مفوضية حقوق الإنسان توثق مقتل 3,384 مدنيا في السودان خلال ستة أشهر

صورة توثق آثار القصف في الفاشر- وسائل التواصل
جنيف: 20 سبتمبر 2025: راديو دبنقا
كشفت مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان عن توثيقها مقتل ما لا يقل عن 3,384 مدنيا في السودان في الفترة ما بين 1 يناير و30 يونيو 2025م، معظمهم في دارفور، تليها كردفان والخرطوم. وأشار تقرير صادر عن مكتب المفوضية الى ان هذا العدد يمثل حوالي 80% من إجمالي الضحايا المدنيين الموثّقين خلال عام 2024 البالغ عددهم حوالي (4,238) منوها الى أنه من المرجح أن يكون العدد الحقيقي للضحايا أعلى بكثير.
وأبان أن 70% من الإصابات (2,398) وقعت أثناء سير الأعمال العدائية، حيث واصلت الأطراف شن هجمات في مناطق مكتظة بالسكان، مستخدمةً القصف المدفعي والغارات الجوية والطائرات المسيرة. وكانت العديد من الهجمات الكبرى وحوادث الإصابات الجماعية مميتة بشكل خاص. ولفت الى انه في أبريل الماضي، أسفر هجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر ومناطق أخرى في شمال دارفور عن مقتل ما لا يقل عن 527 شخصاّ، من بينهم أكثر من 270 شخصاّ في مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين. بينما أسفرت غارات جوية شنتها القوات المسلحة السودانية في مارس الماضي على سوق طرة في شمال دارفور عن مقتل ما لا يقل عن 350 مدنياّ، من بينهم 13 فرداّ من أسرة واحدة.
قتل باجراءات موجزة
يوثّق تقرير مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان عمليات قتل غير مشروعة لما لا يقل عن 990 مدنياّ خارج نطاق الأعمال العدائية، بما في ذلك عمليات إعدام بإجراءات موجزة. وذكر أن بين شهري فبراير وأبريل، تضاعف عدد هذه العمليات ثلاث مرات، ويعود ذلك ــ في جزء كبير منه ــ إلى تصاعد عمليات الإعدام بإجراءات موجزة، لا سيما في الخرطوم، بعد أن استعادت القوات المسلحة السودانية والمقاتلون المتحالفون معها الأراضي التي كانت تسيطر عليها سابقاّ قوات الدعم السريع في أواخر مارس، وما تلا ذلك من حملات انتقامية واضحة ضد “المتعاونين” المزعومين.
قال شاهد راقب عمليات تفتيش القوات المسلحة السودانية في الأحياء المدنية بمنطقة شرق النيل بالخرطوم بين مارس وأبريل، إنه رأى أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم 14 أو 15 عاما يُقتلون بإجراءات موجزة، بتهمة الانتماء إلى قوات الدعم السريع. كما نفذت قوات الدعم السريع عمليات إعدام بإجراءات موجزة في الخرطوم، مع اقتراب القوات المسلحة السودانية والمقاتلين المتحالفين معها من مواقعها.
وحصلت مفوضية حقوق الانسان في 27 أبريل، لقطات فيديو تظهر إعداماّ بإجراءات موجزة على يد مقاتلي قوات الدعم السريع لما لا يقل عن 30 رجلًا بملابس مدنية، بينهم بعض من بدوا أطفالا، في منطقة الصالحة بأم درمان، بعد اتهامهم بالانتماء إلى القوات المسلحة السودانية.
وأشار التقرير أيضا إلى “أنماط متكررة من العنف الجنسي المرتبط بالصراع، والذي يُستخدم كسلاح حرب كجزء من هجمات أوسع نطاقا تنطوي على انتهاكات أخرى”. وتُعدّ الهجمات الموجهة ضد المدنيين وعمليات القتل العمد انتهاكاتٍ جسيمة للقانون الإنساني الدولي وللحق في الحياة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. وقال فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ان النزاع في السودان نزاعًا أصبح منسيًا، وآمل أن يُسلّط تقرير مكتبي الضوء على هذا الوضع الكارثي الذي تُرتكب فيه جرائم وحشية، بما فيها جرائم حرب”.
جرائم أخرى
أدى الصراع إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ يواجه 24.6 مليون شخص انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي وسط تزايد خطر المجاعة، ويفتقر 19 مليونًا إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، مع استمرار تفشي الكوليرا. ومع ذلك، وفي هذا السياق المأساوي، يوثق التقرير استمرار الهجمات على الأهداف والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية والأسواق والبنية التحتية للطاقة ومصادر المياه والقوافل الإنسانية. ونبه التقرير الى مقتل ما لا يقل عن 30 عاملًا في المجالين الإنساني والصحي خلال فترة الأشهر الستة التي يغطيها التقرير، بما في ذلك في هجمات مُستهدفة.
ووثق التقرير كذلك انتشار الاعتقال التعسفي على نطاق واسع، والذي غالبًا ما يستهدف الأفراد المتهمين بالتعاون مع الطرف الآخر، وقال انه يتضمن تصنيفًا عرقياً. واضاف: تعرّضت شخصيات من المجتمع المدني، بمن فيهم متطوعون محليون في المجال الإنساني، للاعتقال التعسفي والقيود والاعتداءات. وأفادت التقارير بمقتل ما لا يقل عن سبعة صحفيين وإعلاميين في النصف الأول من عام 2025.
وقالت المفوضية “يجب أن ينتهي هذا العنف، بجميع أشكاله البشعة” لكنها نبهت في ذات الوقت الى ان لافلات من العقاب لا يزال يُفاقم دوامة الانتهاكات والتجاوزات. مشددة على انه لوقف هذا العنف، لا بد من محاسبة المسؤولين.
خطاب الكراهية
أشار تقرير مفوضية حقوق الانسان الى ان هذه الحوادث تنطوي على خطاب الكراهية والتحريض على العنف، حذر المفوض فولكر تورك من أن “تزايد الطابع العرقي للصراع، والذي يبني على التمييز وعدم المساواة طويل الأمد، يشكل مخاطر جسيمة على الاستقرار والتماسك الاجتماعي على المدى الطويل داخل البلاد”.
وأكد على انه يجب على الدول أن تواجه هذا الواقع المرير الذي تطور الآن إلى أزمة حماية أوسع نطاقاً وأكثر إثارة للقلق، وأن تستخدم نفوذها لإنهاء هذا الصراع. محذراً من انه ستُزهق أرواح كثيرة ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين، وما لم تُسلّم المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق.