رئيس لجنة أمن اعتصام القيادة الطيب عثمان يوسف : مصدر الصورة :راديو دبنقا

الطيب عثمان يوسف رئيس لجنة أمن اعتصام القيادة لـ(راديو دبنقا):

اتفاقنا مع المجلس العسكري كان فض منطقة “كولومبيا” فقط وبشروط صارمة.


المجلس العسكري نفذ عملية “كولومبيا” قبل موعدها بـ 48 ساعة وبمشاركة “الدعم السريع” خلافاً للاتفاق.


“الحرية والتغيير” لم تكن تعلم بقرار فض الاعتصام والاتهامات الموجهة لها “باطلة”.

أمستردام : 21-12- 2025 : راديو دبنقا

اجري حوار – أشرف عبدالعزيز

كشف رئيس لجنة الأمن الميدانية بساحة اعتصام القيادة العامة، الطيب عثمان يوسف، عن تفاصيل أمنية وعسكرية تُنشر لأول مرة حول الساعات والأيام التي سبقت مجزرة فض الاعتصام. وفي حوار مع (راديو دبنقا) ضمن برنامج (ملفات سودانية) بمناسبة ذكرى الثورة، كشف يوسف عن وجود “اتفاقات موثقة” مع المجلس العسكري تم الانقلاب عليها وتغييرها في اللحظات الأخيرة، مما مهد الطريق للكارثة.
وقال يوسف : “إنه كان هناك تنسيقاً أمنياً وخارطة مشتركة” ، وأوضح أن ساحة الاعتصام كانت تُدار بتنسيق أمني عالي المستوى مع ممثلي المجلس العسكري، برئاسة الراحل اللواء بحر والعميد “كلي”، حيث اعتُبرت الساحة “منطقة عسكرية” تقع مسؤولية حمايتها على الجيش بعيداً عن سلطة الشرطة. وكشف عن وجود اجتماعات دورية لضبط المداخل والمخارج وتوثيق المواقع.
وفي رده على الاتهامات التي طالت قوى الحرية والتغيير بعلمها المسبق بفض الاعتصام، نفى يوسف ذلك جملة وتفصيلاً، واصفاً إياها بـ “الاتهام الباطل”. وأوضح أن ما تم التوافق عليه في مكتب اللواء بحر يوم الخميس الذي سبق المجزرة، كان ينحصر فقط في “عزل منطقة كولومبيا” عن الاعتصام، بسبب ممارسات غير أخلاقية سعت لتشويه سمعة الثوار، ولم يكن الحديث يدور نهائياً عن فض ساحة القيادة.
وكشف يوسف في المقابلة مع دبنقا عن “خديعة” تعرضت لها لجنة الميدان، حيث كان الاتفاق يقضي ببناء جدران عازلة (بالطوب) بين (كولمبيا) وميدان الاعتصام يوم السبت، وتنفيذ فض منطقة كولومبيا يوم الاثنين، مع اشتراط عدم مشاركة “الدعم السريع” واستخدام الهراوات فقط.
وأضاف: “فوجئت باتصال في السابعة والنصف من صباح السبت يبلغني ببدء الفض فوراً”. وعند وصولي للميدان، وجدت قوة ضخمة من الدعم السريع هي التي تقود العملية، مؤكداً أن الرصاص انطلق بعد 5 دقائق فقط من بدء العملية، مما أدى لمقتل جندي من الشرطة العسكرية برصاص فرد من الدعم السريع أمام عينيه.
وشدد رئيس لجنة الأمن الميدانية على أن الثوار لم يكونوا جزءاً من “كولومبيا” التي وصفها بأنها “بؤرة إجرامية قديمة”، لكن استخدام الرصاص يوم السبت وفشل بناء العوازل المادية أدى لاندفاع الثوار نحو شارع النيل تضامناً، مما هيأ المناخ لعملية الفض الكبرى يوم الاثنين. وختم حديثه بالتأكيد على أن هناك “خلطاً متعمداً” للربط بين الموافقة الفنية على عزل منطقة إجرامية وبين جريمة فض الاعتصام السياسية التي لم تكن لجنة الميدان أو الحرية والتغيير طرفاً فيها.

وفيما يلي نص الحوار مع رئيس لجنة أمن اعتصام القيادة الطيب عثمان يوسف:

نبدأ معك من حيث بدأت المسؤولية، بصفتك رئيساً للجنة الأمن الميدانية بساحة الاعتصام، كيف كان شكل التنسيق بينكم وبين المكون العسكري في تلك المرحلة الحساسة؟

كنت أعمل ضمن فريق يمثل “لجنة الميدان”، وتحديداً في الجانب الأمني قبيل عملية الفض. التنسيق كان مباشراً ومستمراً عبر اجتماعات دورية مع ممثلي المجلس العسكري، بقيادة المغفور له اللواء بحر ونائبه العميد “كلي” وعدد من الضباط. وضعنا خلالها خارطة دقيقة للمداخل والمخارج والمنافذ، وبناءً على قرار من اللجنة الأمنية العليا، تم التوافق على اعتبار منطقة الاعتصام “منطقة عسكرية” تقع مسؤولية حمايتها وإدارتها أمنياً على عاتق القوات المسلحة، بينما لم يكن للشرطة أي سلطة لممارسة أي مهام داخل الميدان.

