هل يتحول الاقتصاد السوداني إلى اقتصاد مزدوج بحكم الواقع؟

حصاد لمحصول القمح بمشروع الجزيرة - ارشيف


أمستردام:28 فبراير 2024: راديو دبنقا
أكد الدكتور عبد الحليم تيمان، الخبير الاقتصادي، أن أي حديث عن الأوضاع الاقتصادية في السودان يتطلب في البداية التطرق للأثر الأساسي للحرب وما ترتب من جرائها على حياة المواطنين السودانيين وهو ما كان مفترضا من وزير المالية أن يبدأ بالحديث به في مؤتمره الصحفي الذي انعقد يوم الاثنين الماضي. وأضاف الدكتور عبد الحليم تيمان في حديث لراديو دبنقا أن السودانيين لم يتأثروا فقط بالحرب المفتوحة، بل تأثروا كذلك بالحرب الاقتصادية. كما أنه لا بد من فهم العلاقة بين صدمات الاقتصاد الكلي التي تحدث عنها وزير المالية والتي تعاني منها البلاد منذ فترة وبين انتكاسات الاقتصاد الجزئي التي أصابت الأسر بعد الحرب في سعيها لتوفير لقمة العيش لأبنائها. حيث توقفت الرواتب وتم تدمير المصانع والمشاريع الإنتاجية وتعطلت الزراعة وأثرت الحرب كذلك على حركة الأسواق والطرق التجارية في الولايات.


عجز الحكومة عن تمويل المالية العامة
وحول التحديات التي تحدث عنها وزير المالية في إطار الصدمات على الاقتصاد الكلي التي هي نتاج للحرب، أكد الخبير الاقتصادي في حديثه لراديو دبنقا أن أهم هذه الصدمات هي أزمة العملة. ويواجه الاقتصاد السوداني تحدي كبير بسبب توقف تدفقات النقد الأجنبي إلى حد كبير جدا وعجز الحكومة عن تمويل المالية العامة من خلال المعروض من النقود التي تمتلكها البنوك خصوصا وأن هذه البنوك تعرضت لعمليات نهب لكل ما هو موجود في داخلها. أكثر من ذلك، تم نقل مقر البنك المركزي إلى بورتسودان وهذا يمثل في الواقع قيام مؤسسة جديدة تفتقر إلى السيولة الكافية من النقد الأجنبي في ظل تواجد الخزن الرئيسية في المقر الرئيسي في الخرطوم. وبالتالي سيكون من الصعب على البنك المركزي الحالي تمويل المالية العامة من خلال زيادة المعروض من النقود كما كان في السابق وعبر العلاقة المؤسسية بين البنك المركزي والبنوك التجارية.


تناقص موارد العملات الأجنبية
وأضاف الدكتور عبد الحليم تيمان في حديثه لراديو دبنقا أن الوضع ازداد سوءا بتراجع التدفقات الواردة من تحويلات المغتربين بعد أن أعيد توجيه جزء كبير منها لأسرهم وذويهم المقيمين في بلدان الشتات في دول الجوار والمهاجر الأخرى. ومن المشاكل الكبيرة أيضا عدم توفر المعونات الخارجية وانعدام الإمكانية لدى حكومة بورتسودان للحصول على وديعة من الخارج. يضاف إلى ذلك انهيار انتاج النفط وصادراته وفق ما جاء في حديث وزير المالية بسبب الحرب حيث فقدت الحكومة 80 في المائة من إيرادات النفط بسبب انعدام الصيانة والإشراف والصراع من أجل السيطرة على هذا القطاع. كل هذه العوامل ستساهم في تعزيز الصدمات الاقتصادية الرئيسية التي يواجهها الاقتصاد السوداني في إطار أزمة العملة.


نقص المعروض من النقود
ونوه الدكتور عبد الحليم تيمان إلى أن هناك جانب مهم آخر يتعلق بعجز البنوك عن استرداد قروض الاستثمار التي منحتها لرجال الأعمال، كما أن رؤوس أموال البنوك تشهد تآكلا بسبب انهيار سعر الصرف ومعدلات التضخم العالية. فيما أدى النقص الكبير في المعروض من النقود إلى زيادة في أسعار السلع الأساسية.
وتوقع الخبير الاقتصادي في حديثه لراديو دبنقا أن يتحول الاقتصاد السوداني وبشكل تدريجي في حال استمرار النزاع إلى اقتصاد مزدوج بحكم الواقع بين المناطق التي يسيطر عليها الجيش والمناطق الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع.