منحة الحريات او ( شروط) التسويات السياسية

التصريح الذى تناقلته وسائل الإعلام على لسان الفريق أول عبدالفتاح البرهان حول التطورات المحتملة خلال الفترة القصيرة القادمة، التي منها التشاور مع رئيس القضاء والنائب العام المكلفين لإطلاق سراح المقبوض عليهم و المعتقلين تعسفيا،فى تقديري أنه امر جدير بالتناول لسياقه الذي جاء مرتبط بمسرح إجتماعي فى إفطار رمضان.

محمد بدوي

 

 

بقلم : محمد بدوي 

 

التصريح الذى تناقلته وسائل الإعلام على لسان الفريق أول عبدالفتاح البرهان حول التطورات المحتملة خلال الفترة القصيرة القادمة، التي منها التشاور مع رئيس القضاء والنائب العام المكلفين لإطلاق سراح المقبوض عليهم و المعتقلين تعسفيا،فى تقديري أنه امر جدير بالتناول لسياقه الذي جاء مرتبط بمسرح إجتماعي فى  إفطار رمضان.

 ثانيا لخطل دلالته السياسية و القانونية وممارسة الحقوق واستقلالية أجهزة العدالة ومهنية الأجهزة الأخرى المنوط بها  تنفيذ القانون، لأن الحرية ليست منحة بل حق ووضعها  فى منصة محددة لحمل الشارع للقبول بتسويات سياسية فخ متكرر، الحلول يجب ان ترتكز على الاصلاح المهني والمحترف بما يشمل البدء بإلغاء القرارات و التدابير التى إستندت عليها مسألة إنتهاك الحريات .

اذن الفعل الحقيقي ليس فى إطلاق السراح بل بإلغاء الصلاحيات التي أعيدت لجهاز الأمن والمخابرات بموجب القرار رقم (٣) الذى اعاد الحصانات وممارسة الإعتقال التعسفي في مواجهة ممارسة الحق فى التعبير و التظاهر السلمي .

ضرورة إنهاء حالة الطوارئ او السلطات الاستثنائية ،يمثل ضمانة أقوى من إطلاق السراح السياسي لأنه ببساطة يمكن إعادة من أفرج عنه/عنهم  الآن فى وقت  لاحق بموجب ذات الصلاحيات .

القبض واستخدام القوة ظل يتم فى غياب اشراف النيابة العامة في ممارسة سلطاتها الإشرافية على ذلك، الأجدر معالجة هذه الحالة عبر المحاسبة و المهنية.

 مقابلة ممارسة الحريات بالتجريم و الاستخدام السياسي للقانون أمر لا يستقيم مع جوهر العدالة ، و هنا النموذج يرتبط بأن القبض على بعض المحتجين السلميين من الثوار و غيرهم ظل يستند على الدوام على مواد  في القانون الجنائي السوداني ١٩٩١ مثل  نصوص ( الازعاج العام ) ( الإخلال بالسلامة العامة ) ( اعتراض الموظف العام ) و هي المواد ٧٧-٦٩-٩٩ وقانون الطوارئ والسلامة العامة لسنة ٢٠٠٧ الذي يتم بموجبه الحبس لفترات مختلفة . 

الحديث عن القضاء أمر آخر لأنه عنوان العدالة فى صورته الكلية والنهائية ، فلا يعقل ان يتم فتح بلاغات و القبض على عدد من الثوار  وحبسهم لفترات بمعزل عن العالم الخارجي فى ظروف احتجاز يرجح معها تعرضهم للتعذيب ، سوء المعاملة مثال لذلك  بلاغي مقتل عميد بقوات الشرطة ورقيب بالإستخبارات العسكرية، بالمقابل  تقيد اجراءات اولية بموجب المادة ٤٧ من قانون الإجراءات الجنائية١٩٩١ دون اي اجراء لاحق في مقتل العشرات من الثوار في الشارع العام اثناء المواكب التي تحيط بها قوات حكومية مسلحة بأسلحة مختلفة في مناطق حضرية جميعها ، إذن اختلال مبادئ التعامل مع فكرة الحق تشير إلى الكرسي ذي الثلاثة

يثور سؤال فى السياق  هل تعني إستجابة  قادة الأجهزة العدلية لتصريح الفريق البرهان و إطلاق سراح المقبوض عليهم والمعتقلين تعسفيا  ، أن يمكن القول نظريا بأنه يمكن كذلك  استجابتهم لإطلاق سراح الذين قيد المحاكمة في بلاغ انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ 

مظاهر تراجع سيادة حكم القانون و التدخلات السياسية دوما تجعل فكرة العدالة رهينه للتسويات السياسية  و هذا يظهر حتى في السياق المرتبط بالشق العسكري فسجل الممارسة بعد ١١ ابريل ٢٠١٩ تشير احدى مظاهره الى حالة بلاغ محاكمة  موسى هلال و بعض افراد اسرته ومنسوبيه الذين تم اعتقالهم في ٢٦ نوفمبر٢٠١٧ و إيداعهم السجن الحربي ثم المحاكمة العسكرية قبل ان يتم  اطلاق سراحهم   في ٢١ مارس ٢٠٢١ دون الكشف عن الأساس القانوني الذى تم بموجبه الأمر .

الحالة الأخرى قبل عدة أسابيع اصدرت  محكمة عسكرية قرار بإدانة الفريق  هاشم عبدالمطلب وعدد من الضباط بالقوات المسلحة  بالسجن والطرد من الخدمة على خلفية ما أعلن عنه إعلاميا بالمحاولة الانقلابية في يوليو ٢٠١٩،  يمتد السجل إلى محكمة عسكرية أخرى تواصل محاكمة ضباط بالقوات المسلحة على خلفية المحاولة الإنقلابية في  سبتمبر ٢٠٢١،كل هذا فى سياق زمني تشهد فيه البلاد إنقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١!
أخيرًا : ليس هنالك ضامن لإحترام الحريات و ممارسة الحقوق في ظل حالة استثنائية تمزج بين الطوارئ و منح الحصانات ، و غياب الفصل بين السلطات و استقلاليتها .

Welcome

Install
×