تداعيات حصار وسقوط الفاشر وتأثراته المستقبلية على الشباب
(ارشيف ) المشاركين في المؤتمر التأسيسي للشبكة الشبابية السودانية لانهاء الحرب والتأسيس للتحول المدني الديمقراطي ـ خاص دبنقا
امستردام- راديو دبنقا- 14نوفمبر 2025م
نقرير : امين رمضان
سلط ما حدث بمدينة الفاشر من فظائع وانتهاكات مروعة لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني على المدنيين عقب السيطرة عليها من قبل قوات الدعم السريع الضوء اكثر على الاثار الاجتماعية والاقتصادية والمستقبلية والنفسية الخطيرة على الشباب اكثر الفئات تضررا
وقالت الناشطة الحقوقية د. ضواء الحسين من سكان “مدينة الفاشر ان السودان يمر بواحدة من أحلك لحظاتها التاريخية، حيث يعيش الشباب من الجنسين في السودان تحت وطأة حربٍ أنهكت أجسادهم وأرواحهم، وحرمتهم من أبسط حقوقهم في التعليم والأمان والحياة الكريمة وإن ما يجري اليوم لا يهدد حاضرهم فحسب، بل يهدد مستقبل السودان بأكمله،مشيرة الي انه في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو الاستثمار في العقول الشابة، وبناء مراكز الأبحاث والابتكار، وتمكين الأجيال الجديدة بالعلم والمعرفة لتكون قوةً للمستقبل، نجد شباب السودان يعيشون واقعاً مغايراً تماماً – واقعاً من الحرمان والخوف، حيث تتوقف أحلامهم عند حدود النجاة والبقاء.

الاستقطاب والتجنيد القسري
وأوضحت د. ضواء الحسين في مقابلة مع برنامج قضايا الشباب في راديو دبنقا ان كثير من الشباب السوداني اليوم معرضون للتجنيد القسري والاستقطاب في معسكرات التعبئة، ويُدفعون إلى التضحية بحياتهم من أجل قضايا لا تخدم مستقبلهم، ولا مستقبل السودان، ولا الإنسانية جمعاء. وإنهم يُقتلون قبل أن تتاح لهم فرصة الحياة، ويُحرمون من التعليم قبل أن يعرفوا طعم المعرفة.
ووجهت أضواء الحسين نداء للجهات المعنية التي قراراً أو سلاحاً أو تأثيراً بضرورة إيقاف هذا النزيف قائلة “لقد آن الأوان لأن يُغلب صوت السلام على صوت السلاح، وأن يُمنح الشباب فرصةً جديدة للحياة والتعلم والبناء”.وأضافت ان ثلاث سنواتٍ من المعاناة منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل كانت كافية لتدمير مدن وتشريد أسر وتحطيم أحلام جيل كامل، مستدركة الي ان الأمل ما يزال قائماً إن اخترنا السلام طريقاً، والمسؤولية نهجاً، والإرادة الوطنية بوصلتنا. مضيفة “فلننهِ هذه المأساة، ولنبدأ معاً رحلة إنقاذ السودان – من أجل شبابه، وأطفاله، وكل فئاته التي تستحق الحياة”.
انتهاكات جسيمة تم رصدها في الفاشر:
من جهتها أعربت عضوة الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية هناء التجاني عن بالغ قلقها وإدانتها الشديدة للانتهاكات المروّعة التي شهدتها مدينة الفاشر عقب إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على المدينة في أكتوبر، بعد حصار دام قرابة عامين.
وقالت هناء في مقابلة مع برنامج قضايا الشباب في راديو دبنقا إن سيطرة قوات الدعم السريع أعقبها “انفجار غير مسبوق للعنف والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين”، مشيرةً إلى أن مراقبي الشبكة وثّقوا على الأرض “وقوع عمليات قتل جماعي لمئات المدنيين، بجانب إعدام عشرات المرضى والكوادر الطبية داخل المستشفى السعودي، الذي كان آخر مرفق صحي يعمل في المدينة”.
