خبير : البرهان والحركة الإسلامية يناورون لإبقاء الجيش في العملية السياسية
(ارشيفية) البرهان خلال تقديمه لخطابه بمناسبة عيد الفطر المبارك السبت 29 مارس 2025 - المصدر : مجلس السيادة (ارشيف)
بورتسودان: الثلاثاء 25/ نوفمبر/2025م راديو دبنقا
تقرير:سليمان سري
أنهت الحكومة السودانية اتصالاتها مع الوساطة التي تقوم بها دول الآلية الرباعية لإنهاء النزاع في السودان، برفض مقترحاتها واتهام الوسيط، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا مسعد بولس بالانحياز واعتباره عقبة أمام عملية السلام.
وشدد ئيس مجلس السيادة الانتقالى عبدالفتاح البرهان خلال اجتماعه، الأحد، بكبار ضباط القوات المسلحة برتبة لواء فما فوق، على أن السردية التي يرددها مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكى لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا بشأن وجود سيطرة لتنظيم الإخوان المسلمين داخل الجيش وقال: إن هذا الحديث غير صحيح وكذب بواح مبينا قدرة المؤسسة العسكرية على إصلاح وهيكلة بنيتها بنفسها
واقترحت دول الآلية الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، في 12 سبتمبر الماضي خارطة طريق لإنهاء النزاع في السودان، تنص على تأمين هدنة إنسانية يعقبها وقف إطلاق نار وعملية سياسية تفضي إلى حكم مدني.
وأعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على الهدنة بينما رفضها الجيش السوداني بعد أن قدم خارطة طريق بشأن تطبيق الهدنة، فضلاً عن إعلان موقف أكثر تشدداً بخطاب البرهان في لقائه مع كبار الضباط.
وقال البرهان إنَّ الورقة التي قدمتها الرباعية عبر مسعد بولس تعتبر أسوأ ورقة يتم تقديمها باعتبار أنها تلغي وجود القوات المسلحة وتطالب بحل جميع الأجهزة الأمنية وتبقي على قوات الدعم السريع في مناطقها.
الرغبة في استمرار الحرب
من جانبه وأوضح الخبير في فض المنازعات وبناء السلام عبدالله ديدان في حديثه لـ”راديو دبنقا” أن تصريحات الجنرال البرهان يمكن قراءاتها باتجاهات متعددة لكن المحصلة واحدة، وقال من زاوية هي رغبة تنظيم الحركة الإسلامية في الاستمرار في الحرب. مؤكداً بأن لديها أجندة من وراء ذلك في مقدمتها أنها تسعى إلى تقسيم السودان بالرجوع إلى مشروعها الذي اختطته في التسعينات لقيام دولة مثلث حمدي المشهور.
وعبر عن اعتقاده بأن مخطط البرهان لا ينفصل بأي حال عن مخططات الحركة الإسلامية وقادة الجيش الرامية إلى تقسيم السودان وفق “مثلث حمدي” معتبراً أنه متناسق وفقاً لقراءتهم وللقيم التي تحكمهم ومع مشروعهم القائم على ما سماه بالدولة “الإسلامية العروبية” ذات الاتجاه الثقافي الواحد والتي قال بأنها لا تعترف بالتنوع.
وأرجع الخبير ديدان كل تلك الأسباب إلى أنهم يماطلون في الوصول إلى ما ينهي هذه الحرب ويحقق السلام الشامل، وتابع قائلاً: ” تم التملص من التفاوض منذ محاولات الوسطاء في جدة ثم اتفاق المنامة الذي وقعه الرجل الثاني في الجيش شمس الدين الكباشي والرجل الثاني في قوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو، ثم جاء البرهان وتملص منه أيضاً”.
وأعاد التذكير أيضاً بمحاولات وسطاء الرباعية في جنيف والتي التزم البرهان بالمشاركة فيها، عقب تلقيه اتصال هاتفي من وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، لكن في نهاية الأمر امتنعوا عن الذهاب إلى جنيف، مضيفاً بأن كل هذه المؤشرات تؤكد بأنهم يرغبون في الاستمرار في الحرب إلى ما لا نهاية.
