حركات شرق السودان.. تحالف جديد ورسائل سياسية متناقضة

الحركة الوطنية لشرق السودان تحي ذكرى تأسيسها الثالثة في همشكوريب - 27 ديسمبر 2025- وسائل التواصل

الحركة الوطنية لشرق السودان تحي ذكرى تأسيسها الثالثة في همشكوريب - 27 ديسمبر 2025- وسائل التواصل

كسلا: 28 ديسمبر 2025 – راديو دبنقا

جدّدت خمس حركات مسلحة في شرق السودان، أمس، إعلانها لتحالف يستند إلى ميثاق يدعو للدفاع عن شرق السودان وحمايته، وذلك خلال احتفالات الحركة الوطنية للعدالة والتنمية في شرق السودان.

وكان كل من حزب مؤتمر البجا برئاسة موسى محمد أحمد، وحركة تحرير شرق السودان بقيادة إبراهيم دنيا، والحركة الوطنية لشرق السودان قد أعلنوا العام الماضي عن تحالف وتأسيس قوات مشتركة، وتوسع التحالف خلال هذه الاحتفالات ليشمل الجبهة الوطنية لشرق السودان، والأسود الحرة بقيادة محمد صالح عابد.

ونص ميثاق الشرف الذي وقعت عليه الحركات الخمس يوم 25 ديسمبر على العمل المشترك لحماية شرق السودان، وتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار، وأكد على الوحدة والتنسيق والعمل المشترك لتحقيق رؤية موحدة، وتعزيز الثقة، واحترام التعددية، والمساءلة، واعتماد الحوار لحل النزاعات. كما اتفقت الأطراف على نهج تشاركي في اتخاذ القرار، وإشراك المجتمعات المحلية، وتعزيز أنشطة مشتركة.

وكانت قوات المقاومة الشعبية والمستنفرين بقيادة الناظر محمد الأمين ترك، وقوات الأورطة الشرقية بقيادة الأمين داؤد، وقوات مؤتمر البجا القيادة الموحدة بقيادة القائد يس قد أعلنت في وقت سابق عن تشكيل تحالف مساند للجيش، وهو تحالف مقابل لتحالف الحركات المسلحة الخمس.

وخرّجت هذه الحركات الدفعة الثالثة من قواتها خلال العام الجاري داخل الأراضي الإريترية، بإسناد لوجستي من الحكومة الإريترية.

تباينات

وتباينت مواقف هذه القوات من الحرب الدائرة في البلاد منذ 15 أبريل 2023، ووفقاً للخطابات التي ألقاها رؤساء هذه الحركات، فقد أظهرت تقارب مواقف مؤتمر البجا الذي يترأسه موسى محمد أحمد وحركة تحرير شرق السودان بقيادة إبراهيم دنيا، حيث ما زالا يتمسكان بالممانعة من المشاركة في الحرب الدائرة، بينما أعلنت الحركة الوطنية للعدالة والتنمية والجبهة الوطنية مساندتهما الصريحة للقوات المسلحة خلال هذه الحرب.

وتسببت الخطابات في جدل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقاً لمواقف الأطراف من الحرب الدائرة، لا سيما خطاب رئيس حركة تحرير شرق السودان، إبراهيم عبد الله دنيا، الذي أكد أن قواته لن تصبح وقوداً لحرب لم تساهم في إشعالها، داعياً إلى السلام والوحدة وإشراك شرق السودان في صنع القرار.

وأضاف: “تدربنا لحماية الإقليم وحماية الموارد وحكم أنفسنا”، وشدد على تمسكهم بإحلال السلام، قائلاً: “لدينا آلاف الجنود، ولا نخاف من أحد، ونحن مع السلام، رضي من رضي وأبى من أبى. نحن مستعدون ولدينا جيوش جرّارة وتحالف من خمس حركات”.

وأكد تمسكهم بوحدة السودان دون تجزئة، رافضاً مشروع “النهر والبحر”، ملوحاً بانفصال شرق السودان في حال أصبح مشروع دولة النهر والبحر واقعاً ماثلاً، وأضاف: “خرّجنا ثلاث دفعات ولا نخشى أحداً”.

مساندة للقوات المسلحة

في المقابل، قال رئيس الحركة الوطنية للعدالة والتنمية في شرق السودان، محمد طاهر سليمان، إنهم مستعدون للدفاع عن أي شبر في البلاد، وإنهم يعملون بالتنسيق مع القوات المسلحة.

وأكد استمرار جهودهم من أجل إحلال الأمن والاستقرار في شرق السودان وجميع أرجاء السودان، وشدد على ضرورة التمسك بوحدة السودان.

