ترحيل قسري لأمهات من جنوب السودان من الخرطوم وفصلهن عن أطفالهن

نساء جنوب سودانيات جرى اعادتهن قسرا من الخرطوم بدون السماح لهن باصطحاب ابنائهن

نساء جنوب سودانيات جرى اعادتهن قسرا من الخرطوم بدون السماح لهن باصطحاب ابنائهن-وسائل التواصل

جوبا – 14 أكتوبر 2025 – راديو دبنقا

أثار ترحيل السلطات السودانية عددًا من مواطني جنوب السودان، بينهم أكثر من مائة امرأة تم فصلُهن عن أطفالهن، موجةَ غضبٍ واسعة في الأوساط الشعبية والرسمية بجنوب السودان، واعتُبر الحادث انتهاكًا صارخًا للعلاقات بين البلدين.

وقالت امرأة أُبعدت إلى جنوب السودان، في مقطع فيديو تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، إن قوةً أمنية اقتحمت منازلهم وأمرت النساء بالركوب في السيارات، مضيفةً: “عندما طلبنا منهم اصطحاب أبنائنا قالوا لا داعي لذلك، وسنعيدكن إلى منازلكن بعد استخراج البطاقات، لكنهم رحّلونا بسرعة إلى جنوب السودان”.

وقالت امرأة أخرى إن القوة أوقفتها أثناء عودتها من السوق ولم تسمح لها بالعودة إلى المنزل لاصطحاب أطفالها.

ولم يتسن لراديو دبنقا الحصول على افادة من السلطات في السودان.

وعقب الحادث، نشرت وزارة خارجية جنوب السودان على صفحتها في فيسبوك أمس الاثنين خبرًا عن استقبال الوزير موندي سيمايا ك. كومبا في مكتبه السفيرَ السوداني لدى جوبا عصام محمد كرار، كما أجرى اتصالًا هاتفيًا مع وزير الخارجية السوداني محيي الدين سالم.

وأوضحت الوزارة أن الاتصال بين وزيري الخارجية تناول أوضاع العلاقات الثنائية بين البلدين، والزيارات المستقبلية، ونتائج زيارة وزير خارجية جنوب السودان إلى بورتسودان، إضافة إلى أوضاع مواطني جنوب السودان في السودان. كما بحث الوزير مع السفير السوداني نتائج الزيارة الأخيرة وسبل تعزيز حماية ورفاهية الجنوبيين في السودان والسودانيين المقيمين في جنوب السودان.

ويأتي هذا الإجراء بعد زيارة وزير خارجية جنوب السودان إلى بورتسودان الأسبوع الماضي، حيث اتفق الطرفان – ضمن قضايا أخرى – على رعاية الجاليات السودانية والجنوب سودانية في الدولتين ومعالجة المشكلات المتعلقة بالهجرة.

الرحلة الخامسة

قال الصحفي الجنوب سوداني أتيم سايمون في حديث لراديو دبنقا إن “الرحلة الخامسة” التي نفذتها السلطات السودانية لترحيل الجنوبيين كانت الأكثر قسوة، إذ تم خلالها فصل الأمهات عن أطفالهن وإلقاؤهن في المناطق الحدودية بين البلدين دون أي إجراءات رسمية أو إنسانية.

وأضاف أن “خطورة هذه الخطوة تكمن في أن السلطات السودانية لا تُبدي أي اكتراث لطبيعة العلاقات بين البلدين، وتتصرف بعقلية قديمة ترى في جنوب السودان إقليمًا تابعًا للسودان، وهي نظرة ما زالت مترسخة داخل بعض الأجهزة الأمنية والاستخباراتية”.

غياب التنسيق الدبلوماسي وتناقض المواقف

وأشار سايمون إلى أن هذه الإجراءات جاءت في وقتٍ أنهى فيه وزير خارجية جنوب السودان زيارةً رسمية إلى بورتسودان التقى خلالها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وعددًا من المسؤولين السودانيين، وخرجت الزيارة ببيانٍ مشترك وصفه سايمون بأنه “بيان شكلي لا يراعي عمق العلاقة بين البلدين”.

وأوضح أن “المفاجأة كانت في أن أول ردّ عملي بعد تلك الزيارة تمثّل في ترحيل أكثر من مائة امرأة من السودان، وهو ما يتناقض تمامًا مع روح البيان المشترك الذي أكد على حماية مصالح المواطنين في كلا البلدين”.

وانتقد سايمون عدم صدور أي بيان من السفارة السودانية في جوبا حول الحادثة، مشيرًا إلى أن وزيري خارجية البلدين اكتفيا بإجراء مكالمة هاتفية لم تتضمن أي إدانة أو توضيح رسمي لما حدث. وقال:
“كنا نتوقع من وزير خارجية جنوب السودان استدعاء السفير السوداني في جوبا وتقديم احتجاج رسمي بعبارات واضحة، لأن ما جرى يمثل انتهاكًا للاتفاقات والبيانات الموقعة بين الجانبين.”

منظور اقتصادي

وأوضح سايمون أن “الخرطوم لا تزال تنظر إلى علاقتها مع جوبا من منظور الأطماع الاقتصادية، وتحديدًا عبر أنبوب النفط الذي يمرّ عبر الأراضي السودانية، وكأن العلاقات بين الشعبين محصورة في هذا الجانب فقط”.

وأضاف أن “هذه النظرة الضيقة تتجاهل الأبعاد الإنسانية والمصالح المشتركة، وتُبقي العلاقة بين البلدين رهينة للنفط والمصالح الآنية، بدلًا من أن تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المتوازنة”.

خيارات بديلة أمام جوبا

ودعا الصحفي أتيم سايمون حكومة جنوب السودان إلى دراسة خيارات بديلة لمسار أنبوب النفط لتقليل الاعتماد على السودان، وإرسال رسالة واضحة مفادها أن “جنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادة، وليست ضيعة أو حديقة خلفية للخرطوم”.

كما حذّر من أن استمرار السودان في هذا النهج قد يدفع بعض الأصوات المتشددة في جوبا إلى المطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الخرطوم، وهو ما قد يؤدي إلى تضرر آلاف السودانيين المقيمين في جنوب السودان.

وختم سايمون حديثه بالقول:
“لقد آن الأوان لتذكير الخرطوم بأن جنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادة كاملة، وأن العلاقات بين البلدين يجب أن تُبنى على أساس الندية والاحترام المتبادل، لا على إرث الوصاية والأطماع القديمة.”

Welcome

Install
×