خطاب البرهان..رفض واسع وسط القوى المناهضة للإنقلاب .. وتباينات داخل السلطة

حظي خطاب البرهان برفض واسع لدى لجان المقاومة والقوى المناهضة للانقلاب، بينما تباينت الآراء داخل القوى التي توصف بالمساندة للسلطة الحالية

رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان(انترنت)

حظي خطاب البرهان  برفض واسع لدى لجان المقاومة والقوى المناهضة للانقلاب،  بينما تباينت الآراء داخل القوى التي توصف بالمساندة للسلطة الحالية

وأعلن البرهان في  خطابه يوم  الاثنين عن إنسحاب المؤسسة العسكرية من الحوار الجاري ، ودعوة القوى السياسية للحوارللتوافق على حكومة كفاءات مستقلة .

كما أعلن البرهان إنه سيحل مجلس السيادة عقب تشكيل الحكومة  وسيتم تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع ليقوم بمسئوليات الأمن الدفاع وما يتعلق بهما بجانب مهام أخرى يتم الاتفاق حولها مع الحكومة .

مناورة وتكتيك

وقالت قوى الحرية والتغيير ( المجلس المركزي) إن خطاب البرهان يمثل مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي على ضوء الضغط الشعبي .

وأوضح عمر الدقير القيادي في الحرية والتغيير في مؤتمر صحفي بدار حزب الأمة يوم الثلاثاء عقب احتماع للمكتب التنفيذي إن الخطاب تفوح منه رائحة الوصاية على الشعب في تشكيل مؤسساته وتحديد شكل الحوار والحكومة .

وقال إن القرارات تهدف للاستيلاء الكامل على السلطة السيادية في الدولة والإمساك بخيوط اللعبة .

ووصف الخطاب بالتعميم والتمويه والتخليط المقصود والتغافل عن حقيقة الأزمة موضحاً إن جوهر الأزمة يتمثل في الانقلاب.

 وأكد إن الخطاب لم يحقق شيئاً من قضايا الثورة التي تتمثل في الجيش المهني الموحد ، وأيلولة المؤسسات الاقتصادية المملوكة للمؤسسة العسكرية إلى وزارة  المالية بجانب قضايا العدالة والاقتصاد ومعاش الناس .

واعتبر الخطاب محاولة لتمييع طبيعة الصراع الذي ينحصر بين الانقلابيين ومؤيديهم والقوى الرافضة للانقلاب .

نقاط غامضة

من قالت قوى الحرية والتغيير (التوافق الوطني) ، التي توصف بأنها نساندة للإنقلاب، إن هنالك نقاط غامضة في خطاب البرهان تحتاج إلى استجلاء، ونقاط أخرى إيجابية .

وقال مبارك أردول، الأمين العام لقوى التوافق الوطني في تصريحات صحفية مقتضبة عقب اجتماع قيادة التوافق الوطني صباح الثلاثاء في الخرطوم إن الإجتماع أكد على ضرورة الإلتزام باتفاقية جوبا واستكمالها. ودعا القوى السياسية للانخراط في الحوار وتشكيل حكومة توافقية تعود بالعملية الديمقراطية إلى مسارها الصحيح.

وقال إن قوى التوافق الوطني ستدخل للحوار بعقل مفتوح من أجل حل الأزمة مشدداً على ضرورة تنقية الأجواء من خطاب الكراهية والدخول إلى مرحلة جديدة.

وأكدت قوى التوافق الوطني دعمها للحوار الذي ترعاه الآلية الثلاثية داعية لحوار شامل بمشاركة جميع القوى السياسية ما عدا المؤتمر الوطني

تكريس للسلطات

وبالمقابل وصف تجمع المهنيين خطاب البرهان بأنه محاولة يائسة بائسة للتمسك بمزيد من السلطة ضمن خطته للإفلات من العقاب.

وقال الوليد علي المتحدث بإسم تجمع المهنيين في مقابلة مع جولة السودان اليوم في راديو دبنقا إن خطاب البرهان كرس جميع السلطات الأمنية والخارجية والسياسية والاقتصادية في يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وأكد إن أي حكومة يتم تشكيلها تحت إمرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ستكون الأسوأ من جميع حكومات الفترة الانتقالية.

