعار السلع التي يستوردها التجار من ولايات شرق السودان مثل (العدس، الملح والأرز)، حيث زاد سعر العدس 20 كيلو جرام من 100 الف إلى 130 الف جنيه، والملح 50 كيلوجرام من 100 الف إلى 150 ألف جنيه، بزيادة تتراوح بين 30 و40٪.
وأوضح أن هذا الارتفاع أثر مباشرة على المواطنين والمستهلكين في المدينة. وأشار حسن إلى أن بعض المواد يتم استيرادها عبر خطوط إمداد من الشرق، بينما تأتي أخرى من ليبيا أو تشاد، وأن الإدارة المدنية بالولاية تسعى لايجاد بدائل لتسهيل وصول السلع الأساسية. وأضاف “هناك جهود لضمان استمرار توفر المواد الأساسية، مع معالجة بعض الإشكالات المتعلقة بعملية الاستيراد لضمان استقرار الأسعار في الولاية”.
فيما شهد سوق مدينة الضعين حالة من الربكة في الأيام الأولى التي تلت القرارات، حيث ارتفعت أسعار بعض السلع في سوق الضعين ارتفاعاً ملحوظاً. وأوضح الصحفي محمد صالح تريكو المتواجد في المدينة لراديو دبنقا أن البضائع القادمة من مناطق الشرق مثل السكر والدقيق والبسكويت والحليب شهدت زيادة في الأسعار في الأيام الأولى لتنفيذ القرار، فيما ارتفعت أسعار الحديد وأنواع المواسير بشكل كبير لدرجة أن بعض التجار أوقفوا البيع مؤقتًا، قبل أن يعودوا لاحقًاً للبيع بعد استقرار الأسعار بسبب توفر كميات كافية أو عبر تهريب بعض البضائع.

وأشار الصحفي إلى أن دارفور تعتمد على مصادر بديلة للإمدادات، حيث تصل سلع مثل السكر والشاي واللبن إلى شرق دارفور من دولة جنوب السودان، فيما تصل بعض السلع الأخرى إلى غرب دارفور من دولة تشاد والى الفاشر من ليبيا بأسعار مستقرة نسبياً. كما يعتمد سكان المنطقة على الوقود القادم من جنوب السودان وتشاد.
واستشهد الصحفي على تأثير القرارات على سوق الاقليم بما حدث في من ارتفاع للاسعار في فترة الخريف، وقال “في فترة الخريف كانت الاسعار مرتفعة بسبب انقطاع الطريق بين دارفور وولايات الشرق، لكن في سبتمبر عندما وصلت اول شحنات من مدينة الدبة؛ اسهمت في خفض الاسعار، اضافة الى انه في الايام الاولى لقرار والي الشمالية حدث ارتفاع لاسعار السكر والدقيق والبسكويت بجانب ارتفاع اسعار الحديد والزنكي بصورة اجبرت التجار على التوقف عن البيع لانها تاتي من ولايات الشرق، لكن بعد أيام عادوا للبيع واستقرت الاسعار دون ان ترتفع”

انتهاك للقانون الدولي
وفي تعليقه على القرارات الثلاثة قال الكاتب والمحلل السياسي التجاني الحاج إنها تفتقر إلى السند القانوني، معتبراً أن السلطات الولائية (الولاة) لا تملك صلاحيات منع انسياب السلع داخل الدولة، حتى في ظل النزاعات الداخلية. وأوضح أن القرارات تتعارض مع القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استخدام الغذاء والمواد الأساسية كوسيلة ضغط أو سلاح في النزاعات المسلحة.
وأشار التجاني الحاج ــ لراديو دبنقا ــ إلى أن منع وصول السلع إلى مناطق تخضع لسيطرة أطراف أخرى في النزاع يؤثر بصورة مباشرة على المدنيين، ما قد يضع الجهات التي أصدرت ونفذت هذه القرارات تحت طائلة المساءلة وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، مضيفاً أن هذه الخطوة يمكن تفسيرها كشكل من أشكال العقاب الجماعي.
من جانبها، قالت الحقوقية والناشطة السياسية حنان حسن إن قرارات حظر ترحيل السلع تتعارض مع مبدأ حرية التنقل وتداول السلع والخدمات، وهو مبدأ مكفول بموجب الوثيقة الدستورية الانتقالية. واعتبرت أن أي تقييد من هذا النوع لا يكون مشروعا إلا بشروط صارمة، تشمل وجود قانون واضح، وفترة زمنية محددة، وتسبيب قانوني مرتبط بضرورة قصوى، وهو ما لا يتوفر – بحسب قولها – في القرارات الأخيرة.
وأضافت حنان لراديو دبنقا أن منع أو عرقلة وصول السلع الأساسية، مثل الغذاء والدواء والوقود، إلى مناطق تعاني من نزاع مسلح أو أوضاع إنسانية حرجة، يُعد انتهاكًا للحق في الحياة والغذاء والصحة، وهي حقوق محمية دستوريًا ودوليًا.
وأشارت إلى أن هذه الممارسات قد تُكيّف قانونياً كاستخدام للتجويع أو الحرمان كأداة ضغط، وهو ما قد يرقى، في بعض السياقات، إلى جرائم حرب. وحذّرت حنان حسن من أن استمرار هذه القرارات قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، وارتفاع حاد في الأسعار.

