بعد إعلان التعبئة: تفاعلات جمهور “دبنقا” بين الدعوات للسلام والاستعداد للدفاع
نص سؤال اليوم المطروح على منصات دبنقا
كمبالا: 3 نوفمبر 2025: راديو دبنقا
أثار إعلان عدد من الولايات السودانية عن التعبئة العامة وفتح معسكرات للتدريب وحمل السلاح لمواجهة قوات الدعم السريع تفاعلاً واسعاً على منصات راديو دبنقا. تفاعل الجمهور يعكس انقساماً حاداً في الرأي العام بين مؤيد يرى في القرار وسيلة دفاعية ووجودية، ومعارض يحذر من أن القرار سيزيد من الدمار ويبعد الحلول السياسية. حيث انقسمت اتجاهات الرأي إلى مسارين، احدهما يناصر التعبئة باعتبارها استجابة لتهديدات أمنية ودفاعاً عن الأرض والمواطنين،
والثاني يرفضها باعتبارها بوابة لمزيد من العنف وتشتيت النسيج الاجتماعي. عبارات متكررة لدى المعارضين لاعلان التعبئة اختزلت الموقف في شعار واحد: لا للحرب، نعم للسلام. وفي المقابل برزت لدى المؤيدين عبارات مثل: حمل السلاح واجب على كل سوداني، والاستنفار واجب وطني وديني.
وحصد السؤال الذي طرح في صفحة راديو دبنقا في فيسبوك حوالي 288 تعليقا و220 اعجابا ومشاركتين وفي منصة اكس 272 مشاهده، وذلك بعد 72 ساعة من نشره في التاسع والعشرين من اكتوبر 2025م.
بحسب قراءة التعليقات فإن المؤيدين يستندون إلى تجارب محلية من العنف، ويعتبرون إعلان التعبئة كخط دفاعي لوقف تمدد قوات الدعم السريع. ويشدد هؤلاء على أن التهديد قائم وأن الاستعداد للدفاع عن بقية مدن البلاد ضرورة: حيث علق الامام ابراهيم محمد “هذا هو القرار السليم يجب على من يقدر على حمل السلاح دخول معسكرات التدريب، على الاقل نقدر ندافع عن انفسنا لاننا مررنا بتجربة قاسية”، وكتب Musab Kalatch “التعبئة واجب وطني لازم الناس توحد الصفوف”. وذكر صبري سالم “هذا هو القرار السليم يجب على كل الشعب السوداني ان ينسى خلافاته ويتوحد ضد هؤلاء الاوباش” وبعض المعلقين يعتبرون أن التعبئة ستكون الردع الذي يمنع تكرار سيناريوهات ليبيا أو اليمن أو سوريا.
المعارضون يركزون على تكلفة الدم البشري والمجتمعي، موضحين أن الحشد سيؤدي إلى مزيد من النزيف الاجتماعي والاقتصادي: وكتب صاحب الحساب Abo Bakr قائلا “قرار التعبئة سوف يحرق ما تبقى من السودان، يا من تدعون للاستنفار ارجعوا واجنحوا للسلام” وعلق صاحب الحساب الصحفي نافع ادريس نافع “تجييش المجتمعات ليس حلا ابدا. الحل هو الخضوع للسلام”. بينما يطرح معلقون آخرون أسئلة عملية عن قدرة الدولة على ضبط السلاح وتنظيم المجندين، ويخشون أن يذهب التجنيد لمصالح سياسية أو استهداف فئات معينة.
فئة ثالثة من جمهور دبنقا، تدعو صراحة للتهدئة والحوار، مستخدمة عبارات مثل “المفاوضات بس، والسلام اسم من أسماء الله الحسنى، وتكررت مثل هذه العبارات في عدد كبير من التعليقات، مع تركيز على فتح المسارات الإنسانية وإعادة الخدمات الأساسية بدل التحشيد للحرب، وذكر محمد حمدان مثلا “الاستنفار خطوة في الطريق الخطأ. الصحيح الدعوة للسلام مهما كلف الثمن” فيما كتب آخر “يجب فتح المدارس والجامعات بدل مراكز التدريب للخراب والدمار”. كثيرون من هذه الفئة يرون أن الاعتماد على الحل العسكري سيطيل أمد النزاع ويزيد من معاناة المدنيين.
المخاوف العملية برزت أيضاً حول مستوى التدريب والجاهزية: «حمل السلاح لكل مواطن بدون تدريب كافٍ خطر عليه». وورد في تعليق Mohammed Makki “بغض النظر عن الكيزان والضباط واللصوص المستمتعين بأموال البلد في تركيا وماليزيا ومصر وعمان وقطر والإمارات وحتي في بورتسودان، ما عندي مشكلة استنفر، لكن أنا واحد من الناس داير تطمينات إنه الجيش ما ينسحب يخلينا؛ وما يجمع مننا السلاح؛ وما يدينا 20 طلقة زي ما حصل في ولاية الجزيرة عند دخول الجنجويد المرة الفاتت؛ نقعد نقاتلهم يا نكملهم يا يكملونا لكن إنسحاب وبطالة ما معانا، لو اكدوا لي بكرة دي بمشي استنفر وابيع روحي للوطن”
تعليقات أخرى تبرز ذاكرة تاريخية مريرة؛ حيث يستحضر بعض المعلقين تاريخ السودان مع النزاعات وما تبعها من انتهاكات وتهجير وكتب محمد حسين استيفن “منذ عام 2003 ونحن في انتهاكات وجرائم… في حياتنا بنحلم بسلام وأمان”. مثل هذه التعليقات تحمل في طياتها تساؤلاً: هل سيؤدي الاستنفار إلى حماية فعلية أم إلى إعادة إنتاج دائرة العنف؟
ابرزت تفاعلات جمهور دبنقا اتهامات لتيارات سياسية تقف وراء اعلان الاستنفار لأن لها مصالح في اطالى امد الحرب، مثل تعليقات احدهم “دعوات الاستنفار يطلقها أشخاص خارج السودان، مستفيدون من إطالة الحرب”.
خلاصة تفاعلات جمهور دبنقا تشير إلى انقسام مجتمعي واضح بين من يرى ان الاستنفار ضرورة دفاعية ومن يراه خطرًا وجوديًا. بينما هناك ثمة إجماع على أن الحل العسكري وحده غير كافٍ وأن الضمانات السياسية والمؤسسية ضرورية. اضافة الى الدعوة لفتح ممرات إنسانية واستعادة الخدمات الأساسية لإيقاف تدهور الأوضاع المدنية. وان تجارب الجمهور مع مشاهد القتل والنزوح التي شدتها البلاد تلقي بظلالها على ثقته في أي قرار يتصدره خطاب التعبئة.
.


and then