لجنة المعلمين السودانيين: تخفيض بدلات الوجبة والسكن للعاملين جريمة مكتملة الأركان

مدرسة في قلع النحل بولاية القضارف-مصدر الصورة :وزارة التربية بالقضارف
قرار ظالم أم سياسة تقشف؟
أمستردام – 3 يوليو 2025م – راديو دبنقا
انتقدت لجنة المعلمين قرار تخفيض بدل الوجبة من 90 ألف جنيه إلى 30 ألف جنيه، معتبرةً ذلك جريمة مكتملة الأركان. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي منشورًا لمجلس الوزراء ينص على تخفيض بدل الوجبة من 90 ألف جنيه إلى 30 ألف جنيه اعتبارًا من يونيو الجاري، ثم تعديله إلى 60 ألف جنيه فقط للعام 2026، على أن يُعاد إلى قيمته الأصلية في عام 2027.
وقالت لجنة المعلمين السودانيين إن الحكومة تنصلت من تطبيق زيادات مالية كانت قد أُعلنت مطلع العام الجاري، مؤكدةً أن القرار الحكومي الأخير بتأجيل أو جدولة تلك الزيادات يمثل “جريمة مكتملة الأركان” في حق العاملين، خصوصًا المعلمين، الذين صمدوا في ظروف الحرب وانقطاع المرتبات لأكثر من عام ونصف في بعض الولايات.
وفي تصريح لراديو دبنقا، قال بشير نايل، عضو مكتب الإعلام باللجنة، إن الحكومة أخلّت بالتزاماتها بشأن زيادة بدل الوجبة إلى 90,000 جنيه وبدل السكن إلى 75,000 جنيه، والتي كان من المفترض تطبيقها ابتداءً من يناير 2025. وأشار إلى أن هذه الزيادات لم تُطبّق إلا في نطاق ضيّق على الوزارات الاتحادية فقط، بينما حُرم منها غالبية العاملين في الولايات، وهو ما وصفه بـ”تمييز غير مبرر ومجحف”.
سنوات من الصبر دون رواتب منتظمة
وأوضح نايل أن المعلمين والعاملين في الدولة “صبروا كثيرًا”، وتحملوا تبعات الحرب، منها انقطاع المرتبات لقرابة عامين، دون زيادات أو انتظام في الصرف. وأضاف:
“كان الأمل مع حكومة ‘الأمل’، لكنها أثبتت أنها حكومة ‘الألم’، إذ فضّلت اللجوء إلى الضغط على الشرائح الضعيفة، بدلًا من خفض النفقات الوزارية أو امتيازات كبار المسؤولين.”
وأشار إلى أن تسريبات كشفت أن بعض الوزراء يتقاضون ما يصل إلى 2 مليار جنيه شهريًا، في وقت لا يتجاوز فيه راتب معظم العاملين في الدولة 2 إلى 3 دولارات يوميًا، أي أقل من 100 دولار شهريًا، ما يجعلهم جميعًا تحت خط الفقر المدقع بحسب المعايير الدولية.
رواتب لا تغطي سوى 8% من تكلفة المعيشة
أشار نايل إلى أن متوسط تكلفة المعيشة لأسرة مكوّنة من خمسة أفراد تتراوح ما بين 354,000 جنيه في أقل الولايات، وتصل إلى أكثر من 2,180,000 جنيه في بعض المدن مثل بورتسودان. في المقابل، لا يغطي متوسط الأجر الشهري حاليًا سوى 1% إلى 8% من هذه الكلفة، ما يزيد من معاناة العاملين ويؤكد “فشل السياسات الاقتصادية الحكومية”
تحايل على القرارات… وتهميش للولايات
وانتقدت اللجنة بشدة ما وصفته بـ”التحايل” الحكومي على قرارات زيادة المرتبات، معتبرةً أن تجزئة أو تأجيل تطبيقها محاولة للالتفاف على استحقاقات العاملين، بدلًا من تنفيذها بأثر رجعي كما نص القرار الأول.
كما لفتت إلى أن العاملين في الولايات لم يتقاضوا رواتب شهري نوفمبر وديسمبر 2023، وغاب صرف المرتبات بشكل شبه كامل في عام 2024، ولم يبدأ الانتظام النسبي إلا في بداية 2025.
تقاعد جماعي دون ترقيات
تحدث نايل عما اعتبره توجهًا واضحًا لتقليل تكلفة الرواتب عبر إحالة أعداد كبيرة من الموظفين للتقاعد دون تنفيذ ترقيات جديدة، مما يدل – حسب قوله – على أن “الغرض سياسي بحت يتمثل في تقليص الصرف لا غير”.
خاتمة: قرار يحمل بُعدًا سياسيًا ومقصودًا
واختتم نايل تصريحه باتهام مباشر للحكومة بأنها تتعمّد خنق العاملين وتوفير موارد لتمويل الحرب والميليشيات المسلحة، بدلًا من دعم الموظفين الذين لا يملكون أدوات للدفاع عن حقوقهم. كما انتقد ما أسماه “عودة النقابات التابعة للنظام البائد”، معتبرًا أن ذلك يهدف إلى تمرير سياسات تضر بالعاملين وتهضم حقوقهم تحت غطاء شرعي زائف
وقال إن القرار الأخير لا يحمل فقط طابعًا اقتصاديًا، بل يمثل توجهًا سياسيًا مقصودًا لتهميش قطاع العاملين في الدولة، وعلى رأسهم المعلمون، الذين يُعدّون من أكثر الفئات تضررًا من الحرب والظروف الاقتصادية الكارثية.