وأضافت أن قوات الدعم السريع “استهدفت الأطباء والعاملين الصحيين داخل المستشفيات، ونفّذت عمليات اقتحام واسعة للمنازل والمساجد، إلى جانب حالات اغتصاب جماعي موثقة”، مؤكدةً أن هذه الأفعال تشكل “نمطاً ممنهجاً من القتل الجماعي والتطهير العرقي ضد المجتمعات غير العربية في المدينة”.
وأشارت هناء إلى أن صور الأقمار الصناعية التي حللها مختبر جامعة ييل للبحوث الإنسانية “أظهرت تجمعات لأجسام بشرية وبقعاً داكنة يرجح أنها دماء حول مستشفى الأطفال والمستشفى السعودي”، مما يؤكد وقوع عمليات إعدام حديثة على نطاق واسع.

المحكمة الجنائية الدولية
وأكدت هناء، التجاني قي المقابلة مع دبنقا أن هذه الجرائم تُعد خرقاً صارخاً لأحكام القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف لعام 1949م والبروتوكول الإضافي لعام 1977م، كما تندرج ضمن الجرائم الدولية الخطيرة الواردة في المادة 8 من نظام روما الأساسي، والتي تستوجب الملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية أو محاكم مختصة بجرائم الحرب.وأكدت على “ضرورة فتح تحقيق دولي عاجل، وضمان محاسبة كل المسؤولين عن الانتهاكات في الفاشر، باعتبار ما حدث واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي لحقت بالمدنيين منذ اندلاع حرب 15 أبريل”. كما شدّدت على أن الشبكة ستواصل توثيق الجرائم ودعم جهود العدالة، “كي لا يفلت الجناة من العقاب، ولكي يحصل الضحايا على حقهم في الإنصاف والكرامة والعدالة”.
الشباب اكثر تضررا
وحول مدى تأثير احداث الفاشر على شباب المدينة:عبرت هناء عن بالغ القلق إزاء التدهور غير المسبوق الذي طال الشباب في مدينة الفاشر، سواء خلال فترة الحصار الطويل الذي فرضته قوات الدعم السريع، أو بعد سيطرتها المباشرة على المدينة في أكتوبر، وما نجم عن ذلك من تدهور كارثي في كل جوانب الحياة. وقالت هناء صالح إن “الشباب في الفاشر كانوا أول وأكثر الفئات تأثراً بالحصار الشامل، الذي منع وصول الغذاء والمياه والدواء، وأوقف التعليم والخدمات الصحية، ودفع آلاف الشبان والشابات إلى العيش في حالة خوف وقلق دائمين، دون القدرة على ممارسة أي نشاط طبيعي”.
الاغتصاب الجماعي كسلاح
وأوضحت أن الوضع ازداد سوءاً بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، حيث “تحول من حصار إنساني إلى موجة عنف شاملة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية”. وأضافت أن الشباب والفتيات “تعرضوا لمشاهد مروّعة شملت القتل الجماعي، تدمير المنازل، فقدان أفراد الأسر، والاعتداءات الواسعة بما فيها العنف الجنسي والاغتصاب الجماعي الذي استُخدم كسلاح حرب ممنهج”.
وأكدت هناء أن الصدمات النفسية التي أصابت الشباب “عميقة وطويلة الأمد”، وأن الكثير منهم ما يزالون يعانون آثاراً نفسية قاسية نتيجة الخوف المتواصل وانعدام أي شعور بالأمان.وأشارت إلى أن الحياة في المدينة “توقفت بالكامل”، حيث أُغلقت المدارس، وتعطلت الأسواق، وتوقفت المستشفيات عن العمل، فيما اختفت الأنشطة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية كلياً. وأضافت أن جزءاً كبيراً من شباب المدينة اضطر للنزوح داخل السودان أو خارجه، وأن المخيمات التي لجأوا إليها “تفتقر للحد الأدنى من الخدمات الإنسانية”، ما زاد من معاناتهم وأثر على استقرارهم ومستقبلهم.
