منتدى الإعلام السوداني: جبهة موحدة ضدّ التضليل الإعلامي في زمن الحرب

كلمة قدمها الأستاذ كمال الصادق رئيس تحرير راديو دبنقا وعضو منتدى الإعلام السوداني في حلقة نقاش عبر الإنترنت نظمها مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان واليونسكو في السودان احتفالاً باليوم العالمي لحرية الصحافة، بعنوان الحرب في السودان: تأثيراتها على حرية الإعلام.

انطلقت شرارة الحرب في أبريل 2023، تاركةً خلفها دمارًا هائلاً طال جميع مناحي الحياة في السودان، بما في ذلك القطاع الإعلامي. فقد أدت الحرب إلى توقف كافة المؤسسات الصحفية والاعلامية العاملة داخل البلاد، وشردت الصحفيين وفقدانهم وظائفهم، مما أدى إلى انقطاع التغطية المهنية والميدانية وتحويل البلاد إلى منطقة “ظلام إعلامي“.

لم تقتصر آثار الحرب على تقييد حرية الصحافة فحسب، بل استغلّ طرفا الصراع هذا الوضع لخلق فوضى إعلامية عارمة، من خلال إنشاء عشرات المواقع الإلكترونية والحسابات الوهمية على منصات التواصل الاجتماعي، بهدف التحكم في تدفق المعلومات ونشر الأخبار الكاذبة والمضللة وخطاب الكراهية والعنصرية.

مبادرة منتدى الإعلام السوداني:

أمام هذا الواقع المأساوي، اتحدت المؤسسات الإعلامية والصحفية المستقلة في السودان تحت مظلة “منتدى الإعلام السوداني” لمواجهة التحديات التي فرضتها الحرب على حرية الصحافة ونشر المعلومات الصحيحة.

انطلاقًا من التزامه بالعمل الجماعي، أصدر منتدى الإعلام السوداني وثيقة مبادئ وقواعد للتغطية الإعلامية والصحفية زمن الحرب، تضمّن التزاماتٌ أخلاقيةٌ صارمةٌ تضمن تقديم صحافة مسؤولة وموضوعية خلال هذه الفترة العصيبة.

أهداف منتدى الإعلام السوداني:

يسعى منتدى الإعلام السوداني إلى تحقيق الأهداف التالية:

  • جمع المعلومات والتحقق من صحتها وعرضها للجمهور بطريقة منصفة ودقيقة ومستقلة.
  • التصدي للأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وخطاب الكراهية.
  • نشر الحقائق وتعزيز ثقافة السلام والمصالحة.
  • الدفاع عن حرية الصحافة وحقّ الوصول إلى المعلومات.
  • وضع خارطة طريق لتنمية وتطوير القطاع الإعلامي في السودان.

 التحديات التي تواجه استدامة العمل الاعلامي

مع اندلاع الحرب في السودان، واجهت الصحافة المستقلة تحدياتٍ جمةٍ هددت وجودها ودورها في المجتمع. فقد أدت الحرب إلى إغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية، وتعطيل عمل الصحفيين، وانتشار المعلومات المضللة والدعاية الحربية.

شللٌ إعلاميٌّ وتضليلٌ ممنهج:

  • شللٌ إعلامي: أدت الحرب إلى شللٍ شبه كاملٍ في عمل المؤسسات الإعلامية السودانية، خاصةً تلك التي تقع في مناطق الصراع. ونتيجةً لذلك، واجه الصحفيون صعوباتٍ كبيرةً في الوصول إلى مواقع الأحداث وممارسة مهامهم المهنية.
  • تضليلٌ ممنهج: استغلّ طرفا النزاع الحربَ لشنّ حربٍ إعلاميةٍ موازية، فقاما بإنشاء غرفٍ إعلاميةٍ لبثّ الدعاية الحربية، وخطاب الكراهية، والمعلومات المضللة، بهدفِ التجييش والتأثير على الرأي العام.

