وزير الزراعة الأسبق : السودان يمر اليوم بمرحلة شديدة الحساسية
بدء موسم حصاد الذرة الرفيعة الجاري حاليًا في كسلا، كأول إنتاج رئيسي من حزمة الدعم الزراعي الصيفية الأولى التي يقدمها مشروع "ثبات" لصغار المزارعين.
أمستردام :11 ديسمبر 2025: راديو دبنقا
قال وزير الزراعة الأسبق د. عبدالليطيف العجيمي إنَّ السودان يمر اليوم بمرحلة شديدة الحساسية في محاولته الوصول إلى التعافي في وقت أكد نائب رئيس القطاع المطري بالسودان غريق كمبال أنتهاء عمليات حصاد السمسم للموسم الزراعي الصيفي ودخول إلى الأسواق بكميات جيدة
في الاثناء ببدء موسم حصاد الذرة الرفيعة الجاري حاليًا في كسلا، كأول إنتاج رئيسي من حزمة الدعم الزراعي الصيفية الأولى التي يقدمها مشروع “ثبات” لصغار المزارعين. ويشمل المشروع أيضًا محاصيل موسم الشتاء كالقمح.

السودان يمر اليوم بمرحلة شديدة الحساسية
في السياق قال وزير الزراعة الأسبق د. عبدالليطيف العجيمي إنَّ السودان يمر اليوم بمرحلة شديدة الحساسية في محاولته الوصول إلى التعافي بعد حربٍ أكلت الأخضر واليابس، وخلّفت تدميراً واسعاً في القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها الزراعة.
وأضاف لـ”راديو دبنقا” بأن آلاف المزارعين خسروا أصولهم، واضطر كثيرون منهم إلى بيع أو استهلاك مدخلاتهم خلال سنوات الصراع، بينما تقف الحكومة بإمكانات محدودة لا تتيح لها مواجهة حجم الدمار وحدها.
واعتبر العجيمي اللجوء إلى شراكات جادة يصبح أمراً ضرورياً، ليس فقط لسد فجوات التمويل، بل لتحقيق تكامل الموارد والخبرات؛ فكل شريك يضيف قطعة مفقودة: تمويل، معرفة، تقنيات، أو شبكات إنتاج وتسويق. ونتيجة هذا التكامل تتسارع وتيرة التعافي بصورة لا يستطيع أي طرف منفرد تحقيقه، كما تتوزع المخاطر ويتوسع الأثر لتقليل فرص الفشل، خصوصاً في بيئات ما بعد الحرب.
واعتبر وزير الزراعة الأسبق د. عبداللطيف العجيمي أن العمل المشترك ليس بين الحكومة وشركاء التنمية، بل يشمل المجتمعات المحلية، المزارعين، المنتجين، ومنظمات المجتمع المدني.
وأشار إلى أن النجاح الذي تحقق في حصاد الذرة هذا الموسم في كسلا هو دليل على أن الشراكات الدولية، التي تتحول من الإغاثة الطارئة إلى دعم الانتاج الحقيقي كما يفعل برنامج الغذاء العالمي بالتعاون مع البنك الدولي، يمثل المسار الصحيح لإعادة بناء القطاع الزراعي بعد الحرب. معتبراً أن توفير المدخلات الزراعية مبكراً وربطها بالتدريب الفني تُظهر فهماً عميقاً لاحتياجات المنتجين والمزارعين، ولأسباب تراجع الإنتاج خلال سنوات الحرب.

تحديات كبيرة:
وقال الخبير الزراعي د. العجيمي أن النتائج المبكرة التي ذكرت مثل دعم 16 ألف مزارع وزراعة 44 ألف فدان، تشير إلى أن المشروع قادر على رفع الإنتاجية بسرعة، وتنشيط الأسواق المحلية، وتحريك سلاسل القيمة لمحاصيل الذرة الرفيعة والقمح والخضروات. مؤكداً على أن التمويل الموجه لـ 80 مشروعاً صغيراً ومتوسطاً يمثل خطوة نوعية يمكن أن تدفع في اتجاه بناء قطاع ريفي منتج ومتنوّع اقتصادياً، منوهاً إلى أن هذا الدعم يظل محدوداً داعياً إلى توسيع مظلته واستقطاب شركاء آخرين.