قبل الخوض في تفاصيل ما جرى، يتردد اتهام قوي لقوى الحرية والتغيير بأنها كانت على علم مسبق بقرار فض الاعتصام.. كيف ترد على هذا الادعاء؟

أنفي هذا الادعاء جملة وتفصيلاً، فهو اتهام باطل تماماً. ما حدث هو استغلال لظروف معينة لتصوير اجتماع “منطقة كولومبيا” وكأنه موافقة على فض الاعتصام. الحقيقة أن فض الاعتصام تم يوم الاثنين، بينما الاجتماع الذي نقصده كان يوم الخميس الذي سبقه. في ذلك الوقت، ظهرت ممارسات سالبة وشاذة في منطقة “كولومبيا” سعت أطراف معينة من خلالها لتشويه سمعة المعتصمين، فاتفقنا في اجتماع مشترك بمكتب اللواء بحر على ضرورة عزل وفصل هذه المنطقة عن ساحة الاعتصام ومن ثم فضها.

وما هي الضمانات التي وضعتموها لضمان عدم المساس بالاعتصام أثناء عملية فض “كولومبيا”؟

وضعنا اشتراطات واضحة، اتفقنا على زيارة ميدانية لـ 5 منافذ تفصل بين الاعتصام وكولومبيا لسدها بالبناء (الطوب). واشترطنا حضورنا كممثلين للجنة الميدان لنكون شهوداً، مع ضرورة “التدرج في استخدام القوة” ومنع استخدام الرصاص الحي تماماً، واستبعاد قوات الدعم السريع من العملية، على أن تنفذها الشرطة العسكرية أو المدنية. كما اتفقنا أن يكون الفض يوم الاثنين (بعد 3 أيام من الاجتماع) لإعطائنا فرصة لبناء العوازل المادية وللقيام بحملة إعلامية توضح أن “كولومبيا” لا تمثل الثوار.

لكن الوقائع على الأرض صبيحة يوم السبت سارت في اتجاه مختلف تماماً.. ماذا حدث؟

رغم أن الاتفاق كان موثقاً في أجندتي وأجندة الضابط “محمد أحمد”، فؤجئت في السابعة والنصف صباح السبت باتصال من العميد “كلي” وعقيد من الفرقة السابعة، أبلغوني فيه بصدور تعليمات بفض “كولومبيا” فوراً. أخبرتهم أن هذا خرق للاتفاق، لكنهم أكدوا أن “التعليمات صدرت”.

ولماذا لم يصدر عنكم موقف أو بيان فوري يرفض هذا التجاوز؟

كان الأولوية بالنسبة لي هي محاولة السيطرة على الموقف ميدانياً، فذهبت فوراً إلى “كبري الحديد”. هناك وجدت قوة ضخمة من الدعم السريع (على عكس الاتفاق) وقوة رمزية من الشرطة العسكرية. احتججت لدى القادة، وبدأت العملية التي سرعان ما انحرفت، فبعد 5 دقائق فقط استخدمت القوة الرصاص الحي رداً على رشقهم بالحجارة من جهة شارع النيل. تجاوزت القوة تعليمات قائدها، حتى أن أحد أفراد الدعم السريع أطلق النار وقتل فرداً من الشرطة العسكرية في الحال. هنا حدثت الكارثة؛ إذ اعتقد الثوار أنها محاولة لفض الاعتصام، وبما أن المنافذ لم تكن قد بُنيت بعد، هرعوا لشارع النيل للمساندة، مما عرضهم لمخاطر جسيمة.

إذا كان الثوار قد هبوا لمساندة المتواجدين في “كولومبيا”، لماذا وافقتم من البداية على فضها والمخاطرة بهذا التداخل؟

يجب أن نكون واضحين؛ المتواجدون في “كولومبيا” لم يكونوا ثواراً. تلك المنطقة بؤرة إجرامية معروفة قبل الاعتصام بفترة طويلة لتعاطي المخدرات وتجمع المسجلين خطر والعسكريين المفصولين، وبحكم خلفيتي المهنية كضابط شرطة سابق كنت أعرف ذلك تماماً، لذا كان هدفنا حماية سمعة الثورة بعزل تلك المنطقة.

كيف مهد ما جرى في “كولومبيا” الطريق لعملية الفض الشاملة يوم الاثنين؟

النقطة الجوهرية التي يجب توضيحها للرأي العام هي “الخلط المتعمد”، نحن اتفقنا على فض منطقة إجرامية (كولومبيا) يوم الاثنين بعد ترتيبات أمنية معينة، لكنهم غدروا بالاتفاق ونفذوه السبت بعنف مفرط. أما فض الاعتصام الكبير فقد تم فجر الاثنين كجريمة منفصلة تماماً. الخلط بين الأمرين استخدم لتوريط قوى الحرية والتغيير، والحقيقة أن الاعتصام لم يكن يوماً محلاً لأي اتفاق للفض.

Welcome

Install
×