مبارك اردول : مصدر الصورة :راديو دبنقا

امستردام :8 ديسمبر 2025: راديو دبنقا

اجري الحوار : أشرف عبدالعزيز

أكد القيادي بتحالف الكتلة الديمقراطية، مبارك أردول في حوار مع (راديو دبنقا) أن القبول بالهدنة المطروحة بين الجيش والدعم السريع من قبل دول الرباعية “ليس عيباً”، بل هو المخرج السليم للأزمة وحفظ دماء السودانيين. واستدل على ذلك بالخسائر البشرية الفادحة، مشيراً إلى أن جنوب كردفان وحدها فقدت أكثر من 160 مواطناً خلال أسبوعين، مما يضع مسؤولية وقف الحرب على الجميع.
وحول مشاركة المؤتمر الوطني في التسوية السياسية، أعرب أردول عن مخاوفه الشديدة، مشيراً إلى أن الحزب ليس تنظيماً عادياً بل “عابر للحدود وله أطماع في دول الجوار والإقليم”، مذكراً بسوابق تاريخية (كمحاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك وإيواء أسامة بن لادن). وشدد على أن قبوله في الحوار دون ضمانات يعني “قبول متسابق متفوق عليك” بحكم سيطرته السابقة على مفاصل الدولة، معرباً عن الحاجة لضمانات ضد عودة الانقلابات للمواطن الذي ثار ضده.
وفيما يخص الكتلة الديمقراطية ومسار الحوار، أكد أردول أن التحالف بشكل مجمل “مع الحوار” وأن ورقته السياسية تدعم ذلك، نافياً طرح أي مبادرة ترفض الحوار سواء في الاتحاد الأفريقي أو القاهرة. وأشار إلى أنهم يعكفون على ترتيب أولوياتهم تمهيداً لاجتماع جيبوتي المقبل الذي يُعد منشطاً لبدء حوار سياسي بعيد المدى.
بشأن التباين داخل الكتلة، أقر أردول بوجوده لكنه وصفه بأنه “مبرر”، لكون التحالف يضم تنظيمات جزءاً من السلطة وتلك التي هي خارجها. وأوضح أن الموجود داخل السلطة يفكر بشكل مختلف و “يبحث دائماً في ما يتصل ببقائه فيها ويرفض أي مشروع يسعى لتغيير تركيبة السلطة”، مؤكداً في الختام أن الجميع متفق على أن الحوار هو المخرج الرئيسي للأزمة.


الاتفاق في الجوهر والتباين في الأولويات:


قال آردول مجيباً على سؤال دبنقا بوجود خلافات داخل تحالف الكتلة الديمقراطية : “بالنسبة للكتلة الديمقراطية، ليس هناك تباين كبير في الموقف السياسي العام. ففي آخر اجتماع عقد في بورتسودان في أكتوبر، وضعنا خارطة طريق واضحة للحوار، تضمنت أسس الحوار، وأطرافه، وموضوعاته المقترحة، والمحاذير المتوقعة منه، بما في ذلك إجراءات تهيئة المناخ. وقد شاركنا بهذا الموقف في نقاشات متعددة داخل بورتسودان وخارجها، سواء في جنيف أو نيويورك. حالياً، نرى أن التباين طفيف جداً، ويرتبط بترتيب الأولويات وليس بجوهر الموضوع، فهو ليس كبيراً ولا مؤثراً؛ فكلنا متفقون على ضرورة وقف إطلاق النار، وعملية إنسانية، وعملية سياسية تتناول ملف الانتقال، وأخرى تُعنى بالترتيبات الدستورية. هذا التباين يُعد مبرراً لأن طبيعة تشكيل الكتلة الديمقراطية تضم تنظيمات تُعد جزءاً من السلطة. وأي شخص هو جزء من السلطة يختلف تفكيره عن من هو خارجها؛ فالموجود داخل السلطة يبحث دائماً في ما يتصل ببقائه فيها ويرفض أي مشروع يسعى لتغيير تركيبة السلطة، وبالتالي هذا الأمر مبرر. نحن متفقون على أن الحوار هو المخرج الرئيسي، ونعمل جميعاً من أجل ذلك.”


فاعلية التحالف وشروط الهدنة:


وحول تأثير التباين على فاعلية التحالف في المشهد السياسي قال القيادي بالكتلة الديمقراطية : “لا أعتقد أن التباين الراهن سيؤثر كثيراً على فاعلية التحالف في المشهد السياسي. فقبل اندلاع الحرب، كان هناك تباين واضح فيما يخص الموقف من القوات المسلحة، واستطعنا تجاوز هذا التباين بأن احتفظ كل تنظيم بموقفه ونتفق جميعاً على الميثاق العام. أنا لم أسمع الآن أن أي مكون من مكونات التحالف قال إنه ضد الهدنة، بل إن بعض الشروط التي وُضعت لتحقيق الهدنة هي التي تجعلها صعبة المنال. لكننا نرى أن هذه الهدنة يجب أن تتم دون شروط مسبقة، ويجب أن يتجه الناس نحوها كخطوة أولى لإنهاء الحرب، وتوصيل المساعدات الإنسانية، وفتح المجال أمام العملية السياسية. نحن نرى أن هذا الأمر لا يحتاج لشروط مسبقة.”


