تقرير منظمة العفو الدولية عن استخدام الاسلحة الكيميائية

يتطلب تقديم تعريف دقيق للمواد الكيميائية المحددة التي زعم استخدامها في الهجمات الموثقة في هذا التقرير جمع العينات البيئية والعينات الجسدية لأولئك الذين تعرضوا…

 

ترجمة: (جريدة حريات)

 

لمحة عامة عن الهجمات بالأسلحة الكيماوية المزعومة:

 

يتطلب تقديم تعريف دقيق للمواد الكيميائية المحددة التي زعم استخدامها في الهجمات الموثقة في هذا التقرير جمع العينات البيئية والعينات الجسدية لأولئك الذين تعرضوا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للمواد الكيميائية فضلا عن تحليل بقايا الأسلحة المستخدمة أثناء الهجمات. وبالنظر إلى القيود الشديدة على دخول جبل مرة، لم تتمكن منظمة العفو الدولية أن تحصل على هذه العينات. ومع ذلك، تم تحليل الأدلة المصورة وشهادات الشهود من قبل خبيرين مستقلين في الأسلحة الكيماوية وجدا أن هناك أدلة موثوقة تشير بقوة إلى أن عناصر أسلحة كيميائة قد استخدمت في الهجمات الموثقة في هذا التقرير.

قابلت منظمة العفو الدولية 57 من أهالي جبل مرة، 47 مدنيا وعشرة من جيش تحرير السودان / فصيل عبد الواحد، زعموا أن قوات الحكومة السودانية استخدمت “الغاز السام” خلال الهجمات على جبل مرة بين يناير وسبتمبر 2016. وأمد هؤلاء الأفراد منظمة العفو الدولية بأدلة من الشهادات والصور الفوتوغرافية التي تدعم هذه المزاعم. الأدلة التي تم جمعها من الهجمات كانت متسقة بشكل عام وتشير بقوة إلى أن القوات الحكومية السودانية استخدمت مرارا وتكرارا الأسلحة الكيميائية أثناء الهجمات في جبل مرة. وتضمنت شهادات أهالي جبل مرة ناجين ومقدمي رعاية طبية للناجين والضحايا. العديد من الناجين كانوا أيضا مقدمو رعاية. والعديد من الناجين شهدوا هجمات متعددة.

وبناء على شهادات مقدمي الرعاية والناجين، تقدر منظمة العفو الدولية أن ما بين 200 و250 شخصاً قد يكونوا لقوا حتفهم نتيجة التعرض لعناصر الأسلحة الكيميائية، كثير منهم – أو أكثرهم – أطفال. كما أعطى مقدمو الرعاية منظمة العفو ملاحظاتهم حول ما اعتبروه السبب المباشر للوفاة.

وثقت منظمة العفو الدولية 32 هجمة يشتبه في أنها بالأسلحة الكيميائية في جبل مرة بين يناير وسبتمبر 2016. ووقعت أولى الهجمات خلال بدء هجوم الحكومة في

منتصف يناير ووقع آخر هجوم وثقت له منظمة العفو يوم 9 سبتمبر.

وقعت الهجمات بالأسلحة الكيميائية المزعومة في كل من مناطق جبل مرة الأربع  التي شهدت أعمال عنف كبيرة في عام 2016. لقد وثقت منظمة العفو الدولية لهجمات مشتبه أنها بالأسلحة الكيميائية في شمال جبل مرة في يناير، وفي جنوب جبل مرة في الفترة من يناير حتى سبتمبر، في وسط جبل مرة من أبريل وحتى سبتمبر، وفي غرب جبل مرة خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر.

وبحسب ما ورد فإن مواد الأسلحة الكيميائية صوبت عبر قنابل وصواريخ. قال أغلبية الناجين من هجمات الأسلحة الكيماوية المزعومة بأن مواد الأسلحة الكيميائية انبعثت من قنبلة أسقطتها طائرة أنتونوف. وأفادت أقلية بأنها انبعثت من صواريخ تم إطلاقها من الأرض. وقال أربعة من الناجين إنهم شهدوا مواد الأسلحة الكيميائية المزعومة تنبعث من قنابل وصواريخ معاً.

