South Sudan, Monday 4 March 2024 Ms. Cindy McCain, Executive Director of the United Nations World Food Programme, visits Renk in South Sudan where almost 600,000 people have crossed the border from Sudan, fleeing the war.


أمستردام: السبت 16 مارس 2024 (راديو دبنقا)
تتوالى تحذيرات المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية من حدوث كارثة إنسانية كبيرة في السودان بسبب الحرب ونقص الغذاء وبالتالي حدوث مجاعة يسقط فيها الناس ضحايا نتيجة الجوع.
تقول آخر التقديرات إن شبح المجاعة أصبح يهدد 80 بالمائة من مجموع السكان، في وقت وصل فيه عدد النازحين داخليا واللاجئين لدول الجوار إلى 8.4 مليون شخص. وتورد أرقام أخرى من وكالة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية المعروفة اختصارا بـ “أوتشا” إن واحد من كل سودانيين اثنين يحتاج لمساعدة في توفير حاجاته اليومية الأساسية من طعام وشراب، وأن جملة من يواجهون الجوع بشكل مباشر يبلغ 17 مليون نسمة أي حوالي 37 بالمئة من مجموع تعداد السكان.
في ذات الوقت تتنازع الأطراف المشاركة في الحرب، الجيش والدعم السريع حول المسارات المحتملة لدخول الإغاثة المنتظرة.
الجيش رفض في البداية دخول أي إغاثة للمواطنين القابعين في مناطق سيطرة الدعم السريع، ثم عادت الخارجية السودانية وأصدرت بيانا تعلن فيه موافقة الحكومة على دخول الإغاثة عبر الحدود التشادية، وهو أمر نادت به المنظمات العاملة في مجال الإغاثة مرارا. ولكن الجيش اشترط أن تدخل الإغاثة عن طريق مدينة الطينة على الحدود التشادية والتي تسيطر عليها القوات المشتركة، وأن يكون مسار قوافل الإغاثة عن طريق مدينة الفاشر التي يسيطر عليها الجيش رسميا.
هل دخول الإغاثة ووصولها في الوقت المناسب لمستحقيها أمر واقعي في هذه الظروف؟ أم أن الموضوع محاط بتحديات تجعل من وصولها أمرا متعذرا وبالتالي سقوط ضحايا كان يمكن تجنب سقوطهم؟ أجرى برنامج “من جهة أخرى” الذي يبث يوم الاحد من راديو دبنقا استبيانا سريعا حول توقعات المواطنين بشأن وصول الإغاثة الإنسانية لمستحقيها في مختلف مناطق السودان على السواء.
نتيجة الاستبيان قاتمة وتظهر أن أكثر من نصف المشاركين لا يثق ولا يتوقع أن تصل الإغاثة لمستحقيها. والسبب كما هو معروف هو الظروف الأمنية والمصاعب اللوجستية. وبهذا الخصوص استضاف برنامج ” من جهة أخرى” من راديو دبنقا عددا من المختصين واستمع لا راء كل من الدكتور الهادي ادريس رئيس الجبهة الثورية، والأستاذ محمد الشابك الخبير في عمل المنظمات الدولية والطوعية والأستاذ مصطفى آدم مفوض العون الإنساني السابق بولاية الخرطوم.
الأستاذ محمد الشابك يقول ان خيار ادخال الإغاثة عن طريق مدينة الطينة على الحدود الشادية يعقد عملية النقل ويرفع من كلفتها لأن أقصر الطرق كان عن طريق الجنينة زالنجي، فهل يمكن استخدام هذا الطريق أم اختيار طريق سرف عمرة مثلا؟
ورغم ترحيب المنظمات بهذا القرار إلا أن التخوفات الأمنية تظل ماثلة والأمر يعتمد على مرونة الحكومة في الفاشر في السماح بمرور الاغاثة باعتبار أن هنالك 4 ولايات في دافور تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
بدوره يقول الهادي ادريس ان الأوضاع في دارفور صعبة جدا وزاد من صعوبتها فشل الموسم الزراعي بسبب الحرب. وأوضح أن وصول الإغاثة وتوزيعها أمر يواجه بصعوبات كبيرة بسبب تعدد الجيوش في منطقة الفاشر. هنالك الجيش داخل قيادة الفرقة السادسة مشاة، والدعم السريع في الطرف الشمالي من المدينة وحولها قوات حركات الكفاح المسلح.
وقال الهادي ادريس ان تعدد الجيوش يؤدي لغياب المسئولية ودعا أن يخرج الجيش والدعم السريع وأن تتولى قوات الكفاح المسلح المسئولية وتحتكر العنف في المنطقة.
وأقر مصطفى آدم مفوض العون الإنساني السابق لولاية الخرطوم بعظم التحديات التي تواجه توزيع الإغاثة. وأشار الى أن جزء كبير من النازحين يقدرون بالملايين يستظلون في منازل مواطنين من معارفهم وأهلهم مما يرفع عدد سكان المنزل الواحد الى ما يقارب العشرين شخصا يستخدمون ذات المنافع مما يخلق وضعا اجتماعيا واقتصاديا صعبا بالنسبة للمضيفين أصحاب المنازل.
وشدد على أن هذه مشكلة تستدعي البحث والعلاج في إطار عمليات توزيع الإغاثة. هذا إضافة لعدد كبير من المشردين الامر الذي يحتاج عمل اجتماعي كبير لحصر الظاهرة وعلاجها. ولخص الأمر بأنه إضافة للمناطق المحتاجة إغاثة في كردفان ودارفور والجزيرة ومناطق أخرى، فهناك معاناة أيضا لم يسلط عليها الضوء في المناطق الامنة نسبيا في بورتسودان وكسلا ونهر النيل والشمالية يحتاج المواطنون فيها أيضا للمساعدة.
ويوضح مصطفى آدم أن الدعم الدولي في شكل عون انساني محدود قياسا بحجم الكارثة. هنالك 2.7 مليار مرصودة للسودان وصلت منها حتى الآن 95 مليون دولار من دون معرفة وجهات انفاقها بين علاج وغذاء ومعينات أخرى. ونادى بضرورة عمل قياس على الأرض لهذه الأشياء.
وأضاف بأنه يجب أن تكون هناك رؤية متفق عليها بين كافة الجهات المشاركة في إدارة عمليات الإغاثة، مشيرا الى أن المنظمات الوطنية تعاني من ضعف كبير وعدم استقرار منذ بداية ثورة ديسمبر وفي ظل الحرب تعرضت للنهب الواسع. الامر الذي يحتم ابتدار برنامج لبناء القدرات لهذه المنظمات لمواجهة التحديات الآنية والمستقبلية.
وحول تفاؤله بإمكانية النجاح في إيصال المساعدات لمستحقيها قبل حدوث كارثة مجاعة قال مصطفى آدم إن الامر يتعلق بمسألة الرغبة والإرادة على المستويين الفردي والجماعي. كما يحتاج أيضا لتنسيق عالي بين المنظمات الوطنية العاملة.
وشدد على ضرورة الاشراف على العملية من كل أصحاب المصلحة بدلا عن ترك الامر لجهة واحدة حكومية. وأن لجان الاشراف لا بد أن يكون فيها اجماع مدني واضح وأن يشمل تمثيلها حتى اللاجئين في الخارج في دول الجوار يجب أن يشركوا في الأمر.