•   إذا بدأ القتال في الفاشر، فمن من المتوقع أن يلقى الكثير من المدنيين حتفهم.
  •  الأزمات في اوكرانيا وغزة حولت اهتمام العالم عن السودان
  •  يمثل السودان أكبر أزمة إنسانية في العالم في الوقت الحالي

لندن: الاثنين 29 أبريل 2024: راديو دبنقا

حوار: عمر عبد العزيز

تزايدت خلال الأيام الماضية التحذيرات الأممية والدولية من خطر نشوب معركة كبرى في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بين قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة من جهة، وقوات الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه من جهة أخرى.

يأتي ذلك وسط أنباء عن الأوضاع الإنسانية المتدهورة ونقص الغذاء داخل الفاشر.

أجرينا حوارا مع السيد طوبي هارورد، نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية للسودان وبدأنا معه من الأوضاع في الفاشر.

عملت خلال الأسابيع الماضية على قيادة جهود الأمم المتحدة لإيصال مواد الإغاثة إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إلى أين وصلت هذه الجهود حتى الآن؟

الوضع الإنساني في ولاية شمال دارفور وفي عدة ولايات أخرى كارثي، وخلال الأشهر الماضية وصفت تقارير المنظمات غير الحكومية ازدياد معدلات الجوع وحالات الطوارئ الطبية في الولاية.

كانت مهمتي إلى الفاشر هي مناقشة الوضع الإنساني مع جميع الأطراف وتعزيز وجود الأمم المتحدة في المدينة وإزالة العوائق على طول الطرق والممرات والمسارات من بورتسودان في الشرق ومن الطينة على الحدود مع تشاد والتحضير لبعثة شاملة لتقييم الاحتياجات، تشمل جميع وكالات الأمم المتحدة لتخطيط الاستجابة.

لقد رحبت جميع الأطراف ببعثة الأمم المتحدة وتمكنت من حل عوائق على طول المسارات والممرات، وتمكنت الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية من إيصال إمداداتها.

لكن للأسف الشديد، تصاعدت التوترات بين الأطراف (المتحاربة) خلال فترة عيد الفطر، مما اجبر الأمم المتحدة وبعض الشركاء الآخرين على مغادرة المدينة، ومع ذلك فإنني متفائل بأنه عندما يستقر الوضع الأمني ستتمكن الأمم المتحدة وشركاؤها من استئناف عملها الإنساني في أسرع وقت ممكن.

تتوالى التحذيرات الأممية والدولية من هجوم وشيك على الفاشر، في تقديرك ما هو مدى المخاطر المتوقعة من هذا الهجوم في حال وقوعه؟

اعتقد أن جميع المراقبين لأزمة السودان يشعرون بقلق بالغ إزاء الوضع في الفاشر.

يعيش في المدينة عدد كبير من المدنيين الأبرياء، بينهم ٨٠٠ ألف نازح فروا من الحرب في أجزاء أخرى من دارفور، إنهم يواجهون وضعا إنسانيا كارثيا، مع نقص الغذاء والمياه، ونقص الخدمات الأساسية،

يعيش في الفاشر زعماء مجتمعيون وممثلون لجميع مجتمعات دارفور الرئيسية، وبالإضافة إلى تواجد القوات المسلحة السودانية، هناك قوات عسكرية متعددة، مثل القوات المشتركة التي تمتلك الكثير من الأسلحة وتعهدت بالقتال للدفاع عن المدينة ومواطنيها.

وتقوم قوات الدعم السريع بحشد قوى عسكرية كبيرة خارج المدينة،

ويتولى بعض مقاتليها مسؤولية حرق قرى في منطقة الفاشر الكبرى،

وخلال الأيام الأخيرة قامت القوات المسلحة السودانية بعمليات قصف جوي واسع النطاق في المناطق المحيطة بالفاشر مما أدى إلى مقتل مدنيين

وإذا بدأت الأطراف في القتال من أجل السيطرة على الفاشر، فمن المتوقع ان يقتل العديد من المدنيين الأبرياء، وهناك خطر من أن ينتشر الصراع في دارفور، ويتحول إلى حرب قبلية ذات عواقب سلبية على المنطقة بأكملها.

