الاكاديمي والخبير الاقتصادي وزير المالية الأسبق دكتور إبراهيم البدوي: مصدر الصورة : راديو دبنقا

200 مليار دولار الخسائر التدميرية للحرب لبنية السودان التحتيه


(40%) من الناتج المحلي الإجمالي ، دمر ، في السنة الاولي للحرب


(6) مليارات دولار خسائر العاصمة الخرطوم وما حولها


عدم توافق القوي المدينة سيدفع بالرباعية للحلول السهلة ، بإعادة صياغة ثنائية البرهان وحميدتي


المخرج الوحيد للسودان من أزمته الوجودية ، هو توافق القوى المدنية على ميثاق وطني جامع


أربعة سيناريوهات محتملة لمستقبل السودان أسوأها استمرار الحرب والتفتت واقتطاع اراضيه من دول الجوار

امستردام: 6 اكتوبر 2025: راديو دبنقا

بين ركام الحرب التي تدخل عامها الثالث، يقف السودان على مفترق طرق حاسم إما أن يولد مشروع وطني جديد يقود إلى انتقال مدني ديمقراطي حقيقي، أو يعاد إنتاج الأزمة ذاتها بثوب مختلف يعيد تدوير النخب العسكرية. تبدو هذه السيناريوهات في ظل التحركات الأخيرة لدول الآلية الرباعية التي تسعي لايقاف الحرب في البلاد، وهو ما يطرح تساؤلات حول فرص الخروج من نفق العنف والعودة إلى مسار التحول الديمقراطي، وجاءت الإجابة على هذه التساؤلات في الحوار المطول مع الاكاديمي والخبير الاقتصادي وزير المالية الأسبق دكتور إبراهيم البدوي في حديثه لبرنامج “بصراحة” على راديو دبنقا، حيث رسم البدوي ملامح المستقبل القريب بجرأة غير معتادة:( لا منتصر في هذه الحرب، وأي حل لا يقوم على ميثاق جامع وإصلاح أمني وعدالة انتقالية لن يكون سوى تأجيل لأزمة أشد قسوة.)

البدوي دعا القوى المدنية لالتقاط لحظة تاريخية نادرة، محذراً من أن تقاعسها سيفتح الباب أمام الحل الأسهل بإعادة ثنائية البرهان وحميدتي، بما يعنيه ذلك من استمرار عسكرة الدولة ومصادرة أحلام السودانيين في الانتقال المدني الديمقراطي وتحقيق النهضة في البلاد.

الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم البدوي قدم رؤية شاملة حول مسارات إنهاء الحرب الدائرة والمدي الذي بلغه السودان من تدهور مريع في اقتصاده يحتاج الى سنوات من العمل الشاق في حال توقفت الحرب للعودة به الى النقطة التي كان عليها في العام 2023 تاريخ اندلاع الحرب ضد المدنيين السودانيين ، مشدداً على أن الأزمة الحالية لا يمكن تجاوزها إلا عبر مشروع وطني جامع يلتف حوله السودانيون، ويجد دعماً من المبادرات الدولية مثل المبادرة الرباعية والأمم المتحدة.

تمزيق النسيج الاجتماعي وانهيار شامل لمقومات الدولة

وحذر البدوي،في المقابلة مع راديو دبنقا من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المدمرة للحرب المستمرة في السودان، مؤكداً أنها من أخطر الحروب الأهلية التي شهدتها البلاد وإفريقيا الحديثة، ليس فقط على مستوى الخسائر المادية، وإنما بما أحدثته من تمزيق للنسيج الاجتماعي وانهيار شامل لمقومات الدولة.

وقال البدوي إن كل الخبراء الأمنيين المنصفين والمحايدين والذين يحللون بموضوعية، يشيرون إلى أنه من الصعوبة بمكان أن يحقق أي من الطرفين نصر حاسم على الطرف الآخر، نتيجة للانقسام الجغرافي والمجتمعي الحاد في السودان. وأوضح في هذا الصدد بأنه لا يوجد انتصار او منتصر في هذه الحرب ( ولكن هنالك ضعف متبادل، لكيان المجتمع ولكيان الدولة.)

