نساء جنوب سودانيات جرى اعادتهن قسرا من الخرطوم بدون السماح لهن باصطحاب ابنائهن

نساء جنوب سودانيات جرى اعادتهن قسرا من الخرطوم بدون السماح لهن باصطحاب ابنائهن-وسائل التواصل

منتدى الإعلام السوداني

الرنك، 18 أكتوبر 2025 ، (سودان تربيون) –   تعيش ازاك في السودان منذ أربعين عامًا، وكانت تعمل بجد كعاملة في إحدى الشركات لمدة 14 عامًا، ولكن في لحظة مفاجئة، وصل أفراد إلى منزلها بالخرطوم وطلبوا منها مرافقتهم لإكمال بعض الإجراءات البسيطة. تقول ازاك في حديثها ل(سودان تربيون) :  “لم أتوقع أبدًا أن تلك الخطوة ستكون بداية رحلة عذاب”. وتابعت  ” تم تسجيل الأسماء والقبيلة التي ننتمي لها في جنوب السودان ثم تم ترحيلنا إلى مكان غير معلوم “. تشعر ازاك بالندم والألم لأنها اضطرت لترك أطفالها خلفها دون أن تتمكن من وداعهم .

تتردد صرخات الألم في ظلام المعاناة الإنسانية التي يعيشها المواطنون الجنوب سودانيون المرحلون من السودان. تروي قصص المرحلين الجنوبيين من السودان معاناة إنسانية قاسية، حيث يتم إجبارهم على ترك ديارهم وأبنائهم دون سابق إنذار.

شهادات حية ومعاناة حقيقية لنساء أجبرن على ترك كل شيء وراء ظهورهن في هذا التقرير.

حكايات من قلب المعاناة

تحدثت مني جوزيف عن المعاملة القاسية التي تعرضت لها هي وعائلتها، حيث تم القبض عليها وترحيلها دون أن تتمكن من اصطحاب أطفالها الأربعة. وعبرت جوزيف ل(سودان تربيون) عن شعورها بالحزن والأسى لأنها لم ترَ جنوب السودان إلا بعد ترحيلها إليها، بعد أن عاشت جل حياتها في السودان .

أما الويل دينق، فتروي في قصتها عن تعرضها للإهانة والاحتجاز دون مراعاة لحالتها الإنسانية، وتم القبض عليها وعائلتها وحرموا من أبسط حقوقهم مثل الحصول على ماء الشرب. وذكرت ل(سودان تربيون) :  “عندما مرض طفلي، طلبت المساعدة من الجنود، لكنهم رفضوا ذلك بكل قسوة، وقالوا لي : اتركيه يموت “. روت عن تعرضهم للضرب بالسياط، ولم يجدوا بديلاً عن الصمت في وجه القسوة والإهانات .

ردود الفعل الجنوب سودانية الرسمية والشعبية

من جانبه قال مصدر موثوق داخل حكومة جنوب السودان إن عدد النساء اللائي تم ترحيلهن قسرًا من ولاية الخرطوم إلى منطقة الرنك الحدودية، وتم فصلهن عن أطفالهن يقدر ب(111) امرأة .

وكشف المصدر لسودان تربيون عن عدد الأطفال اللذين تم فصلهم عن أسرهم بأكثر من 200 طفل، حيث يتراوح عدد الأطفال في الأسرة الواحدة بين 6 إلى 9 أطفال. وقال مضيفاً : ” لا تزال أعداد كبيرة من النساء الجنوب سودانيات في الخرطوم ومتوقع ترحيلهن قسرًا خلال الفترة القادمة “.

واعلن عن مطالبات من الشعب الجنوبي لحكومة جوبا بنقل الجنوبيين فوراً من السودان، وانتقد تطبيق قانون الوجوه الغريبة وعدم رغبة الحكومة السودانية في وجود السودانيين الجنوبيين في السودان واتهامهم بالاشتراك في الحرب والتعاون مع الدعم السريع.

مناشدة عاجلة ورفض من المجتمع المدني السوداني

في السياق، أطلقت المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات وهيئة محامي دارفور مناشدة للمفوضية القومية لحقوق الإنسان للتدخل. وقال عضو المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات الصادق علي حسن لسودان تربيون : ” المجموعتان أطلقتا مناشدة عاجلة إلى المفوضية القومية لحقوق الإنسان باعتبارها الجهة المنوط بها دراسة الظاهرة والتوصية لدى الأجهزة الرسمية لإيقاف الترحيل القسري”.

وطالب علي المؤسسات الدولية بممارسة الضغط على النظام الحاكم لوقف عمليات الترحيل، وأضاف : ” لكن من خلال المتابعة لا توجد حتى الآن أي استجابة “. ودعا السلطات للنظر إلى للجنوبيات المشمولات بالأمر بالضرورة ودراسة حالتهن والتمييز بين طالبات اللجوء أو الراغبات في الإقامة. وتابع : ” في كل الأحوال يجب اخضاعهن لدراسة حالاتهن، فطالبات اللجوء لا تجوز اعادتهن تحت أي ظرف من الظروف. كما بالضرورة يجب مراعاة حالة من ترغب في الإقامة والتعامل معهن بصورة كريمة “.

وفيما يتعلق بالأطفال الذين نقلوا إلى أماكن أخرى يرى الصادق على حسن، ضرورة التعرف على الغرض من ذلك النقل،  حتى يتبين ذلك الأمر بصورة واضحة، بعد ذلك يمكن تكييف وضعهم. ولكن مجرد نقل الأطفال بعيدا عن أمهاتهم ومن دون علمهم يندرج ذلك العمل ضمن الأخفاء القسري، وإذا كان ذلك الأخفاء القسري ممنهجا فقد تشكل جريمة من الجرائم ضد الإنسانية إذا توافرت شروطها.

انتهاك وسلوك غريب عن السودانيين

في سياق متصل، أدان التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” بشدة ترحيل الجيش السوداني، وسلطته ببورتسودان ومليشياته المساندة حسب تعبيره، للعشرات من دولة جنوب السودان بشكل قسري، ووصفه بأنه سلوك غريب على الأخلاق السودانية، ومخالف للأعراف الدولية التي تضمن كرامة الإنسان وحقه في الحماية.

وأعرب تحالف صمود في بيان الأربعاء عن بالغ القلق لما أسماه “الإجراءات المتعسفة من سلطة الأمر الواقع”، التي لم تكترث لعلاقات الأخوة والمصير المشترك، والأواصر الحميمة بين شعبي السودان وجنوب السودان.

وذكر البيان : ” إن هذا العسف ليس مستغرباً على سلطة أعادت ذات الوجوه الكالحة التي أطاحت بها ثورة ديسمبر المجيدة، وأضحت حاضنة وأم رؤوم للعنصريين والمتطرفين، ودعاة التقسيم على أسس اجتماعية”.

واستنكر التحالف ما وصفه بـ”السلوك البربري، والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان” خاصة في ظروف النزاع، وأكد أن كل محاولات فلول النظام البائد ومليشيات التطرف الديني والعرقي لتقويض العلاقات الأخوية والتاريخية بين شعبي السودان وجنوب السودان لن تفلح في تهديد الروابط الإنسانية التي تجمع بينهما.

وطالب “صمود” الجيش السوداني والمليشيات المساندة له” بالتوقف الفوري عن مثل هذه الإجراءات، والعمل على ضمان سلامة وكرامة جميع المدنيين، بغض النظر عن جنسيتهم أو خلفيتهم، وفتح تحقيق عاجل في هذه الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها.

وناشد المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، ووكالات الأمم المتحدة، بالتدخل العاجل لتقديم الدعم والحماية للمتضررين، وضمان لمّ شمل الأسر التي فُصلت قسرًا، وتم ترحيل أفراد منها جبراً في ظروف غاية في الصعوبة والقسوة.

وأكد التحالف على عمق العلاقات الوطيدة بين شعبي السودان وجنوب السودان، وتقدم ببالغ الأسف للدولة الشقيقة، ودعاها إلى عدم التعامل بالمثل مع السودانيين المقيمين بجنوب السودان، الذين فتحت جوبا أبوابها لاستقبالهم بالآلاف برحابة صدر وأخوة عقب اندلاع ما أسماه ب”حرب التوحش العبثية” بين الجيش والدعم السريع، وقال إنه “ليس لهم من يد في ما جنته سلطة الأمر الواقع ببورتسودان، فهم أيضاً ضحايا لعسف الانقلابيين وتجار الحروب وجنرالات الدم”.

فرض هيبة الدولة

فيما أعلنت لجنة الرقابة الأمنية وفرض هيبة الدولة ولجنة إخراج اللاجئين والأجانب غير الشرعيين من العاصمة، عن بدء عملية تنظيم الوجود الأجنبي في ولاية الخرطوم.

وقال تعميم صحفي لإعلام الشرطة السودانية، الأربعاء الماضي إنها ستطبق القوانين واللوائح كما يلي : الأجانب الذين يعيشون بشكل غير قانوني سوف يعودون الى بلدانهم، ويجب على الأجانب الحاصلين على تصاريح إقامة غير صالحة إما تسوية أوضاعهم لدى سلطات الهجرة أو مغادرة البلاد تفاديًا للوقوع في المخالفات.

وبيّن التعميم أنه سيتم نقل اللاجئين إلى مخيمات محددة حتى تتمكن لجنة اللاجئين والمنظمات غير الحكومية المختصة من تقديم الخدمات الإنسانية لهم، كما سيتم تنظيم حملات لضبط المخالفين وإحالتهم إلى المحاكم وفق قانون الجوازات والهجرة .

وأكد التعميم ترحيب السلطات بالاجانب الموجودين في البلاد بشكل قانوني بالبلاد، مشيرا الى أهمية حملهم بطاقات الهوية عند التنقل.

هذه الشهادات والبيانات تكشف عن حجم المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها المواطنون الجنوبيون في السودان ،نامل أن يتم سماع أصواتهم والاستجابة لاحتياجاتهم الإنسانية .

ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء هذه المادة من إعداد (سودان تربيون) لعكس معاناة الجنوب سودانيين المرحّلين قسراً من السودان، خاصة النساء اللواتي فُصلن عن أطفالهن وتعرضن لسوء معاملة وانتهاكات إنسانية جسيمة. ويكشف عن ردود فعل رسمية وشعبية في جنوب السودان، واستنكار منظمات المجتمع المدني السوداني لهذه الممارسات التي اعتُبرت مخالفة للقانون والأعراف الإنسانية.

Welcome

Install
×