وماذا بعد التوقيع على خريطة الطريق لحل الأزمة؟

تلتقي، يوم الاثنين القادم في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعض قوى المعارضة السودانية السياسية والمسلحة…

محجوب محمد صالح

 

 

تلتقي، يوم الاثنين القادم في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعض قوى المعارضة السودانية السياسية والمسلحة، ممثلين في حزب الأمة القومي والحركة الشعبية شمال وحركة العدل والمساواة وحركة التحرير (جناح مناوي)، مع وفد يمثل الحكومة بدعوة من لجنة الوساطة الإفريقية رفيعة المستوى، برئاسة رئيس جنوب إفريقيا السابق ثابو أمبيكي، للتوقيع على وثيقة الطريق لإحلال السلام في السودان، وهي الخريطة التي تحفظت عليها هذه القوى سابقا ورفضت التوقيع ثم عادت وقررت أن توقع عليها، مبررة ذلك بتلقيها تأكيدات من رئيس لجنة الوساطة الإفريقية بأخذ تحفظاتهم في الاعتبار والاعتراف بموضوعيتها، وعلى أن تبحث تلك التحفظات بعد توقيعهم والانخراط في الحوار، حيث تأتي التحفظات على رأس أجندة الحوار الجديد.

الحكومة من جانبها ترى أن الحوار الذي انطلق في الخرطوم، بدعوة من رئيس الجمهورية، هو الحوار الوطني المطروح، وأنه قد قطع الشوط وتوصل إلى قراراته النهائية وسيجيزها غدا السبت، في جمعيته الحكومية، وأنها تعترف بأن بعض القوى لم تشارك فيه، وهي ترحب بانضمامهم إليه، وتكملة توصياتها بما يطرحونه ويجد قبولا من الجميع.

الأحزاب المعارضة والمشاركة في اجتماع الاثنين تنتظر من الوساطة الإفريقية توضيحات، بأن ما تثيره من نقاط جزء من خريطة الطريق، حتى إن لم يرد فيها، وأن الحوار الذي سينطلق بعد توقيعهم هو (الحوار الوطني) المطلوب، وأن هدفه الوصول إلى تسوية سياسية شاملة لكل القضايا المطروحة ومعالجة الجذور الحقيقية للأزمة الوطنية في السودان، حتى يتحقق السلام وفق أسس مقبولة للجميع وملزمة له وإنجاز التحول الديمقراطي عبر فترة انتقالية، تتم خلالها تصفية نظام الحزب الواحد القائم في السودان. الوساطة الإفريقية ليست في موقف يمكنها من حسم هذا الخلاف المبدئي، لأن دورها دور المسهل وليس دور صانع القرار، وإذا تمسك المعارضون بمطالبهم وتمسكت الحكومة بموقفها الراهن فإن مجرد توقيع المعارضة على خريطة الطريق لن يحل المشكلة، وستظل الخريطة حبراً على ورق، وإذا وقَّعت المعارضة وانخرطت في الحوار على أساس أن يبدأ الحوار بهذه النقاط المبدئية التي تثيرها فإن الحوار سيتعثر من الجولة الأولى وسنعود إلى المربع الأول.

لقد أبدت المعارضة مرونة في موقفها، مما أحدث خللا في وحدتها وانقساماً في صفوفها، لكن ليس في الأفق ما يشير إلى أن المرونة التي أبدتها المعارضة قابلتها أي مرونة من جانب الحكومة، وإذا سادت هذه الأجواء اللقاء المرتقب يوم الاثنين القادم فلن يكون ذلك الاجتماع ذا جدوى، ولن يتم تجسير الفجوة بين الموقفين، وستنتقل المعركة من الخلاف حول القضايا الإجرائية إلى القضايا الموضوعية التي ينبغي أن يعالجها الحوار.
ولب الأزمة هنا أن المعارضة تريد حواراً يحقق لها الانتقال إلى نظام حكم جديد، بعد تفكيك النظام القائم خلال فترة انتقالية محدودة، والاتفاق على حلول تستجيب لتطلعات حملة السلاح إلى نظام حكم يحترم تنوع مناطقهم، بينما تدخل الحكومة المفاوضات بهدف ضمان استمرارها في السلطة مقابل تقديم تنازلات محدودة، تهدف إلى توسيع قاعدة المشاركة في نظامها باستيعاب بعض المعارضين.

نتوقع أن يتم يوم الاثنين القادم توقيع القوى المعارضة، التي تشارك في ذلك الاجتماع، على وثيقة الطريق، بعد أن يكرر أمامها الوسيط اعترافه بمشروعية تحفظات المعارضة وحقها في طرحها على الاجتماع التمهيدي الذي سيجمعها مع لجنة الـ7، وأن لديه تأكيدات من الحكومة بقبول أي اتفاق يتم بين المعارضين ولجنة الـ7 بشأن ما تثيره المعارضة من قضايا، وهذا يعني نقل الخلافات إلى منبر الحوار الذي يجمع المعارضين مع لجنة الـ7 وهي المرحلة التي ستظهر فيها استحالة الوصول إلى توافق بين الطرفين!!