غموض يكتنف جريمة اغتيال وكيل النيابة الأعلى بالأبيض

الأبيض – 17 أغسطس 2025 – راديو دبنقا
أثار اغتيال التجاني آدم صبي، وكيل النيابة الأعلى بمدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، مساء أمس موجة غضب واستنكار واسعة في الأوساط العدلية والشعبية، وسط دعوات ملحّة للكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة.
وكشفت أمانة حكومة شمال كردفان أن والي شمال كردفان عبد الخالق عبد اللطيف وداعة الله، رئيس لجنة أمن الولاية، ترأس اليوم الأحد اجتماع اللجنة الذي خُصص لمناقشة حادثة اغتيال مولانا التجاني آدم صبي – وكيل النيابة الأعلى بالولاية – الذي اغتيل مساء أمس بمنزله بأيادٍ وصفها بالمجهولة.
فريق أمني ولجنة عليا
وأكد مقرر لجنة الأمن، اللواء شرطة د. عبد الله عبد الرحمن مدير شرطة الولاية، في تصريح صحفي أن لجنة الأمن واللجنة العدلية ظلت في حالة انعقاد دائم، وأنه تم تكوين فريق من كل القوات البحثية والكشفية لمتابعة القضية وكشف ملابساتها.
وأضاف أن النائب العام أصدر قراراً بتشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس النيابة العامة، وعضوية المستشارين والشرطة وجهاز المخابرات العامة، بهدف كشف غموض هذه الجريمة الدخيلة والبشعة على مدينة الأبيض.
وأشار مقرر اللجنة إلى أن الحادثة وجدت اهتماماً كبيراً من كل الجهات، مؤكداً أن الشعب السوداني سيسمع قريباً عن نتائج التحقيقات والقبض على الجناة.
ملابسات الحادث
من جانبه قال المحامي عثمان صالح في حديث لراديو دبنقا، إن الجريمة تمثل “انتهاكًا صارخًا وخطرًا مباشرًا على كل من يعمل في مؤسسات العدالة”.
وقع الهجوم مساء السبت 16 أغسطس 2025 بحي المديرية في الأبيض، وهو حي يضم منازل كبار المسؤولين وتخضع حراسته لإجراءات أمنية مشددة. وأشار صالح إلى أن دخول أي جهة إلى المنطقة دون علم القوات المكلفة بالحراسة أمر “شبه مستحيل”، ما يعزز فرضية تورط جهات أمنية أو عسكرية رسمية في الجريمة.
وأكد أن الجناة أطلقوا النار على التجاني آدم صبي أمام منزله، مرجحًا أن يكون اغتياله مرتبطًا بقرارات النيابة الأخيرة التي أطلقت سراح عدد من المحتجزين بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، بعد أن عجزت الجهات الأمنية عن تقديم بينات أو شهود تثبت الاتهامات.
سياسات النيابة
وأوضح صالح أن النيابة العامة تبنّت سياسة واضحة تقوم على الفصل في قضايا المحتجزين بتهمة التعاون مع الدعم السريع: إما تحويل البلاغات إلى المحاكم إذا توفرت الأدلة، أو إطلاق سراح المتهمين عند غياب البينات. واعتبر أن هذه السياسة “حكيمة وعادلة”، لكنها لم تُرضِ بعض الأجهزة الأمنية التي أرادت إبقاء المحتجزين قيد الاعتقال دون محاكمة، مما قد يكون دافعًا وراء عملية الاغتيال.
أجواء توتر في الابيض
وأشار صالح إلى أن مدينة الأبيض تعيش حالة من التوتر عقب الحادث، حيث امتنعت بعض الجهات التي ينتمي إليها الفقيد عن دفنه إلى حين الكشف عن الجناة ومحاسبتهم. وأعرب عن مخاوفه من أن يؤدي التأخير في التحقيق والإجراءات إلى انفجار الأوضاع الأمنية في أي لحظة.
تهديد شامل لأجهزة العدالة
وحذر المحامي عثمان صالح من أن اغتيال مولانا التجاني يمثل “رسالة تهديد صريحة” لكل من يعمل في مؤسسات العدالة، بما فيها النيابة والقضاء والشرطة والمحامون، مؤكداً أن استمرار هذه الممارسات يقوّض ما تبقى من الثقة في سيادة القانون.
وطالب الأجهزة الأمنية بتوفير الحماية الفعالة لكافة العاملين في المؤسسات العدلية، مشددًا على أن تحقيق العدالة لا يمكن أن يتم في غياب الأمن والاستقرار.
واكد عثمان صالح دعوته لوقف الحرب وإنهاء حالة الانفلات الأمني، مشيرا إلى وجود عدد من القوات داخل المدينة مؤكداً أن العدالة ستظل هدفًا أساسيًا لا بد من تحقيقه رغم الصعوبات. وأضاف:”لا عدالة بلا أمن، ولا أمن بلا حماية حقيقية للعاملين في أجهزة العدالة، والمطلوب اليوم حماية القانون نفسه من محاولات تقويضه.”