مبادرة فلول النظام !!

استمعت في منبر سونا المبثوث بتلفزيون السودان الرسمي وعلى مدار نحو ساعتين ظهر يوم الخميس 17 يناير 2022، للمبادرة الوطنية الشاملة:

رباح الصادق

 

بقلم : رباح الصادق 

 

استمعت في منبر سونا المبثوث بتلفزيون السودان الرسمي وعلى مدار نحو ساعتين ظهر يوم الخميس 17 يناير 2022، للمبادرة الوطنية الشاملة:
رؤية حكماء السودان لحل الازمة وصناعة المستقبل السوداني.
قدم المبادرة استاذ التخطيط الاستراتيجي ب. محمد حسين ابو صالح، وتحدث كل من ب. محمد علي شمو والاسقف جوناثان حماد كوكو.

(تلخيص المبادرة) 

أولاً: ذكر أبو صالح أن المؤسسة وراء هذه الرؤية اسمها (بيت الحكمة) أسست قبل سبع سنوات كمؤسسة علمية اكاديمية تهدف لوصول السودانيين لرؤية استراتيجية شاملة. فقامت بدراسة أوضاع السودان وتجارب 38 دولة واجرت دراسة ميدانية لاستطلاع رؤى الناس في السودان هي الأكبر من نوعها منذ الاستقلال. واصدرت تحليلا استراتيجيا من ٩ مجلدات في ٥٤٠٠ صفحة. ومن هذا المجهود نسلت رؤيتهم الحاضرة التي تخاطب الأزمة الحاضرة ولا تقتصر عليها بل تخاطب كذلك المستقبل..

تركز الرؤية على ضرورة وضع استراتيجية الدولة بصورة توافقية، وانهاء الاستقطاب وفتح صفحة انتقالية تاسيسية لا انتقامية تتجاوز مرارات الماضي على غرار جنوب أفريقيا ورواندا، محذرا من مغبة الغرق في خطاب الانتقام ونهايته حرب ودمار، وضرورة مخاطبة الانتهاكات منذ الاستقلال ومنها مجزرة فض الاعتصام بصورة حكيمة مؤكدا ان أسر الشهداء الذين حاضرهم يقبلون بمعادلة طي المرارات من أجل تحقيق تطلعات الشهداء لغد أفضل، محذرا من مآلات خطاب الانتقام وسيادته كما في سوريا. 

ثانياً: رؤية الحكماء للخروج من الأزمة تتطلب ترتيبات وصفها بالحكيمة اولها صياغة رؤية وطنية عبر حوار سوداني سوداني فالتخطي المتزايد للارادة الشعبية والسيادة الوطنية يغري باستباحة اكبر للدولة، والمطلوب ليس تخطي الازمة فقط بل التاسيس لصناعة المستقبل، وحساسية بعض القضايا تقتضي منصة وطنية، في إشارة مبطنة لعدم صلاحية المشاورات التي تتبناها الأمم المتحدة.

ثالثا: بحسب المبادرة يقتضي حل الازمة الحفاظ على الشراكة المدنية العسكرية مع تغيير حكيم للطاقم في الطرفين. واختيار مجلس سيادة جديد باغلبية ورئاسة مدنية من ١١ عضوا، المدنيون يمثلون الاقاليم والتخصصات المختلفة، والرئيس المدني يكون مستقلا وبخلفية عسكرية. ويكون برلمان ثلثه من مناضلي الشارع، وثلثه من مناضلي الفكر، وثلثه ممثلي النضال السياسي والعسكري. وتكون حكومة من كفاءات مستقلة. وتكون مفوضية لشؤون الشهداء والضحايا والعائدين لبحث التعويضات وجبر الضرر.  يكون للحكومة الانتقالية برنامج وطني خال من الميول الحزبية. 
رابعا: يكون مجلس الحكماء هو الحاضنة الوطنية للحكومة، ويكون فريق الرؤية التابع لبيت الحكمة مشرفا على الأداء.

خامساً: الحكماء ثلاثون ونيف تلا ابو صالح اسماءهم، وبعضهم/من تم الاتصال بهم/من وفي انتظار موافقتهم/ على الانضمام للمبادرة، وهم بحسب ما ذكر يمثلون رموز المجتمع في شتى المجالات منهم يوسف فضل، علي شمو، مصطفى ادريس البشير (مدير سابق لجامعة الخرطوم)، علاء الدين الزاكي، محمد علي التوم، كرار عبادي، محجوب حسن سعد (مدير سابق للشرطة)، عبد الوهاب الادريسي، البخاري الجعلي، جوناثان حماد كوكو (قس)، عبد القادر الكتيابي، مدثر عبد الرحيم، علي قاقرين، وأحمد المهدي (الذي انعم عليه ابو صالح بلقب السيد الإمام وذكر  انه كان يفترض ان يكون في المنصة لولا سفره للولايات المتحدة). لا توجد في قائمة الحكماء الحاليين أية امرأة وكل النساء ذكرن ضمن قائمة المنتظر ردهم/ن وهن بخيتة أمين، ست النفر محجوب، رقية السيد الطيب ومحاسن حاج الصافي، ومن ضمن المنتظر موافقتهم عبد الله علي إبراهيم، وعمر عبد الماجد (الشاعر والسفير السابق) ود. بشير عمر (وصف بانه وزير مالية اسبق في فترة انتقالية وقد كان وزير مالية في حكومة الديمقراطية الثالثة المنتخبة).

