كلامٌ مرفوض مرفوض .. مرفوض !! ..

حديث السيد البرهان ونائبه يحمل في جملته وعمومه رسالة سالبة.. فحديثهما مجموعة (غير موفقة) من العبارات العدائية والتفسيرات المعكوسة و(القراءات الخاطئة) حالفها قدر كبير من التجني على الحكومة المدنية وحاضنتها الشعبية السياسية

بقلم: د. مرتضي الغالي

حديث السيد البرهان ونائبه يحمل في جملته وعمومه رسالة سالبة.. فحديثهما مجموعة (غير موفقة) من العبارات العدائية والتفسيرات المعكوسة و(القراءات الخاطئة) حالفها قدر كبير من التجني على الحكومة المدنية وحاضنتها الشعبية السياسية وعلى الثورة بغير مراعاة لحساسية المرحلة في الساعات القليلة التي أعقبت المحاولة الانقلابية الغامضة.. وهو انقلاب على الجيش نفسه في أقل تقدير..! وما قالاه يزيد من الاحتقان ويمكن لأي شخص أن يفسّر حديثهما بأن أقرب إلى المكايدات العقيمة التي لا ينبغي أن تصدر عن رجال وضعتهم الأقدار في مواقع ذات تأثير.. وما قالاه يصب مباشرة في مصلحة الفلول..بل أن حديثهما هذا يمكن تصنيفه بما يماثل (حالة أخرى للانقلاب) على الثورة وعلى المرحلة الانتقالية..!!

(الردّة مستحيلة) ولا تنازل عن الثورة…ولا زال الشعب يأمل أن تتم مراجعة مثل المواقف العدائية تجاه الثورة وحاضنتها (الحرية والتغيير التي لا بديل لها)..وللأسف أننا سمعنا مثل هذا الكلام في الفترة التي أعقبت مجزرة فض الاعتصام وقد كان الحديث من جانب قادة المكوّن العسكري أقرب إلى مسايرة من قاموا بفض الاعتصام أو (على اقل تقدير) محاولة استثمار تلك الجريمة المروّعة.. والشعب كله يعلم التصريحات التي أعقبت فض الاعتصام من الشركاء العسكريين؛ بل الأفعال التي أعقبت فض الاعتصام من محاولات استبدال حاضنة الثورة بكيانات مصنوعة كان ظن من هندسوها والتقوا بها أنها يمكن أن تكون حاضنة بديلة مع الظن بان الشعب سوف يتم ترهيبه وتدجينه وسوف يستكين بعد تلك المحرقة الدموية..!!

لقد كان حديث الرجلين تدخلاً سافراً في شؤون ليست من شؤونهما.. وكان الأوجب أن ينكفئ قادة الأجهزة النظامية على واجبهم الأول وهو منع تفلتات الإجرام المسلحة والعصابات المنظمة ومن يهددون الدولة بالخروج على القانون وقفل الطرق وتحدى الحكومة بدلاً من هذه التدخلات السياسية ومهاجمة السياسيين والحكومة عبر منابر الخطابة..وبما إنكما تحدثتما عن صراع السياسيين على الكراسي كم طلقة رصاص انطلقت بينهم…؟! وما شأنكما بتباينات مواقف السياسيين حتى تحكمان عليها..؟! ثم ما هي المشكلة في أن يهيب القادة المدنيون بالشعب أن يهب لحماية ثورته….! الآن نحن نقولها بالفم المليان (أيها المواطنون هبوا للدفاع عن بلادكم وحماية الانتقال)..!! ما هي المشكلة في ذلك..؟! وإلى أين يمكن أن يذهب بنا هذا الفهم الخاطئ والتربّص الغريب الذي يجب أن يترفّع عنه من يريدون خيراً بالوطن والثورة..! ثم ما هذا الذي يقوله هذان الرجلان عن عدم دعوتهم إلى قاعة الصداقة…؟! وكيف يريد البرهان ونائبه أن يجعلا من القوات النظامية جزءاً من التحالفات والمبادرات السياسية بما ينافي طبيعة القوات النظامية ودورها..؟! وماذا يضير البرهان ونائبه في التأكيد على مدنية الحكم وهو مطلب الثورة الأول الذي أقرته الوثيقة الدستورية..؟! هل يريدان إحراق الوثيقة الدستورية.. وألم تنص الوثيقة على إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية وتنقيتها من (دفائن الإنقاذيين)..فماذا تمّ في هذا الشأن..؟!! ثم لماذا هذا الحديث (خفيف الوزن) عن نسبة اكتشاف الانقلاب للمكوّن العسكري، والناس جميعاً شركاء في فترة الانتقال..؟! كما إن الانقلاب العسكري كان معلوماً (للغاشي والماشي)..تحدثت عنه الصحف والأسافير قبل وقوعه.. بل كان معلوماً للفنيين والعاملين في الإذاعة.. فما معنى هذه العبارات الصغيرة عن (نحنا ونحنا ونحنا) في أمر لا يستوجب التباهي بكشف الانقلاب… ثم من هو المنوط به حماية الجيش وعناصره والوطن من الانقلاب على قيادة الجيش نفسها وعلى الدولة..!!

هذه أحاديث غير مقبولة.. ولا يزال الأمل معقوداً أن يعي القادة العسكريون أبعاد عباراتهم وأفعالهم وأن يضبطوا لهجة التخاطب في فترة محتقنة نلاحق جميعنا فيها مؤامرات الفلول وذيولهم وأعوانهم المندسين بين الصفوف.. وفي كل الأحوال هذه الثورة جاءت لتبقى مهما تعاظمت التحديات؛ وعلى أهازيج النور عثمان أبكر:(رفاقي في دروب الشمس قد نذروا بذار العمر…لإخصاب الحقول الشاسعات البور..غداً يزهو بورد السلم بالأفراح بالإنسان.. يكوّر جنةً في القلب.. يرفع جبهة للشمس.. يجري في المروج الخضر.. يفتح نافذات القلب.. ويدرك في هنيهة حُب..مجاهل عالم حارت به الرؤيا..طويل دربنا للفجر يا سُقيا ربيع الأرض..) والثورة منتصرة!!…