الطيران الحربي يقصف هدفاً في بحري - 6 أغسطس 2023 - المصدر:وسائل التواصل الاجتماعي

امستردام: 26فبراير2024: راديو دبنقا

محمد الطاهر في نهاية الاربعينات من عمره، متزوج وأب لأربعة أطفال. يعمل سائقا لحافلة “شريحة” قبل أن يفقد عمله بسبب الحرب. يعيش على التكسب من الاعمال الحرة في مجال البناء ومن المساعدات الشهرية التي يرسلها شقيقه كي يتمكن من اعالة اسرته ووالدته المسنة معه في البيت.

حسب مزاج حامل السلاح

في بداية الحرب وجد نفسه في منطقة كرري التي دارت حولها معارك عنيفة ونجا واسرته بأعجوبة بعد أن سقطت قذيفة صاروخية اخترقت سقف غرفة نومه. بعدها ظل متنقلا بأسرته بين أم بدة والثورة التي استقر فيها حاليا بشكل مؤقت. يقول بأن الجيش يسيطر على المنطقة وهو مصدر طمأنينة بالنسبة له. في منطقة دار السلام التي أتى منها تسيطر قوات الدعم السريع التي لا تتعرض للمواطنين عادة حسب قوله، ولكن الأمر يعتمد في النهاية على طبيعة حامل السلاح الذي تقابله ومزاجه وطريقة تعامله.

لم يكن يحس بالارتياح لأفراد هذه القوات منذ البداية وكان يختصر مشاويره لخارج المنزل للأمور الضرورية مثل جلب الخبز وأغراض الأكل. ذات صباح اخبرته حاسة داخلية بمغادرة المنطقة التي كان يعيش فيها بأمبدة دار السلام. تزايد عدد عناصر الدعم السريع في الحي قد يكون عامل استهداف للمنطقة من قبل الجيش بالطيران أو بالمدفعية بعيدة المدى. قرر الذهاب لمنطقة الثورة بنصيحة من أهل زوجته. قالوا له إن الجيش يسيطر على المنطقة والأمن سائد والناس يتحركون بشكل عادي لقضاء حوائجهم.

الوالدة العجوز تميمة السلامة

اخذ منه المشوار كامل الصبح والظهيرة ووصل الى الثورة بعد العصر.. قال ان الارتكازات المختلفة في كل مكان على كامل الطريق.. كانت والدته العجوز هي التميمة التي تنقذه من الكثير من الأسئلة عن شخصه وعن وجهته.. كان يحمل فيما يحمل من ملابس واغراض ضرورية وشاشة تلفاز رقمية مسطحة حاول كل من اعترضه في ارتكازات الطرفين مصادرتها منه، ولكنه أصر على التمسك بملكيتها.

كانت الحياة تسير على وتيرة متقطعة بين يأس وأمل، اشتداد القصف ثم هدوءه في بعض الأحيان.. عن طريق هاتفه الذكي يحاول تتبع اخبار القتال إلى أن تم قطع شبكة الانترنت والاتصالات في بداية هذا الشهر.

طافت بذهنه سيناريوهات قاتمة بشأن الحوالة الشهرية من شقيقه بالخارج، ما الذي سيحدث له ولصغاره ووالدته العجوز المريضة إذا لم يحصل على أية أموال في نهاية هذا الشهر؟ بحكم الحرب لا يستطيع التجوال بحرية بين مختلف انحاء العاصمة حيث يتوزع اقاربه. هداه تفكيره لمحاولة السفر لمنطقة تتوفر فيها خدمة الاتصالات والشبكة.

إلى شندى لقراءة الرسائل

قال في حديثه لراديو دبنقا أن تفكيره هداه للسفر الى شندي، بسبب سهولة السفر اليها من منطقة الثورة التي يسكن فيها. في ظهيرة وصوله وجد الكثير من الرسائل القلقة من شقيقه فحاول الاتصال به في مكالمة عبر الواتساب، رغم رداءة الصوت طمأنه على حال الاسرة والوالدة وتحصل على الفور على تحويل عبر تطبيق بنكك، سارع بسحبه في شكل سيولة نقدية. يقول موضحا بأن منطقة الثورة لا يتوفر الناس فيها على سيولة نقدية حتى ولو كان لديك تحويل رقمي عبر تطبيق بنكك.

أمضى محمد طاهر ليلته في شندي بنية السفر في الصباح الباكر عائدا لأسرته بالثورة في أمدرمان، قال إن شقيقه كان في غاية القلق خوفا من أن يتعرض للنهب أو مصادرة ما معه من أموال في أحد الارتكازات.. كتب لشقيقه بعد وصوله للثورة: وصلت بسلام وفي حوزتي المبلغ، في الطريق لم يتعرض لي أحد بأي سؤال، تعامل معي الجميع بلطف لدرجة اشعرتني بأنني أحمل رتبة لواء.