(تعليقي) 

أعلق على عرض ابو صالح بالنقاط التالية:

(1)

 بيت الحكمة تكون قبل سبع سنوات، اسسه ابو صالح نفسه، المحاضر باكاديمية الأمن العليا إبان عهد الإنقاذ، ووزير الشؤون الاستراتيجية بولاية الخرطوم منذ يناير 2017 وحتى استقالته في سبتمبر 2018م احتجاجا على عدم تمويل خطط وزارته كما ينبغي، وقد عين بعد استقالته مباشرة مستشارا للشؤون الاستراتيجية والمعلومات لولاية الخوطوم، في سبتمبر 2018م، اي ينطبق عليه وصف المبعدين عن المشهد حتى اشعار آخر (المؤتمر الوطني والذين شاركوه الحكم حتى سقوطه).

(2)

الدافع الأساسي وراء المبادرة هو نقض مشاورات المبعوث الأممي، يتساءل ابو صالح: لماذا التعويل على الخارج؟ هل الفكر ام الخبرة ام المعرفة؟ ليرد بالنفي، والرد على السؤال ببساطة: غياب الثقة، المصداقية، والنزاهة. في قائمة حكمائكم الثلاثين الاجلاء اثنين او ثلاثة بالاكثر من الذين وقفوا إلى جانب الشعب وثورته بلا لجج، ومنهم من وقفوا إلى صف الجلاد بلا ريب او صمتوا فلم يظهر لهم موقف جلي، وهم الغالبية، كيف وبأي سلطان تنصبون انفسكم حكماء وحاضنة لحكومة اتت يها الثورة لتحقيق أهدافها؟ وما الذي يجعلنا نأمن لتحكيمكم، وماذا لو كانت إعادة لخدعة المصاحف على اسنة الرماح، فنكرر تصديق ابي موسى الاشعري لمراوغة عمرو بن العاص: نخلع جماعتنا وتتشبثوا بجماعتكم؟ الفرق يا سيادة استاذ التخطيط القومي الاستراتيجي أنه لا قيمة لاتفاق او جلوس مع عسكر اليوم إلا برقابة وضمانة دولية. لقد كنا معهم في شراكة تراضي تواثقنا عليها دستوريا بعد تفاوض مضن تخللته مواكب وهتافات وتنازلات من الطرفين، ثم اصبح الصبح عليهم فخانوا الشراكة ومزقوا ما ارادوا من الوثيقة، فإذا كانوا خانوا التواثق المباشر بيننا بدون ان يرجف لهم جفن، فكيف نضمن ان يلتزموا بتواثق يتبناه بعض مخدميهم في اكاديمية الأمن او (بيت الحكمة) الذي صنع على اعينهم؟
ثم كيف نقبل شراكة معهم من جديد؟ 

(3)

قيل كلام جيد كثير حول دراسة ميدانية استطلعت 400,000 سوداني حول ما يريدون لبلادهم، ورؤى استراتيجية، فأين كانت تلك الرؤى ونتائج الاستطلاعات الضخمة غير المسبوقة طيلة الفترة الماضية؟ ولماذا لم نسمع بها إلا حين خرج فولكر معلنا مشاوراته؟
لقد تعلمنا من الحكومة التي كنت فيها وزيرا ومستشارا أيها السيد ان سوء الظن من حسن الفطن..

(4)

حتى لو اقنعتنا فصدقناك،  فكيف نصدق الجماعة التي تقتلنا بالعشرات وتقول لم يمت سوى واحد سقط من السقالة؟ ولن يجلس معها أحد الا برقابة دولية.. طبعاً  حتى الآن فإنها لم تنفذ اي شرط من شروط تهيئة المناخ للجلوس نفسه، والشارع اغلبه يرفض فكرة الجلوس بالأساس، حتى الجزء المدرك لأن وقف الدم لن يكون إلا بالتنازل والجلوس يجره العسكر كل يوم بالوحشية لخانة التشدد..
خطابك لا ينبغي ان يوجه لنا في منبر سونا، بل ان تحاضر به في الأكاديمية، وتلقيه على اسماع المجلس العسكري وزبانيته.. 
اما الجلوس المراقب دوليا فهو خيار مؤسف نذهب اليه مرغمين بسبب الخيانة والكذب المستمرين، لكن الادهى وأمر اننا حتى لو جلسنا إليهم وحدنا بدون حضور دولي، فالسيادة منتهكة حتى النخاع والاوامر تاتيهم من تل ابيب، وعواصم اخرى، والطائرات السرية كل يوم تطير من مطار الخرطوم او تحط فيه تحمل آمرا او مأمورا..
وحسبنا الله ونعم الوكيل.