استحالة الحسم العسكري وضرورة الهدنة:


وفيما يتعلق بالهدنة والحسم العسكري أوضح آردول بقوله “بالنسبة لي كشخص يمتلك خبرة تتجاوز العشر سنوات في العمل المسلح والنضال المسلح، أرى من المستحيل حسم الصراع عسكرياً. وكذلك، من خلال تاريخ وتجربة السودان، لم ينتهِ أي صراع أو نزاع بحل عسكري. حتى الصراع الذي بدأ في دارفور والذي أُنشِئ بسببه الدعم السريع، كان يُصوَّر للبشير بأن الحسم سيتم في ثلاثة أيام، لكن النتيجة كانت أن الصراع أوصل البشير إلى المحكمة الجنائية، وهذه إحدى آثاره. كذلك، وخلال تجربتي في أعقاب اندلاع الحرب في ولاية جنوب كردفان يوم 6 يونيو 2006، صوَّر البعض للبشير أن حسم المعركة سيكون في ثلاثة أيام وأنه سيصلي في كاودا، ولكن ذلك لم يحدث. لذلك، القبول بالهدنة ليس عيباً، بل هو المخرج السليم للأزمة في السودان وحفظ ما تبقى من دماء السودانيين. الاستمرار في إسقاط الدمار غير مقبول؛ ففي جنوب كردفان وحدها، فقدنا خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من 160 مواطناً (117 منهم في مناطق سيطرة الحكومة والبقية في مناطق سيطرة الحركة). هؤلاء الضحايا في جنوب كردفان أو غيرها يؤلموننا كثيراً ويضعون على عاتقنا مسؤولية ضرورة وقف الحرب. وبالتالي، فإن الهدنة ووقف العدائيات يمثلان أهمية قصوى لوقف النزيف.”


التوافق داخل الكتلة الديمقراطية على الحوار:


وبشأن التوافق داخل تحالفه على الحوار قال :” بشكل مجمل، الكتلة الديمقراطية مع الحوار، والورقة السياسية للتحالف تتحدث عن ذلك بوضوح. لم نطرح أي مبادرة ترفض الحوار، سواء في الاتحاد الأفريقي أو القاهرة، وليس هناك أي موقف جديد يلغي المواقف السابقة. نحن نحتاج حالياً لاجتماعات نرتب فيها أولوياتنا تمهيداً لاجتماع جيبوتي، الذي يُعد منشطاً لبدء الحوار من أجل التوصل إلى اتفاقية سياسية بعيدة المدى.”


شروط التعامل مع المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية:


وفيما يتعلق بشروط التعامل مع المؤتمر الوطني قال :”بالنسبة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، هم بحاجة لمعالجة بعض المسائل الخاصة بهم. فهم ليسوا تنظيماً عادياً، بل تنظيم حكم السودان لثلاثين عاماً، ومن أكبر إشكالاته أنه صنع الدعم السريع. السؤال حتى الآن هو: هل تخلى عن السلاح ويعمل كتنظيم مدني ديمقراطي؟ هذه مطلوبات ضرورية قبل مشاركته. فهو محتاج أن يحسم موقفه من قضايا مثل الاستقواء بالعنف والسلاح واختراق مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. يضاف إلى ذلك مراجعاته لانقلاب 30 يونيو 1989 وما حدث منذ ذلك التاريخ حتى أبريل 2019. هذا التنظيم كان مسيطراً على البلاد لزهاء ثلاثين عاماً، ولا يمكن أن يدخل الحوار كتنظيم عادي مثله مثل أي تنظيم آخر. فأي تنظيم في العالم قامت عليه ثورة لا يعود إلى الحوار وكأن شيئاً لم يكن؛ على الأقل يجب أن تحدث فترة حقيقية من المصالحة والعدالة الانتقالية. حتى حزب دي كليرك، الذي قامت الثورة في جنوب أفريقيا ضده، لم يعد موجوداً وانتهى بنظام الأبارتايد.”


المخاوف الإقليمية والدولية من المؤتمر الوطني:


وأضاف “هناك مخاوف دولية أيضاً من هذا الحزب، فهو عابر للحدود وله أطماع في دول الجوار والإقليم، وهذه أطماع لن نتحمل تكلفتها. تاريخياً، كانت هناك محاولة لاغتيال الرئيس المصري حسني مبارك، وإيواء أسامة بن لادن، وكذلك محاولة التغلغل في منطقة الخليج. لذلك، هذه القضية ليست بتلك السهولة. وبالتالي، القبول بدخول المؤتمر الوطني للحوار هو كقبول متسابق متفوق عليك بالنقاط وأنت على الصفر؛ وهو سيتفوق عليك حتماً بحكم سيطرته السابقة على مفاصل الدولة. كما أنك تحتاج إلى إجابات مقنعة للمواطن الذي خرج ضده: ما هي الضمانات ضد عودته للانقلابات؟”
دور الرباعية المتوقع في إنهاء الحرب:
وفيما يتعلق بدور الرباعية قال: “الرباعية ليست وساطة عادية، هي آلية نفوذ دولية لتغيير الوضع الأمني في السودان. أتوقع أن جهود الرباعية ستقود لإنهاء أزمة الحرب في السودان. استخدام نفوذ الرباعية المتعدد والمنفرد سيؤدي إلى تحقيق سلام في السودان. لا توجد آلية أكثر فاعلية من الرباعية لتولي ملف أزمة الحرب في السودان، وأتوقع أن الحرب لن تطول لفترة أطول مما كانت عليه من قبل.”

Welcome

Install
×