مساعد أمين عام حزب الأمة لدبنقا: وضع إداري مزدوج في السودان ولابد من الحوار للخروج من الأزمة


قال مساعد الأمين العام لحزب الأمة القومي الدكتور عبد الحليم عيسي تيمان أن الحرب أخذت في الاتساع بشكل مخيف، مشيراً إلى أن كل المؤشرات تدل على أن الفوضى ستعم معظم البلاد، وحذر في حوار مع راديو دبنقا من انسداد الافق وخاصة مع تعثر وصول المساعدات الإنسانية بين شرق وغرب البلاد مع الحاجة الملحة لوصول المساعدات الإنسانية إلى مدن ومناطق الجزيرة ودارفور وكردفان والنيل الأبيض والمتأثرين أو المحاصرين في مناطق النزاعات، ودعا الأطراف المتحاربة لتوفير بيئة آمنة ومساعدة للعمليات الإنسانية بغض النظر عن من يسيطر على المنطقة. ف إلى مضابط الحوار
القاهرة: الثلاثاء 23 أبريل 2024: راديو دبنقا
حوار: محمد سليمان

• مع مرور عام على الحرب في السودان، كيف يحسم هذا الصراع، وما أفق ومستقبل هذا الصراع، وهل هناك بصيص أمل لتحقيق السلام والاستقرار في السودان ؟

من الواضح أن هذه الحرب اللعينة أخذت في الاتساع بشكل مخيف، وكل المؤشرات تدل على أن الفوضى ستعم معظم الأراضي لذلك نحن نحذر من طريق مسدود وخاصة مع تعثر المساعدات الإنسانية بين شرق وغرب البلاد لذلك هناك حاجة ملحة لوصول المساعدات الإنسانية إلى مدن ومناطق الجزيرة ودارفور وكردفان والنيل الأبيض والمتأثرين أو المحاصرين في مناطق النزاعات. لذلك يجب على الأطراف المتحاربة توفير بيئة آمنة ومساعدة للعمليات الإنسانية بغض النظر عن من يسيطر على المنطقة، ويجب فتح الطرق التجارية من الدبة إلى دارفور ومن كوستي إلى كردفان أو من بورتسودان إلى الجزيرة والنيل الأبيض وخاصة أو موسم الخريف (الامطار) يهدد بقطع الطريق الوحيد الذي يربط بورتسودان ويغذي الجزيرة والنيل الأبيض وكردفان الكبري وعلى الطريق الذي سيمر على طريق سنجة لأن الطريق القومي مغلق بسبب النزاع بين الطرفين.
لذلك نحن نعتقد أن هذا الصراع الآن أخذ أبعاد خطيرة جداً وترتب علية تداعيات كبيرة وخطيرة على الأوضاع الإنسانية والأمنية وتماسك الدولة ولذلك هناك ضرورة لدعم الجهود الوطنية لوقف الحرب وإيصال المساعدات والتفاوض بين المكونات الوطنية لوقف الحرب واستعادة المسار السياسي لأنه ليس هناك من سبيل لحل المشاكل السودانية عن طريق السلاح.
نحن نتحارب منذ الاستقلال حتي الآن. يجب وقف الحرب والعمل على مخاطبة أسباب الحروب والصراعات ونناشد المنظمات الإنسانية الإقليمية والدولية بالتدخل الفوري لإنقاذ النازحين في دارفور ومختلف أنحاء السودان من خطر المجاعة.
في الظرف الحالي يجب على الجميع اليقظة والحذر والتسلح بوحدة الكلمة بدلاً عن تهييج المجتمع ونشر الخلافات وتقسيم المجتمع إلى قبائل موزعة بين الفريقين قبائل تدعم الجيش وقبائل تدعم الدعم السريع.
• فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية كانت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح تنقل المساعدات وتؤمن القوافل التجارية وتقوم بتوصيلها إلى دارفور لكن الانقسام الذي حدث في القوة المشتركة بانضمام بعضها للجيش ضد الدعم السريع فيما تسمك البعض بموقف الحياد هذا الموقف إلى أي مدي يمكن أن يؤثر هذا الانقسام على المواطنين السودانيين وبالأخص على إنسان دارفور؟

