حركة (زهجنا خلاص) : صرخة لكسر الوصاية السياسية واستعادة الصوت المدني المستقل
الدكتور مهند محمد الحسن، عضو الهيئة القياديةلحركة "زهجنا خلاص"
د. مهند محمد الحسن لـ(راديو دبنقا):
“زهجنا خلاص” صرخة لاستعادة الصوت المدني المستقل في زمن الحرب.
لسنا “واجهة” لأحد.. والتبعية تهمة تطلقها عقول لا تستوعب العمل المدني المستقل.
حركتنا ليست رد فعل عاطفي، بل حراك يسعى لكسر حلقة الوصاية السياسية.
راديو دبنقا : 18 ديسمير 2025
اجري الحوار : اشرف عبدالعزيز
أكد د. مهند محمد الحسن القيادي بحركة “زهجنا خلاص” لـ(راديو دبنقا) أن الحركة ليست مجرد رد فعل عاطفي، بل هي نتاج “تراكم خيبات” أعقبت ثورة ديسمبر وفشل التسويات السياسية التي أدت للحرب الشاملة.
وأوضح في المقابلة مع دبنقا أن الهدف الجوهري هو استعادة “الصوت الغائب” للشباب السوداني الذي سئم الخطاب التقليدي، مشدداً على أن القيمة المضافة للحركة تكمن في لغتها البسيطة وقدرتها على كسر حلقة “التعالي والوصاية النخبوية”.
ونفي مهند التبعية لـ “تحالف صمود” وحول الاتهامات التي تلاحق الحركة بأنها “واجهة مدنية” لتحالفات أخرى، رد الحسن بحسم: “لسنا واجهة لأحد، والتبعية تهمة تطلقها عقول لا تستوعب العمل المدني المستقل”. وأوضح أن التقاطع في المواقف حول رفض الحرب والعسكرة مع كيانات مثل (تحالف صمود) هو أمر طبيعي وتفرضه الضرورة الوطنية، لكنه لا يعني التماهي التنظيمي أو التبعية السياسية.
وأشار د. مهند في مقابلة مع راديو دبنقا إلى أن زمن تجمع المهنيين قد انتهى بظروفه، وأن الحركة لا تسعى لاستنساخ أدوات قديمة في واقع جديد ومختلف. وقال: “نحن نطور أدوات المقاومة لتناسب واقع الحرب الشاملة والتشظي المجتمعي، ونعمل على بناء وعي طويل النفس بدلاً من الرهان على الانفجارات التعبوية المؤقتة”.
وكشف الحسن عن الهيكل القيادي للحركة الذي يضم أكاديميين ومهنيين وشباباً، من بينهم د. جهاد الشريف، ومحمد أحمد (أبو أفنان)، وم. عبد المعز كامل جابر، مؤكداً أن الحركة تدار حالياً بمجلس انتقالي حتى انعقاد الجمعية العمومية.
وفي رده على تساؤل حول ضعف الزخم الجماهيري مقارنة بالسابق، أرجع ذلك إلى حالة “الإنهاك الوجودي” التي يعيشها الشعب السوداني وضبابية المشهد، مؤكداً أن الحركة لا تبيع الأوهام ولا تدعي امتلاك “عصا موسى”، بل هي محاولة جادة للحفاظ على “فكرة الدولة” وإبقاء الأمل حياً وسط واقع يحاول إقناع الناس بانعدامه.