ووصف السياسي والوزير السابق نهار عثمان نهار القرارات بأنها جائرة تمس مباشرة مصالح المواطنين المدنيين، محذراً من تداعيات إنسانية واقتصادية خطيرة قد تندرج ضمن نطاق العقاب الجماعي المحظور دولياً.
وقال نهار لراديو دبنقا إن هذه القرارات تستهدف المواطن البسيط قبل أي طرف عسكري، مشيراً إلى أن المدنيين في مدن مثل نيالا وطويلة ومناطق واسعة من كردفان سيتضررون بشكل مباشر، خاصة الفئات الأكثر هشاشة، مثل الأطفال والمرضى، الذين يعتمدون على وصول الحليب، أدوية السكري والضغط، والعلاجات المنقذة للحياة.
وأضاف أن القرار يعني عملياً حرمان المدنيين من الاحتياجات الأساسية، متسائلاً: إذا كانت أسرة تقيم في نيالا أو كردفان ولديها طفل يحتاج إلى الحليب أو مريض يحتاج إلى دواء، فكيف ستصل هذه المواد في ظل هذا الحظر؟.
وانتقد نهار صمت القيادات السياسية وأبناء ولايات دارفور وكردفان الموجودين في بورتسودان تجاه هذه القرارات، رغم أن القرارات تمس بشكل مباشر القواعد الاجتماعية لتلك القوى السياسية.
وشدد على أن الخلافات السياسية أو العسكرية لا تبرر وقف الحركة التجارية، مستشهداً باستمرار التبادل التجاري بين السودان ودولة جنوب السودان رغم الانفصال والخلافات السياسية، إضافة إلى علاقات السودان التجارية مع دول الجوار والعالم، مؤكداً أن الخلاف السياسي لم يكن يوماً سبباً لقطع التجارة.
واعتبر الوزير السابق أن هذه الإجراءات قد تُصنّف ضمن جرائم الحرب إذا ثبت أنها تؤدي إلى تجويع المدنيين أو حرمانهم من العلاج، لافتاً إلى ما وصفه بالتناقض الصارخ في السياسات الحكومية، حيث أشار إلى استمرار تدفق عائدات نفط هجليج، التي قال إن جزءاً منها يذهب إلى قوات الدعم السريع، في إطار اتفاق يقضي بدفع 10 ملايين دولار شهرياً، في الوقت الذي تُمنع فيه الأدوية والمواد الغذائية عن المدنيين في دارفور وكردفان.
ودعا نهار إلى توعية الرأي العام بخطورة هذه القرارات، مطالباً بإيصال القضية إلى منظمات حقوق الإنسان، باعتبار أن منع انتقال السلع الغذائية والطبية داخل دولة واحدة يمثل انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان.
بينما قال حزب الامة القومي في بيان اطلع عليه راديو دبنقا ان هذه القرارات تكشف عن توظيف الغذاء والاحتياجات الأساسية كوسيلة للعقاب الجماعي ضد مواطنين أبرياء لا ذنب لهم في اندلاع الحرب، ولم يكونوا سبباً في وجود أي قوات مسلحة بمناطقهم ، وهي محاولة ضغط لتهجير المواطنين من مناطقهم الي مناطق أخرى.
وطالب حزب الأمة القومي، ولاة الولايات الثلاث بالتراجع عن هذه القرارات التي قال انها تلحق أذىً بالغاً بالمواطنين الأبرياء، وتتناقض مع أبسط واجبات الدولة في حماية حياة الناس وصون كرامتهم.