إبقاء الجيش في المعادلة
ورأى الخبير في فض المنازعات وبناء السلام إلى أن تصريحات البرهان تعني أن الإسلاميين يناورون لتحقيق المكاسب وإبقاء الجيش في العملية السياسية، مشيراً إلى أن بقاء الجيش يعني بقاء الحركة الإسلامية في العملية السياسية، مبيناً أنهم يسيطرون على المؤسسة العسكرية وقد سيطروا عليها طوال الثلاثين عاماً الماضية.
وأكد بأن قادة الجيش السوداني يريدون أن يضغطوا على الوسطاء في دول الآلية الرباعية، مشيراً إلى أنهم يمارسون عليهم الابتزاز عبر الملف الإنساني، وتابع قائلاً: ” فكلما رفضوا الاستجابة للهدنة كلما ساءت الأوضاع الإنسانية، فبالتالي يريدون أن يساوموا بالوضع الإنساني لصالح أن يجدوا موطئ قدم للجيش في العملية السياسية”.
واعتبر ديدان تصريحات البرهان لا تخدم أحداً سوى الحركة الإسلامية ولا تخدم الشعب السوداني في شيء ولاحتى جنود الجيش، المقاتلين على الأرض في شيء أيضاً.
وشدد على أن الشعب السوداني يريد أن تقف في هذه الحرب بطريقة عادلة وبتسوية تنهي النزاعات المسلحة والحروبات في السودان، وتمهد الطريق مباشرة إلى انتقال ديمقراطي حقيقي وسلطة مدنيين وبناء جيش وطني مهني واحترافي جديد، ودمج وتسريح كل المجموعات الأخرى برؤية وطنية يتوافق عليها السودانيون ليس من بينها حكم عسكري مطلقاً، وتابع: “فهذا ما لا يرغب فيه الإخوان المسلمين أو الحركة الإسلامية الإرهابية”.
ولفت إلى أنه ليس لأحد مصلحة في هذه الحرب سوى الحركة الإسلامية، وقال: “هذا فضلاً عن أنهم يعملون أيضاً بالوكالة لبعض الأطراف الإقليمية والدولية في إطار الصراع في القرن الافريقي والمنطقة بشكل عام وصراعات أخرى ضالعة فيها بعض دول المنطقة والإقليم”..
وأضاف: أنهم أيضاً يعملون بالوكالة في هذه الصراعات ويتم استخدامهم فيها مقابل تزويدهم بالسلاح لكن كل ذلك لا يعني الشعب السوداني في شيء ولا يمثله ولا يعبر عنه، مستبعداً بأن لا يعقل مطلقاً أن يكون الشعب السوداني يريد لنفسه المزيد من الحروب والدمار والفقر والتشرد واللجوء والنزوح.
ترحيب تأسيس
وبالمقابل أشار الخبير عبدالله ديدان إلى أن أحد الطرفين “الدعم السريع” رحبت بكل المبادرات المطروحة، وتابع قائلاً: “استمعنا ورأينا رد فعل حكومة تأسيس التي رحبت بكل المبادرات من الآلية الرباعية وتلك التي جاءت عبر الوساطات الأخرى”.
ورأى أن هذا يعكس أن الطرف الآخر من هذين الطرفين أي الحركة الإسلامية وقائد جيشها البرهان لا يريدون إيقاف الحرب معتبراً أن هذا الموقف لا يعبر عن الشعب السوداني بأي حال.
وتوقع أن تكون ردود الفعل من الرباعية أو الإدارة الأمريكية ليست كما يشتهي الإسلاميون والبرهان، مشيراً إلى أن هذه الحرب أصبحت تهدد الاستقرار في المنطقة ككل واستمرارها يعني المزيد من الدمار في السودان منوهاً إلى أن هذا الأمر يضع عبئاً كبيراً على كاهل المجتمع الدولي.