وقال العديد من الناجين لمنظمة العفو الدولية إن القنابل التي حملت الأسلحة الكيميائية المزعومة انفجرت مع ملامستها الأرض ومن ثم أصدرت سحابة كثيفة من الدخان. وذكر العديد من الناجين ان القنبلة التي حملت مواد الأسلحة الكيميائية المزعومة انفجرت في الجو، وكان الانفجار مسبوقاً في العادة بشعلة متوهجة أو ومضة ضوء، وأن القنبلة بعد انفجارها تصدر سحابة من الدخان أو الغبار الذي ينطلق منتشراً على مساحة كبيرة ثم يحط أرضاً. وقال عدد من الناجين إنهم شهدوا مواد الأسلحة الكيميائية المزعومة وهي تنبعث من كلا النوعين من القنابل خلال هجمات مختلفة.

وذكرت الغالبية العظمى من الناجين أن الدخان الذي صدر من القنابل والصواريخ التي احتوت على الأسلحة الكيميائية المزعومة غير لونه بعد انبعاثه. وأفادت أقلية صغيرة بأن الدخان كان أسود اللون ثم اختفى. من أولئك الذين ذكروا أن لون الدخان تغير، جميعهم تقريبا ذكروا بأن الدخان كان بداية بلون داكن جداً، أسود في العادة، ومن ثم تغير ليتخذ لوناً أفتح حتى تحول إلى لون رمادي / أبيض. وأفاد عدد من الشهود أنه تغير من الأسود إلى اللون الأزرق أو البنفسجي قبل أن يتحول إلى رمادي أو أبيض. وأفاد عدد من الشهود أنه تغير من الأسود إلى الأحمر أو الكبدي ثم إلى اللون الرمادي أو الأبيض. كذلك ذكر عدد قليل من الشهود إن لون الدخان كان أصفر أو أخضر. وذكر جميع الشهود تقريباً أن الدخان استغرق ما بين خمسة إلى 20 دقيقة ليغير لونه ثم يتلاشى في الجو.

وأفاد العديد من الناجين بأن مواد الأسلحة الكيميائية المزعومة الصادرة عن  القنابل تركت طبقة سميكة من الغبار الأسود على الأرض والأشجار والحشائش والبشر بالقرب منها.

وقال كل ناجٍ بأن الدخان كانت له رائحة كريهة. وكثير منهم غير قادر على وصف الرائحة خلا حقيقة أنهم وجدوها غير مستساغة بشكل فظيع. وفي العادة قال الشهود بأنهم لم يشهدوا أي شيء كهذا من قبل أو أنها كانت “غير طبيعية”. ووصف العديد من الناجين الرائحة بأنها نتنة أو كريهة. العديد وصفوها بأنها “عفنة”، “مثل البيض الفاسد”، “حارة”، أو “حارة كالفلفل”، أو مزيج من تلك الأوصاف. أربعة ناجين وصفوا الرائحة بأنها مشابهة لمبيد حشري أو الكلور أو الكبريتيد.

وأفاد عدد من الناجين برؤيتهم لون المياه في الأودية تتغير إثر سقوط القنابل التي تحتوي على الأسلحة الكيميائية المزعومة على الوادي.

وقال عدد من الناجين إن أعدادا كبيرة من الطيور وغيرها من الحيوانات، بما في ذلك الحمير، نفقت بعد تعرضها لمواد الاسلحة الكيماوية المزعومة.

ووصف الناجون ومقدمو الرعاية للمصابين طائفة واسعة من الأعراض التي عانى منها ضحايا هجمات الأسلحة الكيميائية المزعومة خلال ساعات وأيام من تعرضهم لعوامل الأسلحة الكيميائية المزعومة. وعموماً كان الأطفال متضررين بشدة أكثر من البالغين.

لم يزر الغالبية العظمى من الناجين من هجمات الأسلحة الكيميائية المزعومة أية عيادات طبية رسمية ولم يحصلوا على رعاية طبية كافية.