وشدد أن لا حل لا حل سوى الاستمرار في التصعيد وصولاً للاسقاط الكامل للانقلابيين العسكريين منهم والمدنيين . وقال إن الشارع متمسك باللاءات الثلاثة ( لا تفاوض، لا شراكة ، لا شرعية ) وإنه سيلفظ أي قوى تتعامل إيجاباً مع خطاب البرهان .

لا جديد

من جهتها قللت لجان المقاومة من أهمية خطاب البرهان موضحة إنه لم يحمل جديداً . وقال محمد طاهر المتحدث بإسم لحان مقاومة أمبدة لراديو دبنقا إن قرارات البرهان بتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة ليكون مسئولاً عن الأمن الدفاع يعد أسوأ من صيغة الشراكة السابقة  مؤكداً تمسكهم بالحكم المدني الكامل . وأعلن محمد طاهر استمرار التصعيد السلمي والاعتصامات على الرغم من محاولات الفض المتكررة .

محاولة بائسة

وفي ذات السياق قالت الناشطة في المجال النسوي أماني جعفر إن الخطاب محاولة بائسة لقطع الطريق أمام مد المقاومة بمباركة عدد من المؤسسات المدنية وأكدت إن الخطاب سيصدم بحائط المقاومة  .

من جهتها قالت الناشطة منى سلمان إن البرهان يخاطب نفسه مؤكدة إن مطالب الشارع محددة  وتتمثل في حكومة مدنية كاملة ورفض وجود العسكر على سدة الحكم .

كما قال عدد من قيادات لجان المقاومة في اعتصام ، فضلوا حجب أسمائهم ، إن القرارات تكرس للمزيد من هيمنة العسكر والتحكم في الأمن والاقتصاد والعلاقات الخارجية ،واعتبروها ضد مطالب الثورة بعودة العسكر للثكنات شراكة بثوب جديد وقال إن دور لجان المقاومة يكمن في  بث الوعي والتمسك بالسلطة المدنية الكاملة .

تسوية مطروحة

قال الحزب الشيوعي السوداني  إن خطاب البرهان عبارة عن تأكيد استمرار انقلابي 11 أبريل و25 أكتوبروشرعنة لانقلاب اكتوبر.

وأوضح الحزب في بيان للمكتب السياسي إن الخطاب شرعن انقلاب أكتوبر ويعمل على تحديد أهداف الحوار، ويعفى المؤسسة العسكرية من أعبائها.

وذكر إن الخطاب يؤكد صحة التسريبات التي انتشرت في الأوساط الإعلامية والتي تحدثت عن تسوية سياسية عبر تكوين حكومة مدنية ومجلس أمن ودفاع وذلك في الغرف المغلقة تحت رعاية الإدارة الأمريكية والسعودية.

وأعلن موقفه الرافض للتسوية السياسية المطروحة وإدانته لكل القوى المشاركة فيها.

كبح جماح الثورة

قالت حركة تحرير السودان (قيادة عبدالواحد) إن خطاب البرهان محاولة يائسة لفك الحصار الجماهيري المطبق علي الإنقلابيين ولخلق فجوة بين مكونات الثورة .

وقال المتحدث بإسم الحركة محمد عبد الرحمن الناير في بيان إن الخطاب لم يأتِ بجديد ولا يعدو أن يكون حديثاً إنشائياً ومكرراً ويحمل نفس الوعود السابقة.

وأوضح إن خطاب البرهان يهدف إلى كبح جماح الثورة . وأكد عدم الاعتراف بأي حكومة تأتي في ظل الإنقلاب وهيمنة العسكر واعتبارها إمتداداً وشرعنة للإنقلاب.

إهمال اتفاق جوبا

وجه ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية شمال والقيادي في الحرية والتغيير انتقادات لخطاب البرهان، وأشار في مقال مطول إلى إهمال ذكر الحركات الموقعة على اتفاق جوبا .