التأثيرات الاجتماعية للحرب
وأوضحت هناء التجاني أن التأثيرات الاجتماعية طويلة المدى “خطيرة للغاية”، إذ انعدمت المشاركة المدنية والنشاط الشبابي، وتوقفت سُبل التعليم والعمل، مما خلق فجوة كبيرة في حياة جيل كامل من الشباب، وأثر على الروابط الاجتماعية وفرص التعافي المجتمعي.وختمت هناء صالح تصريحها بالتأكيد على أهمية الرصد والتوثيق الميداني لما يجري في الفاشر، ليس فقط لتسجيل الانتهاكات، بل من أجل “فهم حجم الكارثة الإنسانية وضمان المساءلة القانونية مستقبلاً، وحماية أي أمل لعودة الحياة الطبيعية وإنقاذ مستقبل الشباب الذين يمثلون ركيزة المجتمع

شباب ما بين نيران الحرب والغرق في أعماق البحار:
من جهتها عبرت نهال احمد (24) عاما عن عميق حزنها عما يجري في مدينة الفاشر. وقالت لراديو دبنقا انها تشعر بالعجز التام، وكأن كل الأبواب المؤدية إلى العون مغلقة بإحكام. فبينما يُقتل الأبرياء – أطفال ونساء وشيوخ لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل – يظلّ الضمير الإنساني غائبًا، والعالم صامتًا صمتًا مخيفًا.
وأوضحت في مقابلة مع برنامج قضايا الشباب في راديو دبنقا ان يحدث في الفاشر ليس مجرد معركة أو اشتباك بين طرفين مسلحين، بل هو إبادة جماعية وتطهير عرقي مكتمل الأركان. وأضافت “الناس يُقتلون فقط لأنهم ينتمون لهوية معينة أو لأنهم وُجدوا في المكان الخطأ، الأحياء تُمحى عن وجه الأرض، والمستشفيات تُقصف، والمنازل تُنهب وتُحرق.”
وأشارت الي انه ورغم كل محاولات التفكير في مبادرات لإيصال المساعدة، يبدو أن الطرق إلى هؤلاء المنكوبين مسدودة، إما بسبب الخطر أو بسبب التواطؤ والصمت، متسائلة بان دارفور تنزف، والفاشر تصرخ، والعالم يشيح بوجهه. إلى متى؟ أين الضمير الإنساني؟ وشددت نهال على إن ما يحدث اليوم يتطلب وقفة قومية شجاعة وموقفًا وطنيًا موحدًا يتجاوز الخلافات السياسية والقبلية، للوصول إلى الناس وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح تُزهق بلا ذنب.
جيلٌ ضائع بين الحرب واليأس:
وواصلت نهال حامد في افادتها لراديو دبنقا بان الحرب المستمرة في السودان تسببت في تدمير أحلام جيلٍ كامل من الشباب والشابات، جيل يمكن وصفه بحق بأنه “الجيل الضائع”. فقد حُرم الملايين من أبسط مقومات الحياة الكريمة، ومن فرص التعليم والعمل، وتعرضوا لضغوط نفسية هائلة تركت في نفوسهم جروحاً عميقة. وافصحت نهال ان التعليم في السودان بات رفاهية لا يقدر عليها سوى القلة. الجامعات أصبحت باهظة التكاليف، والأسر تكافح لتأمين احتياجاتها اليومية من طعام ومأوى، ما يجعل تعليم الأبناء آخر ما يمكن التفكير فيه مشيرة الي أولئك الذين تمكنوا من إكمال دراستهم، يجدون أنفسهم عاجزين عن الالتحاق بالتخصصات التي يرغبون بها بسبب ضعف نتائجهم أو عدم توفر الدعم المالي.