القوة المشتركة كانت في بداية الحرب تنقل المساعدات الإنسانية إلى دارفور وتؤمن القوافل التجارية من بورتسودان مروراً بكوستي عن طريق الأبيض إلى الفاشر، وكذلك كان هناك انسياب للقوافل التجارية من الدبة إلى الفاشر. توقفت هذه القوافل تماماً عندما قررت مجموعة الانحياز إلى الجيش مجموعة القائد مناوي والدكتور جبريل وعبد الله جنا مقابل مجموعة أخري استمرت في موقف الحياد مثل مجموعة الدكتور الهادي إدريس والطاهر حجر وآخرين وكذلك عبد الواحد محمد النور التزم الحياد. أدي ذلك لانقطاع طرق التجارة تماماً ما بين شرق وغرب البلاد، وهذا يؤثر على إمدادات الصادر من الغرب إلى الشرق وسلاسل الغذاء أيضاً من الشرق إلى الغرب.
واعلن الدعم السريع أعلن إنشاء وكالة للإغاثة في مناطق سيطرته وإلغاء مفوضية العمل العون الإنساني في 19 أبريل الجاري ومعتمدية شؤون اللاجئين في كل المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع واستبدالها بالوكالة الوطنية للإغاثة والعمليات الإنسانية.
هذا يعني أن المنظمات التي تريد توزيع الإغاثة في مناطق سيطرة الدعم السريع عليها أن تنسق مباشرة مع الدعم السريع من خلال من خلال الوكالة السودانية للإغاثة هذا الأمر يدل على أن هناك وضع إداري مزدوج في الدولة.

• ذكرت أن هناك وضع إداري مزدوج واستخدام الطرفين المساعدات الإنسانية كورقة للضغط وفي نهاية الأمر المواطن هو من يدفع الثمن؟

الضحية هو المواطن في ظل الصراع المتصاعد وعدم إمكانية التنسيق بين الحركات المسلحة والدعم السريع وهذا الأمر سوف يتصاعد لأن الدعم السريع أعلن أن حركة تحرير السودان قيادة مناوي في هدف في كل الأماكن التي يسيطرون عليها وبالتالي لا تستطيع الآن قوافل الإغاثة المرور عبر الطينة إلى عمق دارفور وكذلك لا تستطيع أن تأتي عن طريق الدبة لأن المناطق من الدبة والدامر وابو زعيمة مروراً بودعة وشعيرية وحتي جنوب دارفور مناطق يسيطر عليها الدعم السريع كما يسيطر على مناطق مليط وشمالاً إلى كتم وغيره. إذن الإغاثة لا تستطيع أن تمضي شمالاً أبعد من كتم وغرباً لا تستطيع أن تمرر الإغاثة عن طريق الجنينة مروراً بسرف عمرة وكبكابية و إلى الفاشر.
كل الطرق المؤدية إلى دارفور تقطعت تماماً بسبب سيطرة الدعم السريع على طرق كثيرة. الآن دارفور أصبحت كصندوق وهذا الوضع ينطبق على النيل الأبيض ومع الخريف وكذلك كردفان ومع توقف طريق بورتسودان الدبة ليس هناك منفذ إلا جنوب السودان وهذا المنفذ سوف يتوقف في الخريف. هذا الأمر له تداعيات خطيرة جداً ونحن من الآن نحذر على أساس أن يكون هناك تنسيق وفتح طريق للمساعدات الإنسانية بغض النظر عمن يسيطر على تلك المناطق.

• حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي قال أن قوات الدعم السريع تسعي لتكوين دولة في غرب السودان وأنت ذكرت أن هناك وضع إداري مزدوج في السودان كيف تقييم تصريحات مناوي مع الوضع الإداري المزدوج ؟

الواقع فيما يخص تكوين دولة، نحن نحكم بما لدينا من التزامات وتصريحات وخطابات وهم ملزمين بما يقولون. وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو أكد في أكثر من مناسبة معارضته القاطعة لأي محادثات أو مقترحات تشكك في وحدة السودان أرضاً وشعباً،
نحن كسودانيين نرفض أي أفكار لتقسيم البلاد على أساس إقليمي للخروج من هذا الصراع لان الخروج من هذا الصراع يكون من خلال مفاوضات بين المكونات السودانية يؤدي إلى حل شامل يحقق مستقبل مستقر للسودان. أما فيما يخص حديث مني حول تقسيم البلاد يبدو أن هناك صراع في محور المساعدات الإنسانية والذي يمتلك المساعدات الإنسانية يمتلك تأثير على المجتمع،
هناك أيضاً اتهامات ربما تكون المساعدات الإنسانية مدخلا لتهريب الأسلحة وما إلى ذلك أو فرصة للقيام ببعض المهام الاستخباراتية. الواقع الآن الدعم السريع دولة داخل دولة من ناحية إدارية لأنها تعيش على مقدرات الدولة كما هو الحال في ليبيا من خلال استغلال الموارد والضرائب والجمارك وما إلى ذلك بالإضافة إلى إنشاء وكالات لتسيق وتوزيع الإغاثة هذا يعني أن الدعم السريع سينسق مباشرة مع المنظمات الدولية.

• كذلك حركة تحرير السودان قيادة مناوي أغلقت مكاتبها في أماكن سيطرة قوات الدعم السريع. كيف تقرأ هذه التطورات في ظل الأزمة الراهنة و إلى أين تتجه الأمور؟
أما فيما يخص حديث مني حول إغلاق مكاتبه في دارفور اعتقد أن هناك مشكلة داخلية في حركة تحرير السودان، وهناك حديث عن استقالات جماعية لقيادات حركة تحرير السودان، وقد أعلن عن ذلك محمد حسين أمين الشؤون القانونية للحركة وقالوا أن خروج مناوي عن الحياد يمثل قرار اتخذه رئيس الحركة هذا تطور خطير.
أعتقد أن مناوي ذهب في اتجاه قفل جميع مكاتب الحركة هو يعمل على إيقاف نزيف تساقط قياداته في المكاتب المنتشرة في دارفور لكن الحديث هنا ربما عن إمكانية حدوث انشقاقات متتالية ربما ستضرب مكانة الحركة وتسبب لها تصدعا وتراجعا سياسيا واجتماعيا.
أعتقد أن انحياز مناوي وذهابه إلى القتال مع الجيش ستستمر تباين وجهات النظر في الحركة ولن تتوقف علماً بأن كثير من المناطق التي تسيطر عليها الدعم السريع في دارفور سيتم فيها تفاهمات محلية بشكل او بأخر مما قد يتسبب في إضعاف للحركة على مستوي دارفور.
ما هو المخرج من هذه الازمة في ظل هذه التعقيدات ؟
يجب أن يكون الاتجاه نحو الحلول بدلاً من استقطاب واستنساخ نفس التجارب الفاشلة للاعتماد على مجموعات مسلحة ككتائب الإسلاميين البراء وغيره الذين ثبت فشلهم في التصدي للدعم السريع وحسم المعركة والدليل على ذلك أن الحرب استمرت لسنة.
الآن الحكومة تعتمد على مجموعات مسلحة أخري وهذه مسألة خطيرة وهذا الوضع الهش سيكون مصدر جذب للجماعات المتطرفة وربما ينشر الإرهاب في البلد في ظل تنامي قدرات المجموعات العسكرية مادياً وبشرياً وتنامي عمليات استقطاب المقاتلين على الأسس العرقية وهذا يؤدي إلى اتساع نطاق الصراع.
وهنالك مخاطر انتشار السلاح في أيادي المواطنين بهذه الطريقة الواسعة ستتحول مجموعات سكانية كبيرة إلى مليشيات وما حدث في ليبيا ولبنان وستتحول إلى عشرات المليشيات وستتقاتل فيما بينها ولذلك الآن لدينا تجربة قد تكون مماثلة نحن نسير في نفس الطريق الليبي في إنشاء كتائب المستنفرين والإسلاميين وما إلى ذلك.
الحل هو ان نقتنع جميعا بأن لا حل من خلال الحرب. والحروب الحديثة كلها أخذت عشرات السنين وانتهت بالتفاوض بعدما دمرت كل مقدرات البلاد لذلك الظرف الح إلى يتطلب من الجميع العودة إلى وحدة الكلمة والاستفادة من الدعم الدولي والمنابر التي تحاول أن تقدم المساعدة للسودان وعلى السودانيين أن يجلسوا مع بعض من أجل استعادة المسار الديمقراطي ومن أجل المحافظة على وحدة بلدنا وأيضاً معالجة التداعيات الإنسانية بأسرع وقت وكل ذلك من أجل المواطن.