وحذر من أن هذه الحرب ستحول السودان إلى بؤرة للجماعات الإسلامية الإرهابية وكتائبها المعروفة الآن، والتي قال إنها تسيطر على الأوضاع في مناطق سيطرة الجيش وتحمل السلاح المتقدم وتتلقى تدريباً عالياً، فتشكل خطراً على استقرار دول الجوار السوداني كلها بلا استثناء وخطراً على الإقليم مشيراً إلى أن الجماعات الإسلامية يبحثون عن حاضنة جديدة لهم في السودان بعد أن فقدوا حواضنهم في مختلف مناطق الشرق الأوسط.
ونبه إلى أن تنامي خطر هذه “الجماعات الإرهابية” في السودان برعاية البرهان والحركة الإسلامية يشكل تهديدا مباشراً وصريحاً لأمن البحر الأحمر وتابع قائلاً: “كلنا نعلم أن البحر الأحمر بموقعه الاستراتيجي يشكل واحدة من مرتكزات الأمن الدولي سواء كان في عبور التجارة أو الاستخدام الحربي أو غيره فهو يشكل واحدة من الاستراتيجيات الأمنية لدول الإقليم ولدول العالم بشكل عام”.
ورأى أن عدم استقرار السودان يشكل خطراً كبيراً على كل دول الإقليم حتى يمتد إلى دول الساحل الأفريقي مشيراً إلى أن السودان بحكم موقعه “الجيوسياسي” له تأثير سياسي وأمني على مجمل المحيط الإقليمي الذي يقع فيه.
مواجهة الرباعية
واعتبر ديدان أن البرهان يضع نفسه في “عنق الزجاجة” وفي مواجهة الدول الرباعية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وأضاف قائلاً: “لكن هذا ليس بمؤشر جيد نحو السلام حتى الشروط التي يضعها هي شروط تعجيزية لأن كل شيء ترتبط بالواقع فالعملية السياسية ترتبط بالواقع والحرب نفسها ترتبط بالواقع”.
ووصف ديدان خطاب البرهان بأنه تحدي أجوف ورؤية قاصرة ستشعل المزيد من النار، وقال إنَّ البرهان في حقيقة الأمر لا يدرك كيف تسير الأمور وكيف تتم حماية مصالح مراكز القوة الدولية التي تتحكم في الشأن العالمي كيف يحمون مصالحهم وتابع قائلا: “ليس ببعيد ما حدث في غزة وما يحدث في اليمن وما حدث في إيران، و”الحركة الإسلامية” يريدون الانتحار تقريباً وسيواجههم الشعب السوداني”. وأردف: “الآن الشعب السوداني عليه أن يدرك من الذي يريد استمرار الحرب، الحركة الإسلامية والبرهان”.
وعبر ديدان عن استغرابه بأنه لا يمكن أن ترفض الحركة الإسلامية والبرهان كل المحاولات والوساطات لإيقاف هذه الحرب، ورأى أن هذه حرب سودانيين يجب أن يصل الناس فيها إلى رؤية تحقق إنهاء الحروبات في السودان وليس إنهاء هذه الحرب فقط، مشيراً إلى أن السودان ظل في حالة حرب منذ العام 1955م.
وأعاد التذكير بأن كل اتفاقات السلام التي تمت قسمت السودان إلى بلدين بذهاب جنوب السودان بموجب اتفاقية السلام الشامل 2005م، كواحد من البدائل التي كانت مطروحة في حق تقرير المصير، ولم تحقق الاستقرار بل ظلت الحرب مشتعلة في دارفور والنيل الزرق وجنوب كردفان حتى وصلت ذروتها في حرب 15 أبريل، وأضاف: “أنا في رأي أن قادة الجيش السوداني بحسب التجربة التاريخية وتحليلنا للصراعات لايريدون استقرار السودان”.
ودعا البرهان بأن يقدم خدمة واحدة للشعب السوداني بالجلوس الى طاولة صناعة السلام وفق شروط جديدة تحقق الاستقرار للشعب السوداني وانتقال ديمقراطي وأن تضع المؤسسة العسكرية في مكانها الطبيعي كواحدة من مؤسسات الدولة التي ليس لها علاقة بالحكم أو السلطة أو إدارة الموارد، وإنما عليها حماية الحدود.


and then