مخاوف من تهديد الصراع السعودي الإماراتي لوحدة السودان
تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعوده يقف ميناء المكلا في اليمن - 30 ديسمبر 2025- وسائل التواصل
:عثمان فضل الله لـ(راديو دبنقا)
الصراع السعودي الإماراتي في اليمن يهدد بتقسيم السودان-
أخشى أن تعاد إنتاج تجربة “المجلس الانتقالي اليمني” في بورتسودان ونيالا-
الجبهة المدنية الموحدة طوق نجاة من تحول السودان إلى “ورقة ضغط” إقليمية-
في هذا (اللقاء الخاص) نفتح ملفاً شائكاً يتجاوز بآثاره حدود الجغرافيا، فبينما تشتعل جبهات القتال في السودان، تبرز تحولات جيوسياسية كبرى في المنطقة، لعل أبرزها التصعيد الأخير وغير المسبوق بين الرياض وأبوظبي في الملف اليمني.
كيف سينعكس تآكل تفاهمات ‘الرباعية الدولية’ على المشهد السوداني؟ وهل يتحول السودان إلى ساحة بديلة لتصفية الحسابات الخليجية؟ وما هو مصير الوحدة الوطنية في ظل خطر (السيناريو اليمني) وتقسيم البلاد؟
للإجابة على هذه التساؤلات، يسعدنا أن نلتقي الأستاذ عثمان فضل الله، رئيس تحرير مجلة (أفق جديد)، والمحلل السياسي المتابع بدقة لتقاطعات المصالح الإقليمية والدولية في الشأن السوداني. أهلاً بك أستاذ عثمان.”
أجرى الحوار أشرف عبدالعزيز
- نلحظ تصعيداً غير مسبوق في اليمن بين الرياض وأبوظبي، مما يوحي بأن ‘الرباعية الدولية’ المعنية بالسودان قد دخلت طور انتهاء الصلاحية… في ظل تآكل منظومة التفاهمات هذه، هل تتوقع أن يتحول السودان إلى ساحة لتصفية الحسابات الخليجية، وكيف سيؤثر ذلك على تموضع ‘الدعم السريع’؟
“بالتأكيد، التصعيد الحالي بين الرياض وأبوظبي في اليمن يشير صراحة إلى تآكل التفاهمات التي كانت تديرها الرباعية الدولية بشأن الملف السوداني. هذا التآكل يفتح الباب أمام تحول كبير في مسار الأحداث داخل بلادنا، حيث يتحول السودان إلى ساحة تنافس ‘غير مباشر’ بين القوى الدولية لإعادة تركيب التحالفات المحلية، وليس بالضرورة عبر مواجهة مفتوحة.
في هذا المشهد المعقد، سيجد (الدعم السريع) نفسه في وضع حساس؛ إذ سيسعى لاستثمار هذه التناقضات لتعزيز مواقعه ميدانياً وتفاوضياً، مستفيداً من ذلك في الحصول على المزيد من التسليح والتحالفات. وهي تحالفات –إذا نظرنا لها بشكل عام– لا تقتصر على منطقة الخليج أو التنافس بين الرياض وأبوظبي فحسب، بل لها أبعاد إقليمية ودولية أوسع. هذا الواقع قد يفرز اصطفافات أكبر خلف طرفي النزاع (الجيش والدعم السريع)، مما يذكي نيران حرب الوكالة، حيث يحاول كل طرف إيذاء الآخر داخل الأرض السودانية، وهو ما يعقد الأزمة ويطيل أمد الحرب.” - الخلاف الحالي لم يعد محصوراً في جغرافيا اليمن، بل ضرب عمق الثقة داخل التحالفات العربية. في حال استمرار هذا الشقاق، هل تنشأ ‘محاور متصادمة’ داخل السودان تجعل من عملية الوصول إلى تسوية سياسية أمراً مستحيلاً؟ وما هو مخرج السودان من أن يكون مجرد ورقة ضغط في صراع الموارد والنفوذ الإقليمي؟
“الحقيقة أن الصراع الخليجي ضرب عمق التحالفات العربية، وانعكاساته على السودان بالغة الخطورة، فاستمرار هذا الشقاق سيؤدي حتماً لنشوء محاور إقليمية متنافسة داخل السودان، مما يضعف فرص الوصول إلى تسوية سياسية وطنية، ويجعل مسار السلام رهينة للصراعات الخارجية.
أما عن المخرج، فيتمثل في بناء موقف وطني مستقل وجبهة مدنية موحدة تعيد تعريف الأزمة باعتبارها شأناً سودانياً خالصاً، وترفض أن يكون السودان ورقة صراع على الموارد أو النفوذ. دون ذلك، سنظل ساحة لتصفية الحسابات، وسنفقد القرار السيادي لصالح حالة ‘لا دولة’.
لقد تضاعفت الحاجة اليوم للسلام والوحدة الداخلية، فأي وطني غيور لا يمكن أن يسمح بأن تكون بلاده ‘مشرحاً’ لصراعات دولية لا ناقة له فيها ولا جمل، خاصة وأن أي تصعيد يعني مزيداً من الضحايا المدنيين. نحن أمام مشهد مختلف تماماً، دول كانت حليفة بالأمس في اليمن، دخلت الآن في شبه مواجهة عسكرية واضحة هناك، وانتقل خلافها إلى الملف السوداني، حيث يصطف كل طرف خلف أحد أطراف النزاع.
هذا التعقيد يفرض على السودانيين النهوض بروحهم الوطنية، وتجاوز الخلافات للجلوس إلى طاولة التفاوض لإنهاء هذا الصراع. إن ملامح ‘الجغرافيا الموازية’ التي نراها في اليمن، حيث ينادي المجلس الانتقالي بدولة ‘الجنوب العربي’، بدأت تظهر ملامحها في السودان عبر سيناريوهات (دولة نيالا) مقابل (دولة بورتسودان). أي استمرار لهذه الحرب سيقود حتماً لتمزيق البلاد، وهو مصير لا يرضاه أي سوداني.”


and then