وأوضح أن ما يميز هذه الحرب عن سابقاتها أنها اندلعت بين جيشين داخل حدود دولة واحدة. وقال: (إنّ كلا الجيشين وتوابعهما من الحلفاء يمتلكون أسلحة فتاكة لديها قدرة تدميرية عالية لم تُستخدم عادة في النزاعات الأهلية التقليدية العادية، مثل الطائرات المسيّرة، والدبابات، والراجمات، والصواريخ، والمدفعية الثقيلة.)

وأوضح أن خطورة هذه الحرب لا تقتصر على طبيعة الأسلحة، بل أيضًا على موقعها، حيث اندلعت في مركز الثقل الاقتصادي والسياسي للبلاد “العاصمة، الخرطوم “على عكس الحروب الأهلية السابقة مثل حرب دارفور وحرب الجنوب التي جرت في مناطق يمكن تصنيفها بأنها نائية نسبيًا.

اثار الدمار بالسوق العربي الخرطوم ، وقدر خبراء الأقتصاد الخسائر بأكثر من 9 مليار دولار – المصدر سوشيال ميديا

دمار اقتصادي شامل

وحول التأثير الاقتصادي للحرب الحالية أوضح الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق انها تفوق بكثير ما شهدته البلاد في نزاعاتها السابقة، وقال أن التقديرات الأولية تُظهر حجم الدمار الهائل في “الرصيد الرأسمالي” للبلاد، والذي يعرف بأنه يشكل البنية التحتية، والمباني، والطرق، والمطارات، والجسور، وغيرها من الأصول المادية، التي تشكل الرصيد الرأسمالي للاقتصاد.

ويبلغ الرصيد الرأسمالي للسودان وفقا لتقديرات 2018، حوالي (600) مليار دولار بحسب وزير المالية الأسبق الدكتور البدوي . واكد ان السودان ( وفي السنة الاولي للحرب 2023 ، فقد (20% ) من هذا الرصيد أي ما يعادل (30) مليار دولا .) وأوضح ان نحو (40%) من الناتج المحلي الإجمالي ، دمر ، في السنة الاولي للحرب ، بحسب تقديرات بنك التنمية الإفريقي.

وأضاف انه وبحسب تقديرات نموذج النمو طويل الأجل ، – وهي دراسة بحثية اعدها مع زميل له – ، حال استمرت هذه الحرب لخمسة شهور اخري ، فان الخسائر قد ترتفع إلى ، ( 160 ) مليار دولار، أي ما يعادل خمسة أضعاف الناتج المحلي للسودان قبل اندلاع الحرب في 15 ابريل 2023.

وأوضح ان الخسائر المباشرة التي أصابت البنية التحتية في العاصمة الخرطوم وما حولها ، بما فيها مصفاة الجيلي للبترول ، تصل الى (6) مليارات دولار ، وربما أكثر من ذلك.

الخسارة الاكبر في التعليم

واكد أن السودان تكبد خسائر فادحة بسبب هذه الحرب تتراوح ما بين 20 إلى 30% من البنية التحتية، أي ما يعادل قرابة 200 مليار دولار. وأضاف ( سيحتاج نحو 50 مليون سوداني ، إلى العمل لخمس سنوات متواصلة ، فقط ، لتغطية هذه الفجوة البالغة 160 مليار دولار،) وتابع : ( وسيحتاجون كذلك للعمل ، لمدة 11 عاماً كاملة ، لاستعادة الأوضاع لمستوى ما قبل اندلاع الحرب . ) و اكد أن حجم هذه الخسائر يجعل التعافي مهمة بالغة الصعوبة.