بحثٌ عن الأمان في وطنٍ مشتعل:
وأشارت نهال الي تجارب لشباب حاولوا الهروب من دائرة الخوف والفقر بحثًا عن “بر الأمان”، لكنهم وجدوا أنفسهم في قلب المأساة من جديد، حيث الحرب طالت كل مكان، وحولت حتى المدن التي كانت ملاذًا نسبيًا إلى ساحات للدمار والنزوح. وفى ذات السياق اشارت نهال الي ان آثار الحرب تتجاوز الجوانب المادية لتصل إلى النفس والعقل حيث يعيش كثير من الشباب اليوم حالة من القلق الدائم، والإحباط، والشعور بانعدام الأمل كما ان الأسر نفسها ترزح تحت وطأة الضغط النفسي، وهي تحاول التكيف مع واقع يتغير للأسوأ كل يوم.
ونبهت الي ان الامر لا يتعلق بمجرد جيل خسر فرصته في التعليم أو العمل، بل بمستقبل وطنٍ بأكمله مهدد بالضياع، ما لم يُتخذ موقف عاجل لإيقاف الحرب واستعادة الحياة والكرامة لهذا الجيل الذي يقف اليوم على حافة الانكسار.

أوقفوا القتل فورا فأنتم اشقاء
من جهتها ادانت الناشطة السودانية الهولندية في مواقع التواصل الاجتماعي اماندا (15) عاما ما حدث من انتهاكات للمدنيين في الفاشر خاصة النساء والأطفال.
وقالت اماندا في لقائها مع برنامج قضايا الشباب في راديو دبنقا ان منصتها في التيك توك التي تتناول فيها قضايا الأطفال في دولتي شمال وجنوب السودان يتابعها عدد 45الف مشاهد وأنها تابعت ما حدث في الفاشر للنساء والأطفال كما انها خصصت برامج يتناول فيها احداث الفاشر.
وقالت ان قوات الدعم السريع قتلت المئات من المدنيين في احداث الفاشر بينهم أطفال ونساء مشيرة الي مقاطع تسجيلات الفيديو التي بثها افراد لقوات الدعم السريع وهم يفرحون بأفعالهم هذه.
واوضحت ان الاطفال في هولندا لديهم كل شي، يذهبون الى المدارس ويتلقون كافة الخدمات الأساسية مثل التعليم والخدمات الصحية بنما الأطفال في السودان يعانون من ابسط الخدمات الأساسية لا يذهبون الى المدارس ويعانون في الحصول على الخدمات الصحية حيث تنتشر الملاريا وغير إضافة الى المعانة في الحصول على الغذاء.
قضية الفاشر مهملة
وقالت أماندا ان قضية الفاشر تجد اهتمام من البعض السودانيين بما فيهم الشباب والبعض الاخر لا يعرها اهتمام كما ان معظم الشعب الهولندي لا يهتم بما يحدث هناك بل مهتمين بقضايا بلدهم، مطالبة اياهم بمتابعة الاخبار عن السودان والفاشر بصفة خاصة كما عليهم رصد الانتهاكات ومشاركتها مع الجهات ذات الاختصاص للمساعدة في تقديم مرتبكي الجرائم للعدالة.
رسائل للجهات المعنية:
وطالبت اماندا طرفي الحرب القوات المسلحة السودانية والدعم السريع بالوقف الفوري للحرب وأضافت لراديو دبنقا “أوقفوا قتل الأبرياء من الأطفال والنساء وكل المدنيين الكثير من الضحايا سقطوا كلنا اخوة واخوات فلا داعي للاقتتال أوقفوا القتل فورا”. وفيما يلي المجتمع الدولي، طالبت المجتمع الدولي بضرورة ايقاف هذه الاقتتال وممارسة مزيد من الضغط على الأطراف، وعليه كذلك تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية للمحتاجين مثل الغذاء والدواء والاغطية. كما طالبت المحكمة الجنائية الدولية بالقيام بدورها وبتقديم مرتكبي الجرائم في الفاشر الي العدالة. وفي نفس السياق طالبت منظمات المجتمع المدني السوداني في المهجر بالوقوف مع المتضررين في السودان وجنوب السودان وذلك بإرسال المساعدات الضرورية لهم مثل الادوية وغيرها. وعبرت اماندا عن تضامنها الكبير مع ضحيا الحرب في الفاشر وناشدت الاسر بضرورة التماسك معبرة عن املها ان تتوقف الحرب في أقرب وقت في كل ارجاع البلاد وتعم السلام والاستقرار مما يمكنهم بالعودة الي أماكنهم.

