فيصل الباقر: الحرب على الفساد فى السودان: حالة ظرفية وإنتقائية وحرب منقوصة ؟! ..

عاد الى واجهات ومنصّات الأخبار، الحديث المكثّف، عن محاربة الفساد، ومكافحته فىى سودان الإنقاذ ” نسخة حزب المؤتمر الوطنى”، فامتلأت صفحات …

فيصل الباقر(ارشيف)

بقلم: فيصل الباقر

 

عاد الى واجهات ومنصّات الأخبار، الحديث المكثّف، عن محاربة الفساد، ومكافحته فىى سودان الإنقاذ " نسخة حزب المؤتمر الوطنى"، فامتلأت صفحات (مُعظم ) الجرائد بأخبار الفساد، " وما أدراكما الفساد "، وتصدّرت عناوين الصُحف ومانشيتات " بعض" الصُحف عناوين مثيرة، بعضها مُبكية ، وبعضها محرّض على الضحك، عن مضحكة الكشف عن الفساد ومعاقبة المُفسدين ، وهى بروباقاندا نقرؤها تارةً هنا، وأُخرى هناك، وقد أُغرقت الساحة الصحفية – عن عمد – بقصص وحكاوى وروايات، تحكى عن " كشف " فساد، وهى أخبار صارت تُسوّد بها صفحات الجرائد، وقصص عن فساد يشيب له الوالدان، كما صرنا نسمع بين الفينة والأُخرى، عن اعتقالات " وماأدراكما اعتقالات "، يطول أجلها، أو يقصر فى مقرّات جهاز الأمن، دون تقديم ( المتهمين ) للقضاء، ليحكم لهم أوعليهم، وهذا – وحده – مُضافاً إلى عوامل أُخرى، لخير دليل على غياب " الإرادة السياسية " فى مكافحة الفساد ومحاربته، الذى تتطلّب وجود إرادة سياسية حقيقة ، ثُمّ مؤسسات مُستقلّة وفاعلة ، وحزمة قوانين عادلة، ليس فيها مواد تحمى الفساد كمادة ( إباحة ) " التحلُّل " من المال " المشبوه أو " المنهوب "، لأنّ الحديث عن ( التحلُّل ) يعنى بإختصار إجراء تسويات، تحمى المفسدين وسارقى المال العام، من العقوبة، وبهذا – وبغيره – من السياسات والممارسات، يتأكّد عدم جديّة الدولة فى مكافحة ومحاربة الفساد.

فى موضوع الفساد، مازلنا " نسمع جعجعةً "، و" لا نرى طحنا "، وهذا مؤشّر ودليل قاطع على أنّ المسالة كلّها " كلام ساكت "، مقصود به شغل الناس وتشتيت انتباههم عن قضايا الساعة، بأحاديث الفساد، والهاء الرأى العام ، بالحديث عن الفساد، بينما مؤسسة الفساد ظلّت- ومازالت – محمية بـ(الحصانات )، والحصانات هذه، عالم متكامل، الهدف منها " تمكين " الإفلات من المحاسبة والعقوبة.

قبل أعوام كتبت عن الفساد، وعن بروز أخباره فى الصحافة الإنقاذية، وقلت وقتها- أنّ ما تنشره " بعض " الصحف عن الفساد، لم يأت نتيجة بحث مستقل، تقوم به صحافة إستقصائية، بمجهوداتها الذاتية، بل، هو نتاج تسريبات تقوم بها الأجهزة الأمنية، لأشياء فى نفوس اليعاقبة الأمنيين، وملفّات تصل للصحافة، من بعض مراكز القوى المتحاربة فى النظام، فأغضبت كتابتنا " بعض " زملاء مهنة الصحافة، وهاهى الأيّام تدور ليتأكّد " زعمنا " بأنّ ادعاءات ومعارك الحرب على الفساد فى السودان، مازالت ظاهرة " ظرفية " و " انتقائية "، وهناك مؤشرات وإشارات كثيرة، تُرجّح الزعم القائل أنّ ما يتم – الآن- فى السودان من حديث عن " الحرب " على الفساد، ومحاربة " القطط السمان " ليس سوى " حرب منقوصة "، إذ أنّ ما يجرى – الآن – فى الساحة، ليس سوى معارك فى حروب داخلية بين " أهل الدار "، وكل هذا وذاك، هو فى حقيقة الأمر جزء من عمليات ( تصفية حسابات ) بين أفراد ورموز وجماعات وتيارات من ذات البيت الإنقاذى المعروف، الذى يُعتبر أكبر حاضنة للفساد. وهانحن نقول : إنّ الذين ينتظرون من الإنقاذ محاربة الفساد، عليهم الإنتظار طويلاً، وهذا ما يتوجّب على الصحافة الصادقة والمهنية والمحترفة، التركيز عليه، بدلاً عن المشاركة فى الجريمة، بالإكتفاء بنقل الأخبار فقط، دون التعمُّق بالشرح والتحليل السليم عن وفى أسباب ونتائج الفساد، ودون نقد الدولة الفاسدة ، إذ لا يُمكن أن يُطلب من الظل الإستقامة، بينما العود أعوج !.

فيصل الباقر

[email protected]