مظاهرات في تلودي بجنوب كردفان بسبب تسمم كيميائي أودي بحياة 35 شخصًا

نفوص=ق حيوانات يعتقد أنه بسبب انشطة التعدين في التقوله بجنوب كردفان -اكتوبر 2025 -راديو دبنقا
أمستردام – راديو دبنقا – الأربعاء 22 أكتوبر 2025م
شهدت مدينة تلودي بولاية جنوب كردفان صباح اليوم الأربعاء احتجاجات واسعة بعد تفشي حالات يعتقد أنها تسمم كيميائي بسبب أنشطة التعدين التي تُستخدم فيها مواد كيميائية ضارة بالصحة والبيئة و أدت إلى وفاة 35 شخصًا وإصابة 245 آخرين خلال الأيام القليلة الماضية. وقد فجّرت هذه التطورات موجة غضب شعبي واسعة.
وبحسب ناشطين بيئيين تحدثوا إلى راديو دبنقا، فإن الأعراض تتمثل في قيئ مصحوب بزبد وحمى مرتفعة مصحوبة باسهال، مشيرين إلى أن الجهات الرسمية تتكتم على نتائج التشخيص فيما تنفي مصادر صحية ما يشاع من أنها حالات كوليرا. وجاءت الاحتجاجات جاءت بعد تزايد عدد حالات الوفاة والإصابة بشكل سريع ومفاجئ، ما أثار مخاوف المواطنين ودفعهم إلى تنظيم مسيرة سلمية كبيرة داخل مدينة تلودي.
وأكد الناشطون أن المظاهرات سارت في أجواء مشحونة بالتوتر، وسط قلق من احتمال وقوع صدامات بين المحتجين والقوات الأمنية إذا لم تستجب السلطات المحلية والعسكرية لمطالبهم خلال الساعات القادمة.
وأوضح المتظاهرون أن أنشطة التعدين التي تجري في محيط المدينة ومنطقة التقولة تُستخدم فيها مواد خطرة وغير مصرح بها، أبرزها السيانيد والزئبق، وهي مواد يُعتقد أنها المصدر الرئيس لحالات التسمم الجماعي التي شهدتها المنطقة في الأيام الماضية.
ترحيل الخلاطات إلى داخل الحامية العسكرية
وأشار عدد من الناشطين إلى أن السلطات العسكرية قامت خلال الأيام الأخيرة بترحيل عشرات الخلاطات المستخدمة في استخلاص الذهب من مخلفات التعدين إلى داخل الحامية العسكرية بمدينة تلودي، في خطوة وصفها المواطنون بأنها غامضة ومثيرة للريبة.
ويعتقد الأهالي أن هذه الخلاطات هي السبب المباشر في الكارثة الصحية الحالية، خاصة أنها تستخدم مواد كيميائية سامة دون رقابة أو تراخيص رسمية، الأمر الذي أدى إلى تلوث المياه والتربة في المناطق المجاورة لمواقع التعدين.
وضع صحي كارثي
وقال ناشطون بيئيون لراديو دبنقا إن الوضع الصحي في مدينة تلودي ومنجم التقولة يُوصف بالكارثي، بعد أن تجاوزت حصيلة الوفيات 36 حالة، بينما ارتفع عدد الإصابات المؤكدة إلى 245 حالة حتى يوم الأربعاء.
وأضافوا أن الإصابات التي كانت تُسجّل في السابق بين الوافدين من منطقة التقولة بدأت الآن تظهر من داخل مدينة تلودي نفسها، ما يشير إلى انتشار محلي واسع للتلوث الكيميائي وتزايد احتمالات إصابة أعداد أكبر من السكان خلال الأيام المقبلة.
وحذر الناشطون من خطر انهيار النظام الصحي في المدينة في ظل محدودية الإمكانات الطبية وغياب فرق الاستجابة السريعة، داعين إلى تحرك عاجل من السلطات الصحية والمنظمات الإنسانية لتقديم الدعم الطبي والإغاثي للسكان، إلى جانب اتخاذ تدابير وقائية فورية لاحتواء الأزمة قبل تفاقمها.
تعتيم إعلامي
وفيما يتعلق بإجراءات السلطات، كشف ناشطون عن زيارة ميدانية أجراها وفد من الشركة السودانية للموارد المعدنية يوم الثلاثاء إلى منجم التقولة بهدف تقييم الأوضاع الصحية ومعاينة مواقع التعدين المتأثرة.
غير أن المصادر نفسها أكدت أن اللجنة الأمنية المحلية رفضت مقترحًا بالنزول الميداني المباشر إلى المناطق المنكوبة دون تقديم مبررات واضحة، مكتفية بتفويض الشركة السودانية لإجراء المسح الفني وتقديم تقريرها لاحقًا.
وفي تطور لافت، أصدرت اللجنة الأمنية توجيهات صارمة تمنع نقل أو نشر أي أخبار أو معلومات حول الحادثة، مع تهديدات بمساءلة كل من يتحدث عن الأزمة أو يشارك تفاصيلها عبر وسائل الإعلام أو المنصات المحلية.
ووصف ناشطون هذا الإجراء بأنه تعتيم إعلامي متعمد يهدف إلى منع تداول المعلومات حول حجم الكارثة البيئية والصحية التي تشهدها تلودي.
قلق شعبي
وأكدت المصادر المحلية لراديو دبنقا أن التعتيم المفروض على الأزمة أثار قلقًا واسعًا بين سكان تلودي والمناطق المجاورة، الذين يعيشون في حالة من الذعر وعدم اليقين بسبب انتشار المياه الملوثة وتسرب المواد السامة إلى المواقع السكنية.
ويرى المواطنون أن السكوت الرسمي على الكارثة وتقييد تداول المعلومات يشكلان خطرًا إضافيًا على حياة المواطنين، لأن عدم معرفة حجم المخاطر يحرمهم من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم وأسرهم.
وطالب الناشطون في حديثهم لراديو دبنقا السلطات الصحية والبيئية القومية بالتدخل الفوري لإجراء تحقيق مستقل وشفاف حول أسباب التسمم الكيميائي وانتشاره، وإيقاف كافة أنشطة التعدين التي تستخدم مواد ضارة حتى انتهاء التحقيق، مؤكدين أن صحة الإنسان والبيئة يجب أن تكون أولوية فوق أي اعتبارات اقتصادية أو سياسية.
والجدير بالذكر أن محلية تلودي شهدت احتجاجات متكررة منذ العام 2014، وصلت ذروتها في 2019 عندما اندلعت مواجهات مسلحة بين شباب المنطقة والأجهزة الأمنية، أسفرت عن سقوط قتلى وحرق مقار الشركات وعدد من الآليات.