الصحافة المستقلة: هدفٌ في مرمى النيران:

  • قمعٌ وتخويف: لم يكتفِ طرفا النزاع بقمع المؤسسات الإعلامية، بل سعيا أيضًا إلى إسكات صوت الصحافة المستقلة من خلال التهديدات والمضايقات، واتهامها بالعمالة والخيانة.
  • تحدياتٌ ماليةٌ ولوجستية: واجهت الصحف المستقلة صعوباتٍ ماليةً ولوجستيةً كبيرةً، ممّا أدى إلى توقف بعضها عن العمل، وتراجع قدرتها على الإنتاج.

منتدى الإعلام السوداني: جبهةٌ موحدةٌ لمواجهة التحديات:

  • توحيد الجهود: إدراكًا منها لحجم التحديات، اتّحدت الصحف المستقلة في السودان لتشكيل منتدى الإعلام السوداني.
  • منصةٌ مشتركة: أنشأ المنتدى منصةً تحريريةً مشتركةً لنشر القصص الصحفية المُتحقّق منها، وذلك لمواجهة انتشار المعلومات المضللة والدعاية الحربية.
  • التزامٌ بالمهنية: يُؤكّد المنتدى على التزامه بأعلى معايير المهنة الصحفية، بما في ذلك الدقة والموضوعية والنزاهة.

الدعم الدولي المطلوب:

في خضمّ الصراع الدائر في السودان، يواجه الإعلام المستقل تحدياتٍ جمةٍ تهدد وجوده ودوره في المجتمع.

ونحن، في منتدى الإعلام السوداني، نُناشد المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل والضغط على طرفي الحرب لتحقيق خمسة مطالب أساسية:

1.  وقف الحرب فورًا:

  • حث طرفي الحرب لوقفها فورًا، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين دون قيود أو شروط.

2. حماية الصحفيين:

  • توفير الحماية للصحفيين والصحفيات، بما في ذلك المراسلين الأجانب، ليتمكنوا من أداء واجبهم بحريةٍ وأمانٍ. كما نناشد المجتمع الدولي المساهمة في توفير صندوق الاسعافات الاولية ( (IFAKوكل مستلزمات First Aid protocol in combat conditions حيث تفتقر المؤسسات الاعلامية المحلية لهذا النوع من الحماية.
  • ونُؤكّد على ضرورة الضغط على طرفي الحرب للالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية والقانون الإنساني الدولي.

3. ضمان حرية التنقل:

  • تمكين الصحفيين والصحفيات من التنقل بحريةٍ واستقلاليةٍ بمعداتهم وأدواتهم الصحفية للتغطية الصحفية المستقلة.
  • ونُؤكّد على ضرورة تمكينهم من الوصول إلى أيّ منطقة أو موقع دون مُضايقات أو فرض قيود أو رقابة أو شروط.

4. دعم الصحافة المستقلة:

  • نُطالب بتقديم الدعم المالي واللوجيستي للمؤسسات الصحفية المستقلة حتى تستطيع أن تُنهض بعملها العاجل والملح والمستقبلي المُطلوب.
  • ونُؤكّد على أنّ توقف المؤسسات الإعلامية والصحفية داخل السودان بسبب الحرب أدى إلى سيادة الدعاية الحربية والأكاذيب والتضليل ونشر خطاب الكراهية من طرفي الحرب، ممّا جعل الحقيقة ضائعة.

إنّ هذه المطالب تُمثّل الحدّ الأدنى من الدعم الدولي المطلوب لضمان صحافة حرةٍ ومسؤولةٍ في السودان.

نُناشد المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والعمل بجدٍّ لإنقاذ الصحافة السودانية من براثن الحرب، وحماية حقّ الشعب السوداني في الحصول على معلوماتٍ صحيحةٍ ومُحايدة.

Welcome

Install
×