ورأي الخبير الاقتصادي ان اكبر خسارة حدثت – ليست ،في تدمير البنية التحتية ، أو الأصول المادية فقط، – وانما وقع من انهيار ، للتعليم في السودان ، وأشار في هذا الخصوص ، الى وجود أكثر من 16 مليون طفل في السودان ، خارج التعليم بحسب تقديرات اليونيسف، ما يعني أن ثلاثة أرباع الأطفال في سن التعليم لم يتمكنوا من الالتحاق بالدراسة مع بداية العام الجديد. كما يُتوقع أن يعاني أكثر من 3 ملايين طفل دون الخامسة من سوء التغذية الحاد في 2025، بجانب تفشي أمراض خطيرة مثل الكوليرا والحصبة بحسب تقديرات “يونيسف” أيضاً.

اطفال يشاركون في وقفة تطالب بوقف الحرب في السودان – إرشيف

تراجع مقومات النمو:

وقال الخبير الاقتصادي ووزير المالية الاسبق إبراهيم البدوي إن أخطر ما في الوضع الحالي ، يتمثل ، في الدمار الكامل الذي لحق بالاقتصاد السوداني . وأضاف: أن الأمر ( لا يقتصر على البنية التحتية، بل يشمل أيضاً تدمير عوامل الإنتاج التي تمثل روافع الاقتصاد ومدى نموه وتطوره.) وأوضح في هذا الخصوص ان البنية التحتية للإنتاج، بما فيها سلاسل الإمداد، انهارت بالكامل.

وقال أن قطاع التعليم والأيدي العاملة في السودان تأثرت ايضا بصورة كبيرة جراء الحرب، (حيث أصبح ، هناك جيل كامل ، من الشباب والأطفال مشرداً، ويعاني من الجوع والأوبئة، في وقت يشهد فيه العالم – حتى في إفريقيا – تحولات رقمية متقدمة، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم كما هو الحال في كينيا وغيرها من الدول العربية المجاورة. ) وأوضح أن ذلك يضع السودان أمام معضلة وجود أيدٍ عاملة غير متعلمة، مما يعرقل قدراته المستقبلية على النمو.

وأشار البدوي إلى أن الأيدي العاملة المتعلمة والمدربة، سواء في الجامعات أو المستشفيات أو غيرها من القطاعات الحيوية، ( تم تهجيرها الى خارج السودان ، و لن يعود جزءا كبيرا منها أبدا للبلاد . )

واكد البدوي أن فاتورة إعادة تأهيل الكوادر البشرية ستكون باهظة، ( حيث يحتاج الاقتصاد السوداني إلى أكثر من عقد لإعادة بناء موارده البشرية والبنية التحتية اللازمة للنمو. ) مشيرًا إلى أن أي اقتصاد ، يحتاج إلى عمالة ، متعلمة ، ومؤهلة ، وهو ما تضرر بشدة نتيجة الحرب.

الفرص الضائعة:

وحول تدهور الجنيه السوداني ، اعتبر البدوي أن سعر الصرف اليوم يعكس بوضوح حجم الانهيار الاقتصادي. وأوضح ان توقف الصادرات وتراجع الإنتاج، جعل الطلب على النقد الأجنبي أعلى بكثير من العرض، ما أدى إلى قفزات جنونية في سعر الدولار مقابل الجنيه، الذي وصل اكثر من 3500 جنيه.

وأشار إلى أن هذا الانهيار يُقارن بما قبل الحرب، ( حيث كانت الحكومة الانتقالية ، قد نجحت في توحيد سعر الصرف ، وتهيئة السودان لإعفاء ديونه ، والانخراط في المجتمع المالي الدولي.

