تفشي الحصبة في دارفور: أرقام مقلقة وتدخلات متأخرة وسط تحديات الحرب

أطباء منظمة أطباء بلا حدود يعالجون الأطفال في وحدة عزل مرضى الحصبة في مخيم أم سنجور للاجئين في ولاية النيل الأبيض (أحمد محمود / أطباء بلا حدود)


كمبالا: 23 ديسمبر 2025: راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو


تشهد ولايات دارفور تزايداً مقلقاً في حالات الإصابة بمرض الحصبة، في ظل ظروف إنسانية وصحية بالغة التعقيد فرضتها الحرب المستمرة وانهيار الخدمات الأساسية. ويثير تفشي الحصبة في الاقليم مخاوف صحية متزايدة، مما يتطلب تعزيز حملات التلقيح والاستجابة السريعة لاحتواء الوباء لجهة انه وباء يمكن الوقاية منه باللقاحات. ويعرف مرض الحصبة بأنه مرض فيروسي شديد العدوى يمكن أن يصيب أي شخص غير مُحصَّن، سواء كان طفلًا أو بالغاً، لكنه يصيب الأطفال بصورة أكبر بسبب ضعف أو غياب التطعيم، خاصة في مناطق النزاع أو ضعف الخدمات الصحية.


جنوب دارفور


تعد جنوب دارفور اكثر ولايات الاقليم تضرراً من انتشار الحصبة، حيث كشفت الإدارة العامة للطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة يوم الخميس الماضي عن تسجيل 31 حالة إصابة جديدة بالمرض، موزعة على عدة مناطق في الولاية. وأوضحت الإدارة في تقرير اطلع عليه راديو دبنقا أن الحالات الجديدة توزعت بواقع 17 حالة في محلية نيالا شمال، و13 حالة في بلدية نيالا، وحالات واحدة في محلية السلام. كما أشارت إلى أن معظم التقارير الواردة من محلية شرق جبل مرة تأتي عبر التقارير الأسبوعية دون تفاصيل دقيقة. ونبهت الوزارة الى ان إجمالي حالات الإصابة بالحصبة منذ بداية العام الحالي بلغ نحو 1878 إصابة، وحوالي 17 حالة وفاة


واشارت الى حالات الاصابة توزعت بين محليات الولاية بواقع 1103 حالة في محلية شرق جبل مرة، 390 إصابة و10 وفيات في نيالا شمال، 276 إصابة و3 وفيات بلدية نيالا، 25 إصابة في مرشنج، 19 إصابة في دمسو، 13 إصابة في رهيد البردي، 9 إصابات في محلية كاس، 9 إصابات في عد الفرسان، 8 إصابات في محلية السلام، 7 إصابات في بليل، 4 إصابات في قريضة، واصابة واحدة في كل من برام والسنطة.


شرق وغرب دارفور


أما في ولاية شرق دارفور، قال أزرق حسن حميدة، من الإدارة التنفيذية بوزارة الصحة بالولاية، لراديو دبنقا إن حالات حصبة محدودة سُجلت خلال شهر نوفمبر الماضي، موضحاً أن عدد الحالات بلغ أربع فقط وفق التقارير الواردة من المراكز الصحية، وقد تعافت جميعها بالكامل، ولم تُسجل أي حالة جديدة حتى نهاية شهر ديسمبر. غير أن الصورة تبدو أكثر قتامة في ولاية غرب دارفور، حيث كشف محمد موسى، مدير عام وزارة الصحة بالولاية، أن عدد حالات الحصبة منذ بداية العام بلغ نحو 1500 حالة، موزعة على مختلف محليات الولاية. وأشار موسى لراديو دبنقا إلى أن محلية فوربرنقا سجلت أعلى عدد من الإصابات، تليها محلية الجنينة ثم كرينك، مع وجود حالات أقل في بقية المحليات.


وأوضح موسى أن تدخلات صحية نُفذت في فوربرنقا أسهمت في خفض عدد الحالات بشكل ملحوظ، لكنه أرجع أسباب تفشي المرض إلى عدة عوامل، أبرزها الحرب التي عطّلت حملات التحصين لفترات طويلة بين عامي 2023 و2024، إضافة إلى النزوح الواسع وتراكم الأطفال غير المطعّمين نتيجة ما وصفه بـ“السواقط” في الحملات السابقة. وقال إن “تراكم هذه الفجوات في التطعيم أدى إلى زيادة انتشار الحصبة”.


وأكد مدير مستشفى الجنينة أن السلطات الصحية تستعد لإطلاق حملة تطعيم جديدة على مستوى الولاية، بعد وصول الإمدادات والمعينات الطبية التي كانت مفقودة خلال الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن الحملة من المقرر أن تبدأ في السابع من الشهر الجاري.


تدخلات دولية


في ظل تفشي الحصبة الذي تشهده ولايات دارفور، حذرت منظمة أطباء بلا حدود من اتساع رقعته، واكدت المنظمة ــ في صفحتها على منصة اكس ــ أن فرقها الطبية عالجت أكثر من 1300 حالة منذ سبتمبر 2025م. وأرجعت المنظمة استمرار تفشي المرض إلى التأخيرات في نقل اللقاحات والموافقات عليها، وضعف التنسيق بين السلطات والشركاء الرئيسيين، ما يترك أعداداً كبيرة من الأطفال دون حماية.


وقال أحمد فاضل، منسق الطوارئ لمنظمة أطباء بلا حدود في دارفور، إن الحصبة مرض يمكن الوقاية منه، لكن الحواجز الإدارية والتأخيرات من جانب الوكالات الرئيسية تعرض الأطفال لخطر مرض قد يكون مميتاً.


يأتي تفشي مرض الحصبة في دارفور في ظل هشاشة القطاع الصحي وتراجع قدرته على تقديم الخدمات الصحية جراء تأثره بالمعارك التي دارت في الاقليم منذ اندلاع الحرب في البلاد، حيث تلتقي آثار الحرب والنزوح مع ضعف برامج التحصين، ما ينذر بمزيد من الأوبئة ما لم تُتخذ استجابات سريعة ومنسقة تضع صحة الأطفال في مقدمة الأولويات.

Welcome

Install
×