المقاومة الشعبية بين العطا وكباشي؛ خلاف حقيقي أم توزيع أدوار؟

كباشي والعطا

الثلاثاء 2 أبريل 2024 (راديو دبنقا)

اختلاف واضح بين تصريحات الفريق أول ياسر العطا، مساعد قائد الجيش والفريق أول شمس الدين الكباشي، نائب قائد الجيش فيما يتعلق بالمقاومة الشعبية التي انتظمت في القتال بجانب القوات المسلحة ضد قوات الدعم السريع.

وكان العطا قد دعا، خلال افطار رمضاني يوم الاثنين في قاعدة وادي سيدنا العسكرية في أمدرمان، إلى التمسك بالمقاومة الشعبية وعدم الالتفات للأقوال السلبية بشأنها، بينما حذر كباشي، في خطاب قبل أربعة أيام، من أن المقاومة الشعبية يمكن أن تكون الخطر المقبل إذا لم تضبط، مضيفا أنها يجب ألا تكون “بازارا ولا سوقا سياسيا”، حسب وصفه.

ويرى الصحفي والمحلل السياسي فائز الزاكي أن ما يبدو تناقضا بين تصريحات الرجلين بشأن المقاومة الشعبية يمكن أن يقرأ باعتباره مجرد توزيع أدوار بينهما أو باعتباره خلافا حقيقيا.

واشار الزاكي إلى أن هناك ضغطا دوليا الآن ضد ما تعتبره بعض الدول والجهات الدولية “تمددا للنفوذ الإسلامي داخل قيادة الجيش”، مضيفا أن توزيع الأدوار يمكن أن يأتي في هذا السياق.

لكنه استدرك قائلا إن السياق الأقرب لتفسير الأحداث هو أن هناك خلافا بدأ يظهر داخل قيادة الجيش.

“أمر طبيعي”

ودرج كل من العطا وكباشي وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان على مخاطبة حشود عسكرية في مناسبات مختلفة والبعث بالعديد من الرسائل السياسية والتحشيدية خلال تلك الخطابات، لكن يمكن القول إنها المرة الأولى التي يبدو فيها نوع من التناقض بين رسائل قائدين كبيرين في الجيش السوداني حيال القوات التي تقاتل إلى جانبه.

ووصف الزاكي بروز مثل تلك الخلافات بأنها “أمر طبيعي” بالمقارنة مع تجارب دول أخرى مرت بحروب في الإقليم والمنطقة، مثل الصومال وسوريا، مضيفا أن من الممكن أن تظهر خلافات وكيانات متعددة داخل كل كيان محارب مع تطاول أمد الحرب.

وأعرب عن اعتقاده بأن تجربة المقاومة الشعبية “قد بدأت بدون أي ضوابط”، مما أدى إلى حديث كباشي عن ضرورة ضبطها ومن ثم حديث العطا عن تصحيح المسيرة اثناء المسير.

واضاف الزاكي أن إطلاق يد المقاومة الشعبية فيه خطر قادم على السودان، مضيفا أن من الضروري أن تضبط التجربة تحت أمرة القوات المسلحة “وإلا سنستنسخ تجربة الدعم السريع مرة أخرى”، حسب وصفه.

“حالة الفوضى”

وفضلا عن المقاومة الشعبية وكتائب البراء وغيرها، انضمت إلى الجيش السوداني مؤخرا قوات من الحركات الدارفورية المسلحة، التي تخلت عن الحياد الذي اعلنته عقب عند اندلاع الحرب قبل ما يقرب من عام.

واعتبر الزاكي أن تجنيد قوات الحركات المسلحة للقتال إلى جانب الجيش لا يختلف عن تجنيد المقاومة الشعبية، مشيرا إلى أن العديد من هذه الحركات “بدأت حملات تجنيد واسعة مستفيدة من حالة الفوضى التي يشهدها السودان”.

وأشار إلى أن هذه الحركات يمكن أن تصطف حاليا جوار الجيش في معركته ضد الدعم السريع، لكنها يمكن أن تشكل عبئا عليه فيما بعد.

وذكر الزاكي في هذا الصدد بالوصف الذي استخدمه بعض قادة الجيش من قبل من أن الدعم السريع قد خرج “من رحم القوات المسلحة” حتى قبل وقت قصير من اندلاع الحرب.

وكان البرهان قد شدد في مناسبات مختلفة قبل اندلاع الحرب على وحدة الجيش وقوات الدعم السريع وألا مجال لحدوث فتنة بينهما.

“قبل التفاوض”

وأعرب الزاكي عن اعتقاده بأن التصريحات المتعلقة بالمقاومة الشعبية ربما قصد منها أن تكون سابقة لجولة التفاوض المزمعة عقب عيد الفطر التي تحدث عنها المبعوث الأمريكي إلى السودان توم بيريللو.
وتابع قائلا إنه كلما اقتربت جولة جديدة من التفاوض كلما “ابرزت أوراق” من هذا الطرف أو ذاك قبل انطلاقها، مضيفا أن تصريحات الكباشي يمكن “أن تقرأ في إطار طمأنة المجتمع الدولي وتهيئة الأجواء”.

لكنه استدرك قائلا أن تصريحات العطا تناقض هذا التوجه، مما يوحي “بأن قيادات الجيش ليست على قلب رجل واحد” حيال هذا الامر.

وأضاف أن “هناك مجموعات تقف خلف الجيش تمنع أي نوع من التفاوض”، مشيرا إلى الإسلاميين على وجه التحديد.

وتابع قائلا إن هناك الكثيرين “ينظرون إلى تصريحات العطا باعتبارها إعلاء لصوات الإسلاميين داخل قيادة الجيش”.

ومهما يكن من أمر تصريحات العطا وكباشي، وما إذا كانت خلافا حقيقيا أو مجرد توزيع للأدوار، فقد حذرت تقارير إعلامية صدرت مؤخرا من تسلل جماعات إرهابية غير منضبطة إلى ساحات القتال في السودان، تلك الساحات التي تنفتح على حدود يبلغ طولها آلاف الأميال وتجاور سبع دول تعاني غالبيتها أصلا من اضطرابات سياسية وأوضاع أمنية واقتصادية هشة.