مرصد حقوقي: استمرار اعتقال 3300 شخص في ولاية الجزيرة وسط انتهاكات واسعة

سجن ود مدني

سجن ود مدني - وسائل التواصل


مدني – 16 سبتمبر 2025 – راديو دبنقا

وثّق مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان اعتقال 3300 شخص في مدن ود مدني والحصاحيصا ورفاعة بولاية الجزيرة، وسط انتهاكات واسعة النطاق.

وأشار المرصد، في تقرير اطّلع عليه راديو دبنقا، إلى انتشار مراكز الاعتقال في محليات المناقل، ود مدني، الحصاحيصا، وشرق الجزيرة (رفاعة)، بالتزامن مع تصاعد الانتهاكات المرتكبة من قِبل جهات أمنية وعسكرية متعددة، بينها الخلية الأمنية، الاستخبارات العسكرية، القوات المشتركة، قوات درع السودان، ومجموعة “البراؤون”.

وأكد المرصد أن الفترة بين 15 أبريل 2023 وسبتمبر 2025 شهدت ارتفاعًا غير مسبوق في عدد المعتقلين، حيث تُعد مدينة ود مدني الأكثر تضررًا، إذ تجاوز عدد المعتقلين فيها ثلاثة آلاف شخص، غالبيتهم من النشطاء السياسيين، أعضاء لجان المقاومة، ومتطوعين في غرف الطوارئ، إلى جانب اعتقالات ذات طابع إثني. كما أشار التقرير إلى تحويل 950 ملفًا إلى المحاكم، صدرت فيها أحكام قاسية تراوحت بين السجن لسنوات طويلة، السجن المؤبد، وحتى الإعدام. فيما حوكمت ما لا يقل عن 150 امرأة بتهم ملفقة تتعلق بـ”التعاون”. ووثّق المرصد أيضًا 160 حالة اعترافات قسرية انتُزعت تحت التعذيب.

انتهاكات واسعة

أوضح التقرير أن الانتهاكات شملت التعذيب القاسي، المعاملة المهينة، والاحتجاز في ظروف غير إنسانية. ففي معتقل مصنع “سور” بمدينة الحصاحيصا، جرى احتجاز أكثر من 230 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، دون فصلهم عن البالغين، ما يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الطفل.
وفي مدينة رفاعة، رُصد احتجاز أكثر من 70 شخصًا داخل غرفة لا تتجاوز مساحتها 6×8 أمتار، حيث تعرضوا للتجويع والضرب المستمر. أما معتقلات المناقل فقد شهدت عمليات تصفية جسدية وتعذيب وحرمانًا كاملًا من الكرامة الإنسانية، مع تخصيص مقابر لضحايا التعذيب وسوء الرعاية الصحية.

فساد ورشاوى

رصد المرصد انتشار الفساد المالي في مراكز الاعتقال، حيث يتم الإفراج عن بعض المعتقلين مقابل رشاوى باهظة. على سبيل المثال، يدفع ذوو المعتقلين ما لا يقل عن خمسة ملايين جنيه سوداني للحصول على “شهادة انتساب” صورية لقوات درع السودان تُستخدم أمام المحكمة، فيما يُطلب ما لا يقل عن ثمانية ملايين جنيه للإفراج من مقار الخلية الأمنية.

كما وثّق التقرير حالات اختفاء قسري، وتصفيات داخل المعتقلات، وجرائم اغتصاب، خاصة في ود مدني، إلى جانب استمرار التعذيب والتجويع والانتهاكات الواسعة لحق المعتقلين في المحاكمة العادلة.

ضحايا بارزون

لفت المرصد إلى مقتل المواطن خالد حسن عوض الجيد (ود الليبي)، شاب من قرية أم مرحي، اعتُقل في المناقل قبل رمضان 2024 دون توجيه أي تهمة، ثم أُبلغت أسرته بوفاته بعد عيد الفطر، دون تقديم تقرير طبي أو تفسير رسمي. وتشير المعطيات إلى أنه توفي تحت التعذيب أو نتيجة إهمال طبي أو جريمة قتل خارج نطاق القانون.

كما اعتبر المرصد استمرار اعتقال الكاتب والمؤرخ والإذاعي المعروف خالد بحيري (70 عامًا) مثالًا صارخًا على الاعتقال التعسفي. وأوضح أن جهاز المخابرات العامة اعتقله في يناير 2025 من منزله في ود مدني دون أمر قانوني، واحتجزه سرًا ثلاثة أشهر قبل نقله إلى سجون سيئة السمعة، حيث تدهورت حالته الصحية نتيجة ظروف الاحتجاز وحرمانه من العلاج. وأكد المرصد أن اعتقال بحيري يأتي ضمن حملة استهدفت النشطاء المدنيين والمستقلين، مشيرًا إلى أنه سبق أن اعتُقل مرتين من قِبل قوات الدعم السريع، ما يعكس نمطًا متكررًا من القمع والانتهاكات من جميع أطراف النزاع.

دعوة عاجلة

خلص التقرير إلى أن ما يجري في ولاية الجزيرة يمثل نمطًا ممنهجًا من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني. ودعا المرصد إلى تحرك عاجل من أجل الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفيًا، وفتح تحقيقات مستقلة لمحاسبة المتورطين في التعذيب والقتل والإخفاء القسري، وضمان تقديم الدعم القانوني والطبي للمعتقلين، وحماية المدنيين من الانتهاكات الممنهجة.

وكان المرصد قد نشر في ديسمبر الماضي تقريرًا موسعًا عن الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين في الولاية، بما في ذلك عمليات قتل خارج القانون، اعتقالات، نهب، اعتداءات جنسية، واستهداف مباشر للكوادر الطبية والإغاثية. وأكد المرصد أن التقرير الجديد يهدف إلى تسليط الضوء على استمرار الانتهاكات من أطراف أخرى في النزاع، بما في ذلك القوات المسلحة والجهات الأمنية المختلفة، مشددًا على ضرورة حماية حقوق الإنسان دون انتقائية ومساءلة جميع المتورطين.

Welcome

Install
×