يتواصل ارتفاع الدولار مقابل الجنيه السوداني – المصدر ارشيف

من الثورة إلى العزلة:

واستعاد وزير المالية الأسبق د. إبراهيم البدوي في المقابلة مع دبنقا تجربة “ثورة ديسمبر المجيدة” . وقال أنها كانت تمثل رافعة مهمة لانتباه العالم ،( إلى أن هناك شعباً وشباباً قدّموا تضحيات جسيمة تخلصوا من نظام ديكتاتوري ، جمع بين الفساد والاستبداد، وهو ما ساعد السودان على العودة إلى “مجتمع التنمية الدولي”.)

وتحسّر البدوي من أن السودان كان يمتلك حينها فرصة تاريخية لإعفاء ديونه التي بلغت أكثر من 60 مليار دولار، أي ما يعادل ثلث إجمالي ديون الدول الفقيرة المثقلة بالديون منذ تأسيس البرنامج الخاص بذلك في عام 1996.

وأشار إلى أن تلك الجهود ( كادت أن تؤتي ثمارها، حيث كان السودان سيحصل على دعم مباشر للموازنة يتجاوز مليار دولار سنوياً كمنحة غير مستردة، إضافة إلى إعفاء الديون وتدفقات استثمارية متوقعة، خصوصاً في القطاع الزراعي.)

واكد البدوي أن هذه الفرصة أصبحت اليوم ، أكثر صعوبة بسبب الأوضاع الدولية المعقدة، بما في ذلك مأساة غزة والحرب الأوكرانية، مما يجعل إعادة تأهيل البنية التحتية ، وتلبية الاحتياجات الإنسانية الضخمة في السودان ، أمراً صعبا ، ويتطلب مجهوداً كبيراً وإرادة دولية قوية.

سيطرة عسكرية وانسداد سياسي

وحول كيف ينظر للوضع الان في السودان ، بعد ان طرحت دول الرباعية الدولية مبادرة لسلام السودان ، قال الدكتور البدوي في المقابلة مع راديو دبنقا إن السودان يعيش الآن ، تحت هيمنة مطلقة للنخبة العسكرية ــ التي وصفها بالميليشياوية ــ التي تتحكم في البلاد، في ظل ضعف القوى المدنية الديمقراطية التي اضطرت للعمل من الخارج خلال الفترة الماضية. واعتبر أن تفكيك هذه الهيمنة وإحداث توازن جديد في ميزان القوى لن يكون ممكناً من دون دعم خارجي، داعيا القوى المدنية إلى ميثاق وطني ملزم يحدد برامج عملية قابلة للتنفيذ، ويستند على المبادرات الدولية ولكن من موقع الاستقلالية.

كاركاتير الفنان عمر دفع الله : راديو دبنقا

المبادرة الرباعية نقلة نوعية

توقف البدوي عند المبادرة الرباعية التي طرحتها الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر في سبتمبر الماضي، واصفا إياها بأنها نقلة نوعية قياساً بالمبادرات السابقة، لأنها لم تقتصر على هدنة انسانية ووقف إطلاق النار ــ وهو ما يسميه بالسلام السلبي ــ بل ذهبت أبعد نحو عملية سياسية شاملة تقود لحكم مدني.

وأوضح أن المبادرة حددت بوضوح الجهات المسؤولة عن إشعال الحرب، ممثلة في الحركة الإسلامية التي تصر على استمرار الحرب، داعياً إلى عزلها قانونيا عبر العدالة الانتقالية ومحاسبة المتورطين في إشعال الصراع. واضاف (العزل القانوني يعني انه يجب ان يكون لديك مشروع عدالة انتقالية لمحاسبة من بدأ هذه الحرب وانتهك وافسد فيها،) مؤكداً أن الإصلاح الأمني الشامل، إلى جانب العدالة الانتقالية، هما الأساس لضبط العلاقة بين القوى المدنية والعسكرية وإنهاء عَسْكرة السياسة والاقتصاد التي قال إنها تمثل أسّ البلاء الذي اقعد بالبلاد وأسس للمتلازمة السودانية مقارنه بكل الدول حولنا، وشدد البدوي على أن الآلية الرباعية وضعت مبادئ للحل والسلام تشمل وحدة الأراضي السودانية، وجدولا زمنياً للمتابعة والمساءلة، داعياً القوى المدنية لاغتنامها كرافعة للمشروع الوطني بدلا عن الاكتفاء بالانتظار.