الفاشر تنزف والعالم صامت:
وقالت الناشطة في مجال حقوق الانسان في المملكة الهولندية امنة ناجى ان السودان يشهد واحدة من أسوأ مراحله الإنسانية في تاريخه الحديث، نتيجة حرب مستمرة تجاوزت سبعة عقود، تتنقل من إقليم إلى آخر، تاركة خلفها آلاف الضحايا وملايين النازحين، ومهددة ما تبقى من مقومات الحياة في البلاد.
ووصفت ناجي في مقابلة مع برنامج قضايا الشباب عبر راديو دبنقا ما حدث في مدينة الفاشر علي يد قوات الدعم السريع بانها موتٌ بطيء تحت القصف والجوع.
وأوضحت ان المدينة عاشت طوال الأشهر الماضية تحت حصار خانق حرم سكانها من الغذاء والدواء والماء، وأغلق أمامها كل المنافذ الإنسانية، حيث تم منع دخول أي منظمات مستقلة لتوثيق ما يجري، في مشهد وصفه ناشطون بأنه “حكم مسبق بالإعدام على المدنيين العزل”. مشيرة الي سكان المدينة واجهوا الموت بكل أشكاله تمثلت قصف متواصل، أمراض متفشية، وجوع يفتك بالأطفال والعجزة، وسط عجز كامل للمؤسسات الإنسانية والدولية عن التدخل.
طريق النجاة نحو الهلاك:
ووصفت امنة ناجي ما حدث في الفاشر بالمجزرة التي لم يشاهدها العالم. وأوضحت ناجى انه عقب سقوط المدينة، تحوّل طريق الهروب إلى مقصلة أخرى، فمن حاول الفرار واجه الموت إما بالقصف المباشر، أو بالعطش والجوع في رحلات الهروب الطويلة وسط مناطق شبه خالية من الموارد.أُحرقت أحياء بكاملها، وتفرّق السكان بين نازحين ومفقودين وقتلى لم يجدوا من يدفنهم.وواصفة ما جرى في الفاشر بأنه “مجزرة غير مسبوقة” تُرتكب أمام أنظار العالم.
وشبّهت ما حدث في الفاشر بما يحدث بمجازر كمبوديا في القرن الماضي، حيث طحن البشر حتى الفناء، مؤكدين أن المشهد في الفاشر اليوم لا يقل فظاعة عن تلك الكارثة الإنسانية.
روايات الناجون
واعتبرت ناجي ما جرى في مدينة الفاشر لم يعد مجرد روايات يرويها الناجون أو تقارير تنشرها منظمات محلية، بل أصبح حقيقة موثقة بالأقمار الصناعية، شاهدة على واحدة من أبشع المآسي الإنسانية في السودان الحديث.
وأوضحت ان الصور التي اظهرتها الأقمار الاصطناعية داخل مدينة الفاشر كانت دقيقة ، ووثقت لعمليات تدمير ممنهج وانتهاكات دموية جرت في وضح النهار.
مشيرة الي ان هذه الأدلة جاءت واضحة في تفاصيلها من حيث الزمان والمكان، مما يجعلها غير قابلة للتكذيب أو التشكيك، ويؤكد أن ما حدث في الفاشر لم يكن عشوائيًا، بل جريمة واسعة النطاق ارتُكبت عن قصد.