وفيما يلي نص المقابلة :
ما هي الدوافع الموضوعية لتأسيس “زهجنا خلاص” في هذا التوقيت المتأزم، وما القيمة المضافة التي تقدمها خارج إطار الكتل التقليدية؟
حركة (زهجنا خلاص) لم تؤسس كرد فعل عاطفي أو مبادرة موسمية، بل هي نتاج تراكم طويل للحراك الاجتماعي والسياسي بعد ثورة ديسمبر، وما تلاها من انتكاسات وتسويات فاشلة وصولاً إلى الحرب الشاملة التي دمرت الدولة والمجتمع. الدافع الأساسي كان إحساس قطاع واسع من الشباب بأن الخطاب السياسي التقليدي قد استُهلك، وأن الكتل السياسية فقدت قدرتها على تمثيل المزاج الشعبي. القيمة المضافة التي نقدمها هي كسر حلقة "الوصاية والتعالي"، فنحن لا نبحث عن سلطة ولا ندعي احتكار الحقيقة، بل نعيد الاعتبار للصوت المدني المستقل بلغة الناس البسيطة.
في ظل تقاطع مواقفكم مع “تحالف صمود”، كيف تردون على اتهامكم بأنكم مجرد “واجهة مدنية” أو ذراع جماهيري له؟
وجود تقاطعات في المواقف مع (تحالف صمود) أمر طبيعي في الساحة السياسية، خاصة حول قضايا محل إجماع مثل "رفض الحرب والعسكرة". هذا التقاطع لا يعني "التماهي" أو التبعية، فنحن حركة مستقلة تنظيمياً وسياسياً، وقراراتنا تنبع من نقاش داخلي مفتوح. تصويرنا كـ "واجهة" هو تعبير عن عقلية قديمة عاجزة عن استيعاب فكرة الفاعل المدني المستقل خارج القوالب الحزبية التقليدية.
هل تعتبر “زهجنا خلاص” نموذجاً مستنسخاً من تجربة “تجمع المهنيين” في 2019؟ وهل تراهنون على ذات الأدوات السلمية في ظل الحرب؟
لسنا استنساخاً لتجمع المهنيين؛ فالظرف اليوم مختلف جذرياً. نحن أمام حرب شاملة ودولة منهارة ومجتمع متشظٍ. لذا، لا يمكن استنساخ أدوات المقاومة السلمية كما هي، بل نراهن على "تطوير الفكرة" عبر إعادة تعريف الفعل المدني في زمن الحرب، وبناء وعي طويل النفس. نحن لا نلهث وراء "اللحظة الصورية" السريعة، بل نعمل على المدى المتوسط والطويل بعيداً عن الانفجارات التعبوية المؤقتة.
من هم الفاعلون الحقيقيون والقواعد التي تشكل العمود الفقري للحركة؟
(زهجنا خلاص) ليست حركة نخب أو مهنيين بشكلها التقليدي؛ قواعدها هم الشباب العاديون من طلاب وعمال ومهنيين. الأكاديميون والمثقفون داخل الحركة ليسوا "مركز القرار"، وقد اعتمدنا هيكلاً غير مركزي لتفادي أمراض العمل السياسي السابق. الهيئة القيادية تضم زملاء مثل: د. جهاد الشريف، محمد أحمد (أبو أفنان)، م. عبد المعز كامل جابر، أ. ميرغني محمد، أ. وليد صديق، وأ. مهدي الصديق. وتدار الحركة حالياً بمجلس انتقالي (أعلى ورئاسي) حتى انعقاد الجمعية العمومية في مرحلة السلم.
لماذا لم تحقق “زهجنا خلاص” حتى الآن الزخم الجماهيري الكاسح الذي حققه “تجمع المهنيين” سابقاً؟
السياق في 2019 كان مختلفاً، العدو كان واضحاً والنظام قائماً، أما اليوم فالمشهد ضبابي والناس في حالة إنهاك وجودي. هناك أيضاً فقدان ثقة لدى الشباب تجاه أي لافتة جديدة بعد الخيبات المتكررة. بناء الثقة اليوم يسير ببطء، ونحن لا نعد الناس بانتصارات سريعة ولا نحمل "عصا موسى"، بل نطرح خطاباً صادقاً ولو كان مؤلماً. نحن محاولة اجتهاد مدني من داخل "الخراب الكبير" للحفاظ على فكرة الدولة وإمكانية المستقبل وسط واقع يحاول إقناع الناس بإنعدام الأمل.


and then