قرار البرهان بإخضاع القوات المساندة لقانون القوات المسلحة.. هل يشمل القوة المشتركة؟

البرهان يخاطب مؤتمر التعليم الإلكتروني - بورتسودان- 17 فبراير 2025- إعلام مجلس السيادة
تباينات حول تفسير القرار ودافعه
أمستردام – 18 أغسطس 2025 – راديو دبنقا
أصدر القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان قراراً يقضي بإخضاع جميع القوات المساندة للجيش والحاملة للسلاح لقانون القوات المسلحة لسنة 2007 وتعديلاته، وسط تباين في الآراء حول دوافع القرار وتوقيته، لاسيما أنه تزامن مع إحالة عدد من كبار الضباط وإعادة تشكيل هيئة الأركان.
وقال الخبير العسكري اللواء أمين مجذوب في مقابلة مع راديو دبنقا إن القوات المشتركة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، إضافة إلى القوات الأخرى التابعة للأجهزة النظامية، ستخضع بموجب القرار لقانون القوات المسلحة.
وأوضح أن القرار لم يطبق سابقاً بسبب تفرق هذه القوات في مناطق متعددة خلال الحرب، بينما كانت السيطرة عليها تتم عملياً في الميدان. وأضاف أن الحاجة إلى القرار برزت الآن مع الهدوء النسبي، إذ يتيح تنسيب الأفراد والضباط للجيش بما يوفر لهم مزايا مثل المرتبات ومعاشات الاستشهاد والفقدان أو العجز، فضلاً عن خضوعهم للقانون العسكري في حال ارتكاب مخالفات إدارية أو مالية أو جنائية.
ونفى مجذوب وجود دوافع سياسية وراء القرار، مستبعداً اعتراض القوة المشتركة عليه، لكونه يمنحها مكاسب مادية ومعنوية بجانب معالجة قضية مخالفات
موقف مغاير
في المقابل، قال إدريس لقمة، القيادي بحركة العدل والمساواة، عبر صفحته في فيسبوك، إن قرار البرهان لا يشمل القوات الموقعة على اتفاقيات السلام، التمثلة في القوة المشتركة، موضحاً أن هذه القوات مرتبطة ببرنامج الترتيبات الأمنية ووثيقة اتفاق جوبا التي تسود نصوصها على الوثيقة الدستورية عند التعارض.
وأضاف أن هذه القوات ستخضع لقانون القوات المسلحة بعد تنفيذ بنود الدمج والتسريح والإصلاحات المقررة. وأوضح أن المنشور يقتصر على القوات المتعاونة والمساندة مثل “درع السودان” و”البراءون” وتشكيلات المقاومة الشعبية، بهدف تجنب التفلتات الأمنية.
قرار “شكلي”
من جانبه، وصف اللواء بحري معاش معتصم العجب، القرار بأنه “شكلي”، مؤكداً أنه لن يحقق القيادة والسيطرة ما لم يُسبق ببرامج تدريب وتأهيل حقيقية لهذه القوات وفق أسس عسكرية.
وقال في حديثه لراديو دبنقا إن القيادة في العمليات الحربية لا تتحقق بالقوانين وحدها، بل عبر إعداد متدرج في المدارس والمعاهد ومراكز التدريب العسكري التي تغرس الانضباط والعقيدة القتالية.
وأشار إلى أن معظم هذه القوات غير مدربة على القانون العسكري، وأن إخضاعها له لن يكون ذا جدوى عملية. واعتبر أن انسحاب بعض التشكيلات من مواقعها دون أوامر يبرهن على ضعف السيطرة، مؤكداً أن الحل يكمن في إعادة تأهيل شامل ودمج تدريجي قبل أي تطبيق قانوني.
شكوك في التنفيذ
إلى ذلك، قال المحامي والخبير القانوني المعز حضرة في مقابلة مع راديو دبنقا إن القرار يمثل خطوة صحيحة لكنها “متأخرة جداً”، متسائلاً عن مدى قدرة الجيش على فرضه فعلياً وضبط المليشيات المنفلتة.
وأوضح أن احتكار الدولة لاستخدام القوة هو مبدأ قانوني ودستوري معروف، لكن ما وصفه بنظام الإسلاميين منذ انقلاب 1989 عمد إلى تفتيت المؤسسات الرسمية عبر أجسام موازية مثل الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية ومليشيات قبلية، ما أدى إلى انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة.
واعتبر أن قرار البرهان يعبر عن “عودة متأخرة” لمطلب قديم دعت إليه القوى المدنية، لكنه شكك في قدرة الجيش على ضبط مليشيات وصفها بأنها “تغولت بقرارات سابقة من البرهان نفسه”.
أبعاد سياسية ودولية
من جهته، قال الفريق هاشم أبو رنات لراديو دبنقا إن القرار له أبعاد سياسية داخلية وخارجية، منها الصراع بين فصائل مسلحة في دارفور مع قوات درع السودان وكتائب البراء التابعة للإخوان المسلمين. وأضاف أن التطورات الدولية، خصوصاً الموقف الأميركي الداعم لجيش موحد بعيد عن الإرهاب، إضافة إلى تغيير مواقف بعض الدول المجاورة تجاه تنظيم الإخوان، ربما أسهمت في دفع البرهان لاتخاذ القرار.
ولم يستبعد أبو رنات أن تكون لقاءات البرهان مع مسؤولين أميركيين، بينهم مسعد بولس مستشار الرئيس للشؤون الإفريقية، قد لعبت دوراً في صياغة القرار. وختم بالقول إن الخطوة قد تحمل تناقضات، لكنها تعكس جدية في محاولة إرضاء المجتمع الدولي والدول الصديقة.