وأضاف العجيمي قائلاً: برغم “الزخم الإيجابي”، ستظل قدرة المشروع على إحداث تحول طويل الأمد مرتبطة بتجاوز تحديات كبيرة، أبرزها ضعف البنية المؤسسية في الولايات، محدودية الإرشاد الزراعي، وإضافة إلى مخاطر عدم الاستقرار الأمني، معتبراً أن تذبذب أسعار المدخلات واستمرار الأغلبية الساحقة من المزارعين في النجاح يتطلب ترسيخ خدمات مستدامة في التمويل والتدريب، وربط المنتجين بالأسواق، مشيراً إلى أنه حين يطلق مصطلح المنتجين يستوعب بذلك قطاع الثروة الحيوانية.
وخلص إلى أنه في مجمل الصورة، إذا أُحسن البناء على ما تحقق، يمكن لمشروع “ثبات” أن يصبح نموذجاً تأسيسياً لإعادة إحياء الإنتاج الزراعي السوداني، وقال إنه يمكن أن يصبح مشجعاً لإقامة مشروعات مماثلة في القطاع المطري التقليدي والذي تبلغ مساحته في الظروف الآمنة “العادية” 25 مليون فدان. مشيراً إلى أن الاستثمار في صغار المنتجين هو أسرع الطرق لبناء الأمن الغذائي في مرحلة ما بعد الحرب.
وحول ما ما تتوقعه المنظمات من حكومة السودان قال العجيمي إنها تحتاج إلى التقدير من الحكومة، وذلك يسهل عليها التنسيق وتسريع الإجراءات وتنفيذ البرامج على الأرض، كما يبني الثقة والتي بدونها لن تعمل المنظمات بارتياح ولن تقدم أفضل ما لديها، منوهاً إلى أن ذلك يشجعها على الاستثمار أكثر وتوسع برامجها وتمويل مشروعات أكبر لأنها ترى الحكومة شريكة لا مجرد جهة تستقبل الدعم، مشدداً بقوله “هذه نقطة مهمة جدا وذلك ينعكس أيضاً على المستفيدين”.

محاربة الفساد:
و قال وزير الزراعة الأسبق د. عبداللطيف العجيمي، تريد المنظمات من الحكومة أيضاَ أن ترى رؤية وطنية يمكن للمشاريع الدولية أن تتكامل معها، وتسهيل الوصول إلى المناطق والمزارعين، المنتجين، دون تعقيدات إدارية أو سياسية.
كما ترغب المنظمات الدولية أيضاً، بحسب العجيمي، في تنسيق مؤسسي واضح بين الوزارات والولايات لتجنب تضارب القرارات، وتوفير بيانات دقيقة عن المنتجين، المزارعين، المساحات والاحتياجات الفعلية، بيئة آمنة للحركة والتوزيع والمتابعة الميدانية، مشيراً إلى حاجة المنظمات لمساهمة حكومية “ولو رمزية” في الدعم أو الخدمات المصاحبة، “إرشاد، مياه ،طرق” مشدداً على محاربة الفساد وضمان وصول المدخلات للمستحقين دون تسريب.
وأوضح الخبير الزراعي أن ما تتوقعه المنظمات من المجتمعات المحلية تتمثل في المشاركة الجادة في الزراعة وتنفيذ التوصيات الفنية، مشدداً على حماية المدخلات وعدم بيعها أو استخدامها خارج الموسم المستهدف، مشيراً إلى أهمية التعاون مع فرق المشروع في جميع المعلومات والمتابعة والعمل على تشكيل لجان محلية لتنظيم المستهدفين وتعزيز الشفافية وتبني الممارسات الزراعية المحصنة، لضمان استدامة النتائج وضرورة تشجيع النساء والشباب على المشاركة في المشاريع.