تمزيق وحدة البلاد
أبدى عدد الذين تحدث اليهم راديو دبنقا بشأن هذه القرارات مخاوفهم من ان تؤدي الى تفكيك وحدة البلاد، ووصف الكاتب والمحلل السياسي التجاني الحاج القرار بأنه غير موفق، لأنه يؤدي إلى مؤشرات كثيرة خطيرة، أبرزها أنه يبدو كأن هذه الولايات تسعى من خلال منع الغذاء إلى فصل أقاليم من بقية أقاليم السودان عبر منع التداول التجاري بين الأقاليم، وهو اتجاه خطير جداً يزيد من الفجوة بين المجتمعات المختلفة سواء في غرب السودان أو في مناطق وسط السودان ــ على حد تعبيره.
وأشار الحاج في مقابلة مع راديو دبنقا إلى أن هذه القرارات يتعتبر شكلاً من أشكال العقاب الجماعي وفق القانون الدولي الإنساني، وأنه حتى لو لم يُنفذ أو لم يُلتزم به، فإنه سياسياً يكرس مبدأ انقسام الدولة وانقسام المجتمعات، مما يضع متخذي القرار في موقع من يريد تهديد وحدة البلاد أو السعي إلى تفتيتها ومجتمعاتها التي هي أصلاً متأثرة بالحرب، ويزيد الطين بلة على الوضع القائم.
بينما حذّرت حنان حسن من أن الآثار السياسية والاجتماعية هذه القرارات والتي تشمل تعميق الشعور بالتهميش والانقسام الجهوي، وتقويض فكرة الدولة الواحدة والسوق الموحدة.
بينما أشار السياسي والوزير الاسبق نهار عثمان نهار إلى أن قوات الدعم السريع تسيطر على حدود مفتوحة مع تشاد، جنوب السودان، ليبيا، ولها منافذ حتى عبر إثيوبيا، ما يمكّنها – بحسب قوله – من توفير الإمدادات لمقاتليها، بينما يبقى المدنيون العزّل هم المتضررون الرئيسيون من الحظر.
وحذّر الوزير السابق من أن مثل هذه القرارات تزيد الاحتقان وتهدد وحدة البلاد، مشيراً إلى ما قال إنه خطاب مسرّب لوزير الخارجية السابق علي يوسف في فبراير الماضي، تحدث فيه عن توجهات داخل حكومة بورتسودان لحصر قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان، معتبراً أن أي محاولة لفصل أو عزل أقاليم بعينها تمثل تجزئة للسودان، وهو أمر قال إن أي سوداني حريص على وحدة البلاد يجب أن يرفضه.
ويرى حزب الامة القومي هذه القرارات تعد استخداما للغذاء كسلاح لمعاقبة المدنيين وهو ما يشكل جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، كما يفضح ادعاءات سلطة الأمر الواقع في بورتسودان بشأن معاملة السودانيين على قدم المساواة دون تمييز ــ على حج تعبيره.
تُظهر إفادات التجار في كردفان ودارفور ان أسواق الاقليمين تمكنت، حتى الآن، من امتصاص أثر قرارات منع ترحيل السلع، عبر الاعتماد على بدائل إقليمية من دول الجوار، ما ساهم في استمرار توفر المواد الأساسية واستقرار نسبي في حركة التجارة. غير أن التحليلات السياسية والحقوقية تضع هذه القرارات في سياق أكثر خطورة، معتبرة أنها تفتقر إلى السند القانوني، وقد تنطوي على انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك استخدام الغذاء كوسيلة ضغط، أو فرض عقاب جماعي على المدنيين، اضافة الى انها تهدد وحدة البلاد التي باتت هشة وتتضاءل كلما استمرت هذه الحرب.



and then