مسؤولية القوى المدنية بين النجاح والفشل

ويرى دكتور ابراهيم البدوي أن المبادرة الرباعية يمكن أن تنجح في إنهاء الحرب وتحقيق الانتقال الديمقراطي، في حال (تجاوزت القوى المدنية خلافاتها الحزبية والجهوية، وتوافقت على ميثاق حد أدنى يعلن بشكل واضح. ) وقال ( إذا فعلنا ذلك يمكن أن يتوقف القتال ويُعاد تأهيل المؤسسة العسكرية وفق معايير عالمية تضمن خضوعها للإدارة المدنية المنتخبة.) وفي حال غياب هذا التوافق، توقع البدوي أن تلجأ الدول الراعية للمبادرة إلى ما وصفه بالحل الأسهل، بإعادة صياغة ثنائية البرهان وحميدتي، تكون شبيهة باتفاق جوبا، وهو ما سيعيد إنتاج الأزمة ويُبقي على عسكرة الاقتصاد والسياسة.

و أشار البدوي إلى أنّ الحرب عمّقت الانقسامات داخل السودان سياسياً واجتماعيا وحتى داخل الأحزاب السياسية. واعتبر أن استمرار القوى المدنية في ( التقوقع داخل المواقف الحزبية الضيقة سيمنح القوى العسكرية والدول الإقليمية فرصة لفرض تسويات هشة، لا تختلف عن التجارب السابقة. ) لكنه شدد على أن الغالبية العظمى من الشعب السوداني ليست مع الجيش ولا مع الدعم السريع، بل تبحث عن بديل مدني ديمقراطي، داعياً القوى السياسية الكبرى إلى الدعوة لمؤتمر قومي للسلام أو مؤتمر دستوري، بمن حضر، والخروج ببرنامج واضح ، يشمل الإصلاح الأمني والعدالة الانتقالية والبرنامج الاقتصادي.

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في دورية في منطقة أبيي.: موقع الامم المتحدة

الضلع الثالث للسلام

ووفقاً لدكتور البدوي فإن منظمة الأمم المتحدة يمكن أن تكون شريكاً محوريا للقوى المدنية، بحكم خبرتها الطويلة في الإصلاح الأمني والعدالة الانتقالية، مؤكدا أنها يمكن ان تمثل حائط صد ضد الأجندات الضيقة للنخب السودانية ، ولدول الجوار. وقال إن أي عملية بناء سلام ناجحة تحتاج إلى ثلاثة أضلاع، تتمثل في القدرات الوطنية للدولة وهي مدمرة حاليا في السودان، وتماسك النسيج الاجتماعي وهو كذلك في حالة انهيار كما يرى البدوي، اضافة الى دعم خارجي أممي يعزز الجهود الداخلية.