وأوضح في مقال إن الخطاب جاء مطابقاً لمذكرة غير معلنة دفع بها المكون العسكري قبل عدة أيام للآلية الثلاثية وأطراف من المجتمع الدولي .وقال إن المذكرة تحوي بوضوح مهام المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة وعلى رأسها ممارسة مهام السيادة ، وجوانب متعلقه بالسياسة الخارجية ، وبنك السودان ، وقضايا أخرى من مهام هذا المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وأشار إلى أن الخطاب يسعى لتمرير صفقة عبر الآلية الثلاثية تشرعن للإنقلاب وذلك باختيار رئيس وزراء من قبل المدنيين المؤيدين للإنقلاب العسكري يتلقى اوامره من القيادة العامة للجيش.

سلطة موازية

من جانبه قال نور الدين صلاح الدين القيادي في المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين، القيادي في المؤتمر السوداني إن المجلس الذي اقترحه البرهان يؤسس لسلطة موازية للحكومة المدنية ووصف على صفحته في فيسبوك إعلان الانسحاب من المشهد السياسي محض تضليل ليس إلا. ودعا لاستمرار تصعيد المقاومة السلمية  ووحدة قوى الثورة من أجل اسقاط الانقلاب .

الاتحادي والأمة يرحبان

رحب الحزب الاتحادي الأصل بقيادة محمد عثمان الميرغني بقرارات البرهان مؤكداً  إنها تتطابق مع ما طرحه الحزب، واعتبر الحزب، في بيان له قرارات البرهان  فرصة للقوى السياسية لبدء مرحلة جديدة من أجل استكمال الانتقال الديمقراطي عبر وفاق وطني كامل.

من رحب حزب الأمة برئاسة مبارك الفاضل، بما جاء في خطاب القائد العام للقوات المسلحة، الذي ارتكز على ثلاث نقاط مهمة، انسحاب القوات المسلحة من الحوار، ما يحفظ للقوات المسلحة هيبتها، وخروجها من الملعب السياسي، والاطلاع بمهام الأمن والدفاع وهي مهمة القوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى رفض الاتفاق الثنائي مع الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي.

وقال في بيان له: نؤكد على ضرورة أن تكون هناك إرادة لحوار سوداني سوداني بعيداً عن الحوار الذي ترعاه الٱلية الثلاثية.

ودعا كافة القوى السياسية للتسامي فوق صراعاتها الذاتية وتعمل من أجل إستكمال استحقاقات التحول الديمقراطي.

صمت من الجبهة الثورية

ولم تعلن الجبهة الثورية التي تضم عدداً من الحركات الموقعة على اتفاق جوبا عن أي موقف حيال خطاب البرهان حتى لحظة كتابة التقرير. وتحظى الجبهة بثلاثة أعضاء في مجلس السيادة الذي سيتم حله وفقاً لقرارات البرهان بعد تشكيل الحكومة المدنية .

اصوات من الولايات

وفي الولايات قال علي كباشي الأمين العام لحزب الأمة القومي بشمال دارفور لراديو دبنقا إن ظاهر القرار يوحي بالتنازل وتسليم السلطة للمدنيين ولكن باطنه يكشف عن محاولة لشرعنة الانقلاب.

من جهته قال الغالي بوش القيادي في المؤتمر السوداني بشمال دارفورلراديو دبنقا إن الخطاب مضلل ومحاولة للإلتفاف على شعارات الثورة.

من جهته قال المواطن محمد الماحي إن القرارات سيؤدي إلى معالجة الأزمة في السودان واعتبر انسحاب المكون العسكري من الحوار خطوة ايجابية لإتاحة الفرصة للأطراف المدنية  للحوار واعتبر القرارات فرصة أخيرة لحل مشكلة السودان

انتهاكات بعد ساعات من الخطاب

وفضت السلطات اعتصاما في أمدرمان جنوب بالقوة بعد ساعات من الخطاب كما أطلقت استخدمت العنف المفرط في فض متاريس أمام مستشفى رويال كير مما أدى لإصابة 11 شخصا. ولكن لجان المقاومة تمكنت من استعادة اعتصام أمدرمان جنوب في ذات الليلة ( الاثنين).

نقاش محتدم

وفي وسائل التواصل الاجتماعي شهدت صفحة راديو دبنقا نقاشات واسعة حول خطاب البرهان وتبايت الآراء بين الرفض والقبول

ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تطورات متسارعة في عدة مسارات تحدد إلى أين تتجه البلاد .