هل يعرقل تحالف البرهان مع الإسلاميين فرص إنهاء الحرب في السودان؟
البرهان (ارشيف)
أمستردام :4 ديسمبر 2025: راديو دبنقا : وكالات
تواجه المساعي الرامية لوضع حد للحرب المشتعلة في السودان، العديد من العراقيل ومن أبرزها بحسب محللين، العلاقة المعقدة التي تربط قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بالإسلاميين الذين يمدون قواته بالمقاتلين ويؤثرون على استراتيجية المعارك.
وتتواصل تحذيرات الأمم المتحدة ودبلوماسيين ومحللين من استحالة إنهاء الحرب ما لم توقف القوى الخارجية تدخلاتها في الصراع المستمر منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ويؤكد محللون أن تحالف البرهان مع الإسلاميين يمثل ركيزة أساسية لبقاء نحو ثلثي أراضي البلاد تحت سيطرته.
وتصر المحللة السودانية خلود خير في حديثها لوكالة الأنباء الفرنسية على أن “الإسلاميين مستاؤون للغاية من احتمال وقف إطلاق النار، فهم يريدون استمرار الحرب أطول مدة ممكنة”.
وتوضح خير أن إطالة أمد الصراع تصب في مصلحة الإسلاميين، إذ تضعف القوى المؤيدة للديمقراطية التي أطاحت حكم البشير الإسلامي عام 2019، في مشهد يزداد عسكرة بمرور الوقت.
رفض مقترحات الهدنة
وأبدى البرهان رفضه القاطع لمقترح هدنة قدمته اللجنة الرباعية الدولية بشأن السودان، موضحا أن أي اتفاق “يبقي على ميليشيا الدعم السريع” من دون تفكيك لن يلقى قبولا لدى الجيش.
وشهدت السنوات الماضية علاقة تحالف بين البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، أطاحت بالمدنيين من السلطة التي بدأت تتشكل بعد إزاحة البشير، قبل أن تتحول شراكتهما إلى صراع معلن على الحكم.
وتشير تقارير إلى أن أحد أسباب الخلاف هو إصرار البرهان على دمج قوات دقلو ـ المعروف باسم حميدتي ـ في الجيش النظامي.
الإسلاميون في المشهد السوداني
يمثل الإسلاميون في السودان مظلة لأحزاب وقادة وشبكات محسوبية نشأت في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
وخلال العقود الماضية، ترقى البرهان ودقلو في صفوف النظام الأمني المتشعب الذي أسسه البشير، والمكون من أجهزة أمنية نظامية وجماعات مسلحة، لكن البرهان تحديدا صعد من خلال دوائر إسلامية في العاصمة لا تخفي ازدراءها لحميدتي وجماعته التي برزت خلال قمع تمرد دارفور في عهد البشير.
وبعد الإطاحة بالبشير عام 2019، تراجعت شبكات الإسلاميين التي احتضنت أسامة بن لادن في تسعينيات القرن الماضي، لكنها عادت للظهور مع اندلاع الحرب الأخيرة، إذ خرج مقربون من البشير من السجون فيما اعتبر عملية فرار، وسارع هؤلاء إلى تجنيد مقاتلين لصالح الجيش واستعادة نفوذهم السياسي.
في المقابل، يقدم دقلو الحرب باعتبارها معركة ضد “الإسلاميين المتطرفين” وبقايا نظام البشير، فيما يرى المستشار السابق للبيت الأبيض لشؤون السودان كاميرون هدسون أن قائد الدعم السريع “تبنى هذه الرواية” من الإمارات التي تنفي الاتهامات بدعمه سياسيا وعسكريا.
التخلي”شيئا فشيئا” عن الحلفاء الإسلاميين
ونفى البرهان الأسبوع الماضي بشكل قاطع وجود أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين في الحكومة، مؤكدا في خطاب مصور: “لا نعرف من هم، نسمع عنهم فقط في الوسائط الإعلامية”.
لكن دبلوماسيا رفيعا كشف أن البرهان أبرم في أغسطس اتفاقا سريا مع المبعوث الأمريكي مسعد بولس للتخلي “شيئا فشيئا” عن حلفائه الإسلاميين.
وبحسب الدبلوماسي الذي فضل عدم كشف هويته، يواجه البرهان موقفا معقدا “فإذا تخلى عنهم، فسيتخلون عنه، وسيخسر بالتأكيد”.
وأعقب الاجتماع السري في سويسرا قرارات بهدوء لإقالة عدد من الضباط المرتبطين بالإسلاميين، لكن هذه الخطوات توقفت، وهو ما أثار استياء الوسطاء الذين يعتبرون جماعة الإخوان المسلمين تهديدا للاستقرار.
وفيسبتمبر ، شددت دول اللجنة الرباعية- الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر ـ على أن “مستقبل السودان لا يمكن أن تحدده جماعات متطرفة عنيفة تابعة للإخوان المسلمين أو مرتبطة بهم”، وهي جماعات صنفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا كـ”منظمات إرهابية”.
وفي الشهر نفسه، فرضت واشنطن عقوبات على وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم وكتيبة البراء بن مالك الإسلامية، في محاولة “للحد من تأثير الإسلاميين المتشددين في السودان وكبح أنشطة إيران الإقليمية المزعزعة للاستقرار”.
وتفيد تقارير تعود لعام 2024 بأن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات مسيرة لعبت دورا محوريا ـ إلى جانب كتيبة البراء بن مالك ـ في العملية العسكرية التي انتهت بسيطرة الجيش على الخرطوم بعد عامين من سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
لا خيار أمام البرهان
وتتزايد الضغوط على البرهان من داخل معسكره وفي ساحات القتال.
ويقول هدسون إن البرهان “يكافح للحفاظ على الوحدة داخل نظام صمم لمواجهة نفسه حتى لا تهدد الصراعات الداخلية سلطة البشير”.
وعلى الأرض، تتعرض قواته للاستنزاف بعد فقدان آخر معاقلها في دارفور، وسط محاولات متواصلة لوقف تقدم الدعم السريع نحو الخرطوم عبر كردفان.
كما تدفع مصر والسعودية، الجارتان الشمالية والشرقية للسودان، باتجاه تسوية سياسية باعتبار أن الحرب تمثل تهديدا لأمنهما القومي.
وتختتم خلود خير بقولها: “لم يترك أمام البرهان خيار آخر، حتى يتمكن من التخلي عن خيار الإسلاميين”.
المصدر / أ ف ب


and then