وفي ذات السياق، أكد ممثل خلاوى همشكوريب، إبراهيم بيتاي، وأونور محمد أبو فاطمة، رئيس لجنة الإعداد للذكرى الثالثة للحركة الوطنية، مساندتهم للقوات المسلحة في الحرب الدائرة، مشددين على التمسك بوحدة البلاد والعدالة والمساواة والحقوق كاملة غير منقوصة.

أسباب داخلية

من جهته، قال موسى محمد أحمد، رئيس مؤتمر البجا، إنه على الرغم من التدخلات الخارجية السافرة، فإن أسباب الحرب الدائرة داخلية واسعة ومعقدة، وتحتاج إلى حلول جذرية تتمثل في الفشل في بناء الدولة والشعب. وقال إن الحرب الشاملة والمدمرة الدائرة أثرت على كل المستويات وعقدت المشهد، مشدداً على توحيد الرؤية والتماسك والجدية في تثبيت الدولة والالتفاف حول رؤية مشتركة.

وحول تحالف حركات شرق السودان، قال موسى محمد أحمد إن التحالف الذي يضم الحركات الخمس سيتطور إلى تجربة نوعية فريدة، مبيناً أن الهدف من التدريب والتسليح هو المخاوف من تمدد الحرب لتصل إلى شرق السودان.

وأضاف: “لسنا معارضة، بل تجربة جديدة”، وأكد أنهم وقعوا على ميثاق لتثبيت المبادئ المتمثلة في حماية شرق السودان وموارده، وتوحيد المجتمعات والرؤى السياسية، والدفاع عن السودان. واعتبر أن الميثاق صمام أمان لوحدة شرق السودان وسلام السودان.

ضد الدعم السريع

قال محمد صالح، رئيس الجبهة الوطنية لشرق السودان، إن ميثاق التحالف الذي يضم خمس حركات ليس موجهاً ضد أحد، وإن هدفه الأساسي يتمثل في جمع كلمة شرق السودان للمطالبة بالتنمية. وأكد في الوقت ذاته مساندته للقوات المسلحة وتأييدهم لكل من يحارب قوات الدعم السريع، ودعا إلى تمثيل شرق السودان في مراكز اتخاذ القرار.

أما شيبة ضرار، رئيس تحالف أحزاب شرق السودان، فقد أكد ضرورة ترجمة هذه الحشود إلى مطالب وواقع عملي للمشاركة في السلطة على جميع المستويات.

التهميش مهدد للوحدة

في ذات السياق، اعتبر عبد الله أوبشار، مقرر المجلس الأعلى لنظارات البجا، أن التهميش منذ الاستقلال يمثل تحدياً يفوق التدخلات الخارجية، وهو أكبر مهدد لبقاء السودان موحداً. وانتقد ما سماه بالتغييب عن إدارة الموارد والترميز التضليلي في مواقع السلطة، وتسليع خدمات الصحة والتعليم، واختلال ميزان الخدمات.

وحول مبادرة رئيس الوزراء الأخير، قال إن شرق السودان ليس طرفاً فيها لأنها لم تخاطب قضاياه. وفي ذات السياق، أكد ضرورة إنهاء التهميش والتخلف والمرض والجهل في شرق السودان.

رفض

وفي إطار ردود الفعل على الكلمات التي ألقيت في همشكوريب، قال كرار عسكر، القيادي في المجلس الأعلى لنظارات شرق السودان بقيادة ترك، إنهم يرفضون تمليش شرق السودان عبر تدريب وتسليح مجموعات قبلية وحزبية ودينية في دولة إريتريا، في محاولة مكشوفة لفرض عسكرة المجتمع.

كما أعلن رفضه أي تدخل إريتري سافر يمس سيادة السودان، وتحويل شرق السودان إلى ساحة صراع، واعتبر ما يجري مؤامرة واضحة على السودان كله، وتهديداً للسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي.

موقف مستشار قائد الدعم السريع

من جانبه، قال الباشا طبيق، مستشار قائد الدعم السريع، إن خطاب إبراهيم دنيا يعيد إلى الأذهان سيرة الشهيد البطل عثمان دقنة، أمير الشرق وأسد المهدية، الذي واجه جيوش الإمبراطورية البريطانية في معارك مثل التيب (1883) وتاماي (1884)، حيث كسر أسطورة “المربع الإنجليزي” الذي كان يُعتبر أقوى تشكيل عسكري في ذلك الزمن. وأضاف أن دقنة أثبت أن إرادة الشعب أقوى من سلاح المستعمر، وأن وحدة الصف تصنع المعجزات.

واعتبر خطاب إبراهيم عبد الله (دنيا) امتداداً لذلك التاريخ الناصع، موجهاً رسائل قوية وحاسمة، وأشار إلى أن صحوة الشرق اليوم هي انتصار للثورة وهزيمة لجيش “البازنقر”، كما كانت بطولات عثمان دقنة هزيمة لأسطورة الإمبراطورية البريطانية.

Welcome

Install
×