تحديات كبرى أمام الرباعية

في رده على سؤال هل المبادرة الرباعية الدولية ستنهي الحرب وتعدل توازنات القوى لصالح مشروع الانتقال السلمي الديمقراطي؟
قال البدوي انه ( يمكن ان يحدث ذلك في حالة ان القوى المدنية الديمقراطية تحملت المسئولية التاريخية التي تواجهها الان، وقررت انها تتعالى على كل المواقف المتخندقة في الأحزاب والرؤى، وتتفق على مشروع حد ادنى،) واضاف ( انا افتكر ان هذه مرحلة حساسة؛ علينا كلنا كأهل السودان وخاصة قياداتنا في الاحزاب والتحالفات المختلفة أن يخرجوا ، بميثاق واضح ، حول حكومه قومية متفق عليها ، وبرنامج متفق عليه خلال الفتره الانتقاليه ، الكل يشارك فيها) اعتبر البدوي في ذات الوقت أن ( الحركة الإسلامية المتحالفة مع المؤسسة العسكرية تمثل تحديًا رئيسيًا أمام المبادرة، إلى جانب خطر لجوء الدول الراعية او المجتمع الدولي إلى ما وصفها بالحلول السهلة ، إذا لم تجد طرفاً مدنيا موحدًا.) وأكد أن ما طرحته الرباعية من إعادة تأهيل القوات المسلحة ، وخروج القيادة الحالية من المشهد ، هي شعارات كبرى ، تحتاج إلى ضغط مدني منظم ، لترجمتها إلى واقع.

سيناريوهات المستقبل

وطرح البدوي أربعة سيناريوهات محتملة لمستقبل السودان افضلها بالنسبة له الانتقال المدني الديمقراطي الكامل تحت سقف مشروع وطني. أما السيناريو الثاني فهو شراكة (مدنية – عسكرية) شبيهة بالاتفاق الإطاري، وهو حل مؤقت لكنه يحمل بذور الانقلابات المستقبلية، والسيناريو الثالث هو انقسام السودان إلى كيانين دولة في غرب السودان واخري في وسط وشرق وشمال السودان في إطار كونفدرالي هش. بينما يتمثل السيناريو الأسوأ في استمرار الحرب وتفتت السودان بشكل كامل، مع تدخل دولي وإقليمي يقتطع أجزاء من أراضيه.

الفريق عبد الفتاح البرهان والفريق محمد حمدان حميدتي – أرشيف

إضعاف متبادل للشرعية


وحول وجود حكومتين في بورتسودان ونيالا، قال البدوي إن ذلك قد يعقد المشهد، لكنه في الوقت نفسه يضعف شرعية كل طرف، ما قد يسهل مهمة الرباعية، إذ ( لا يمكن لأي من الحكومتين أن تدعي تمثيل السودان .) وأضاف ( المسالة فيها نوع من الاضعاف المتبادل للشرعية، وبالتالي قد تسهل مهمه الرباعية، لانه السودان في الوقت الحالي ، منتقص الشرعية، حيث لا تستطيع حكومة بورسودان تقول انها بتمثل السودان ، ولا حكومه نيالا كذلك، وهذا لحد ما قد إيجابيا من ناحية لا توجد شرعية لاي طرف . )

رسائل إلى طرفي الحرب

وجّه البدوي رسالة مباشرة للبرهان وحميدتي، قائلاً إن الحرب “لا منتصر فيها”، وحتى من يظن نفسه منتصراً فهو مهزوم. وأضاف ( عليهما أن يتقيا الله في شعبهما الذي يُشرد ويُقتل ويُمرض، وأن يخرجا من المشهد بكرامة، تاركين البلد للأجيال القادمة لتحكمها حكومة مدنية خاضعة للمساءلة.)

وأكد الدكتور إبراهيم البدوي أن المخرج الوحيد للسودان من أزمته الوجودية ، هو توافق القوى المدنية على ميثاق وطني جامع، يحظى بدعم المبادرة الرباعية والأمم المتحدة، ويضمن إصلاحاً أمنياً ، وعدالة انتقالية حقيقية، مع إنهاء عسكرة السياسة والاقتصاد. أما البدائل الأخرى ــ العودة إلى الثنائية العسكرية أو انقسام البلاد ــ فيرى البدوي انها تعني مجرد تأجيل للأزمة أو تفكك السودان إلى غير رجعة.

طفلة نازحة وصلت حديثا من ريفي الفاشر الى طويلة بغد ؤحلة طويلة وشاقة من نزوح الى نزوح .. لقطى شاشة لفيديو نشرته المنسقية العامة لمعسكرات النازحين

Welcome

Install
×