أنتهاء عمليات حصاد السمسم
في سياق متصل أكدت نائب رئيس القطاع المطري بالسودان غريق كمبال أنتهاء عمليات حصاد السمسم للموسم الزراعي الصيفي ودخول إلى الأسواق بكميات جيدة، وإن كانت غير كبيرة، مع توقعات بزيادة المعروض خلال الفترة المقبلة.
وقال كمبال في حديثه لـ”راديو دبنقا” إن الإنتاجية معقولة مقارنة بالظروف الصعبة التي يعمل فيها المزارعون، رغم شح التمويل وارتفاع تكلفة العمليات الزراعية، إلا أن النتائج جاءت “لا بأس بها”، وأن الإنتاج هذا العام “طَيِّب ومُرضٍ إلى حدما”.
وأضاف أن الموسم يبشّر بتغطية جزء كبير من الاحتياجات الغذائية المحلية، دون الحاجة إلى استيراد كميات كبيرة من الخارج، خاصة مع توفر السمسم والمحاصيل الزيتية.
سد أي فجوة غذائية محتملة
و أشار كمبال إلى محاصيل أخرى مثل الذرة حققت إنتاجية عالية هذا العام، ما يُسهم في سد أي فجوة غذائية محتملة داخل الولايات. وتشمل المناطق التي سجلت إنتاجًا وفيرًا ولايات القضارف، سنار، النيل الأزرق، جنوب كردفان، المناطق الشرقية الأخرى.
وأكد كمبال أن هذه المناطق تمتلك مساحات زراعية واسعة حققت إنتاجيات “كبيرة وطيبة”، ولا توجد أي إشكالية في جانب المحاصيل الغذائية لهذا الموسم.
وعن عودة بورصة الأبيض للسمسم، اعتبر غريق كمبال أن هذه الخطوة تمثل «دليل عافية» وتشير إلى تعافي نسبي في القطاع الزراعي والحراك التجاري رغم استمرار الحرب.
مشروع “ثبات” لصغار المزارعين
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، احتقل الثلاثاء بالتعاون مع حكومة ولاية كسلا ووزير الزراعة، ببدء موسم حصاد الذرة الرفيعة في حفل رسمي أقيم في ود الحليو، كسلا، يوم الثلاثاء، بحضور مسؤولين من الحكومة المحلية، وقادة المجتمع المحلي، والمزارعين، وموظفين ببرنامج الأغذية العالمي.
ويمثل هذا الحصاد محطة رئيسية لمشروع يديره البنك الدولي، وينفذه برنامج الأغذية العالمي، ويموله صندوق دعم الانتقال والتعافي متعدد المانحين في السودان (STARS). وقد قدم المشروع الدعم للمزارعين خلال موسم المحاصيل الصيفية في السودان، الذي بدأ في يونيو، بتوفير البذور والأسمدة لتعزيز الإنتاج الزراعي لمحاصيل أساسية مثل الذرة الرفيعة والقمح.
وبدأ آلاف المزارعون في ولايات كسلا ونهر النيل والشمالية برؤية ثمار البذور التي زرعوها ضمن مشروع “ثبات” لتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود في السودان. ويُمثل حصاد الذرة الرفيعة، الجاري حاليًا في كسلا، أول إنتاج رئيسي من حزمة الدعم الزراعي الصيفية الأولى التي يقدمها مشروع “ثبات” لصغار المزارعين. ويشمل المشروع أيضًا محاصيل موسم الشتاء كالقمح. ويستمر موسم الزراعة الشتوية حاليًا، ومن المتوقع أن يتم الحصاد في شهري مارس وأبريل.



and then