تدمير المرافق الحيوية في المدينة:
وقالت ناجي ان جميع المرافق المدنية تعرضت لدمار، ولم يعد في الإمكان إنكار ما جرى بعد هذا السيل من الأدلة المصورة والشهادات المتطابقة. وفيما يلي أشكال العنف التي ارتُكبت، فقد تجاوزت حدود التصور الإنساني. فقد تم قتل وتشريد مئات المدنيين بطرق متعمدة، وتحدث شهود عن تمزيق وتمثيل بجثث الموتى في مشاهد تقشعر لها الأبدان.
واصفة ذلك ب “عنف غريب وغير مستوعب”، يعكس انهيارًا تامًا لكل القيم الإنسانية والاجتماعية.”ما شاهدناه في الفاشر لا يمكن وصفه بالكلمات. لقد تجاوزت المأساة حدود الحرب إلى مستوى من الوحشية يصعب تصديقه. الصور القادمة من هناك تُظهر مدينة تُباد، وسكاناً يُقتلون بلا ذنب. السؤال الذي يؤرقني هو: كيف وصلنا كسودانيين إلى هذا الحد من الاقتتال والدماء؟”
جراح نفسية عميقة في وجدان الشباب:
وقال امنة ناجى في المقابلة مع دبنقا ان الحرب الدائرة في السودان، خاصة ما يجري في مدينة الفاشر تترك آثاراً مدمرة على الشباب والشابات، سواء داخل البلاد أو في المهجر. فالعنف المستمر لا يقتصر على تدمير البنية المادية للحياة، بل يمتد ليهزّ الأسس النفسية والاجتماعية لجيل كامل. وأوضحت ان الوضع الان سهل إزهاق أرواح الشباب واغتصاب الشابات، وتلك الممارسات تخلّف جروحاً نفسية غائرة لا تندمل بسهولة مما يفقد المتضررون توازنهم الداخلي، فيتحول بعضهم إلى أشخاص منغلقين يعيشون في عزلة، غارقين في مراجعة ما شهدوه من فظائع، بينما يصبح آخرون أكثر ميلاً للغضب والعنف نتيجة لانعدام الثقة بالذات والآخرين.
الصدمات النفسية
وأضافت ناجي ان السودان يواجه أزمة هائلة في معالجة هذا الكم الكبير من الصدمات النفسية بين الشباب والشابات الذين شهدوا أو تعرضوا للعنف مما يتطلب التعامل مع هذه التحديات موارد مالية ضخمة، وكفاءات مهنية متخصصة، وجهوداً متواصلة تمتد لسنوات طويلة. وحتى مع تضافر الجهود المحلية والدولية، تظل إمكانية استعادة الحياة الطبيعية لهؤلاء محل شك كبير.
ونبهت ناجي الي ان الألم لا يقتصر على من هم في الداخل. فالشباب السوداني في المهجر، الذين يتابعون أخبار القتل والتعذيب والتمثيل بالجثث، يعيشون هم أيضاً صدمة من نوع آخر. وأضاف انه ورغم توفر الأمان والاحتياجات الأساسية في أماكن لجوئهم، إلا أن صور العنف تتسلل إلى أحلامهم وأذهانهم، مسببةً اضطرابات في النوم، وقلقاً مزمناً، وصعوبة في التركيز أو أداء المهام اليومية.
دعوة لوقف العنف:
وشددت ناجي على إن استمرار العنف ضد الشباب والشابات في السودان يهدد مستقبل البلاد كله، مشيرة الي ان كل من الجيش وقوات الدعم السريع لن يجني من هذا الدمار سوى أجيال محطّمة نفسياً ومجتمع مثقل بالصدمات.واكدت إن وقف الحرب أصبح ضرورة أخلاقية وإنسانية عاجلة، لأن كلفة هذا العنف سيدفعها الجميع آجلاً أم عاجلاً.



and then