ويجب على الأطراف منع القتال حول الفاشر وإيجاد سبل لتهدئة التوتر والتراجع عن حافة الهاوية.

ترددت أنباء عن إلغاء عمل مفوضية العون الإنساني ومعتمدية اللاجئين الحكومية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، ما هي الجهات التي ستنسقون معها لإيصال المساعدات، وهل أنتم مستعدون للتعامل مع الوكالة الإنسانية للإغاثة التي أسستها قوات الدعم السريع؟

وفقا للقانون الدولي الإنساني، ووفقا لما اتفق عليه مع الأطراف المتحاربة في إعلان جدة، تقوم الجهات الإنسانية الفاعلة بالتنسيق مع جميع السلطات ذات الصلة فيما يتعلق بإيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية،

تعمل الجهات الإنسانية المحايدة مثل الأمم المتحدة مع السلطات الحكومية المختصة وسلطات الأمر الواقع على الأرض

إن الحق في التنسيق مع جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة بشأن إيصال المساعدات الإنسانية هو مبدأ أساسي من مبادئ القانون الإنساني الدولي.

أشارت بعض الأرقام خلال شهر أبريل إلى أن ما جمع لإعانة السودانيين على مواجهة أزماتهم الحالية لا يتجاوز ستة في المئة فقط من المبلغ المطلوب وفقا لتقديرات الأمم المتحدة والوكالات العاملة معها، كيف هو الوضع الآن وكم هي نسبة ما جمع حتى الآن، أو ما تم التعهد به؟

قبل مؤتمر باريس كانت نسبة الاستجابة لخطة الاحتياجات لعام 2024 نحو 6% فقط.

كانت الاستجابة منخفضة لسببين رئيسيين؛ تقلصت الميزانية الدولية في السودان بسبب جائحة كوفيد ١٩ وبسبب الوضع الاقتصادي العالمي الصعب.

وفي نفس الوقت كان هناك انتشار للصراعات في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى انخفاض التمويل المتاح لكل حالة طوارئ إنسانية.

وثانيا، أعربت الدول المانحة عن مخاوفها من عدم تمكن الجهات الفاعلة الإنسانية من الوصول إلى السكان الأشد ضعفا بسبب تصرفات الأطراف المتحاربة، إما بسبب الاشتباكات العسكرية الجارية في المناطق التي يجب أن تمر عبرها شاحنات المساعدات، أو بسبب منع الشاحنات من التنقل بحرية وذلك بفرض عوائق إدارية على المنظمات الإنساني، وهذان النشاطان يتعارضان مع القانون الدولي الإنساني.

لكن في مؤتمر باريس تعهد المانحون بتقديم أكثر من ملياري دولار أمريكي مما يعني أن الخطة الإنسانية للسودان مولت بأكثر من خمسين في المئة.

ونظرا لخطورة الأزمة يحتاج الشركاء في المجال الإنساني إلى دعم مالي أكبر بكثير من أجل تقديم المساعدة المطلوبة للاستجابة للأزمة.

إلى مدى برأيك ساهمت الأزمات والحروب في مناطق مثل أوكرانيا وقطاع غزة في صرف أنظار العالم عن الأزمة في السودان؟

من المؤسف أن الأزمات والحروب في أماكن مثل اوكرانيا وقطاع غزة أدت إلى تحويل انتباه العالم بعيدا عن الأزمات الإنسانية في السودان.

تحظي الصراعات الأخرى بمزيد من الاهتمام بسبب عوامل متعددة، بما في ذلك العوامل الجغرافية والثقافية والدينية والعاطفية.

ومع ذلك، فمن الأهمية أن تبذل الجهود تجاه الأزمة في السودان.

يمثل السودان أكبر أزمة إنسانية في العالم في الوقت الحالي، حيث يحتاج عدد كبير من الأشخاص إلى المساعدات الإنسانية أكثر من أي مكان آخر في العالم، وحيث يوجد عدد أكبر من النازحين أكثر من أي مكان آخر في العالم، وعدد أكثر من الأطفال خارج المدارس، وعدد أكبر من النساء يتعرضن للعنف الجنسي، ويواجه عدد أكبر من الناس نقصا في الغذاء أكثر من أي مكان آخر في العالم.

ويجب على العالم ألا يتجاهل الأبعاد الهائلة للأزمة السودانية.