وكان العرَضَان الأكثر شيوعا، واللذان ذكرت الغالبية العظمى من الناجين معاناتهم منهما، وذكر مقدمو الرعاية تقريباً دائماً ملاحظتهم لهما في كل من عالجوهم، متعلقين بالجهاز الهضمي: القيء الشديد جداً والدموي في الغالب، والإسهال. يبدأ كل من القيء والإسهال فور التعرض (للهجمات)، وأفاد معظم الناجين ببدئهما فوراً أو خلال 30 دقيقة. ووفقاً لمقدمي الرعاية فإن الإسهال لم يستجب للمضادات الحيوية التي تستخدم في العادة لوقف الإسهال. ووفقاً للناجين ومقدمي الرعاية فقد كان الإسهال والقيء ضمن أكثر الأعراض شيوعاً وقد تسببا في الوفاة في حالات عديدة.

وذكر ناجون ومقدمو رعاية مجموعة متنوعة من التغيرات على الجلد. وشملت التغيرات البثور الحادة، والطفح الجلدي، والحكة. وقيل بأن جلد الضحايا يتيبس، ويتغير لونه إلى الأبيض أو الأسود، أو الأخضر، وفي النهاية يتفسخ. وكثيرا ما حدثت التغيرات على الجلد بعد التعرض بوقت قصير، عادة في غضون ساعة. ولكن العديد من مقدمي الرعاية ذكروا بأن التغييرات في الجلد وقعت في اليوم التالي للهجوم.

ولاحظ مقدمو الرعاية في كثير من الأحيان تغيرات على عيون الضحايا، بما في ذلك التغيرات في لون العين، وانتفاخ العينين، وتسرب سائل من العيون بشكل مستمر، وحكة مستمرة، وبقع تحت الجفون، وانخفاض في الرؤية. وقد فقد العديد من الناجين بصرهم.

وذكر ناجون ومقدمو رعاية مجموعة متنوعة من مشاكل الجهاز التنفسي التي وقعت بعد فترة وجيزة من التعرض لمواد الأسلحة الكيميائية المزعومة، بما في ذلك السعال الشديد، الصعوبة في التنفس، والتهابات الرئة. وكان الاختناق بين الأسباب الأكثر شيوعا لوفاة ضحايا هجمات الأسلحة الكيميائية المزعومة.

وأبلغ الشهود ومقدمو الرعاية عادة عن إجهاض اللائي تعرضن (للهجوم)، إذ تم الإبلاغ عن مئات الاجهاضات، التي كانت في الغالب أغزر دماً من المعتاد بكثير. وذكروا بأن الإجهاض وقع إما في نفس اليوم أو في غضون بضعة أيام من التعرض للأسلحة الكيميائية المزعومة.

وذكر ناجون ومقدمو رعاية تغيرات كبيرة في رائحة نَفَس الأشخاص الذين تعرضوا لعناصر الأسلحة الكيميائية المشتبهة. ودائماً ما يذكر بأن رائحة النفس غير مقبولة بصورة استثنائية وغالباً ما توصف بأنها غير طبيعية.

وذكر العديد من الضحايا وجميع مقدمو الرعاية تقريباً تغيرات كبيرة في لون البول، عادة للون الأصفر/ البرتقالي ثم الأحمر/ الكبدي. كما ذكروا بأن رائحة البول تغيرت كثيرا.

وأفاد مقدمو الرعاية أيضا تغيرات في لون ورائحة براز مرضاهم.

وأفاد مقدمو الرعاية والناجون في كثير من الأحيان بتورم الأجساد خاصة لدى الأطفال.

ذكر مقدمو الرعاية وآباء الأطفال الناجين أن الأطفال فقدوا شهيتهم جداً بعد تعرضهم لمواد الأسلحة الكيميائية المزعومة. وذكروا أن العديد من الأطفال رفضوا تناول الطعام بعد التعرض وتوفوا. وذكر عدد من الناجين الكبار أيضا معاناتهم من فقدان الشهية عقب الهجوم.

وقال عدد من الناجين أن أطفالهم الصغار شهدوا تراجعا في وظائف الحركة والقدرات العقلية بعد التعرض لمواد الأسلحة الكيميائية المزعومة، بما في ذلك عدم القدرة على المشي أو التكلم رغم أنهم كانوا في السابق قادرين على القيام بذلك.

وذُكر أن العديد من الضحايا فقدوا وعيهم نتيجة التعرض لعناصر الأسلحة الكيميائية. شهد العديد من الضحايا تقلصات لا إرادية في العضلات، ونوبات (تشنجية). معظم الناس الذين عانوا من نوبات تشنج توفوا لاحقاً.